​اجتماع "النيابات العربية".. تحرّك لمواجهة الاحتيال المالي وتعزيز الأمن السيبراني

> جدة«الأيام» وكالات:

> يمكن اختصار مشهد الاجتماع السنوي الثاني لجمعية النواب العموم العرب، الذي بدأت أعماله الأربعاء في جدة، باستضافة من النيابة العامة السعودية، بأنه محاولة عربية جادة لحماية اقتصاديات المصالح العليا لبلدانها من جرائم الاحتيال المالي "السيبراني" العابر للحدود الوطنية، خاصة بعد تعاظم هذه الإشكالية في السنوات الأخيرة.

ويأتي "اجتماع جدة" في توقيت دقيق، متمثل في التطور التكنولوجي والتقني الهائل والتوسع في تطبيق الرقمنة كأداة أساسية لحوكمة العمل الإداري، وما صاحبه من تداعيات اقتصادية وأنماط سلوكية جديدة، اتخذت من هذا التطور فرصة سانحة لتنفيذ الأعمال الإجرامية -سواء من المنظمات الإجرامية أو الكيانات تحت دائرة التصنيف الإرهابي- وهو ما أدى إلى ظهور أنماط إجرامية جديدة كالجرائم المعلوماتية، وجرائم الاحتيال المالي، الأمر الذي من شأنه التأثير بشكل سلبي على النظام العام وعلى مصالح الأفراد والنسيج الاقتصادي.

القلق الاقتصادي

وركزت "النيابة العامة" السعودية أبعاد أجندة "اجتماع جدة"، التي سيبحثها النواب العموم ورؤساء النيابات العامة ورؤساء هيئات الادعاء العامين العرب، وخبراء المنظمات الدولية والجهات الإقليمية النظيرة، على (الإطار القانوني الدولي لمكافحة جرائم الاحتيال المالي العابرة للحدود، وأفضل ما تم رصده من ممارسات لمواجهة تطورها وأساليب ارتكابها)، (الأساليب الحديثة المستخدمة في ارتكاب الجرائم المنظمة عبر الوطنية، ودور المنظمات الدولية في مكافحتها).

كما ستناقش ورش العمل الرئيسية دور التحقيقات في مكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية وبخاصة جرائم الاحتيال المالي، ودور الأمن السيبراني في الحد من جرائم الاحتيال المالي وآليات التحقيق الحديثة في تلك الجرائم، وتجارب الدول المشاركة في مكافحة جرائم الاحتيال المالي، ودور الأمن السيبراني في الحد منها.

ويأتي الاجتماع بمشاركة النواب العموم ورؤساء النيابات العامة ورؤساء هيئات الادعاء العامين العرب، من "السعودية، مصر، البحرين، الكويت، عُمان، الجزائر، المغرب، الأردن، فلسطين، والسودان"، بالإضافة إلى رؤساء وممثلي عدد من المنظمات الدولية والكيانات الإقليمية النظيرة، ممثلة في مكتب منظمة الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، المنظمة الدولية للهجرة، الرابطة الدولية للمدعين العموم، ووكالة الاتحاد الأوربي "اليوروجست".

الجرائم المنظمة

أحد المساعي التي يسعى لها الاجتماع، هو رفع مستوى التدابير العدلية للنيابات العامة والادعاء العام في تتبع "قضايا الاحتيال المالي"، لخطورتها العالية على الاقتصاديات الجزئية والكُلية للدول، مع التشديد على ضرورة التكامل القضائي لتحقيق العدالة الجنائية الناجزة، والاستفادة من أفضل ما تم رصده من ممارسات لمواجهة تطور سبل الاحتيال الرقمية وأساليب ارتكابها، وكيفية تذليل الصعوبات التي قد تواجه تعزيز التعاون القضائي الدولي؛ للحد من استشرائها.

وما يدعم التوجه السابق، ما شدد عليه النائب العام السعودي، الشيخ سعود المعجب في كلمته، من أن البيانات والمعلومات أضحت محركاً مهماً من محركات الاقتصاد، خاصة مع تعاظم قيمتها وزيادة تدفقها، حتى أضحت جزءاً مهماً من أمن الدول، وركناً ركيناً من أركان اقتصاداتها، مؤكداً أن "النيابات العامة معنية باستشراف هذا المتغير العالمي المهم، حماية للمصالح العُليا للبلدان، وتحقيقاً للعدالة، ووصولاً إلى التوصيف والتكييف القانوني الصحيح".  

ولخطورة التصدي للجرائم المالية، أعلنت النيابة العامة السعودية في ديسمبر 2021، قرارها بإنشاء وحدات مختصة للتحقيق في جرائم الاحتيال المالي، إيماناً منها بخطر ذلك على اقتصاديات الأفراد والمجتمع، وتم تشكيلها من المختصين من أعضاء النيابة العامة الذين تلقوا برامج تدريبية علمية وعملية في هذا المجال.

وخلال الاجتماع طالب النائب العام البحريني، أمين عام جمعية النواب العموم العرب، الدكتور علي بن فضل البوعينين، بـ"توحيد الجهود الإقليمية وتطوير أساليب العمل بأجهزة النيابات، لتكافئ ذلك التطور المتسارع في الجريمة، وهو ما يستلزم دعماً لوجيستياً وفكرياً، بتدريب أعضاء النيابات تدريباً مستمراً؛ من أجل الإحاطة بما يستجد في الواقع"، موصياً بإنشاء بريد إلكتروني لدى كل نيابة بالدول أعضاء الجمعية؛ يُخصص للتواصل من أجل إنجاز طلبات المساعدة بالسرعة المناسبة، ولاستيفاء أي نقص أو تقديم أي إيضاحات، أو إزالة أي عقبات عند التنفيذ.

يشار إلى أن جمعية النواب العموم العرب تُعد من الجمعيات ذات الطبيعة الإقليمية، وظهرت فكرة إنشائها أثناء انعقاد المؤتمر الإقليمي الأول للشرق الأوسط وشمال إفريقيا بشأن "تعزيز التعاون الدولي في مواجهة التهديد المتصاعد لعمليات تمويل الإرهاب وغسل الأموال" بالقاهرة في 25 أبريل 2019، وتأسست بتوقيع النواب العموم للدول العربية على مبادئها الحاكمة (النظام الأساسي).

وتهدف الجمعية إلى تعظيم الاستفادة من آليات التعاون القضائي الدولي، بغية تحقيق ملاحقة فاعلة للجريمة بكافة صورها، وتعزيز القدرات الفنية والإدارية لأعضاء النيابة العامة لمكافحة الجريمة، وعلى الأخص في مجالات مكافحة جرائم الإرهاب وتمويله، والجريمة المنظمة عبر الوطنية بكافة أنماطها، وجرائم الفساد، وغسل الأموال، والجرائم الإلكترونية (المعلوماتية)، وجرائم البيئة، في إطار احترام جميع الصكوك والمواثيق الدولية وخاصة المعنية بحقوق الإنسان، فضلاً عن  تشجيع الحوار القانوني والتفاهم بين النيابات العامة تعزيزاً للعدالة الناجزة التي يتحقق بها مكافحة قانونية فاعلة للجريمة بكافة صورها، وأهمية تبادل الخبرات بين النيابات العامة للدول المنضمة للجمعية لرفع وتعزيز قدراتها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى