> عدن "الأيام" تحليل سياسي/ وهيب الحاجب:
- لماذا انتهكت السعودية الإعلان الدستوري لتفاوض الحوثي بديلا عن الشرعية؟!
- ضغوط تدفع الرياض نحو التصالح مع صنعاء والتضحية بحلفائها في عدن
- خوفا من الانفصال.. تحالف خفي لسحب خصوصية القضية الجنوبية والتراجع عن تمثيلها
- انتهاك المرجعيات
- كشف المستور
رئيس مجلس القيادة الرئاسي، د. رشاد العليمي، كان صريحا، إلى أبعد الحدود، عندما كشف أمس الأول في حوار نشرته جريدة الشرق الأوسط، عن جانب من تلك التوجهات؛ إذ قال بوضوح إن هناك مفاوضات مباشرة بين السعودية وجماعة الحوثي، وإن أي اتفاقات أو حلول تتوصل إليها تلك المفاوضات سيكون طرفاها الشرعية والحوثيين، بمعنى أن الشرعية ستكون طرفا في اتفاق أو تسوية أو حل سياسي خرجت به مفاوضات لم تكن (الشرعية) طرفا فيها، وبمعنى أوضح - وفقا لتصريحات العليمي - فإن الشرعية طرف في الحل فقط لا طرف في المفاوضات؛ ما يكشف بالتالي أن هناك حلولا جاهزة فاوضت عليها السعودية الحوثيين وستتجه لاحقا لفرضها على الشرعية ومكوناتها.
حديث العليمي، للصحيفة السعودية، يبدو أنه لم يكن حوارا صحفيا اعتيادا بقدر ما هو حوار مدروس أُريد إجراؤه ونشره في توقيت معيّن ليحمل رسائلَ سياسيةً خطيرةً وذات أبعاد قد تتجاوز الشأن اليمني إلى قضايا وصفقات إقليمية ودولية لا تمثّل فيها اليمن وأطراف الصراع هنا سوى حلقة واحدة من سلسلة طويلة، أو كرت تستخدمه الرياض وفقا لمصالحها، أو حتى ورقة يستخدمها خصوم المملكة للضغط عليها؛ وبالتالي فاوضت الرياض صنعاء وجها لوجه، لاسيما أن التفاوض المباشر مع السعودية (العدوان) هو مطلب أساسي للحوثيين.. لذلك فالرجل الأول في منظومة الشرعية اليمنية كشف عن جانبين خطيرين أو أراد أن يوصل للداخل اليمني ومكونات الشرعية رسالتين أساسيتين:
الثانية: وهي الرسالة الأخطر؛ إذ أراد العليمي أن يكاشف الجنوبيين صراحة بأن الشرعية اليمنية لا ترى في قضية الجنوب وتطلعات الجنوبيين سوى أنها إشكالية هامشية ولسان حاله يقول: "سننظر فيها بعد أن نتصالح مع الحوثي ونتحالف معه، وإن الفريق التفاوضي المشترك وتمثيل الانتقالي لمطالب الجنوبيين وإدراج قضية شعب الجنوب في مفاوضات الحل الشامل وكل المكاسب السياسية والعسكرية التي انتزعها الجنوبيون منذ 2015م... تجاوزتها السعودية وصارت هي ممثلنا ووكيلنا جميعا في التفاوض مع الانقلابيين الحوثيين، وما علينا إلا أن ننتظر الحلول والاتفاقات ونتقبلها".
- معطيات خطيرة
كل تلك المؤشرات بدءاً بتصدر السعودية الواجهة للتفاوض مع الحوثي على مصير اليمن والجنوب خلافا للإعلان الدستوري واتفاق الرياض وملحقاته، ومرورا بتماهي الشرعية وسكوتها ورضاها، ثم انتهاء بتنصل العليمي من التزامات الشرعية تجاه الجنوب وانتهاك الاتفاقات بهذا الشأن وفي مقدمتها الفريق التفاوضي المشترك وإدراج "قضية شعب الجنوب" في مفاوضات الحل الشامل... كل ذلك يمثل معطيات حقيقية لواقع جيوسياسي جديد يتشكل على المستويين المحلي والإقليمي ووفقا لاحتمالين اثنين:
الأول: أن يكون هناك توجه سعودي تقف وراءه ضغوط إقليمية ودولية تتعرض لها المملكة أو إغراءات وضمانات تريد من الرياض التسريع بإنهاء حرب اليمن مع إبقاء الحوثيين قوة فاعلة والاعتراف بهم... ضمن حراك إقليمي ومساعٍ دبلوماسية وحوارات من تحت الطاولة لإعادة ترتيب الحلفاء وضمان مصالح أطراف الصراع في المنطقة، لاسيما فيما يتعلق بالحوار السعودي الإيراني وما طرأ أخيرا على علاقات الرياض بواشنطن وتوجه المملكة نحو الصين وروسيا؛ وبالتالي رأت الرياض أن مصالحها وضمان أمنها يكمنان في التصالح مع الحوثي أو تمكينه من حكم اليمن على حساب حلفائها في الشمال والجنوب، وكل ذلك بضمانات من وكلاء الجماعة الحوثية الإقليميين وما يربطهم من مصالح دولية في الشرق والغرب.
الثاني: أن هناك اتفاقا بين الشرعية اليمنية، أو أطراف داخلها، مع السعودية للالتفاف على قضية الجنوب وتحاشي استقلاليتها وتجنب إعطائها خصوصية أو تمثيلا سياسيا في مفاوضات الحل السياسي الشامل؛ إذ تعتقدان (السعودية والشرعية) أن ذلك التمثيل والخصوصية سيدفعان الجنوب نحو حضور سياسي مستقل كقضية قابلة للتعاطي، في أي مفاوضات أممية، بهذا التوصيف وبالمطالب المشروعة التي تطرحها كل المكونات السياسية الجنوبية وهي استعادة الدولة وفك الارتباط عن اليمن باعتبار الوحدة مشروع فاشل، أو على الأقل التعاطي مع حق تقرير المصير باعتباره حقا كفلته مواثيق الأمم المتحدة، وهي كلها مطالب مشروعة تتيقن الشرعية اليمنية، ومن خلفها السعودية، أنها ستكون في صالح الجنوب وأن القانون الدولي في صف هذه القضية العادلة، لهذا آثرت الشرعية الاحتماء بالمملكة لعرقلة إعطاء قضية الجنوب تلك الاستقلالية وإبقائها مشكلة من مشاكل اليمن الهامشية، فكان بالتالي لابد للشرعية من أن تتنازل للسعودية بشيء من صلاحياتها وسيادتها مقابل إجهاض مشروع الجنوب وتطلعات الجنوبيين نحو الاستقلال واستعادة الدولة، فبرزت المملكة لتفاوض الحوثيين باسم الشرعية في انتهاك فاضح لكل المرجعيات.
- خلاصة