مجلس القيادة والاعتراف بقضية شعب الجنوب الوطنية

> بداية لا بد من التأكيد هنا، بثقة ويقين تام لا غموض ولا لبس فيهما، من أن قضية الجنوب العادلة والمشروعة كانت وستبقى حية لن تموت مهما تعاظمت التحديات والمخاطر والمؤامرات عليها؛ لأنها الرئة الوطنية التي يتنفس منها شعبنا الجنوبي الصبور والمكافح، وهي عنوان عزته وحريته وكرامته، وهي القضية التي كانت قد بدأت وتبلورت بوضوح كامل بعد إسقاط مشروع الوحدة بين الدولتين بالحرب العدوانية الظالمة على الجنوب عام 1994م.

وتحولت منذ ذلك الحين الوحدة التي كانت طوعية وسلمية إلى احتلال مباشر غاشم مكتمل الصفات والإركان، وصار الجنوب ساحة للنهب والسلب والسطو على ممتلكات الدولة الجنوبية وتحويلها إلى مشاريع استثمارية خاصة لقوى النفوذ والإرهاب، وكمكافئات سخية وحسب دور القيادات التي شاركت بالقتل والعدوان على الجنوب وأهله، ولأولئك الذين تولوا المسؤوليات القيادية العسكرية والأمنية والمدنية في الجنوب بعد عام 94م وأمعنوا في قمع الجنوبيين وإخضاعهم للاضطهاد والملاحقات والزج بهم في السجون، وسمح لهم أيضا بالاستيلاء غير المشروع على ممتلكاتهم ومنازلهم الخاصة، ناهيك عن تسريح عشرات الآلاف من الجنوبيين من وظائفهم المدنية والعسكرية، بل وصل الأمر بسلطات الاحتلال ضمن خطة جهنمية تدميرية شاملة إلى محاولة محو وطمس كل ما له علاقة بإرث وتراث الجنوب الوطني والتاريخي والحضاري.

ومن هذا المنطلق ولاعتبارات كثيرة وأسباب عديدة تتعلق برد الاعتبار للجنوب وحقوقه الوطنية وفي مقدمتها حقه في استعادة دولته، وإثباتا للمصداقية وتجسيدا للشراكة القائمة في إطار سلطة المرحلة الانتقالية المؤقتة، فإن الاعتراف والإقرار بقضية شعب الجنوب الوطنية العادلة علنًا من قبل مجلس القيادة الرئاسي أصبح ضرورة ملحة تسبق أي إجراءات وخطوات لضمان نجاح التسوية وإيصالها بسلام إلى محطتها الأخيرة؛ ليتم بعد ذلك الاتفاق على فريق التفاوض المشترك بالمناصفة بين الطرفين، والتوافق كذلك على دور ومهام وآلية الفريق التي تنظم عمله وتحكم أنشطته ومساراته المختلفة، مع ضمان وجود الإطار الخاص بقضية شعب الجنوب الوطنية بالضرورة في ملف التسوية النهائية الشاملة وبضمانات إقليمية ودولية بإشراف الأمم المتحدة.

إن قضية الجنوب ليست حقوقية أو سياسية محضة، بل هي قضية وطن وشعب وهوية لا يمكن لأي كان أن يشطبها من معادلات التسوية المرتقبة، أو يقفز عليها أو ينتقص منها أو يلتف عليها؛ لأن الضمانة الأكيدة والحقيقية تكمن بإرادة شعب الجنوب العظيم الذي قدم ومازال يقدم قوافل ممتدة من الشهداء وطابورا طويلا من الجرحى والمصابين والمعاقين، وقدم كذلك نموذجا وطنيا وإنسانيا وأخلاقيا مشرفا في صبره ومعاناته المتعددة الأشكال والألوان.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى