خلاف الغرب وروسيا"صداع" في رأس الرئيس الإندونيسي قبل قمة الـ20

> جاكرتا«الأيام»وكالات:

> تستضيف جزيرة بالي الإندونيسية الأسبوع المقبل قمة مجموعة العشرين، وسط توترات سياسية غير مسبوقة بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا الذي يهدد جهود الرئيس جوكو ويدودو المضنية لإنجاح القمة، التي ذهب فيها لدرجة تكبد مشاق "رحلة خطرة" إلى كييف.

والرحلة بين جاكرتا وكييف ليست سهلة في الأحوال العادية، ولكن القيام بها في وقت تحولت أوكرانيا إلى ساحة حرب يجعل الأمر "أكثر تعقيداً".

ورغم التعقيدات إلا أن جوكو ويدودو الرئيس والمضيف لقمة مجموعة الـ20 التي تعقد يومي 15 و16 نوفمبر، لم يقم فقط برحلة قطار استغرقت 11 ساعة إلى أوكرانيا ليسلم نظيره فولوديمير زيلينسكي شخصياً الدعوة لحضور القمة، ولكنه قام أيضاً برحلة مماثلة إلى موسكو لدعوة نظيره فلاديمير بوتين إلى بالي، بحسب صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية.

ومنذ توليه السلطة في 2014، كان ظهور "جوكوي" كما يعرف في إندونيسيا، على الساحة العالمية نادراً، لكن تصميمه على نجاح قمة العشرين في الجزيرة الاستوائية، دفع صانع الأثاث السابق، للخروج من نمطه المعتاد وفقاً للصحيفة.

زيارة إلى الصين

بعد أسابيع على رحلته إلى أوروبا في يونيو الماضي، أصبح ويدودو أول زعيم يزور الصين منذ أولمبياد بكين الشتوي، لدعوة الرئيس شي جين بينج لحضور قمة مجموعة الـ20، وشملت رحلته إلى بكين، توقفاً في اليابان، وآخر في كوريا الجنوبية.

وأشارت فورة النشاط الدبلوماسي تلك إلى حقبة جديدة من المشاركة الدولية لرابع أكبر دولة من حيث عدد السكان.

وقال محلل السياسات المحلية والاقتصادية بشركة "ريفورماسي" لخدمات استشارات المعلومات كيفن أورورك المقيم في جاكرتا، إن إندونيسيا ستخرج من هذه العملية، كـ"لاعب أكثر رسوخاً في مجال السياسة الخارجية".

وفي الوقت الذي قرر فيه بوتين الأسبوع الجاري، إرسال وزير خارجيته ليحل محله في القمة، فإن أثر أسلوب ويدودو غير الصدامي، حقق إنجازاً نادراً في زمن حرب وتوترات جيوسياسية غير مسبوقة بحسب "فاينانشيال تايمز".

تغير الموقف

من المنتظر أن يحضر قمة بالي الأسبوع المقبل 17 زعيماً، وعدوا الرئيس الإندونيسي بالحضور "حتى إذا كان بوتين حاضراً".

وشكل هذا تغيراً عن الموقف الذي اتخذه هؤلاء الزعماء في الأسابيع الأولى التي تلت الغزو الروسي لأوكرانيا، حين اقترح بعض المسؤولين الغربيين حظر روسيا من مجموعة العشرين أو مقاطعة المنتدى إذا أرسلت موسكو وفداً إليه.

وقالت "فاينانشيال تايمز" إن قرار ويدودو، بعدم استبعاد مشاركة بوتين، وكذلك مده الدعوة إلى زيلينسكي، ساعد في إقناع الزعماء الغربيين بالحضور.

وفي يونيو الماضي، عارضت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، "شل مجموعة العشرين بأكملها كنتيجة للحرب"، وقالت: "مجموعة العشرين مهمة جداً، أيضاً للدول النامية والناشئة للحد الذي يحتم علينا ألا نترك هذه المجموعة تنكسر على يد بوتين".

مضار "عدم الانحياز"

لكن حرص ويدودو على عدم الانحياز لأحد الأطرف له أيضاً مشكلاته، فبالنسبة لإندونيسيا "سيشكل الأمر كابوساً، لأنهم لا يريدون أن يضروا أحداً" حسبما قال رئيس مؤتمر ميونيخ للأمن كريستوفر هيوسجن.

وتابع هيوسجن: "هناك الكثير من الضغوط على دور المضيف، بشأن إدارة كافة التوقعات المختلفة لكل الأطراف"، مضيفاً أنه "بالنسبة لإندونيسيا، وهي بلد كان دائماً فخوراً بكونه جزءاً من مجموعة عدم الانحياز، فإن الوضع سيكون صعباً".

في حوار مع صحيفة "فاينانشيال تايمز" الأسبوع الجاري، عبر ويدودو، والذي يقضي حالياً فترته الثانية والأخيرة كرئيس لإندونيسيا، عن إحباطه من التعامل مع مجموعة العشرين كـ"ساحة سياسية بدلاً من كونها ساحة اقتصادية وتنموية".

ونقلت "فاينانشيال تايمز" عن مسؤول غربي قوله إن "فكرة أنه يمكنهم بطريقة ما فصل التطورات الجيوسياسية عن الجيواقتصادية، يبدو ساذجاً إلى حد ما".

كما أن ثمة مسؤولين آخرين كانوا أكثر وضوحاً، ونقلت "فاينانشيال تايمز" عن مسؤولي غربي رفيع في أحد وفود القمة، قوله "الإندونيسيون غاضبون منا حقاً، هم يشعرون بأنهم وقفوا إلى جانبنا في الأمم المتحدة في القضية الروسية، ولكننا لا نسمح لأجزاء أخرى من أجندة ويدودو بالمضي قدماً في قمة العشرين بسبب التركيز على روسيا".

وقال المسؤول الغربي: "يجب أن نركز على الأمور المملة، وألا ندع القمة تٌختطف من قبل أوكرانيا".

خطر الانحياز لروسيا والصين

وفيما يبدو أن التزام ويدودو بدقة بعدم اتخاذ طرف في الأزمة، خدم هدفه في جلب الدول الأعضاء للحضور إلى قمة العشرين، إلا أن هذا الحرص "له مخاطر، وربما ثبت أنه مدمر أيضاً لإندونيسيا"، وفقاً لما ذكرته "فاينانشيال تايمز".

ونقلت الصحيفة عن كبير الباحثين بالجامعة الوطنية في سنغافورة إيفان لاكسمانا قوله: "السردية ستكون كذلك: لقد حاولنا ألا يرانا أحد ونحن ننحاز لأي طرف، ولكن في سبيل فعل ذلك، مشينا ونحن نائمون نحو الانحياز للصين وروسيا".

ورأت الصحيفة البريطانية أن أوجاع ويدودو وما يقض مضجعه، أنه يردد أصداء ما واجهه مضيفون سابقون لقمة العشرين.

وفي نوفمبر 2014، حين عقدت قمة العشرين في بريسبان بأستراليا، وهي أول قمة تعقد بعد ضم روسيا لشبة جزيرة القرم الروسية، غادر بوتين القمة مبكراً، بعد مواجهات مع القادة الغربيين في مقابلاتهم الثنائية، فيما لم يعره آخرون اهتماماً.

الأمر بيد الأميركيين والروس والصينيين

لا تزال إندونيسيا تأمل أن تؤدي القمة إلى منافع اقتصادية وأن تدعم جهود التعافي العالمي، ومحلياً، استفادت بالي بالفعل من إقامة القمة على أرضها، وفقاً للصحيفة البريطانية.

وقالت "فاينانشيال تايمز" إنه في النهاية فإن نجاح القمة يقع على عاتق الجيوسياسة، وإن نشاط ويدودو الكبير في مجال السياسة الخارجية مهد الأرض أمام اجتماع تاريخي وجنى لإندونيسيا احتراماً عالمياً لطالما سعت إليه.

ولكن الصحيفة البريطانية، أشارت إلى أن صدور إعلان مشترك في ختام القمة، أمر بعيد عن المضمون حالياً، وكذلك محتوى أي مناقشات بين الرئيس الأميركي جو بايدن والصيني شي جين بينج، في أول لقاء لهما كزعماء لدولتيهما.

وقال رئيس مؤتمر ميونيخ للأمن هيوسجين: "أعتقد أنهم (الإندونيسيين) يرغبون في نتائج من هذه القمة، ولكن هذا الأمر ليس بأيديهم، هو بيد الأميركيين والصينيين والروس".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى