> حاورته: رلى موفّق - القدس العربي:
لا يتوقع وكيل وزارة حقوق الإنسان ماجد فضائل، وهو عضو الوفد التفاوضي
الحكومي اليمني مع الحوثيين في ملف الأسرى والمختطفين والمخفيين قسرياً،
حصول أي تراجع في الإفراج عن الـ887 أسيراً ومختطفاً الذين حدَّد «اتفاق
سويسرا» (مارس 2023) الآلية التنفيذية لإطلاق سراحهم، وجرى بحث أدق
التفاصيل في ما خص لائحة الأسماء، كاشفاً عن أن اللائحة يمكن أن تتوسَّع
إذا أُنجزت التفاهمات بالنسبة لآخرين، لافتاً إلى أن هذه هي الدفعة الأولى
من الاتفاق الذي تمَّ في مارس 2022 خلال رمضان الماضي متضمناً عدد
2223 شخصاً من دون تحديد أسمائهم، وستكون هناك جولات جديدة من التفاوض.
فضائل تحدث بالتفصيل عن «المقايضة» التي ليست بعملية عدالة حقوقية، حيث إن
الناس ليسوا سواسية في التبادل، بسبب قرار مجلس الأمن 2016 الذي طالب
بالإفراج عن السجناء السياسيين من دون قيد أو شرط وأداء مكتب المبعوث
الأممي بالإضافة الى ضغط الأهالي، رغم أن الحكومة تعمل بناء على معادلة
«الكل مقابل الكل» التي وافق عليها الحوثيّ، ما يعني أن يوماً ما سيأتي
وتُصفَّر السجون.
ويعتبر أن سطوة الحوثي على العاصمة صنعاء وبعض أجزاء اليمن هي انعكاس
للتأثير الدولي على الصراع في هذا البلد، وحين يتمّ عزله عن ذلك التأثير
يعود إلى رشده. وإذ يتحدث عن وجود مفاوضات بطريقة مباشرة أو غير مباشرة
لتمديد الهدنة، فإنه يؤكد أن صرف الرواتب لليمنيين في صنعاء هو أساساً مطلب
الحكومة المسؤولة عن كل أبنائها، ولكن لا بدّ من الالتزام بآلية اتفاق
ستوكهولم التي تُشكِّل ضمانة بأن تصل الأموال إلى مستحقيها ولا يُصادرها
الحوثي، كما فعل، ويُحوِّلها إلى مجهوده الحربي الذي كاد أن يُسقط مأرب.
وفي ما يلي نص الحوار:
• نعم، للأسف الشديد، ما يتم هو ليس عملية إطلاق سراح المعتقلين والمختطفين
والأسرى، إنما هو عملية مقايضة ومبادلة، أي عملية تبادل إما واحد مقابل
واحد، أو واحد مقابل مئة، أو ربما أكثر أو أقل من مئة. هناك عملية صفقة
ومقايضة وليست عملية عدالة حقوقية تتم على ضوئها عملية إفراج وإطلاق عن
المعتقلين بغض النظر عن كون هذا المختطف ذا ثقل ولكن كاعتباره إنساناً.
هذا ما حدث في الاتفاقات السابقة. نحن نتعامل مع ميليشيا ليس لديها أخلاق،
وهذا يتم بوجود اللجنة الدولية للصليب الأحمر وأيضاً مكتب المبعوث الدولي
الذي يعلم أنه في قراراته أعطى قيمة كبيرة جداً لبعض الأشخاص، فبدلاً من أن
يُساهم بالإفراج عنهم، ساعد في إبقائهم في السجون والمعتقلات، وهذا ما حصل
مع الأربعة المشمولين بقرار مجلس الأمن 2216 ومطالبة مجلس الأمن بالإفراج
عن السياسيين من دون قيد أو شرط، وعلى رأسهم (وزير الدفاع السابق) اللواء
محمود الصبيحي، الأمر الذي جعل منهم ذوي قيمة كبيرة جداً، وجاء الحوثي
للمفاوضة عليهم بالمئات. في البداية كان الحوثي يطلب عن بعضهم خمسمئة ومن
ثمَّ أربعمئة ثمَّ وصلنا على مدار 8 سنوات من التفاوض إلى مئة مقابل كل من
اللواء الصبيحي و(شقيق الرئيس اليمني حينذاك) اللواء ناصر منصور هادي،
بينما تمّت مبادلة (شقيق الرئيس السابق) محمد عبد الله صالح و(نجل العميد
طارق صالح) عفاش بخمسين عن كل منهما أي أن الإجمالي 100. كما تضمنت الصفقة
إخراج اثنين من أبناء نائب الرئيس السابق الفريق الركن علي محسن الأحمر
وبعض أقاربه، إضافة إلى عدد كبير من المحكومين، والصحفيين الأربعة وقادة
عسكريين ومدنيين.
•ليس هو الذي يضع هذه المعادلة، ولكن هو يتمسك بتلك القيادات ويفاوض عليهم،
ولا يهمه بقاءهم في السجون والمعتقلات إلى ما لا نهاية، وساعده في ذلك
القيمة الكبيرة التي أضافها مجلس الأمن إليهم، وهو يعلم مدى الضغوط التي
نتعرَّض لها من الأهالي والقيادات السياسية في الشرعية من أجل إخراجهم،
بالإضافة إلى الضغوطات الشعبية لإخراج الأسرى والمختطفين. وللأسف الشديد،
لم يضغط مكتب المبعوث الأممي على الحوثيين لجعل الناس سواسية في عملية
التبادل. كما أن هناك شخصيات مهمة بالنسبة للحوثي ويتعرَّض للضغوط نفسها.
لذلك نحن نقول له إننا لا نستطيع إخراج تلك الشخصيات إلا بمقابل مختلف وليس
على قاعدة واحد مقابل واحد.
•مثل الذين قاموا بعمليات إرهابية كبيرة، وقيادات حوثية مثل باسم الصامت،
ومصطفى المتوكل، وأحمد صباح، وسميرة مارش، والنهدي، والحضرمي وآخرون. مثلاً
في هذه المفاوضات الأخيرة، كان يصرّ على إخراج سميرة مارش التي ارتكبت
كثيراً من الجرائم بحق الجيش الوطني من عمليات تفجير وغيرها. طبعاً رفضنا
إخراجها ومبادلتها إلا مقابل الإفراج عن الصحافيين الأربعة المحكوم عليهم
بالإعدام، وهذا ما حصل.
•نحن نطالب به في كل جولة وطالبنا به في هذه الجولة، لكن في الواقع لا نعلم
مصير محمد قحطان، لم يتم الإفصاح عن حالته رسمياً، وهذا محور أساسي في
مفاوضات برن (سويسرا). لا بدّ من الإفصاح عن مصيره، فهذه مسؤولية أخلاقية،
فعدم الإفصاح مخالف للقوانين الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان. نحن لا نعلم
مصير محمد قحطان… هل هو حي أم ميت، لأنه تمَّ اختطافه من بيته وهو مدني
وسياسي كبير، ومن أهم القيادات الحزبية في اليمن. يعني هذه حالة إخفاء
قسري. طالبنا بالإفصاح عن وضعه، فلا يمكن أن نتفاوض للإفراج عنه ونحن لا
نعلم شيئاً عن مصيره، وطالبنا بالسماح لنا بزيارته. وهناك في الاتفاق
الحالي ما ينصُّ على الزيارات المتبادلة وعلى رأسهم المشمولون بقرار مجلس
الأمن حتى نتأكد من وضعهم الصحي ووضعهم بشكل عام للجميع دون استثناء.
•هم مهتمون عموماً بالزيارات. وقد اتّضح لهم خلال الزيارات التي قاموا بها
سابقاً إلى المملكة العربية السعودية، إلى الرياض وخميس مشيط والزيارات
التي قاموا بها إلى الجنوب، أن كثيراً من أسراهم يُغيِّرون أسماءهم خوفاً
من الانتقام بأي شكل كان. فعندما يتمّ عرض أسمائهم على ميليشيا الحوثي
يقولون إن هؤلاء ليسوا من أسرانا ولا نعرفهم، بينما في الحقيقة هم يبحثون
عنهم بجدية.
• نفيت أن تكون لدينا أي معلومات رسمية، لأنه لم يُفصَح بشكل رسمي عن وضعه
الصحي حتى اللحظة، وبذلك نحن أصررنا على أنه إذا كانوا حريصين على زيارة
مأرب، فلن نوافق إلا مقابل السماح بالزيارات من دون استثناء وعلى رأسهم
محمد القحطان ووضع النقاط على الحروف لمعرفة مصيره. وهذا شرط أساسي، ولن
تتم الزيارات إلا بشرط زيارة قحطان والأسرى ومَن لديهم من المخفيين قسراً
في جهاز الأمن والمخابرات.
•نعم، فهناك معلومات تصل أحياناً حول مصير فيصل رجب، ولكنها أيضاً انقطعت
مؤخراً بعكس محمد قحطان الذي لم تصلنا أي معلومات عنه أو يُسمح له بالتواصل
مع أهل بيته.
• في الحقيقة العدد ليس محدداً، العدد كبير جداً، والأغلب مفقود، وخاصة
الذين تطالب بهم ميليشيا الحوثي. الحوثيون يطالبون بالآلاف، وقد يكونوا
قتلوا نتيجة قصف الطيران، أو فقدوا خلال الحرب، ونحن لا نعلم شيئاً عن مكان
وجودهم. وهم منذ 2015 – 2016 يكررون المطالبة وأغلبهم من أسر هاشمية أو
قبلية كبيرة. نحن أغلب الذين نطالب بهم مختطفون مدنيون، أي أن وجودهم
معلوم، وأُخذوا بشكل سلميّ، وليس خلال مواجهات على الخطوط الأمامية أو جرحى
أو مرضى، وإنما خُطفوا من بيوتهم أو من مقرات عملهم أو من أماكن تواجدهم،
ولدينا أيضاً أسرى أخذوا من الجبهات، ولكن الذين أخذوا من الجبهات هم على
تواصل دائم مع أهاليهم، وتتم مبادلتهم بشكل مستمر عن طريق الألوية وعلى
الطريقة المحلية، أي بوساطات محلية، لكن الذين خطفوا مدنياً وجرى إخفاؤهم
لا نستطيع الوصول إليهم. ونحن نطالب بهم بشكل مستمر. والآلية التي تمَّ
التوقيع عليها أخيراً في برن هي ليست باتفاق جديد وليد اللحظة، إنما هو
آلية تنفيذية لاتفاق سابق وُقع في آذار/مارس في 2022 في رمضان الفائت.
• عدد الأسرى والمختطفين من الجهتين هو 2223. والآلية التي تمَّ التوقيع
عليها في برن تضم 887 من أصل العدد الاجمالي. ومنهم 181 لصالح الحكومة
والتحالف بينهم أربعة مشمولون بالقرار 2216 والصحفيين الأربعة وهم: عبد
الخالق عمران، وأكرم الوليدي، وحارث حميد، وتوفيق المنصوري، الذين حُكموا
بالإعدام الكيديّ في محاكمات هزلية من قبل الحوثي ولُفقت لهم تهم مختلقة،
و19 من التحالف. أما العدد الباقي (706) فهو لطرف الحوثي. وستكون هناك
اجتماعات لاحقة، وسيتم فيها إدراج ما تبقى. الـ887 ليست عدداً، بل هي أسماء
موجودة وتمَّ الاتفاق على تفاصيلها، بينما الـ2223 هو رقم. وجرى الاتفاق
في 2022 بين مؤسسة الأسرى والمحتجزين وبين مليشيات الحوثي على تبادل 823 من
الشرعية والتحالف مقابل 1400 حوثي على الشكل الاتي: 800 مقابل 800 أي واحد
مقابل واحد، و23 مقابل 600.
• في السنة الفائتة، كان هناك اختلاف كبير حول الأسماء، كان هناك تعنّت
كبير وتصلّب من قبل ميليشيات الحوثي، وحتى اللحظة كان هناك تصلب كبير في
مشاورات برن، ودخلنا في عملية شدّ وجذب، وكانت المفاوضات مهددة أكثر من مرة
بالفشل، لكن الفارق الكبير هو أن ما تمَّ الاتفاق عليه هو تفصيلي، يعني
تمَّ التوقيع على كشوفات الأسماء التي سيتم مبادلتها وعلى الآلية وعلى
عملية النقل. وسؤالك عن السبب في التأخير لثلاثة أسابيع يعود إلى الصليب
الأحمر لأنه بحاجة إلى استعدادات كبيرة وطائرة للنقل من صنعاء إلى عدن
وطائرة من عدن إلى صنعاء وطائرة من مأرب إلى صنعاء، حيث الخطة الزمنية تحدد
ثلاثة أيام لعمليات النقل والتبادل، يسبقها الكثير والكثير من الاستعدادات
اللوجستية وتجهيز الطائرات. ومن المتوقع ان تبدأ العملية بتاريخ 20 رمضان
(11 نيسان/أبريل المقبل)، وستكون هناك طائرات للنقل من صنعاء إلى مأرب
وبالعكس، وكذلك من صنعاء إلى عدن وبالعكس، ومن صنعاء إلى الرياض، ومن أبها
إلى صنعاء، وهذا التاريخ ليس نهائياً قد يتغير بناء على استكمال
الاستعدادات اللوجستية.
• أتوقع بالنسبة لهذه الصفقة أن الأمر قد انتهى، وإذا حصلت أي عراقيل أو
إشكاليات فسوف يتم حلها في حينه، لأنه تمَّ التوقيع على التفاصيل التي لا
يمكن التراجع عنها، وستكون هناك تبعات كبيرة في حالة التراجع، لأن التوثيق
تمَّ لدى اللجنة الدولية للصليب الأحمر ولدى المبعوث الأممي ووزارة
الخارجية السويسرية وتحت رعاية الدول المعنية بعملية السلام في اليمن، فليس
بالسهولة التراجع عما اتُفق عليه. وأتوقع أن يتم التنفيذ كما هو محدد،
وإذا حصل تعثّر ما فسوف يكون بسيطاً.
• فيصل رجب ومحمد قحطان.
○ فقط؟!
• بشكل عام نعم. لدينا أكاديميون وسياسيون وعدد من الصحافيين، السجون لم
تصفَّر. نحن نسعى للمطالبة بالجميع، وهناك تفاهمات للمضي قدماً، وتبادل
تفاصيل وأسماء بشكل مستمر، ولدينا من خارج طاولة المفاوضات تواصل بيننا
وبين ميليشيا الحوثي أو وفدهم، ونتبادل الأسماء والتفاهمات حول هذا مقابل
ذاك، وما يتم التوافق عليه يجري ضمّه إلى الصفقة. وسوف تستمر العملية حتى
الإفراج عن كافة الأسرى وصولاً إلى الإفراج الكلي، وفقاً لمعادلة «الكل
مقابل الكل». وهذا أمر أساسي. بالنسبة لنا، لدينا التعليمات الواضحة
والدقيقة والصارمة من مجلس القيادة الرئاسي بأنه لا بد من إخراج كافة
الأسرى والمختطفين من دون استثناء أي أحد منهم.
• العدد كبير ولا يمكن تحديده، وهو متغيّر باستمرار، وقد يصل إلى الآلاف.
والحقيقة أن الأعداد متغيرة ونحن كحكومة مسؤولين عن الجميع، ومَن لديه
مختطف أو معتقل أو محتجز قامت باحتجازه هذه الميليشيا لأي سبب كان يتم
إبلاغ الحكومة به وهي بالتالي مسؤولة عن إخراجه بأي شكل كان. الأمور متغيرة
وليست ثابتة مع الأسف الشديد، ولكن بشكل أساسي هناك الآلاف، والعدد 2223
ليس ثابتاً وقابل للزيادة، وهناك اتفاق واضح حول أن الموجودين في المعتقلات
تتم مبادلتهم من دون قيد أو شرط.
• حقيقة، كان لوجود ممثلي المملكة العربية السعودية ووفد التحالف بشكل
أساسي، اللواء ناصر الثنيان رئيس وفد التحالف العربي، واللواء فلاح
الشهراني نائب رئيس الوفد، دور كبير جداً في تقريب وجهات النظر. وهذه
معلومات خاصة. وما تمَّ الاتفاق عليه كان بوجودهم، بعد ذلك ثُبتت الأسماء
والأرقام أمام ممثلي مكتب المبعوث الأممي والصليب الأحمر.
•ما أراه أن الكل مرتبط، وإن كان لهذا الملف وجه إنساني لكن له ارتباط وثيق
وأساسي بالملف السياسي، ويعتبر ملفاً لبناء الثقة، ولذلك كانت هناك
ارتدادات إيجابية على الملف، من دون شك في ذلك، لأنه من الواضح جداً أن
هناك تخفيفاً من التعنت من قبل ميلشيات الحوثي، ومن ثمَّ تغيّر الموقف
نوعاً ما في اللقاءات المباشرة.
• كلامك صحيح، لكن تظل للحكومة مسؤولية أكبر بكثير مما لدى الميليشيات التي
ليس لديها أي مسؤولية أمام الشعب اليمني وتتعامل بعقليه العصابة، هناك
فوضوية وإجرام وتمرد وعدم مبالاة بالمجتمع الدولي وبما يحصل للشعب اليمني.
أما وضع الحكومة فمختلف، لذلك نجد أن الضغوطات على الحكومة سواء من المجتمع
الدولي أو من الأخوة الأشقاء أو من الشركاء تُثمر في استجابتها، بينما لا
نجد أي ضغوطات تُمارس على الحوثي تثمر أو يستجيب لها، لكن أتوقع الآن – مع
التقارب الذي حدث مع إيران – أن يكون لديها موقف إيجابي في هذه الملفات،
لأن قرارها ليس وطنياً ولا ينبع من الداخل، وبالنسبة لي الحوثيون يمثلون
شركة أمنية ذات مصالح إيرانية أو نفوذ إيراني داخل اليمن.
• أنا لا أستبعد ذلك، ومن المتوقع أن تكون في وقت قريب. ربما بعد رمضان
المبارك ستكون مفاوضات سياسية وربما مفاوضات عسكرية ومتعددة الاتجاهات.
بالنسبة للحكومة اليمنية هي ترحب بأي جهود نحو السلام، ونحو الحل الشامل
بناءً للمرجعيات الأساسية وقرارات 2216 وأيضاً مخرجات الحوار الوطني
والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية.
•أعود إلى سؤالك، ما هي أوجه الضغط على الميليشيا بينما هناك ضغط واستجابة
مستمرة من قبل الحكومة وهو ما يفسر على أنه انهزام، بينما تصرف الحوثي هو
انتصار. حقيقة ما يحصل من بسط ميليشيا الحوثي سطوتها على العاصمة وأراض
واسعة في اليمن، هو انعكاس للتأثير الدولي على الصراع في اليمن، لكن ما إن
يبدأ عزله عن التأثير الدولي، وما إن تلتزم إيران بعدم تزويده بالسلاح،
وعزله اقتصادياً على المستوى الدولي واعتباره جماعة إرهابية لا تقل خطراً
على الشعب اليمني من جماعتي «داعش» و«القاعدة»، فسوف يعود إلى رشده. نحن لا
نريد إزالة الحوثي عن المشهد بشكل كامل، إنما نريد أن تكون هناك شراكة
حقيقية، ولا يمكن للحوثي أن يحكم منفرداً، لأن اليمن ليس ملكه، وهناك آلية
تحكم اليمن بناء على أسس ديمقراطية، وعليه الاحتكام إلى الحوار وصندوق
الانتخابات. أما السؤال: هل يقبل أم لا؟ فهذا أمر لا يمكننا الجزم به، لكن
أنا أتوقع أنه لا بد من الدخول في حوارات كبيرة، فالوضع تغيّر، ولم يعد كما
كان، سواء بالنسبة للحوثي أو في الجنوب، المشهد تغيّر بشكل كبير. الحرب
أنتجت قوى جديدة والمشهد تغيّر، فإما أن يكون اليمن اليوم واحداً للجميع مع
حكم رشيد وشراكة عادلة في السلطة والثروة أو مع الأسف الشديد سيكون
دويلات، وهذا ما لا نتمناه.
•حتى هذه اللحظة، ما زال الحوثي يهجم على مأرب ويحاول السيطرة على حريب
(جنوب محافظة مأرب)، مستخدماً كل ما لديه من قوة ويزج بالأطفال والمغرر بهم
إلى جبهة القتال. وهناك، للأسف، تعنت من قبل هذه الميليشيا التي لا تريد
الوصول إلى السلام، لأنه يُنهي من وجهة نظرها الحجة التي كانت تتبناها بأن
على اليمنيين أن يتحدوا معها في محاربة العدوان. هذه الحجة سقطت بشكل كبير
بتقاربهم مع المملكة العربية السعودية. والآن بحسب ما يراه الكثير من
المواطنين، أصبح العدوان الحوثي الآن هو عدوان داخلي، وما يقوم به هو
عمليات مستمرة لقتل الشعب اليمني. وهو يريد ليس فقط السيطرة على اليمن
الشمالي، ولكن على جنوبه وغربه وشرقه، وطبعاً المملكة العربية السعودية
تعلم علم اليقين أنه كلما زادت هذه الميليشيا قوة زاد الخطر عليها ولن تكون
بمأمن. والتفاهمات الحالية لن تكون إلا مؤقتة وستبقى تلك الميليشيا تشكل
خطراً دائماً. وإذا لم تكن هناك حكومة حقيقية توافقية وسلام دائم وشامل في
اليمن فلن يستقر الوضع، وبالتالي سوف يؤثر بشكل كبير على استقرار المملكة
العربية السعودية والإقليم. نحن نتكلّم عن منافذ بحرية وتجارة بحرية كبيرة
جداً تهمّ العالم بأكمله وليس فقط السعودية واليمن، إنما هناك ممر دولي
مهدد من قبل هذه الميليشيا ولا بد أن يتوقف كل هذا. ولا بدّ أن تكون هناك
تسويات جادة ويتم إخراج للعملية بشكل عادل، ولا يمكن أن تكون على حساب أحد
الأطراف الداخلية، لأن الحرب سوف تتحوّل إلى داخلية، ولن يكون هناك استقرار
في اليمن إذا تمَّ التآمر على أي طرف.
•المفاوضات مستمرة في هذا الجانب، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، لكنها في الوقت الحالي بشكل غير مباشر، لكن منذ البداية وفي «اتفاق ستوكهولم» والحكومة هي مَن تطالب بصرف رواتب الموظفين المدنيين في مناطق سيطرة الحوثي بشكل كامل ومن دون استثناء للمواطنين اليمنيين لأن هذه مسؤولية الدولة ومسؤولية أخلاقية قبل كل شيء، فالأُسر تتضوَّر جوعاً. ولكنها (الحكومة) قالت إنه من غير المقبول ولا يمكن أن تُدفع الرواتب وتستغلها ميليشيا الحوثي للمجهود الحربي. فنص «اتفاق ستوكهولم» على وجوب أن يكون هناك حساب مستقل في البنك المركزي في الحديدة تحت إشراف الأمم المتحدة تتم إضافة إليه الإيرادات النفطية ومنه يتم دفع الرواتب، ولكن عندما وصلت المبالغ إلى حدود 160 مليار ريال تمت مصادرتها من قبل هذه الميليشيا وحوّلتها إلى المجهود الحربي، والتي كانت المحرك الأساسي للهجوم على مأرب والذي كاد أن يؤدي إلى سقوطها، ولا نريد تكرار ذلك. فنحن نريد ضمانات حقيقية بأن هذه الأموال ستذهب إلى مستحقيها وإلى المدنيين الذين يتضورون جوعاً، فالميليشيات تستغل الأموال الموجّهة للمساعدات الإنسانية وتحوّلها إلى المجهود الحربي. فمنذ 2015 لغاية اليوم لا يتسلم اليمنيون تحت سيطرة الحوثي رواتبهم. ومن يتسلم راتبه فقط هو المقاتل الذي يذهب إلى الجبهات. المدرسون والأطباء والمهنيون لا يتسلمون أية رواتب، يخرجونهم من مستشفياتهم ومن مدارسهم ويزجون بهم في جبهات القتال حتى يعطونهم رواتبهم.