من أبطال المسلمين

> سعد بن أبي وقاص

هو الصحابي الجليل أبو إسحاق سعد بن مالك بن وهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب الزهري القرشي، فيجتمع نسبه -رضي الله عنه- مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في كلاب بن مرة، وأبو وقاص هو أبو سعد مالك بن وهيب، حث كان يكنّى بذلك، ويكون ابن عمّ آمنة بنت وهب أم الرسول، حيث إن أباها وهب وجد سعد وهيب أخوان شقيقان.

وأم سعد هي حمنة بنت سفيان بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب، بنت عم أبي سفيان، وهو -رضي الله عنه- من بني زهرة أهل آمنة بنت وهب أُمِّ الرسول، الذين هم أخواله -صلى الله عليه وسلم-، فسعد بن أبي وقاص هو خال النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقد كان يفتخر بهذه الخؤولة ويعتز بها، فجاء في الحديث الذي يرويه جابر بن عبد الله -رضي الله عنه-: (أقبلَ سعدٌ فقالَ النبي صلَّى اللَّه عليه وسلم هذا خالي فليُرِني امرؤٌ خالَهُ).

كان -رضي الله عنه- من أوائل السابقين الذين دخلوا في الإسلام، حيث أسلم -رضي الله عنه- مبكراً في الأيام الأولى للدعوة على يد أبي بكر الصديق -رضي الله عنه-، فقد كان ضمن الأوائل الذين أسلموا في وقتٍ ويومٍ واحد على يد أبي بكر الصديق، وهم: الزبير بن العوام، وسعد بن أبي وقاص، وطلحة بن عبيد الله، وعثمان بن عفان، وعبد الرحمن بن عوف، وكان عمره عندما أسلم سبعة عشر عاماً.

وقد كانت أم سعد كافرة شديدة العداوة للإسلام، فعندما علمت أنه أسلم امتنعت عن الطعام والشراب، وحلفت ألا تكلّمه حتى يرجع عن إسلامه، ومكثت في امتناعها عن الأكل والشرب حتى تعبت وغشي عليها من الجهد، فثبت -رضي الله عنه-، ولم يرضَ الرجوع عن الإسلام، وقال لأمه: "تعلمين والله لو كانت لك مائة نفس فخرجت نفساً نفساً ما تركت ديني، فإن شئت فكلي، وإن شئت لا تأكلي"، فلما رأت ذلك منه أكلت.

عُرف -رضي الله عنه- برجاحة عقله، وبُعد نظره، وعفة لسانه ويده، وبرّه بأهله، ووفائه لأصحابه، وقد كان -رضي الله عنه- زاهداً ورعاً، اتقى الشبهات واعتزل الدنيا وابتعد عن ملذاتها، واشتهر أيضاً بشجاعته وقوته ومهارته بالرماية، فهو من أشجع فرسان العرب والمسلمين، فقد كان أحد الصحابة الشجعان الذين كانوا يقومون بحراسة النبي -صلى الله عليه وسلم- وحمايته، وملازمته في السفر والحضر.

شهد -رضي الله عنه- المشاهد كلها مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، حيث شارك في الغزوات والسرايا، فكان مجاهداً في غزوة بدر، وأحد، وحنين، والأحزاب، والخندق، وفتح مكة، وغيرها من الغزوات، فقاتل في بدر وأبلى فيها بلاء حسناً، وكان أحد الصحابة الذين ثبتوا يوم أُحد دفاعاً عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقد ولّاه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قيادة جيش المسلمين في معركة القادسية، فاستطاعوا هزيمة الفرس، وفتحت مدائن كسرى بالعراق على يديه، وعيّنه -رضي الله عنه- أميراً على العراق، فقام ببناء الكوفة وتعميرها.

تميّز -رضي الله عنه- بالعديد من المناقب والفضائل،  فهو أحد العشرة الذين بشّرهم النبي -عليه الصلاة والسلام - بالجنة؛ جاء في الحديث: (عشرةٌ في الجنَّةِ : أبو بَكْرٍ في الجنَّةِ ، وعُمرُ في الجنَّةِ ، وعليٌّ وعثمانُ والزُّبَيْرُ وطلحةُ وعبدُ الرَّحمنِ وأبو عُبَيْدةَ وسعدُ بنُ أبي وقَّاصٍ...)، وهو  أحد الستة الذي اختارهم عمر ورشّح الخلافة فيهم.

وشهد النبي له بالصلاح؛ وجاء في الحديث الذي ترويه عائشة -رضي الله عنها-: (أَرِقَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَقالَ: لَيْتَ رَجُلًا صَالِحًا مِن أصْحَابِي يَحْرُسُنِي اللَّيْلَةَ إذْ سَمِعْنَا صَوْتَ السِّلَاحِ، قالَ: مَن هذا؟، قالَ سَعْدٌ: يا رَسولَ اللَّهِ، جِئْتُ أحْرُسُكَ، فَنَامَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حتَّى سَمِعْنَا غَطِيطَهُ...).

    أول من أراق دماً في الإسلام، وأول من رمى سهماً في سبيل الله.

    وكان سعد بن أبي وقاس الصحابي الوحيد الذي افتداه النبي -صلى الله عليه وسلم- بأبويْه؛ حيث جاء في الحديث الذي يرويه سعد: "نَثَلَ لي النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كِنَانَتَهُ يَومَ أُحُدٍ، فَقالَ: ارْمِ، فِدَاكَ أبِي وأُمِّي"،ومعنى كلمة نثل لي: أي أخرج السهام ونثرها له، والكنانة؛ هي الجُعبة التي يوضع فيها السهام.

كانت وفاة سعد -رضي الله عنه- في العقيق من العام الخامس والخمسين للهجرة، وكان عمره خمسة وثمانين عاماً على القول الراجح، فهو من الصحابة المعمّرين الذين عاشوا طويلاً، حيث كان آخر المهاجرين وفاة، وقد أوصى قبل وفاته أن يُكفّن بجبّة صوفٍ باليةٍ، كان يرتديها عندما قاتل المشركين يوم بدر، حيث قال: "كفنوني بها فاني لقيت بها المشركين يوم بدر، وإني أريد أن ألقى بها الله أيضاً".

كما وأوصى أن يُدفن على السُّنة، كما دُفن النبي -صلى الله عليه وسلم-، حيث قال في مرضه: "الحدوا لي لحداً، وانصبوا على اللبن نصباً، كما صُنع برسول الله -صلى الله عليه وسلم-"، وعندما انتهوا من تغسيله وتكفينه نقلوه من العقيق إلى المدينة المنورة، وصلّى عليه مروان بن الحكم في المسجد النبوي، وكان والياً على المدينة في خلافة معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه- ودفن في البقيع -رضي الله عنه وأرضاه-.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى