هذه القمة بكل معانيها

> يحسب للجزائر الشقيقة من موقعها المسؤول والتاريخي والنضالي إصرارها على المضي قدما لتنعقد القمة في ظروف غاية في التشابك والتعقيد، وسيحسب لها مساحة التروي وعدم التجاوب مع ردة الفعل لأى إثارة هنا أو تصعيد هناك كان.

المهم إدراكها أن من يبادر لتحمل وزر عملية تاريخية ضمن متناقضات أكثر من صعبة، فقد كانت مقارباتها تصب في العمق بالمجرى الذى سيسير جميع العرب فيه، تلك قراءة تاريخية مستقبلية أمسكت بها الجزائر جزائر الشهداء والصبر والإدراك بأن الملفات الشايكة تتطلب حكمة وجهدا ومثابرة وحسن تواصل وإعادة تغليب موقع المتناقضات متى اقتضت المصلحة العربية العليا، ذلك تجلى حين أحسنت وأدركت ضمن ماذا تعاد عملية قراءة ملف سوريا ودورها ومكانتها، كان حرصها معمقا لحفظ مكانة سوريا وأهميتها وضرورة عودتها، وبنفس الوقت أدركت متى يتم نزع فتيلها بحكمة ورشد، تلك الحكمة والحنكة التي قادت بها إعادة تدوير ملف وحدة الصف الفلسطيني، جهد استحضر الجمع الفلسطيني ليقتنص فرصة وفرها تاريخ مضطرب كونيا متأزم إقليميا وعربيا، مما يستدعي وعاء فلسطينيا تعاملت معه الحكمة الجزائرية بحكمة "أهل مكة أولى بمنعرجات قضيتهم"، وما علينا إلا توفير المناخ المناسب.

تناسق الجهد جزائريا لجهد مصري سبق بنفس الروح، سيحسب للدبلوماسية الجزائرية توفير كل المناخات لحضور كل القادة والملوك وكان لافتا استحضار ملف المغرب، ليكون حاضرا بعيدا عن طوطم الصحراء، توفر حسن النية عكس قوة الإرادة لنجاح الحدث.

لم يعد أمام العرب وأمام من تصدى لانعقاد القمة إلا المزيد من رفاهية الوقت ورفاهية التراشق المعهود خارج سياق تقدير مستقبل النظام العربي ولملمة شتاته على ضوء ما يمتلك من عناصر قوة مهدرة وعلى ضوء ما يواجهه هذا النظام من تحديات حددتها كلمات كل رئيس الدولة السابقة لقمة تونس والرئيس تبون وأيضا كلمة أمين جامعة الدول العربية.

هذه القمة هي القمة الحادية والثلاثين قمة للم شمل ما تبعثر، المهمة صعبة معقدة ليست مستحيلة لكن جدول أعمال تاريخ الشعوب لن ينتظر على طابور من يتأخرون عن إدراك ما يدور في المحيط القريب والبعيد من تهديد ومن تغيرات كلها تلقى على كاهل هذه القمة التي نقول حمدا لله إنها انعقدت، لأنها مطالبة بالإجابة عن تساؤلات مطروحة عليها تلك الملفات الساخنة من سوريا وليبيا وبلادنا اليمن، هذا على اعتبار أن القمة قد حددت أن قضية فلسطين هي قضية العرب الأولى، هي قمة التحدي الواعي للتعامل مع مكونات الظرف العربي والإقليمي والدولي المعقد والمضطرب بما يعني أن تكون هذه القمة قمة فاصلة وهكذا نريد لها أن تكون.

نرى روح شهداء الجزائر ترفرف وهي ترحب وتودع قمة لامست كل جروح العرب غذاء وأمنًا واستقرارًا وتعاملًا لا بيروقراطيا بعيدا عن التدخلات الأجنبية تلك المحيطة أو البعيدة بإرثها الاستعماري والجغرافي.

إن محطة الجزائر أصر أهلها والشهداء والجيل الحاضر والمستقبلي حقًا على أن تشكل هذه المحطة تعاملا واعيا مع كل التحديات، وكم سيحسب للجزائر حشدها لهذه الكوكبة من الحضور الدولي، ليتحمل مسؤولية هو جزء منها، ذلك سيكون ممكنا متى ما أحسن العرب تقديم طرح قضاياهم بعيدا عن كل عيوب وثقوب.

نشكر الجزائر وكل من سيسهم في صنع حدث مغاير لما عهدناه، وإن غدا لناظره قريب، ونحن وكل جماهير شعوبنا العربية نقف على نتائج هذا الحدث الكبير، القمة التي نأمل أن تأتي بجديد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى