هل تتجاوب إيران مع جهود عُمان لحل الأزمة اليمنية؟

> "الأيام" العرب اللندنية

>
​لفتت زيارة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان إلى مسقط أنظار المتابعين للشأن اليمني، لاسيما وأن هذه الزيارة تأتي بعد يومين فقط من عودة وفد عماني إلى السلطنة بعد جولة مفاوضات صعبة مع قيادة الحوثيين.

وتقول أوساط سياسية إن زيارة وفد إيراني برئاسة وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان إلى سلطنة عمان لا تخلو من دلالات سياسية، لاسيما مع استئناف مسقط جهود الوساطة لحلحلة الأزمة اليمنية.

وأجرى وفد عماني الأسبوع الماضي زيارة إلى العاصمة اليمنية صنعاء، استمرت خمسة أيام، حيث أجرى محادثات صعبة ومعقدة مع زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي وقيادة المجلس السياسي الأعلى.

ولا يعرف بعد ما إذا كانت عمان طرحت مبادرة جديدة لحل الأزمة اليمنية، أم أن زيارة وفدها مجرد وساطة لتذليل الخلافات بين أطراف النزاع بشأن تجديد الهدنة الإنسانية التي انتهت في الثاني من أكتوبر الماضي.

وتبدي مسقط حرصا على لعب دور متقدم لجهة إنهاء النزاع في اليمن سياسيا، حيث أن السيناريوهات الأخرى كارثية، ولن تنحصر تداعياتها فقط على اليمنيين بل وعلى استقرار كامل المنطقة. وتقول الأوساط السياسية إن عمان في حاجة إلى تجاوب من إيران التي تحتكر سلطة قرار الحوثيين لضمان نجاح جهودها الجارية في اليمن.

واستقبل سلطان عمان هيثم بن طارق الأربعاء وزير الخارجية الإيراني والوفد المرافق له، حيث تسلم رسالة خطية من الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي "تتعلق بأوجه التعاون القائم بين البلدين الصديقين في مختلف المجالات".

وكان عبداللهيان وصل مساء الثلاثاء إلى العاصمة العمانية مسقط في زيارة غير محددة المدة، للاجتماع مع نظيره العماني وعدد من المسؤولين لمناقشة قضايا ثنائية وإقليمية ودولية، بحسب ما ذكرت وسائل إعلام إيرانية.

وخلال اللقاء الذي جمع السلطان هيثم بوزير الخارجية الإيراني تم بحث “مسارات التعاون المشترك بين البلدين الصديقين وسبل تعزيزها وتطويرها". وذكرت وكالة الأنباء العمانية أنه "تبادل وجهات النظر حول تطورات الأوضاع التي تشهدها المنطقة ومُجمل المستجدّات الإقليمية والدولية"، دون تفاصيل أكثر.

وكانت وكالة إيرنا الإيرانية الرسمية نقلت الأربعاء تصريحات أدلى بها عبداللهيان الثلاثاء، قال فيها إن "سلطنة عمان هي مركز الحوار الإقليمي حول مختلف القضايا، سواء في ما يتعلق بإيران أو الأزمات الإقليمية، ولعب كبار المسؤولين العمانيين دائما دورا خيّرا". وأضاف الوزير الإيراني أن "الأزمات في اليمن وأفغانستان وأوكرانيا تحظى بالاهتمام في هذه المحادثات".

وترتبط عمان بعلاقات سياسية واقتصادية وثيقة مع إيران، كما أنها تحرص على توثيق الروابط مع محيطها الخليجي، لاسيما بعد تولي السلطان هيثم العرش في العام 2020 خلفا للراحل السلطان قابوس بن سعيد.

ويرى خبراء أن عمان تعد الوسيط الأكثر وثوقا، والذي يمكن الرهان عليه لتحقيق اختراق في جدار الأزمة اليمنية، وخلق بيئة إيجابية تفضي إلى محادثات لخفض التصعيد بين أطراف النزاع، وهي سبق وأن لعبت دورا متقدما في الوساطة في ملف إيران النووي.

ويعتقد الخبراء أن نجاح عمان في تفكيك العقدة اليمنية يبقى رهين حل الخلافات التي تبدو مستعصية بين الخصمين اللدودين السعودية وإيران، لكن في استطاعة مسقط على الأقل الدفع باتجاه تكريس هدنة مطولة يجري من خلالها بحث خيارات الحل النهائي للأزمة.

وإلى جانب الملف اليمني، كان للملف النووي حيزا مهما من النقاشات مع القيادة والمسؤولين في عمان، وفق ما أكده وزير الخارجية الإيراني على هامش الزيارة المستمرة لمسقط.

وحذر عبداللهيان في تصريحات للصحافيين من أن "نافذة التوصل إلى اتفاق لن تبقى مفتوحة إلى الأبد"، واستنكر ما أسماها بـ "نفاق" الدول الغربية "وخصوصا الولايات المتحدة"، مشددا على أنه "غير متأكد من أن النافذة المفتوحة اليوم ستبقى كذلك غدا". ونبّه الوزير الإيراني من أنه "إذا أراد الغربيون الاستمرار في سلوكهم المنافق والتدخليّ، فسوف نتجه إلى مسار آخر".

وبدأت إيران والقوى الدوليّة الكبرى محادثات في أبريل 2021 في فيينا بهدف إحياء اتفاق دولي أبرم عام 2015 بهدف ضمان الطابع المدني لبرنامج إيران النووي، علما أن الأخيرة تنفي باستمرار أنها تسعى لتطوير قنبلة ذريّة. وبعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق عام 2018، عادت طهران تدريجيا عن التزاماتها الواردة في الاتفاق.

وتعهّد الرئيس الأميركي جو بايدن بالسعي إلى إحياء الاتفاق، لكن المفاوضات التي بدأت في فيينا متوقفة الآن. وكان بايدن قال الأسبوع الماضي إن الاتفاق الذي أبرمته الدول الكبرى مع إيران للحد من برنامجها النووي بات "في حكم الميت"، لكنه لن يقوم بالإعلان عن ذلك، حسبما يظهر تسجيل مصور غير رسمي.

وردا على سؤال حول احتمال وساطة عمانية في المحادثات النووية المتعثرة، أكد الوزير الإيراني أن "السلطات العمانية لعبت دائما دورا ايجابيا وبناء في تقريب وجهات النظر بين الأطراف".

وأشاد معهد واشنطن في تقرير له مؤخرا بـ"سجل عمان الحافل بالسمعة الجيدة كوسيط في المنطقة، استنادا إلى دورها المتواصل في التخفيف من حدة الخصومات المشتعلة". وأكد أن سياسة عمان الخارجية ساهمت بشكل كبير في إنجاح دورها في الوساطة التي تقودها على مستوى الأزمة اليمنية وبين إيران والدول الغربية.

واستعرض التقرير النجاحات التى لعبتها عمان في الوساطة في مجالات أخرى، مشيرا إلى أن عمان لعبت في الآونة الأخيرة دورا حاسما في التفاوض على بعض عمليات تبادل الأسرى، من بينها إطلاق سراح باقر نمازي الذي سُجن في إيران عام 2016 بتهمة التجسس لصالح واشنطن.

وقال التقرير "لكونها الشريك المفضل لإجراء دبلوماسية الرهائن فإن ذلك يفيد عمان في ترسيخ أوراق اعتمادها الدبلوماسية كوسيط موثوق وحقيقي في عيون أصدقائها الأميركيين والإيرانيين".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى