​السودان: مؤتمر لـ «الحرية والتغيير» الأسبوع المقبل يبحث قضايا العدالة الانتقالية

> الخرطوم «الأيام» القدس العربي:

> قال المتحدث باسم المجلس المركزي لـ «الحرية والتغيير»، جعفر حسن، إن الأسبوع المقبل سيشهد بداية عمل المجموعات الخاصة بالإعداد للاتفاق النهائي بين الأطراف المدنية والعسكرية الموقعة على الاتفاق الإطاري.

وبين أن القضايا الثلاث موضوع مجموعات العمل ستكون الإصلاح الأمني والعسكري وتفكيك نظام الرئيس المعزول عمر البشير وإصلاح اتفاق السلام الموقع بين الحكومة الإنتقالية والجبهة الثورية في أكتوبر  2020.

وأشار إلى أن القضية الرابعة الخاصة بالعدالة والعدالة الانتقالية، سيتم وضع تصور حولها عبر «أصحاب المصلحة»، لافتاً إلى أن الحرية والتغيير بصدد التحضير لعقد مؤتمر لمناقشة قضايا العدالة الانتقالية الأسبوع المقبل، بمشاركة أصحاب المصلحة من أسر ضحايا القمع والإبادة الجماعية منذ انقلاب الإنقاذ في يونيو 1989 وحتى الآن.

الاستعانة بالتجارب والنماذج

وأكد أن الهدف الأساسي من عقد المؤتمر هو تهيئة الظروف التي تمكن المشاركين والمشاركات من أسر الضحايا، الاستعانة بالخبراء الحقوقيين والقانونيين لوضع تصور نهائي لعملية تحقيق العدالة الانتقالية.

وأشار إلى إمكانية الاستعانة بالتجارب والنماذج التي استخدمتها الدول الأخرى في هذا الصدد، مع أهمية وضع نموذج سوداني للعدالة الانتقالية لجهة التعقيدات الخاصة في البلاد.

وكان الاتفاق الإطاري الموقع بين المدنيين والجيش في 4 ديسمبر الحالي، قد أجل قضايا العدالة والعدالة الانتقالية إلى حين الوصول إلى اتفاق نهائي.

وجاء تأجيل ملف العدالة في الاتفاق، رغم أنه أحد شعارات الثورة الثلاثة «الحرية والسلام والعدالة». وسرعان ما أعلنت لجان المقاومة القائدة للاحتجاجات في البلاد، معارضتها للاتفاق، مشيرة إلى أنه تجاهل «مطالب الثورة» كما أنه «يشرعن» بقاء قادة الانقلاب في السلطة.

ورغم وجود نظم اجتماعية في السودان قريبة من مفهوم العدالة الانتقالية، إلا أنه لم يتم تطبيقها من الدولة على الرغم من مقتل الملايين أثناء الحروب الأهلية في البلاد.

وتتخوف أسر الضحايا من إفلات الجناة من العدالة، في ظل وجود قادة انقلاب 25 أكتوبر من العام الماضي، كأطراف في الاتفاق الذي من المنتظر أن يحسم قضايا العدالة الانتقالية في البلاد.

وكانت منظمة «أسرة شهداء الثورة السودانية»، قد أعلنت رفضها للاتفاق الإطاري، مشيرة إلى أنه يمهد لتقديم أكباش فداء للقادة العسكريين من الجنود.

وقالت في بيان، إنها ترفض قيام أي جهة بالتفاوض بالنيابة عن أصحاب المصلحة، وإنهم فقط من يقررون طريقة تحقيق العدالة لأفراد عائلاتهم الذين قتلوا خلال قمع الأجهزة الأمنية للتظاهرات منذ اندلاع الثورة السودانية في ديسمبر 2018.

وأشارت إلى أنها تلقت الشهر الماضي دعوات من المجلس المركزي للحرية والتغيير والآلية الدولية الثلاثية المكونة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وإيغاد، للوقوف على رؤية المنظمة حول العدالة الانتقالية، مبينة أنها أكدت تمسكها بعدم التفريط في العدالة ومحاسبة مرتكبي الجرائم والحرص على عدم الإفلات من العقاب.

وأبدت قلقها من أنباء عن ترتيبات لأن تتم محاكمة مجموعة من الضباط والجنود الصغار بتهم إطلاق الرصاص على المتظاهرين، على أن تستثنى في المحاكمات القيادات العليا في الجيش، بمن فيهم القائد العام للجيش عبد الفتاح البرهان ونائبه محمد حمدان دقلو «حميدتي»، معتبرة ذلك محاولة للإفلات من العقاب، والتضحية بصغار العسكر.

وشددت على وجوب محاكمة كل من خطط ودبر ونفذ تلك الجرائم، مضيفة: أنه لا يمكن تأسيس دولة القانون التي كان يحلم بها الضحايا، دون تحقيق العدالة، وأن الإفلات سيؤدي إلى إعادة نفس المشهد وارتكاب مجازر أخرى للأجيال المقبلة.

وكان الاتفاق الإطاري، قد أجل النظر في قضية العدالة الانتقالية والإصلاح الأمني والعسكري وتفكيك النظام السابق وإصلاح اتفاق السلام، للقيام بتشاور واسع حولها مع أصحاب المصلحة قبل الوصول إلى اتفاق نهائي.

*بمشاركة أسر ضحايا القمع والإبادة الجماعية منذ انقلاب الإنقاذ

وبدأ الحديث عن العدالة الانتقالية منذ إطاحة الثورة الشعبية بنظام الرئيس المعزول عمر حسن البشير، بينما ظلت عائلات الضحايا تبحث عن العدالة لمئات الشهداء الذين قتلوا منذ بداية الثورة، لكن بدون جدوى.

وكانت حكومة رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، قد شكلت لجنة للتحقيق في فض المجلس العسكري الاعتصام أمام مقر القيادة العامة للقوات المسلحة والذي كان يطالب بالحكم المدني في 3 يونيو2019، والذي راح ضحيته مئات القتلى والجرحى والمفقودين.

وترأس الخبير القانوني نبيل أديب، اللجنة التي تشكلت في أكتوبر 2019، والتي تضمنت مهامها التحقيق في الأحداث والوقائع التي تمت فيها انتهاكات لحقوق وكرامة المواطنين بمحيط القيادة العامة للقوات المسلحة والولايات.

صلاحيات اللجنة

ومنحت صلاحيات تشمل استدعاء أي شخص أو مسؤول حكومي أو نظامي أو موظف عام بغرض الإدلاء بشهادته أو التحقيق وتحديد الأشخاص المسؤولين عن فض الاعتصام بالتحريض أو المشاركة أو الاتفاق الجنائي أو ارتكاب أي انتهاكات أخرى، إلا أنها لم تعلن أي نتائج للتحقيق حتى الآن.

وقبل الانقلاب العسكري كانت اللجنة تعلن من وقت لآخر عن إحراز تقدم مطرد في عملها، غير أنه لا يبدو واضحاً في أعقاب الانقلاب مستوى التقدم الذي أحرزته، وما إذا تعطل عملها بالكامل.

وكانت اللجنة أعلنت عقب انقلاب العسكر على الحكومة الانتقالية عن اقتحام مجموعات عسكرية لمقرها في العاصمة السودانية الخرطوم. ولجنة التحقيق في الاعتصام هي لجنة جنائية مهمتها تنحصر في توجيه الاتهامات وتقديم تقرير بذلك إلى رئيس الوزراء، بالإضافة إلى التحقيقات الجنائية والعدالة العادية.

وحاولت الحكومة الانتقالية السابقة العمل على برنامج للعدالة الانتقالية، حيث بدأ وزير العدل السابق، نصر الدين عبد الباري في مشاورات من أجل إنشاء مفوضية للعدالة الانتقالية، في بلد ظل يشهد انتهاكات فظيعة لحقوق الإنسان طيلة تاريخه السياسي بعد الاستقلال. وفي السياق، رأى الخبير الحقوقي والناشط في قضايا العدالة الانتقالية، عبد الباسط الحاج في حديثه لـ «القدس العربي» أن «تخوفات أسر الشهداء تخوفات منطقية لجهة أنهم أولياء الدم ولهم الحق في التمسك بتحقيق العدالة ومحاسبة المجرمين، كما أن طبيعة القتل كانت تشير إلى القصد والتعمد ويتحمل القادة المسؤولية الكاملة عن ذلك مما يتحملها الجنود».

وقال: «لا يمكن لأي اتفاق سياسي أن يحمي القادة المسؤولين عن هذه القوات من المساءلة والمحاكمة ولا تملك أي من الجماعات السياسية في السودان الحق في منح العفو عن الجرائم التي حدثت في الماضي بمقابل أو من دون مقابل».

وأضاف: «القانون الجنائي الدولي يأخذ الاختصاص في بعض الجرائم التي حدثت في السودان مثل جريمة الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وهذه الجرائم ذات طبيعة خطيرة، ولا يمكن العفو فيها على الإطلاق، لأنها تمس السلم والأمن الدوليين، كما تسعى الأسرة الدولية منذ زمن بعيد في إيقاف هذه الجرائم، وهذا ما جعل المحكمة تأخذ اختصاصها في حالة السودان».

وتابع: «مثل الجرائم ذات الطبيعة الخطيرة لا يمكن لأي أحد أن يمنح فيها العفو بمن في ذلك أولياء الدم أنفسهم، لأنها ذات اختصاص قضائي دولي».



> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى