موقع إخواني: زيارة طارق صالح إلى تعز إعلان لنهاية ثورة فبراير

> «الأيام» العربي الجديد:

> نالت زيارة عضو مجلس الرئاسة طارق عفاش إلى تعز الأسبوع الماضي اهتماما كبيرا، وتفسيرات عديدة تصل إلى حدّ التناقض، كما لقيت رفضا ممن يرونها تطبيعا مع المنظومة التي ثار عليها الشعب.

ما أعلنه طارق ومسؤولو السلطة المحلية لتعز أنّ الزيارة تأتي في إطار وحدة الصف الجمهوري، في مواجهة المشروع الحوثي، من أجل استعادة مؤسسات الدولة، لم يكن حقيقيا، ويمكن فهم هذه الزيارة من خلال مجموعة من الأهداف والدلالات المتعلقة بسياق الزيارة، وخلفية الزائر، وتاريخية المدينة، بما يمكّن من رسم صورة واقعية لأهداف هذه الزيارة، بعيدا عن العبارات المتكرّرة المعلنة.

الهدف الأول من الزيارة ليس وحدة الصف الجمهوري لمواجهة الحوثيين، بقدر ما هو تقارب لمعسكر "الشرعية" من أجل التفاوض مع الحوثيين للوصول إلى الحل السياسي، الذي يعدّ الهدف الرئيس من تشكيل السعودية للمجلس الرئاسي، والجميع يعلم أنّ طارق عفاش انسحب لعشرات الكيلومترات في محافظة الحديدة، لصالح الحوثيين، فكيف لمن لم ينجح في معركته ضد الحوثيين في منطقة ساحلية ممهدة أن يعوّل عليه في استكمال تحرير منطقة ذات تضاريس جبلية كمحافظة تعز؟

ولكن هذا لا يعني أنّ طارق لن يكون له دور عسكري شرفي مرسوم بعناية في مستقبل تعز، في حال لجأ التحالف للخيار العسكري كبديل للحل السياسي، فالتحالف حريص على أن يحسب أي نصر عسكري مستقبلا في تعز لطارق، وهذا يدخل ضمن الهدف الثاني للزيارة، وهو إعادة تأهيل عائلة صالح سياسيا في المرحلة القادمة لحكم البلد، من خلال مسارات، منها العسكري، كما أوضحت أعلاه، والمسار التنموي وهذا بدأ خلال الزيارة، إذ أعلن عن مشروع لحفر الآبار، والمفارقة أنّ إعادة تأهيل طارق من تعز، لم يكن عشوائيا فهذه المدينة صعد منها نجم عمه، علي صالح، قبل توليه رئاسة اليمن في السبعينيات.

الهدف الثالث للزيارة، وهو الأهم برأيي، إعلان طي صفحة ثورة فبراير رسميا، بعد أن طويت صفحتها عمليا منذ سنوات بتآمر إيراني سعودي إماراتي، وقد اختير طارق عفاش الذي يمثل المنظومة التي ثار الشعب عليها، ليعلن طي الصفحة من تعز التي أشعلت الثورة، ومما جاء في كلامه اعترافه بأنّ الجميع أخطأوا بمن فيهم هو، وهنا إشارة منه إلى تساوي بين الجلاد والضحية دون اعتبار لتفاوت الأخطاء ووزنها، مع أنّ ما فعله الرجل لا يدخل ضمن دائرة الخطأ بل الإجرام والفساد في الأرض، فهو يرى أنّ تسهيله إسقاط مؤسسات الدولة لصالح الحوثيين وجرائمه بحق المتظاهرين خلال الثورة، ثم بحق المدنيين عند اجتياح تعز مجرّد أخطاء، وليس جرائم تتطلب المحاكمة وطلب الصفح والمسامحة من ذوي الضحايا على الأقل.

الهدف الرابع من الزيارة، وهو مهم أيضا، هو تحسين صورة الإمارات في الساحة التعزية من خلال تمويلها مشروع حفر الآبار الذي أعلن عنه خلال الزيارة، فالإمارات تبدو دولة احتلال عند معظم أبناء تعز، الذين تصدروا الحملات المناوئة للمشروع الإماراتي في اليمن، ولذلك من المتوقع بروز الدور الإماراتي في تعز في الفترة القادمة بفاعلية كبيرة، لتحسين صورتها، وتوسيع نفوذها عبر بوابة طارق صالح، في مقابل تقليص نفوذ حزب الإصلاح الذي تعدّه الإمارات حزبا إرهابيا، وإن لم تعلن ذلك رسميا.

ختاما، من السذاجة النظر بتفاؤل إلى زيارة طارق صالح، واعتبارها فاتحة خير لتعز، فهذه النظرة وإن كانت نابعة من فشل وفساد القيادات السياسية والعسكرية في المدينة، إلا أنها لن تجمّل الوجه القبيح لطارق وعائلته ومن خلفهم المشروع الإماراتي، فربما تكون هذه الزيارة فاتحة لجحيم جديد لمدينة لم تتعاف بعد من حرائقها التي أشعلتها منظومة حكم صالح.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى