لماذا استجداء السلام؟

> لا شك أنهم أغبياء أولئك الذين يظنون أن السلام ممكن أن يأتي من قبل جماعة الحوثي، ولا شك أنهم جُبناء أولئك الذين يسعون للوصول إلى تحقيق مرحلة سلام زائف مع هذه الجماعة الانقلابية المسلحة.

السلام والحوثيون خطّان متوازيان لا يمكن لهما الالتقاء على الإطلاق، ومن هذا المنطلق يبقى الوصول إلى سلام مع الحوثيين أمر مُحال تحقيقه، وأي مفاوضات في هذا الجانب هي مضيعة للوقت واستمرار لتكرار الخطأ للمرة الألف.

إلى متى سنظل نتّبع السراب؟ ونعوّل على عقول سياسية قد شاخت وأصبحت تتعامل مع الأوضاع والظروف بطريقة خاطئة وعكسية؟ إن السلام مع جماعة الحوثي لن يتحقق، هذا ما يؤكده منطق التاريخ وفلسفة الواقع.

وللتأكد من صحة ذلك، علينا البحث لمعرفة من هي جماعة الحوثي تاريخياً ، وكذلك قراءة الواقع الذي صارت تمثله اليوم.

أولاً: جماعة الحوثي، هي امتداد سلالي مذهبي تعود في معتقداتها وثقافتها إلى عصور غابرة ، تتبجح بتفوقها السلالي على البشرية، وتزعم أن لها الحق في حُكم رقاب المسلمين بأمر من السماء، وتعتقد أن قائدها ليس سيداً على اليمن فقط ، بل سيداً على الجزيرة العربية، وسيداً على العرب والمسلمين كافة، وترى أنها تعمل في المرحلة الراهنة على استعادة حق مُغتصب، مضى عليه أكثر من 60 عاما ، وتؤمن بولاية البطنين، وأحقية العترة في التفرد بالحكم إلى أخر الزمن.

ثانياً: هي جماعة محاربة، بمعنى أنها لا تستطيع أن تعيش إلا مع الحرب، ولا تتنفس إلا من خلال أدوات العنف والصراع، وبالتالي فأن السلام بالنسبة للجماعة ليس إلا جرعة قاتلة سيقضي على حياتها، وهل يعقل أن تتناول جماعة الحوثي جرعة سامة تقودها إلى النهاية الأبدية؟

ثالثاً: هي جماعة انقلابية ، نفذت انقلابا عسكريا مسلحا على الشرعية الدستورية والإجماع الوطني، ليس هذا فحسب، بل إن جماعة الحوثي انقلبت على أعراف وعادات وتقاليد المجتمع، وعبثت بالهوية الوطنية، ولو إن هذه الجماعة تؤمن بقيمة السلام في الأساس، لما قامت بانقلاب مسلح من أساسه، ولمّ تسببت في صراع دامي لا نعرف له نهاية، ولو كانت تؤمن بالسلام أيضاً، لم كان عليها أن تنكث باتفاق السلام والشراكة الذي صاغته بيديها أثناء سيطرتها على صنعاء في سبتمبر 2014م، وبالرغم أن هذا الاتفاق قد أعطى الجماعة أكبر من حجمها، إلا أنها لم تكتف به، ومضت نحو تحقيق مطامعها بقوة السلاح، وهذا شيء طبيعي لأن العقلية الانقلابية تسعى لامتلاك كل شيء باستخدام القوة ولغة العنف، ولا تريد أن يقاسمها أحد في شيء حتى وإن كان عقالاً، إذن من يسعى لامتلاك الكل، هل يقبل بسلام يمنحه الجزء اليسير ويتحول إلى رقم بسيط في أي معادلة سياسية قادمة؟

رابعاً: إن جماعة الحوثي تمثل أحد الأذرع الفارسية في المنطقة العربية، وهي بذلك أداة لتدمير الوطن وزعزعة أمن واستقرار المنطقة بشكل عام، وقد وجدت منذ بداية نشأتها كمشروع تآمري له أجندات هدامة وخطيرة، ولهذا فأن من المُعيب علينا أن نظل نستجدي من جماعة كهذه الوصول إلى بناء سلام مستدام وشامل، لأن السلام ليس في جعبتها أصلاً، وليس السلام من أدبياتها أو قيمها، وأي محاولة في طريق تحقيق السلام مع هذه الجماعة، هي أشبه بالنفخ في قربة مثقوبة.

فهل آن الأوان كي نستوعب منطق التاريخ وفلسفة الواقع، أم إننا سنظل أغبياء وجُبناء؟

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى