ومن الحرف ما قتل

> لم أكن يوما على دراية ببعض أو معظم الأشياء منها ما يتعلق بسنن ومعارف الحياة ربما من باب وعي البصيرة القاصر وتفاهة الاستيعاب كنتيجة طبيعية درجنا عليها بترف الغباء الذي كان يمارس علينا مع سبق الإصرار والترصد إلا أنه ما أن وصلت بنفسي إلى مرحلة التفكير والتدبير والاستنتاج السوي أدركت حينها أن الولادة الطبيعية لا علاقة لها بالركبة ولا بالعطسة ولا بأيتها مغالطة واستغباء لا يحمد عقباه وأن ما كان يغرس في أذهاننا في الصغر كالنقش في أي جمجمة فاضية أو شخبطة على سور المدرسة.

علمونا احترام الكبير والعطف على الصغير باستثناء كسر قاعدة أسنان المشط بنصها الإجباري الذي لا يفرق عند البعض منا بين العالم والجاهل والمفاضلة بينهما من حيث المكانة والهيبة والمقام يستثنى من ذلك ولي الأمر وطويل العمر الذي لازال معظمنا يرى بأنه من عجينة جينية مختلفة وقالب نظيف لا علاقة له بتعداد طابورنا التافه المتشابه الصور والزوايا والأضلاع والأفعال والتصورات والمعاملات كما نفعل نحن معشر البشر المنبوذة في تلك الكرة المدحاة ( المسطحة ) وأنه لا يأكل مما نأكل ولا يشرب من القصبة مما نشرب بل أنه لا يدفع مثلنا فواتير الكهرباء والماء والفاقة والعوز والوجع ولا يتصرف كما نتصرف ولا يحس بآلامنا ومعاناتنا كما هو إحساسنا بوقعها على أم رأسنا.

هكذا علمونا وطبعوا على ظهورنا ( حمار للبيع ) بقناعة راسخة مفادها أن من سلم دقنه للحلاق فلا يحلم أبدا بسلامة شواربه، بيد أن من علمني حرفا ما عادت من الحكمة بمكان حتى نربطها بالمدرسة والمعلم ومهابة العلم بعد أن قضى الأخير نحبه أمام مهارات من علمونا فنون الرشوة والفوضى والمحسوبية والنصب والرفع والكسر والجر وما يقربنا إلى الهاوية السحيقة من قول أو فعل أو عمل.

وأمام الحقائق المؤلمة والمؤسفة بل والمخزية وحدها والتي لا يمكن أن تختزل من الذاكرة مهما ألبسناها من مبررات وأعذار واهية فنحن والله وتالله أبعد ما نكون عن العالم من حولنا كما أن التاريخ لا ولن يرحم أدعيائه مهما حاولوا تزييف وقائعه وأحداثه وطمسوا مآسيه وبلاويه وستروا عيوبه مقابل قناعتنا وإيماننا بأن لكل أمة خلت لها ما لها وعليها ما عليها إلا نحن أصحاب هذا البلد الكمين!

ويبقى المجد كل المجد ما خلدته أنت اليوم لا ما تركه لك جدك الخايس عشر قبل أو بعد الميراث.

وليس سرا أيتها السيدات والسادة أن من يعانون من تليف عقلي وانتفاخ في غدة الغرور من منسوبي هذا الكيان العدم أن جلهم من ذوي العاهات المستديمة ممن تلقوا تعليمهم بطرق ملتوية حصلوا من خلالها على ألقاب عليا تؤهلهم لخوض معترك الوظيفة لا لشيء إلا لأنهم من حملة الحرف المزيف قبل الاسم الافتراضي من أصل تسعة وعشرين حرفا ضاعت كلها في زحمة فساد الواسطة .

وإلى الله المشتكى.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى