إسرائيل بين ضربتين.. داخلية بسعيها للدكتاتورية وخارجية باتفاق طهران والرياض

> "الأيام" القدس العربي

> السعودية – إيران، جوهر ومثال. استئناف العلاقات بين السعودية وإيران يشكل نقطة انعطافة استراتيجية في المنطقة. هي ضربة لإسرائيل والولايات المتحدة، ومدخل لإنهاء الحرب الزائدة في اليمن، وإنجاز مهم للصين. في هذه المرحلة، قل احتمال اتفاق سلام مع السعودية، الذي هو واحد من أربعة أهداف لنتنياهو.

هذا فشل جوهري ومثال على باقي ادعاءاته: إيران تسير بثقة إلى “دولة حافة” بحكم الأمر الواقع، والتنسيق الأمريكي – الإسرائيلي يتخذ صورة التنسيق القومي في المجال الدفاعي، لكنه ضعيف ويحتاج إلى سنوات أخرى في المجال الهجومي.

كما أن الأهداف الداخلية التي وضعها نتنياهو بقيت ميتة وفاشلة. فهل سمعتم شيئاً عن التصدي لغلاء المعيشة؟ أو ضائقة السكن؟ لا شيء. لماذا يهجر نتنياهو كل أهدافه المعلنة ويركز على “الانقلاب النظامي”؟ حتى عندما يعاني الاقتصاد من أضرار جسام، وينتشر انكسار في منظومات الأمن، وتهتز مكانتنا في العالم ويصبح مقاتلونا عرضة للمحكمة الدولة في لاهاي؟

تقتبس “هآرتس” عن ضابط الاحتياط كتب يقول: “ربونا دوماً على أن نرى ونقول الأمور كما هي. إذن، ها هي: عصابة إجرامية تنفذ الآن انقلاباً نظامياً عنيفاً وتحاول سحق جهاز القضاء الإسرائيلي، أي إنهاء أيام دولة إسرائيل كديمقراطية تحترم القانون”.

“مخطط” وحوار. لا خلاف في صدق نوايا الرئيس هيرتسوغ لفعل كل ما هو ممكن من أجل الدولة ومواطنيها. لقد عمل الرئيس على نحو صائب حين قضى بأن: “جملة التشريع التي تبحث الآن في اللجنة يجب أن تنقضي من العالم وبسرعة. هي خاطئة، كاسحة، تهز أساساتنا الديمقراطية”. وأضاف الرئيس بأنه “يجب استبدالها بمخطط آخر متفق عليه فوراً”. يسعى نتنياهو ولفين لتسييس تعيين القضاة، ومنع إمكانية شطب قوانين أساس وغيرها، وسيسران على هذه العناصر، ولا طريق للمعارضة وللاحتجاج أو للرئيس نفسه، لقبولها.

على أفضل ما أرى، سيحسن الرئيس صنعاً إذا ما تضمن المخطط الذي سيعرضه قواعد عمل إذا ما أخذ بها فقط من كل الأطراف بحيث تكون جدوى للبحث. مثلاً:

إصلاحات تشريعية متفق عليها، وحماية استقلالية جهاز القضاء ووثيقة الاستقلال كأساس للدستور.

سحب كل تشريعات الشهر الماضي.

تشكيل لجنة رئاسية واسعة تضم مهنيين وممثلين عن الجمهور، تبحث في إطار زمني مناسب وبدون رفع مسدس، في جملة التعديلات.

تعهد علني ومسبق من كل الأطراف بألا تسن إلا قوانين بإجماع واسع، ويبدأ تطبيقها من الكنيست القادمة.

 كل أمة متقدمة ومتنورة عملت ضمن هذه القواعد على مدى مئات السنين الأخيرة، وهكذا يجدر بنا نحن العمل أيضاً. أما إذا رفض أي من الطرفين، فهو يشهد على نفسه بأن ما قاله الضابط العسكري في الاحتياط كان محقاً.

وإذا لم يتحقق حل وسط؟ المستشار القانوني السابق مندلبليت قال إن نتنياهو، ولفين، وروتمان، يسعون إلى الدكتاتورية، وإن “المقاومة أفضل من الحل الوسط السيئ”. لقد تسبب نتنياهو بالأزمة الدستورية. وفي اللحظة التي يُسن فيها أي من القوانين بالقراءة الثانية والثالثة، سنكون في دكتاتورية بحكم الأمر الواقع. هذا تغيير يصعب إدراكه. حتى مع قانونيين فقط، وتسييس تعيين القضاة، وإلغاء إمكانية شطب قوانين أساس، سنكون في دكتاتورية؛ لأنه لا سبيل وقتئذ لوقف الحكومة من سنها أي قانون يروقها. ربما تشطب المحكمة العليا تشريعاً كهذا، وقد تتجاهل الحكومة. “حماة الحمى” سيجدون أنفسهم أمام أوامر مختلفة، ونأمل أن يطيعوا محكمة العدل العليا.

عندما تعمل الحكومة بشكل غير شرعي على نحو ظاهر وعلى أسود يرفرف فوقها، تتغير القواعد. ليس للدكتاتورية صلاحيات شرعية على المواطنين محبي الحرية.

مقاتلو الجيش الإسرائيلي في الاحتياط سيمثلون، أنا مقتنع، كرجل واحد، إذا ما نشبت لا سمح الله حرب، لكنهم عملياً متطوعون. لهم عقد مع حكومة ديمقراطية وإنهم بموجبه إذا ما اختلفوا مع سياستها فهم مستعدون للمخاطرة بحياتهم في خدمتها. ولكن لا يمكن أن يكون لنا عقد كهذا مع دكتاتورية.

في الدكتاتورية لا يتبقى للمواطنين الموالين لضميرهم ولوثيقة الاستقلال إلا التوجه إلى المسار الذي عملوا فيه بنجاح مع المهاتما غاندي في الهند ومارتين لوثر كينغ في الولايات المتحدة. هذا مسار “العصيان المدني غير العنيف”. هذا ليس تمرداً ولا رفضاً، بل عمل ضد عدم الشرعية العميقة لحكومة الطغيان، إلى أن تتراجع أو تسقط.

بقلم: إيهود باراك

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى