عمرو موسى:استئناف العلاقات السعودية الإيرانية خطوة مهمة ستتبعها تغييرات إقليمية

> حاوره / حمد خيال:

> الأزمة اليمنية تتجه نحو الحلحلة والوضع في لبنان مرشح للاستفادة من الاتفاق
 الاتفاق النووي «ميت» حاليا.. وارتباط إيران بروسيا يزيد الأمور تعقيدا

في خطوة مفاجئة اتفقت السعودية وإيران على استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين وإعادة فتح سفارتيهما مع العمل على تفعيل اتفاقية التعاون الأمني وإجراء محادثات بشأن تعزيز العلاقات الثنائية.
الاتفاق الذي جاء بوساطة صينية، فتح المجال لكثير من التساؤلات بشأن مستقبل الأوضاع في الشرق الأوسط وملفاته الساخنة وفي المقدمة منها الأزمة اليمنية وكذلك الوضع في سوريا ولبنان.

كما أثار الاتفاق الجدل بشأن مستقبل العلاقات السعودية الأمريكية التي لا يمكن القول إنها في أفضل حالتها منذ وصول الرئيس جو بايدن للبيت الأبيض.
كل هذه التساؤلات توجهت بها «الشروق» إلى الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية عمرو موسى على هامش مشاركته في منتدى باكو الدولي في أذربيجان، والذي أكد أهمية تلك الخطوة موضحا حجم تأثيراتها على ملفات الإقليم بالكامل، وإلى نص الحوار:

* كيف ترى قرار الاتفاق السعودي الإيراني على استئناف العلاقات، وهل كان القرار مفاجئا؟
ــ في رأيي أنه كانت هناك مقدمات وإرهاصات على رأسها المباحثات بين طهران والرياض في بغداد وهي مباحثات تناولت أمورا كثيرة أمنية وإقليمية وثنائية، وهذه المباحثات عندما وصلت لمرحلة معينة كان يمكن من خلالها قراءة إمكانية إحداث تقدم، والانتقال من مرحلة المحادثات المبدئية إلى مرحلة اتخاذ خطوة على الأرض، وهنا تدخلت الصين التي بدأت في الفترة الأخيرة تهتم بما يجرى في الشرق الأوسط وتطوراته، وتتحدث كدولة عظمى لها أذرع ودرجات من النفوذ وبإمكانها أن تقرأ الأحداث وتؤثر فيها.
فمن الواضح أن بكين في صعودها لسلم النفوذ الدولي شعرت بقدرتها على لعب دور في التوصل لاتفاق بين السعودية وإيران وبالفعل لعبته.

* هل تعتقد أن الأمر كان مفاجئا للأمريكيين؟
ــ المفاجأة الخاصة بالاتفاق نفسه تمثلت في أنه لم تكن أي عاصمة أخرى تعلم أنه سيتم في صباح ذلك اليوم الإعلان عن الاتفاق خصوصا أن ممثلي الدولتين فى المباحثات كانا مستشاري الأمن القومي في البلدين ومثل هؤلاء تخضع تحركاتهم للسرية.
فى المجمل أرى أن الخطوة مهمة وليست تكتيكية وإنما استراتيجية، ويمكن أن ينتج عنها تغيير في سياسات إقليمية متعددة، وقد سبقت هذه الخطوة خمس جولات من المباحثات بين إيران والسعودية استضافتها بغداد منذ العام الماضي، بهدف إنهاء القطيعة الممتدة بين البلدين منذ عام 2016، والتوصل إلى تفاهمات بشأن الخلافات القائمة بينهما في عدة ملفات أبرزها الحرب باليمن والبرنامج النووي، وأتوقع تغييرات مهمة في ملفات اليمن ولبنان وغيرهما من الملفات التي تلعب فيها الرياض وطهران أدوارا فاعلة.

* هل يمكن أن يكون للاتفاق انعكاس على الأزمة السورية وعودة سوريا للجامعة العربية؟
ــ عودة سوريا للجامعة العربية أمر آخر خاصة أن اللاعب الرئيسي في هذه الأزمة هو روسيا، لكن بشكل عام سيؤثر الاتفاق على ملف الأزمة السورية.
في المقابل، سيكون للاتفاق تأثيرا كبيرا على الأزمة في لبنان، فاللاعب الرئيسي في تلك الأزمة هو حزب الله الموالي لإيران، كما أن السعودية تمتلك نفوذا قويا على بعض القوى اللبنانية المؤثرة، ومن هنا أعتقد أن الوضع هناك مرشح لأن يكون إحدى الأوراق التي يتم الاتفاق أو على الأقل النقاش حولها بين السعودية وإيران.

* هل يمكن أن نرى حلا قريبا للأزمة اليمنية؟
ــ دعنا لا نقفز إلى الحل ولكن نتحدث مبدئيا عن حلحلة بمعنى أنه يمكن الحديث عن تجديد الهدنة وأن يتم التحرك للأمام من أجل تبريد الموقف، وهنا يمكن أن تلعب سلطنة عمان دورا مساعدا أيضا.

* هل تعتقد أن يكون لهذا الاتفاق تأثير على محاولات إسرائيل لإقامة علاقات مع السعودية؟
ــ ما أعلمه جيدا أنه لم يكن واردا بالنسبة للسعودية إقامة علاقات رسمية أو تطبيع مع إسرائيل في المرحلة الحالية، وهذا أمر منطقي لأن المملكة وهي الدولة المتصاعدة إقليميا ودوليا لن تعطي إسرائيل هدية بدون مبرر فالدبلوماسية لها منطق وحاليا مسألة التطبيع بالنسبة للمملكة ليس لها منطق.

وبالفعل أكد الأمير تركي الفيصل أمس خلال حديثه في منتدى باكو الدولي بأذربيجان أن السعودية لم تكن تنوي ولا تنوي التطبيع مع إسرائيل.
فالإدارة الأمريكية السابقة برئاسة دونالد ترامب كانت تضغط بقوة من أجل التطبيع بين إسرائيل والسعودية، بينما الإدارة الحالية لا تملك نوايا الضغط على المملكة، كما أن الحكومة الجديدة في إسرائيل في حد ذاتها مشكلة كبيرة «وتسد نفس أي حد إنه يتكلم معها»،
ولكن قطعا التطبيع بين السعودية وإيران أمر إيجابي وستكون إسرائيل مجنبة منه.

* هل من شأن الخطوة أن تؤثر على المساعي الإسرائيلية لتشكيل تحالف شرق أوسطي أو عربي إسرائيلي ضد إيران أو تقضى عليها؟
ــ أعتقد أن الإجابة هي نعم وإن كنت لا أرى إمكانية لقيام مثل هذا التحالف بسهولة في كل الأحوال، خاصة أنه لا يوجد أساس فكري لمثل هذا التحالف ضد إيران.

* ولكن قد يستند أي تحالف إلى المخاوف وهو ما كانت إسرائيل تسعى للعب عليه؟
ــ المخاوف الإسرائيلية ليست مخاوف عربية لأن دول المنطقة وشعوبها لا تريد سباق تسلح نووي في الشرق الأوسط وليس من مصلحتنا أن يكون هذا السباق موجودا ومن ثم ألا تتسلح إيران أو غيرها بسلاح نووي، فلا يوجد سلاح نووي طيب وآخر سيئ.
وكما لا يصح أن يكون لدى إيران سلاح نووي أيضا لا يصح أن يكون لدى إسرائيل سلاح نووي، ولا يمكن أن ننسى أن جولدا مائير أول من لوحت باستخدام السلاح النووي وقت الحرب في 1973 عندما زادت خسائرهم قبل أن تتدخل أمريكا وتسيطر عليها.
فقد كشف تقرير سابق لمجلة «ناشونال إنترست» (National Interest) الأمريكية، عن وضع رئيسة الوزراء الإسرائيلية الراحلة جولدا مائير سربا من 8 طائرات طراز (Fــ4) محمّلة بالقنابل النووية على أهبة الاستعداد، لإسقاط هذه القنابل على القاهرة ودمشق إن دخلت جيوش العرب إسرائيل، قبل أن يتم التراجع عن هذه الخطة.
ومن ثم إذا كانت الحجج أن إيران لديها حكومة متطرفة فإسرائيل لديها حكومة أشد تطرفا وفكر أعضائها لا يختلف عن أي فكر متطرف آخر.

* بالإشارة إلى الملف النووي الإيراني، هل يمكن أن يؤثر الاتفاق بين طهران والرياض على المسار المعطل للاتفاق النووي بين إيران والدول الغربية؟
ــ هذا موضوع مختلف خاصة أن روسيا عضو في المباحثات والصين أيضا وهما أصبح لديهما رأي آخر في الوقت الحالي.
ويشار للاتفاق النووي باتفاق مجموعة « 5 + 1» ففي إشارة للأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وهى الولايات المتحدة وروسيا والصين والمملكة المتحدة وفرنسا، بالإضافة إلى ألمانيا وإيران حول البرنامج النووي لطهران.

* هل أصبح الأمر أكثر تعقيدا؟
ــ هو موضوع ميت بالأساس في الوقت الحالي لأنه بات من الصعوبة بمكان اتفاق الدول الست (الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن وبينها روسيا والصين زائد ألمانيا) على موقف موحد تجاه البرنامج النووي الإيراني في ظل وجود الصين وروسيا وارتباط موسكو وطهران بأمور كثيرة من بينها التسليح.

* من جهة أخرى هل يمكن أن يقود الاتفاق إلى تحول في الموقف المصري تجاه إيران وتطور العلاقات خلال الفترة القادمة خاصة أنه لا يمكن فصل موقف مصر تجاه إيران عن المخاوف الخليجية؟
ــ الرئيس الأسبق حسني مبارك كان قد التقى نظيره الإيراني محمد خاتمي شخصيا وكان متوقعا أن تسير الأمور نحو تطبيع ما في العلاقات مع مصر وحاولنا بالفعل أن يكون هناك كيان دبلوماسي مصري في إيران وكيان دبلوماسي إيراني في مصر وبالفعل حدث ذلك وأعتقد أنه من السهولة بمكان أن نرتقي بالعلاقات في الوقت الحالي، خاصة أن الأمور تتحرك في الإقليم بمنطق لا يصح أن تكون مصر بعيدة عنه.
وأعتقد شخصيا أن هذا الأمر مطروح على المائدة بالفعل خاصة إذا أخذنا في الاعتبار أيضا أن المنطقة في تطور ولا يمكن أن نتجاهل وجود تركيا وإيران في المنطقة وعلينا أن نتطور سريعا.
"الشروق المصرية"

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى