مضايقات تنتشر دون رادع..نساء يتعرّضن للتحرّش بسبب قيادة السيارات

> عدن «الأيام» رشيد سيف:

> تتعرّض اليمنيات الشغوفات بقيادة المركبات (السيارات) في مختلف المدن اليمنية، للأذى والمضايقات التي يفتعلهما الرجال (سائقو المركبات) بين الفينة والأخرى، سواء أثناء السير في الخطوط الطويلة بين المدن أو داخلها وحتى في الأحياء الضيقة، الأمر الذي يضاعف من المخاطر المرورية ويرفع مؤشر حوادث السير بين النساء، بالإضافة إلى تعزيز عقد نفسية لدى المئات من الفتيات اللواتي يعتزمن تعلم القيادة مستقبلًا.

وما يزيد من تعقيد وضع هؤلاء الفتيات، غياب إشارات المرور والغياب الأمني المروري، جراء الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تشهدها البلاد بسبب استمرار الحرب للسنة الثامنة، ما ألقى بأثره على كافة المجالات، علاوة على ثقافة اجتماعية تحصر قيادات المركبات عمومًا، على أنّه شأن خاص بالرجال "السواقة تشتي رجال"، وتتعامل مع المرأة ككائن غير مكتمل وغير مؤهّل لقيادة سيارة، بدلًا من الاحتكام للقوانين المنظمة، أكان السائق امرأة أو رجلًا.

انضباط ومضايقات

زاد عدد النساء اللواتي يقدن سيارات في السنوات الأخيرة بشكل لافت للعيان، مراد العبادي، رجل مرور، تحدث لـ"خيوط"، حول هذه الظاهرة، قائلًا: "زاد عدد السائقات في مدينة عدن خلال السنوات الأخيرة، لكنّهن تميّزن بالتنظيم، والانضباط أكثر من الرجال"، ويُرجع الرجل الثلاثينيّ سبب هذا الانضباط، إلى خوف النساء من الوقوع في حوادث مرورية أو احتجازهن في حال ارتكبن مخالفات، وأضاف: "الكثير من السائقات ليس لديهن رخصة قيادة، ومع ذلك يبقى أمر احتجازهن صعبًا، ولكنّنا نحذّرهن بين الحين والآخر".

وتواجه العديدُ من السائقات يوميًّا، سيلًا من التعليقات المتهكمة والساخرة، التي تنتقص من كفاءتهن وقدرتهن على التصرف، عبارات كثيرة تُرمَى على مسامعهن من هنا وهناك، مثل: "من اشترى لك سيارة؟!" أو "أنتِ مكانك البيت مش السيارة؟!"، وغيرها من العبارات الشائعة التي يحمل بعضها كلمات تخل بالذوق والآداب العامة.

إلى جانب حالات المضايقة التي يرتكبها بعض المتنمّرين مع السائقات في الطرق الخطرة، حيث يقوم البعض بحركات تخويف وإرباك للسائقات حديثات العهد بقيادة السيارات، إمّا عن طريق الميل بالسيارة قليلًا للشمال أو اليمين، وإمّا بالتجاوز المفاجئ مع الصراخ، وغيرها من الأساليب التي تسبّب هلعًا للسائقات.

ربط الحوادث بالنساء

رغم أنّ القانون اليمني كفل للمرأة حقوقًا متساوية مع الرجل فيما يتعلق بالحصول على الرخص والقيادة، ينشر البعض صور حوادث سير النساء في محاولة للسخرية من قيادتهن وقدرتهن على التحكم بالسيارة، وإظهارهن بطريقة تسيء إليهن.

هديل (من الحوطة في لحج، جنوب البلاد)، إحدى الشغوفات بقيادة السيارات، تقول لـ"خيوط": "تعرّضتُ للكثير من الحركات الاستفزازية، والتعامل غير الأخلاقي، من قبل بعض السائقين المستهترين، هذا بدوره سبّب لي في أحايين كثيرة، الخوف والإرباك، حتى إنّي نجوتُ من حوادث محقّقة أكثر من مرة، بسبب هذه الممارسات اللامسؤولة التي يفتعلها بعض الذكور حينما يدركون أنّ السائقة فتاة".

تضيف: "حملة إزالة العواكس من زجاج السيارات في لحج وعدن وغيرها من المدن، بقدر ما لها جوانب إيجابية، لها سلبيات أيضًا، إذ كنت كفتاة سائقة، أخفي هويتي تجنّبًا للمضايقات التي كانت تعترضني أثناء ذهابي من لحج لعدن للدراسة، فمؤخرًا صدمت دراجة نارية بينما كنت أفكر في طريقة لتحاشي أحد المتحرّشين، الذي ظلّ يضايقني من منطقة (صبر) بمحافظة لحج، إلى منطقة (دار سعد) بمحافظة عدن".

وتتابع: "كانت السيارة التي تطاردني خاصة، وخوفي منعني من التبليغ عنها، رغم أنّ هناك الكثير من النقاط الأمنية بين عدن ولحج".

في السياق، تحكي فاتن، فتاة جامعية، لـ "خيوط"، بعضَ معاناتها أثناء قيادة السيارة، قائلة: "قبل شهر تقريبًا، تعرّضت لحادث سير بفعل معاكسة مرورية في خط الجسر (خط سريع) وسط عدن، بينما كنت في طريق عودتي للمنزل".

وتضيف فاتن: "أقلق كثيرًا من التسبّب بأذى للآخرين نتيجة أخطاء يقوم بها بعض السائقين بلا وعي ولا إدراك للمخاطر التي تنتج عن مثل هكذا مضايقات للفتيات في خطوط سريعة".

أسامة فيصل، ناشط اجتماعي، يرى أنّ المعاكسة أصبحت ظاهرة مستشرية، تحتاج وقفة جادّة من المجتمع ومن الدولة على حدٍّ سواء: "في حالات كثيرة يكون التصرف ناتجًا عن رغبة في إرباك الفتاة وإزعاجها والتسلية على حسابها، لكن النتيجة قد تكون حادثًا يذهب فيه ضحايا كثر، لا ذنب لهم سوى أنّ القدر وضعها في طريق أحد المستهترين".

الجدير بالذكر، أنّ حالات الحوادث المرورية تصاعدت مؤخرًا، بسبب عدم الالتزام بالقواعد المرورية، إضافة إلى انحدار أخلاقيات البعض، وتغيّب رجل المرور عن القيام بمهامه كما ينبغي، بسبب الصراع الدائر في البلاد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى