عبـاءة نيمـار

> صلاح أحمد العماري

> * كنت على يقين على الصعيد الشخصي ، أن البرازيل لن تبلغ نهائي مونديال قطر 2022 ولن تكون طرفًا فيه، رغم قوة ومهارة المنتخب البرازيلي، ورغم اعجابي وتشجيعي الشخصي له ، فالبرازيل أمضت ثلاث دورات مونديال كأس العالم في الطريق الخطأ من وجهة نظري المتواضعة وأقصد هنا كل البرازيل وليس الجهاز الفني للمنتخب فحسب.

* البرازيليون رغم أنهم أسياد العالم كرويًا، إلا أنهم لم يقفوا كثيرًا أمام تعثّرهم ، ولم يراجعوا جيدًا أسباب الاخفاقات المتتالية ولم يفيقوا من حُلمهم رغم معرفتهم السبب ، البلد الذي أنجب آلاف الموهوبين وصدّرهم للعالم وأمتعه على مدى تاريخ كأس العالم كانت تقع في الخطأ ذاته (من وجهة نظري) ، في كل بطولة.

* رأس الهرم السياسي والرياضي والشعبي في البرازيل ، لا يريد أن يخرج من عباءة "نيمار" ، وأنه المخلّص الوحيد للمنتخب ، وأن لا أحد سواه سيعود متوّجًا بالكأس السادسة إلى «برازيليا» و«ريودي جانيرو» .. كل البرازيل تسخّر امكانياتها، وتضغط نفسيًا على الجهاز الفني لمنح "نيمار" السطوة وكل شيء، وجعله النجم الأوحد في المنتخب.

* البرازيل التي أنجبت العظماء : بيليه ، جارينشيا ، سقراط ، زيكو ، رونالدو الظاهرة ، وريفالدو وروماريو ورونالدينهو ، تبني تشكيل منتخبها الأول منذ سنوات ، على نجم واحد ، تمنحه السطوة والشهرة، بعيدًا عن مكوّن اللعب الجماعي.

* "نيمار" الفتى المدلل ، عندما أصيب بمونديال البرازيل ، خسرت المستضيفة من ألمانيا بالسبعة ، لقد أنهار الفريق الذي كان يمضي على خطى ثابتة في أول امتحان حقيقي له، لأنه كان يقوم على "نيمار" ولم يخرج من عباءته.

* "نيمار" اللاعب المهاري الموهوب ، لا يصل إلى نصف مستوى من ذكرنا سابقًا، لكنه الفتى المدلل الذي يقف عليه التشكيل البرازيلي بمباركة القيادة الرياضية والسياسية والشعبية في البرازيل دون الاكتراث لنجومية العشرات من اللاعبين الكبار المنتشرين في الدوريات الأوربية والعالم.

* "نيمار" لاعب موهوب ، لكنه مزاجي ، لم يلتزم بالعقلية الاحترافية الأوروبية ، لأنه ما يزال يعيش في ضواحي البرازيل ، هكذا تظهر عقليته المزاجية ، فتارة يأخذ معه الفريق للأعلى ، بعد مستوى جميل ومهارة وإبداع ، وتارة يرمي به في الخسارة ، بسبب مزاجيته المعهودة ، متجاوزًا خطط المدرب ومعتمدًا على اللعب الفردي، هكذا ظهر مع البرازيل منذ سنوات، وهكذا يمضي مع باريس سان جيرمان.

* لك أيها القارىء العزيز أن تراجع شريط المباريات، حتى في كأس العالم 2022م، "نيمار" يخرج من الحافلة أخيرًا متبخترًا ، يدخل الملعب الأخير ، يبتكر نماذج حلاقات ، وصبغات شعر جديدة ، يؤثر على البقية ، ليحذو الجميع حذوه .. والجهاز الطبي بأكمله مسخّر للإطمئنان على "نيمار" دون غيره ، هكذا يظهر في أغلب المباريات.

* ما حدث دون شك ، انعكس سلبًا على واقع الفريق ، وعلى نفسيات اللاعبين ، حتى وإن ظهروا بروح واحدة .. قد يقول قائل ، إن "نيمار" ليس سبب خروج البرازيل من مونديال قطر 2022، بل إنه من أحرز هدف البرازيل الوحيد في دور الثمانية أمام كرواتيا قبل أن تُعادل الأخيرة الكفّة ، ثم تفوز بركلات الترجيح ، لكن الشكل العام للمنتخب البرازيلي ، ظهر كسابقاته .. فريق مرصّع بالنجوم ، تذهب فيه السطوة لنجم واحد.

* هذا الحال نعم ينطبق على الارجنتين التي ترَى في "ميسي" المخلّص الوحيد ، لكنها ذاقت ذات المصير لسنوات ، بيدَ أن الفرق بين الإثنين يكمن في أن الأول (مزاجي متعال) ، والثاني محترم لنظامه الاحترافي لكنه ينهار أمام ضغوطات الجمهور العريض المفروضة عليه ، والمقارنات المستمرة التي يضعها العالم أمام "مارادونا".

* في مونديال كوريا واليابان 2002م ، احترم المنتخب البرازيلي نفسه قبل أن يحترم الآخرين ، لم يُلق "سكولاري" بالاً بالكم الهائل من النجوم رغم وجود العائد من الاصابة "رونالدو" وريفالدو ورونالدينهو ، تجاوز الجهاز الفني فكرة نحن من نلعب ، والآخر يدافع ، لعب الفريق على تكتيك عالٍ ، جمع بين الدفاع والهجوم، احترم الخصوم ، ولأول مرة في تاريخه لعب البرازيل بخطة الزج بعدد إثنين محاور في الوسط لتعزيز الدفاع ، ومساندة الهجوم ، لكن "سكولاري" ذاته ذاق الهزائم والإخفاق عندما تجاوز فِكرَه الكروي، وارتهن لضغوطات القيادات والجمهور البرازيلي، بالاعتماد الكلي على "نيمار" عند وضع الخطط ومنحه السطوة التي يختلقها هو بسبب عقليته غير الاحترافية.

* الجمهور البرازيلي هو الوحيد الذي يأتي لبطولات المونديال حاملاً معه "كأس العالم" ، حتى وإن لم يكن بطل النسخة السابقة ، إنه يثق في قدرات لاعبيه الذين منحوه "5" نجمات، تتصدّر فانلات الفريق، لكن النجمة السادسة في تقديري ، لن تُزيّن صدور نجوم السامبا، إلاّ إذا عاد الفريق لـ (نظام المجموعة) نظام احترام الخصوم ، ومنح السطوة لجميع اللاعبين داخل الفريق ، وقبل ذلك الخروج من عباءة "نيمار".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى