ندوة سرية في الأردن لاستبدال الصرافين بالبنوك

> عمان/القاهرة «الأيام» تحليل خاص:

>
  • تعزيز دور شركات الصرافة على حساب البنك المركزي
  • توجهات في البنك المركزي تعقد مهمة تصنيف الحوثي منظمة إرهابية
> حصلت "الأيام" على وثيقة تتبع منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية "O.E.C.D" التابعة للاتحاد الأوروبي فصلت ندوة عقدها الاتحاد في العاصمة الأردنية عمان من 7 إلى 8 ديسمبر تهدف إلى تعزيز دور شركات الصرافة في اليمن على حساب القطاع البنكي.

الاجتماع الذي احيط بتكتم شديد وسرية ولم يتم إعلانه أو كشفه للإعلام وصف من قبل مصرفيين بالـ"خطير وبمحاولة فك الحصار الاقتصادي عن الحوثيين بشكل رسمي".. بينما وصف نفس المصرفيين أهداف الندوة بـ"تقنين عمل الصرافين الذين يعملون خارج إطار قانون البنوك".

ومثَّل البنك المركزي اليمني في الندوة السيد علي محمد عشين باعشن مدير عام دائرة الرقابة على المصارف الذي أدار الجلسة الأولى في الندوة.

وحضر ممثلون عن شركات الصرافة ومنهم بن عوض والبسيري وبن دول و الناصر و المريسي أبوعادل والأنماء أكسبريس ومحسن الخضر والشارقة إكسبريس والشرابي وجمعية الصرافين اليمنيين.

بينما خصصت الجلسة الثانية لمناقشة وضع شروط الإشراف على مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

ويرى محللون اقتصاديون في عدن أن هذه الندوة توجه جديد لدعم الصرافين على حساب البنوك بالمخالفة للقوانين المحلية والمعايير الدولية.

انتقد محللون اقتصاديون توجهات البنك المركزي نحو تمكين شركات الصرافة على حساب القطاع المصرفي، خلال ندوة عقدت في الأردن.

وقال أحد المحللين "يعتبر القطاع المصرفي أحد القطاعات الرائدة في الاقتصادات الحديثة، وواحداً من أهم القطاعات الاقتصادية، ليس فقط لدوره الهام في حشد وتعبئة المدخرات المحلية والأجنبية وتمويل الاستثمار الذي يمثل عصب النشاط الاقتصادي، بل لكونه أصبح يمثل حلقة الاتصال الأكثر أهمية مع العالم الخارجي، فقد أصبح هذا القطاع بفعل اتساعه وتشعب أنشطته، النافذة التي يطل منها العالم علينا، ونطل منها على العالم، وأصبح تطوره معياراً للحكم على سلامة الاقتصاد الوطني أو قدرتها على جذب رؤوس الأموال المحلية والخارجية.

وتعد البنوك من أهم المنشآت المالية الحيوية في أسواق النقد لأي اقتصاد قومي، حيث تلعب دورا رياديا واستراتيجيا في تنفيذ أهداف و مكونات السياسة النقدية للدولة، وبذلك فهي تساهم بشكل جوهري في تصعيد ركائز التنمية الاقتصادية و الاجتماعية باعتبارها الوسيط الاقتصادي الوحيد الذي يتولى عملية تجميع الموارد المالية عن طريق الادخار لإعادة توجيهها في عملية التمويل للمؤسسات الاقتصادية في إطار ما يسمى بالقروض البنكية التي تمنح لها من طرف البنوك، و عليه يمكننا القول بأن القروض البنكية أداة مصرفية فعالة لتحقيق تنمية وطنية مستديمة خاصة فيما يتعلق بتلك التي تقوم بتمويل التجارة الخارجية.

يمثل البنك المركزي المحور الرئيسي للقطاع المصرفي وزيادة قدرته على المنافسة والتطور وذلك لما يفترض أن يقوم به من دور في إدارة السياسة النقدية والمصرفية، والحفاظ على الاستقرار المالي وبالتالي إرساء أسس نمو اقتصادي قابل للاستمرار".
  • واقع القطاع المصرفي اليمني
يواجه القطاع المصرفي في اليمن العديد من التحديات، أهمها عدم كفاية الأطر الرقابية والتنظيمية، وضعف البنية التحتية المالية المؤسسية، وضعف الرقابة المصرفية مما يقوِّض تأسيس نظام مصرفي سليم ومستدام، كما تفتقر مؤسسات القطاع المصرفي اليمني أيضاً إلى موظفين من ذوي المهارات والكفاءات الملائمة للخدمات والمنتجات المالية الحديثة

وظل القطاع المصرفي اليمني لعدة عقود ماضية يعاني من عناصر ضعف ذاتي بالرغم من محاولات الإصلاح المتعددة بما في ذلك التشريعات، إلى جانب عناصر الضعف الذاتي فقد تأثر النظام المصرفي سلباً بعدة عوامل وتطورات اقتصادية محلية كما كان للتطورات العالمية أيضاً آثار واضحة على أوضاع البنوك وقد تضافرت كل هذه العوامل والتطورات في تشكيل المصاعب التي يعاني منها القطاع المصرفي اليمني.
  • أثر الحرب على القطاع المصرفي
وقال محلل مالي في عدن "إن وجود نظام مصرفي موحد وفاعل في كل مناطق الجمهورية اليمنية يمثِّل مصلحة وطنية عُليا لكل مواطن يمني، ويعد ضرورة ملحة لإدارة السياسات النقدية والمصرفية والتأثير الإيجابي على مؤشرات السيولة النقدية وسعر الصرف ومعدل التضخم، وفتح الاعتمادات المستندية لمستوردي السلع الغذائية الأساسية والوقود، وصرف مرتبات موظفي الدولة بانتظام من أجل التخفيف من حدة الأزمة الإنسانية في البلاد، لكن للأسف بسبب الحرب الدائرة في البلاد بات القطاع المصرفي مكبَّل بالكثير من القيود والتحديات المستجدة أبرزها انقسام السلطة النقدية بعد قرار نقل عملياته إلى عدن من قبل السلطة الشرعية في أغسطس 2016، وأزمة السيولة النقدية الخانقة التي حدثت في منتصف العام 2016 والتي تركت 65 % من إجمالي أصول البنوك خارج سيطرتها وحرمت المودعين من سحب ودائعهم المودعة قبل عام 2016، وأوجدت أزمة ثقة واسعة النطاق بين المودعين والبنوك، وبين البنوك والبنك المركزي، وبين النظام المصرفي اليمني والنظام المالي الدولي، ناهيك عن صعوبة نقل العملات وإجراء التحويلات داخل اليمن وخارجه، وأصبح القطاع المصرفي يكافح من أجل البقاء ويعيش على أمل توصل أطراف الصراع لتسوية اقتصادية تعيد اللحمة للسلطة النقدية لتمارس مهامها بحيادية واستقلالية تامة في كافة مناطق البلاد وتبث روح الحياة للنظام المصرفي وتفتح قنوات تواصله مع النظام المالي العالمي.

ومازالت بعض المشاكل الاقتصادية التي يعاني منها الجهاز المصرفي والناتجة عن الحرب عالقة حتى اللحظة، وكان بإمكان البنك المركزي اليمني العمل على وضع الحلول المناسبة، منها على سبيل المثال: أرصدة البنوك السابقة المجمدة لدى البنك المركزي، وفوارق سعر الصرف بين صنعاء وعدن، ونقص السيولة النقدية التي مازالت تعاني منها بعض البنوك، ومخاطر مراكز التعرض لمخاطر النقد الأجنبي القصير في بعض البنوك، وغيرها من المشاكل".
  • شركات الصرافة بديلا عن البنوك
بعد انقلاب جماعة الحوثي على السلطة واستمرار الحرب الدائرة في البلاد، واستيلاء الجماعة على موارد الدولة المختلفة وأموال خصومها السياسيين، كانت شركات ومحلات الصرافة أهم الملاذات الآمنة لغسل هذه الأموال التي تم السماح لها بتجاوز القوانين واللوائح المنظمة وفتحت حسابات واستقبلت ودائع من عملائها بالمخالفة للقانون، وفي منتصف العام 2016 انتقلت الكتلة النقدية من البنوك إلى الصرافين بعد أزمة سيولة حادة عصفت بالبنوك اليمنية، وأصبح الصرافون هم المتحكمون بالجهاز المصرفي، وفقدت الثقة بالبنوك من قبل عملائها واستبدلت تعاملاتها مع البنوك بالصرافين، وشُلت حركة البنوك تماما إلى درجة استعانة الجهاز المصرفي بالصرافين لإجراء الحوالات الدولية، نتيجة التشديد على البنوك وإيقاف البنوك من المراسلة لتعاملاتها مع البنوك المحلية قبل نقل عمليات البنك المركزي إلى عدن.
  • ضعف الرقابة على البنوك
رغم مرور أكثر من ست سنوات منذ نقل عمليات البنك المركزي إلى عدن، إلا أن قطاع الرقابة على البنوك في أسوأ حالاته، هناك ضعف كبير في إدارة سياسة البنك الرقابية بأدواتها المختلفة وتفعيل قطاع الرقابة على البنوك، إضافة إلى قصور واضح في تفعيل دوره في منح التراخيص للبنوك والمؤسسات المالية والرقابة على أعمالها، هناك ضعف في إجراءات الرقابة والضبط والسيطرة على القطاع المصرفي وغالبية الصرافين خارجين عن سيطرة البنك بحسب وثيقة صادرة عن البنك تحت توقيع المحافظ، ولا يملك البنك المركزي أنظمة آلية وقاعدة بيانات تربطه بالبنوك والتي بعضها تتلاعب بشكل متعمد بالبيانات المطلوبة، كما أن غالبية البنوك وشركات الصرافة لا تستجيب إطلاقا للبنك المركزي اليمني وتخضع مباشرة لسيطرة فرع البنك المركزي صنعاء رغم وجود أدوات ضبط رقابية وقانونية ومصرفية كثيرة يمتلكها البنك المركزي اليمني المركز الرئيسي عدن ولم يستخدمها بعد حتى اللحظة.

وفي ظل ضعف قطاع الرقابة على البنوك، أصبحت شركات الصرافة مسيطرة تماما على وظائف القطاع المصرفي، وهي المتحكمة باتجاهات أسعار صرف العملة في البلاد، وتقوم بدور كبير في عمليات المضاربة بالعملة مما يؤثر سلبا على أسعار صرف الريال اليمني.

كما تعطلت بشكل كامل مهام ووظائف قطاع الرقابة على البنوك في الإشراف على القطاع المصرفي ومراقبة مدى التزامه بتعليمات وسياسات البنك المركزي والقوانين ذات العلاقة مكتبياً (الرقابة المكتبية) وميدانياً (الرقابة الميدانية)، إضافة إلى تعطل السياسة الائتمانية وإجراءات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
  • توجه لدعم الصرافين بديلا عن البنوك
وقال محلل في إحدى البنوك العاملة في عدن "إن مسألة إعادة الثقة بالقطاع المصرفي مسألة جوهرية غابت عن اهتمامات الإدارة الحالية، هذه وحدها يفترض بالبنك المركزي أن يخصص لها جزءا من الدعم الموعود من قبل الأشقاء لمعالجتها.

وفي الوقت الذي انتظرنا فيه البنك المركزي في عدن أن يقوم بواجبه برفع قدراته وبناء أنظمته المالية وضبط الصرافين المخالفين والضاربين بالعملة والعمل على إزالة مسببات انعدام الثقة بالقطاع المصرفي ومعالجتها في اطار خطة استراتيجية متكاملة، وبشكل متسلسل وفقا للأولويات، والعمل على ضع الحلول والمعالجات المناسبة للانقسام النقدي وتحييد أو تحجيم دور البنك المركزي في صنعاء واستعادة سيطرة قطاع الرقابة في عدن على القطاع المصرفي، وبعد ذلك إعداد استراتيجية شاملة لإصلاح الجهاز المصرفي برمته، على أن تراعي الإصلاح القانوني لكافة التشريعات والتعليمات القانونية وتعزيز استقلالية البنك المركزي وإعادة هيكلته ومن ثم بناء قدراته واستحداث وظائف جديدة بما يلبي متطلبات الحاكمية المؤسسية، وتطوير الرقابة المصرفية وتحديث التعليمات الرقابية المنظمة للقطاع المصرفي وتبني التحول من الرقابة بالالتزام إلى الرقابة بالمخاطر وذلك لضمان قوة وسلامة القطاع المصرفي".

وقال أحد المحللين "بدلا من التركيز على الأولويات الملحة سابقة الذكر وأهمها تعزيز الثقة بالقطاع المصرفي، نتفاجأ اليوم أن البنك المركزي اليمني وتحت إشراف محافظه أحمد غالب المعبقي، وتخطيط وكيل قطاع الرقابة على البنوك ، يعملون على العكس من ذلك تماما، حيث تشير وثيقة إلى رعاية البنك المركزي اليمني لندوة في عمان التي تهدف إلى تعزيز قدرات الصرافين المالية على حساب القطاع المصرفي المدمر تماما، وإعطاء دور غير قانوني للصرافين في فتح الحسابات وقبول ودائع العملاء في تحدٍ واضح للقوانين المحلية والمعايير الدولية المنظمة للأعمال المصرفية، ولأهداف غير معلنة يسعى لتحقيقها وكيل الرقابة على البنوك، وتتمثل أهم اهدافه اضعاف دور القطاع المصرفي الحيوي وتدمير ما تبقى من ثقة به وبالبنك المركزي اليمني، ونقل الدور الذي تمارسه هذه البنوك إلى الصرافين، والذي له مخاطر وتبعات كبيرة تتمثل باستمرار عمليات المضاربة بالعملة وما يترتب عليه من تبعات، وصعوبة الرقابة على شركات الصرافة وتتبع الأموال التي تنتقل عبرها مما يزيد من احتمالية مخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب، واستفادة الحوثيين من هذا الوضع في ظل توجه القيادة السياسية لتعميم قوائم سوداء بالأفراد والكيانات الداعمة لجماعة الحوثي الإرهابية وتعميمها على البنوك بعدم التعامل معها".

وتبقى مخاوف من استغلال جماعة الحوثي لمثل هكذا توجه وذلك بهدف تحويل مبالغ كبيرة كانت قد استولت عليها الجماعة بطرق غير مشروعة ووجدت ملاذا آمنا لغسلها وإضفاء الشرعية لها عبر شركات الصرافة ، خصوصا مع اختلال منظومة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في البلاد، واحتمالية وجود عناصر حوثية تعمل من داخل البنك المركزي اليمني في عدن.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى