تحذير حكومي من مغبة عدم البدء في إنشاء كود بناء زلزالي

> عدن «الأيام» خاص :

> فتح زلزال تركيا وسوريا، الذي حدث خلال فبراير، وخلّفَ نحو 44 ألف قتيل، ملف إعادة النظر في قطاع التشييد وإنشاءات المباني بالمنطقة، ومدى متانة المباني وقدرتها على مواجهة الكوارث الطبيعية كالزلازل والهزات الأرضية، وكذلك متابعة السلطات التشريعية للمقاولين والتزامهم بمتطلبات السلامة العامة وأكواد البناء والاشتراطات الهندسية، بالإضافة إلى مدى جاهزية البنية التحتية المقاومة للكوارث الطبيعية في المدن الكبرى والمزدحمة.

م. أحمد لتميمي
م. أحمد لتميمي
بدوره أشار المهندس أحمد يماني التميمي القائم بأعمال رئيس هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية اليمنية إلى دور الجيولوجيا في استدامة المشاريع الخاصة والعامة وضمان جودتها والعمل على التنسيق والتعاون بين هيئة المساحة الجيولوجية والجهات ذات العلاقة لما يخدم الصالح العام في البلد ، معتبراً أن هذه الكوارث الطبيعية التي حدثت مؤخراً في المنطقة العربية يجب أن تدفع الجميع لتحسين الأداء، والعمل بمسؤولية عالية على مختلف المستويات.

وأكد مختصون في هيئة المساحة الجيولوجية في العاصمة عدن على وجوب تشغيل شبكات الرصد الزلزالي وإنشاء كود البناء الزلزالي، والاستفادة من تجارب الدول المتقدمة في هذا المجال، وإنتاج خرائط الخطورة الزلزالية الضرورية وتقييمها بشكل دوري، بالإضافة إلى تحديث تشريعات البناء وتوافقها مع التغيرات والظواهر المناخية .وتفعيل قرار مجلس الوزراء رقم 249 لسنة 2012 بشأن الصلاحية الجيولوجية عند تنفيذ المشاريع الاستراتيجية.
  • ضبط قطاع الإنشاءات
وقال الاستشاري الجيولوجي معروف عقبه في محاضرة علمية ألقاها في هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية حول الكوارث الطبيعية، إن من واجب الدولة والسلطات المعنية، التشدد في قطاع الإنشاءات لأقصى حد ممكن، وعدم التهاون، لضمان تلافي أي قصور في التشييد أو حدوث أي اختلالات في مراحل الإنشاء، مشيرا إلى أن معظم المباني القديمة أنشئت قبل ظهور أكواد التصميم الزلزالي، ولم تأخذ في الاعتبار مقاومة أفعال الزلازل، بالإضافة إلى تقادم بنائها القائم وتأثره بالعوامل البيئية المؤثرة سلبا على خصائص مواد البناء من تآكل وضعف في الخرسانة القديمة، وصدأ لفولاذ التسليح، وعدم تشييدها باختيار النظام الإنشائي الملائم لمقاومة الزلازل، وعدم توفر جدران القص المقاومة للقوى الجانبية الناتجة عن حركة الأرض.

ودعا الاستشاري الجيولوجي معروف عقبه الجهات المعنية والسلطات المحلية في المحافظات إلى التخطيط الجيد والمستمر لإدارة مخاطر الزلازل، والبدء في إنشاء أكواد التصميم الإنشائي، والاستفادة من تجارب الدول المتقدمة في هذا المجال، من خلال إنتاج خرائط الخطورة الزلزالية الضرورية، وتقييمها بشكل دوري، وإنتاج تصاميم هندسية مناسبة، يتبعها تدقيق مستقل للتحقق من سلامة وأمان التصميم، ووضع مواصفات قياسية مناسبة لمواد الإنشاء وفحصها، وتطبيق معايير ومنهجيات دقيقة للتنفيذ من قبل المقاولين المؤهلين والمصنفين، مع وجود نظام إشراف هندسي مستمر على كل مرحلة من مراحل المشروع، يرافقه نظام مراقبة وتفتيش من طرف آخر مستقل، يعنى بضمان جودة ونوعية المواد والنظام الإنشائي ومنهجية التنفيذ.


ونوه الاستشاري الجيولوجي إلى إجراءات تقييم وتنظيم للمناطق السكنية وحسن توزيعها، لافتا إلى أنه حتى فترة قريبة من مطلع القرن الحالي، بدأت معظم الدول باستصدار أكواد بناء تعنى بموضوع القوى الزلزالية الناشئة على المباني وتفاصيل التصميم الهندسي المقاوم للزلازل، وتحسين أمور تنظيم البناء، والتخطيط من خلال إدارة المخاطر الزلزالية للمنشآت، والاهتمام بنوعية وجودة المواد والأنظمة الإنشائية المستخدمة لزيادة مقاومة المنشآت الحديثة لقوى الزلازل وقدرتها على الاستجابة للحركة الجانبية.

ولفت إلى أن تلك العوامل هي الحد من ضعف المباني، عبر وضع معايير واشتراطات ومتطلبات الحد الأدنى لمقاومة أفعال الزلازل، الذي لا يتأتى إلا عبر أكواد التصميم الزلزالي، للوصول إلى تصميم آمن يؤدي إلى تقوية المنشآت وزيادة مقاومتها والوصول إلى تخفيف أضرار الزلزال، وتحديد مستويات الخطورة الزلزالية للأرض والمناطق، عبر إجراء التقييم اللازم للحركات الأرضية والفوالق والتربة لفهم مستويات الخطورة الزلزالية على سطح الأرض وتصنيفها إلى مناطق أو إحداثيات تبين ذلك المستوى من الخطورة الزلزالية الطبيعية، وإنتاج خرائط الخطورة الزلزالية.

صورة إرشيف من انهيار جزء في مبنى بعدن
صورة إرشيف من انهيار جزء في مبنى بعدن

وكذلك التخطيط الجيد لتحديد مواقع الأبنية والمنشآت وتوسع المدن الموجودة أو المدن المستحدثة وتنظيمها بتقليل الاكتظاظات السكنية والسكانية وتحديد المسارات المناسبة للطرق والسكك الحديدية ومواقع السدود وغيرها، بحيث يتم تقليل مستوى التعرض أو الانكشاف لأثر الزلازل، وبالتالي الحد من أضرارها الممكنة.
  • الصفيحة التكتونية
ولفت الاستشاري الجيولوجي معروف عقبه في ندوة علمية أخرى إلى مخاطر الزلازل في المنطقة حيث أفاد أن الدول العربية في غرب آسيا تقع على الصفيحة التكتونية العربية، المجاورة للصفيحة الأفريقية من الغرب، وصفيحة الأناضول الشرقية من الشمال، وصفيحة يورآسيا (الإيرانية) والصفيحة الهندية من الغرب، مضيفا أن الصفيحة العربية تتحرك باتجاه شمال - غرب، بمعدل 10 إلى 15 مليمترا سنويا على حدود فالق البحر الميت، الذي يمتد من بحر العرب عبر منتصف البحر الأحمر، إلى العقبة والبحر الميت، فشمال الأردن عبر لبنان وسوريا، وصولا إلى جنوب تركيا حيث يلتقي ويصطدم بفالق صفيحة الأناضول الشرقية.

واستطرد: «تتحرك الصفيحة الأفريقية المجاورة باتجاه الشمال تقريبا، بموازاة حركة الصفيحة العربية، لتصطدم مع صفيحة الأناضول الشمالية... وهذه الحركة للصفيحة العربية مع الصفيحة الأفريقية هي من نوع الحركة الانزلاقية الجانبية على التوازي، ما يحفز حدوث الزلازل على امتداد فالق البحر الميت، ويؤدي إلى ابتعاد الصفيحتين إحداهما عن الأخرى نحو 5 مليمترات سنويا».


وأشار م. معروف عقبه إلى أن منطقتنا العربية في آسيا معرضة للزلازل «الضحلة العمق»، وهي من النوع الانزلاقي السطحي الأكثر ضررا على المباني والمنشآت، ما قد يسبب خسائر بشرية وضررا كبيرا للمنشآت والاقتصاديات الوطنية للدول وللمواطنين، إذا ما حدث زلزال بمقدار كبير، وما تترتب عليه من آثار اجتماعية سلبية وخيمة.

من جانبه، أوضح المهندس أوسان حيدرة حاصل رئيس قسم الجيوتكنيك في إدارة الخدمات الفنية في هيئة المساحة الجيولوجية في العاصمة عدن، إن المباني الخرسانية بشكل عام مصممة لمقاومة الأحمال العمودية كوزن الخرسانة والأسقف، والأحمال الحيّة كالأثاث والأشخاص، ولا تأخذ في الحسبان عادة القوى الجانبية الناتجة من الزلازل، مضيفاً: «إننا في منطقة امنة الى حدٍ ما من الزلازل».

وأضاف المهندس أوسان على أهمية عمل كود زلزالي للمباني والمنشآت يُلزم المقاولين بالتقيد به، يرتكز على وضع اشتراطات خاصة للبناء لتجنب الضرر الذي قد يحدث من الزلازل و الكوارث الطبيعية.


ومن الدراسات التي يجب عملها قبل إنشاء أي مشروع هي دراسة خواص التربة (الجيوتكنيك) في موقع المشروع لما لها من أهمية لتحديد عامل الأمان الخاص لكل منشأة وتساهم دراسة خواص التربة والصخور إلى حدٍ كبير في استقرار المنشأة أثناء حدوث الكوارث لا قدر اللَّه، وزيادة العمر الافتراضي للمنشأة. 

ومن خلال معرفة خواص التربة وتحديد مناطق العيوب والضعف فيمكننا عندها معالجة التربة بالشكل المناسب قبل البدء بتنفيذ أي مشروع لتجنب حدوث أي مشاكل أثناء عملية البناء أو بعد إتمام عملية البناء.
  • دور الفساد وإهمال الالتزام بالقوانين المستحدثة
فتح زلزال تركيا بابا واسعا للحديث عن دور الفساد، إذ أقدمت الحكومة التركية على فتح ملفات فساد كثير من المقاولين والمهندسين المعماريين، وعن الرداءة في إنشاء البنايات والشقق السكنية والغش في جودة مواد البناء المستخدمة فيها، حيث تحركت وزارة العدل التركية، بعد أيام من وقوع الزلزال، ونفذت السلطات حملة اعتقالات طالت أكثر من 100 مقاول في جميع أنحاء المقاطعات العشر المتضررة من الزلزال حيث تطولهم اتهامات بمسؤولية انهيار المباني.

وذكرت وكالة أنباء الأناضول الحكومية أن وزارة العدل التركية أمرت المسؤولين في تلك المقاطعات بإنشاء «وحدات للتحقيق في جرائم الزلزال»، كما أمرت بتعيين مدعين عامين لتوجيه تهم جنائية ضد جميع المقاولين والمسؤولين عن انهيار المباني التي أخفقت في تلبية القوانين الحالية المستحدثة بعد زلزال كارثي مماثل وقع عام 1999.

ووفق ما نقلته الوكالة عن وزير العدل بكر بوزداج، أخيرا، هناك 245 مشتبها به، تم اتخاذ إجراءات بحقهم، مضيفا أنه «يتم تقييم خطأ كل شخص مسؤول عن البناء والتحكم والاستخدام، بشكل منفصل».

ووضعت تركيا قوانين بناء جديدة بعد زلزال عام 1999، إلا أن السلطات التركية تعتقد بعدم التزام المقاولين في كثير من الأحيان بتلك القوانين والتشريعات التنظيمية، بهدف كسب مزيد من المال، باللجوء لمواد أولية رخيصة من بين أشياء أخرى. وأرجعت السلطات أسباب الدمار الهائل، الذي خلّفه الزلزال، لعوامل عدة. من الأبنية الشاهقة، إلى منح تصاريح بناء في عدة مناطق لم تستوفِ الاشتراطات.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى