معاناة لا تنتهي ..!

> محمد العولقي

> أستمتع هذه الأيام بالأجواء الرياضية الجميلة، التي تغلف مباريات بطولة كأس عدن لكرة القدم ، والاستمتاع لا يقتصر فقط على مشاهدة المباريات داخل ملعب الشهيد الحبيشي فحسب، لكنه أيضاً أتاح لي فرصة الالتقاء بنجوم الكرة الجنوبية من مختلف الحقب و الأجيال، والإطلاع على ظروفهم ومشاكلهم وما أكثرها .. إنني أصغي كثيراً لـ (الحالة المعيشية المزرية) التي تعصف بالكثير من نجوم ذلك الزمن الثري بالمبدعين علماً أن ظروف هؤلاء النجوم القدامى تكاد تتشابه وتتطابق ، مع تغيير طفيف في بعض التفاصيل الصغيرة.

الكابتن (حسين فرحان) جناح التلال الطائر لا يتكلم كثيراً عن مأساته مع (الضياع) ، كونه حتى الآن يفتقد لمنزل يأوي عائلته وهو من النوع الذي لا يُلح في سرد محتويات مأساته السكنية والذين يعرفون عزة نفسه يدركون أن (فرحان) لا يطلب مساعدة ولا يتوسل معونة لكن تعابير وجهه القاتم تحكي كل تفاصيل دراما حياته.

والكابتن (حسين جلاب) صاروخ فريق الجيش في زمن الإمتاع والإبداع ، ما يزال يعاني ويلات المرض الذي أنهك قواه ، وحد كثيراً من روحه المعنوية ، هو الآخر مطالب بالسفر مجدداً ، لتلقي علاج المرحلة الثانية ، ولا يدري ماذا يفعل؟ و كيف يتصرف؟ خصوصاً و(العين بصيرة واليد قصيرة).

توكلت على الله ، وقمت بزيارة للحكم الدولي السابق (علي حاجب) ، بمعية صديقي الكابتن (وجدان شاذلي) مدير عام مكتب الشباب والرياضة بعدن ، وتوأمه في تحركاته البلدوزر (فؤاد عباس) ، ولم أجد أمامي إلا بقايا لذلك الحكم الشجاع الذي كان يهز الملاعب هزاً بقراراته الصارمة ولياقته البدنية العالية وحكمته في التعامل مع المباريات الصعبة.

الحكم (علي حاجب) وهنت معنوياته وخارت قواه وضعفت قدماه المتورمتان ، وفقدت عيناه الثاقبتان بريقهما ، وهو يعيش على الستر ، وفي وضع صحي صعب للغاية ، يستدعي نقله على وجه السرعة إلى الخارج لإنقاذ ما يمكن إنقاذه .. علماً أنه يعيش في منزل متهالك ، ويجلس على أريكة رثة .. يجتر الحكم (علي حاجب) مرارة الحاضر ، ويمضغ بعضاً من ذكريات ماضيه الجميل ، ولقد حاولت مع (وجدان) دغدغة مشاعره ببعض القرارات التحكيمية ، التي أثارت جدلاً طوال مسيرته مع الصافرة ، لكن وضعه الصحي كان لا يسمح ، كما أننا شعرنا بأن هناك غصة في حلقه ، ودمعة في عينه ، فهربنا من ذكريات الماضي صوب فتح نافذة أمل بيضاء ترفع من معنويات (الحاجب) في اليوم الأسود.

ولا يختلف الوضع كثيراً في منزل الشخصية الرياضية العسكرية (صالح الشعملي) ، فهو أيضاً بلا حيلة أمام قسوة هجوم المرض الضاري ، والواقع أن زيارتنا لهذا الرجل تمت ، بالتنسيق مع الكابتن (نور الدين عبد الغني) مدير عام النشاط الرياضي باتحاد الشرطة ، الملم بتفاصيل مرض (الشعملي) من الألف إلى الياء.

نجوم رياضة زمان بحاجة إلى تفاعل جهات حكومية رسمية ، للتخفيف من معاناتهم ، لأن إلقاء العبء على كاهل محافظ عدن (أحمد حامد لملس) وحده ، لا يُجدي في إيجاد حلول ترقيعية ، تحد من مشاكل وظروف لاعبين قدموا الكثير لوطنهم ثم اكتشفوا في الليلة الظلماء أن الوطن مجرد (قطة تأكل أبناءها).

فقط ألفت نظر كل نجم ضاقت به سبل العيش في عدن ، إلى حقيقة مفادها ، أن تحميل الكابتن (وجدان شاذلي) مسؤولية وضع حلول لمعاناتهم ومساعدتهم مالياً يشكل ضغطاً رهيباً على (وجدان) الذي يعمل حالياً بجيب رسمي (فارغ) المحتوى ، في ظل غياب موازنة عملية وتشغيلية ، تتناسب مع حجم وتأثير رياضة عدن ذات المشاكل المالية الكبيرة.

على كل لاعب قديم لجأ لوجدان واعتبره سفينة (نوح) أن يعلم أن مدير عام مكتب الشباب والرياضة الجديد يصرف من جيبه نفقات بعض العاملين ويعمل فوق طاقته ، للإبقاء على النشاط الرياضي ، وكل الذي يمكنه القيام به تجاه لاعبين عاصرهم وزاملهم نقل وطرح ظروفهم ومعاناتهم ، على طاولة الوزير (نائف البكري)، وهو وضميره..!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى