​مركز دراسات: روسيا ستغادر سياسية التوازن في اليمن لصالح طرف ما

> «الأيام» غرفة الأخبار:

>
استقبلت العاصمة الروسية موسكو في 10 أغسطس الماضي، وفدا من جماعة الحوثي اليمنية برئاسة القيادي والمتحدِّث باسم الجماعة، محمد عبدالسلام، الذي ناقش مع الجانب الروسي التأثير الواسع للأحداث في اليمن.

وعلى الرغم مِن أن بيان سفارة روسيا الاتحادية لدى اليمن على منصات التواصل الاجتماعي لم يأتِ على ذكر أيٍّ من المضامين التي جاءت في حديث محمد عبدالسلام، إلا أن موسكو حددت منذ البداية طبيعة الدور الذي يمكن أن تلعبه في الملف اليمني، مُفضِّلة التعامل وفق سياسة حذرة تقوم على عدم الانخراط بشكل مباشر وكبير في هذا الملف، والتركيز على البُعد الإنساني للأزمة اليمنية، وعلى الدبلوماسية ودعم جهود الوساطة التي تقودها الأمم المتحدة، وفي هذا السياق، حافظت السياسة الروسية منذ اندلاع الأزمة اليمنية في العام 2011 وما تلاها من تحولات وصولا إلى التدخل العسكري لدول التحالف العربي لدعم الشرعية في مارس 2015 على اتجاه عام في سياستها الخارجية يميل إلى التوازن والحفاظ على وحدة وتماسك الموقف الدولي من الأزمة اليمنية، وبحيث تكون موسكو جزءا من التوافق الدولي حول اليمن، إذ كانت روسيا منذ البداية ضمن الدول العشر الراعية للمبادرة الخليجية، وحرصت على عدم الذهاب بعيدا في مواجهة السياسات الدولية بخصوص هذا الملف بخلاف ما يحدث في ملفات إقليمية أخرى مثل الملف السوري.

وبحسب دراسة نشرها مركز الإمارات للسياسات فقد "كان واضحا أن موسكو لا تريد أن يتحول الملف اليمني إلى ملف خلافي في علاقاتها مع القوى الغربية بقيادة الولايات المتحدة، لاسيما مع إدراكها أن حجم نفوذها ومصالحها في اليمن لا يُحتِّمان عليها فتح جبهات صراع أخرى مع مُنافسيها يضيف عليها أعباءً وكلفا مختلفة هي في غنى عنها، بل على العكس كانت موسكو وربما لا تزال تتوخى من سياسة المهادنة في هذا الملف أن ينعكس إيجابا على ملفات أخرى أكثر أهمية بالنسبة لها مثل الملف السوري، وملف العلاقة مع دول الخليج ومع الغرب بشكل عام".

وجاء في الدراسة "لعل أهم ما يُميِّز السياسة الروسية إزاء الملف اليمني، أنها أبقت على قنوات تواصل مفتوحة مع مختلف الأطراف والقوى المحلية، وعلى مدار الأعوام الماضية استقبلت موسكو وفودا وشخصيات سياسية من مختلف ألوان الطيف اليمني في سياق دعم جهود السلام والتسوية السياسية. فموسكو التي تعترف بالحكومة اليمنية الشرعية، ثم بـ "مجلس القيادة الرئاسي" المدعوم دوليا لم تقطع علاقتها مع خصومهم في صنعاء (تحالف جماعة الحوثي وحزب المؤتمر الشعبي العام)، وأبقت على قنوات اتصال فعَّالة معهم، والأمر ذاته فيما يخص علاقتها مع الفاعلين الإقليمين، إذا تأخذ روسيا بعين الاعتبار في معظم تحركاتها الدبلوماسية ومواقفها السياسية في الشأن اليمني مصالحها وعلاقاتها الاستراتيجية مع كلٍّ من إيران، وتحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية، وهي بذلك تُحافِظ على توازن دقيق في هذه العلاقات وتُؤمِّن لنفسها حضورا مهما في المشهد اليمني، بوصفها لاعبا دوليا مؤثرا ومقبولا من جميع الأفرقاء، وداعما قويا لعملية السلام في اليمن.

وأضافت "مع ذلك، لا يُمكن الجزم بأن السياسة الروسية إزاء الملف اليمني مُحصَّنة بشكل كامل من التغيُّر والتبدُّل، لاسيما مع رصد بعض المؤشرات من حينٍ لآخر تُوحي بإمكانية خروج موسكو عن خطها العام "المتوازن"، واتخاذ توجهات أخرى أكثر حدِّية لصالح هذا الطرف أو ذاك، وبما يتوافق مع مصالحها وطبيعة المتغيرات والتفاعلات الإقليمية والدولية".

وذهب المركز إلى أن "تعاطي روسيا مع الملف اليمني في بعض مراحل ومحطات الصراع كشف عن وجه آخر أكثر برجماتية في سياسة موسكو الخارجية، إذ أظهرت بعض المواقف والتصريحات للمسؤولين الروس، ما يُمكِن عدُّهُ شكلا من أشكال استغلال الملف اليمني وتوظيفه سياسيا بما يخدم أهداف موسكو وأجنداتها الدولية في إطار صراعها مع خصومها الغربيين في مجلس الأمن، وهذا ما جعل الموقف الروسي يبدو مُتذبذبا، ومتناقضا في بعض الحالات بين المواقف المعلنة والسلوك التصويتي داخل المجلس، ويعزو بعض المراقبين هذا التذبذب إلى محاولات موسكو الضغط على أصحاب المصلحة من القوى الدولية الكبرى وإجراء مفاوضات معهم للحصول على مكاسب سياسية في ملفات أخرى أكثر أهمية بالنسبة لموسكو من الملف اليمني".

وقال "يمكن الإشارة في هذا الإطار إلى موقف روسيا في مجلس الأمن من القرار 2216 الذي سبقت الإشارة إليه، إذ اعترضت روسيا عليه في البداية وعرقلت صدوره بحجة "انحيازه" ضد تحالف جماعة الحوثي والرئيس السابق صالح (وقتذاك)، ولا يُساعد -من وجهة نظرها- على حل الأزمة اليمنية، ولكنها في الأخير أجرت مفاوضات بشأنه مع دول خليجية وعربية وغربية، لتسمح في منتصف أبريل 2015 بتمرير القرار، الذي بات أحد أبرز وأشهر المرجعيات الدولية للأزمة اليمنية".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى