​الزراعة.. سلاح المرأة في ريف اليمن لتوفير متطلبات العيش

> نبيل شايع:

>
اعتمدت أروى جلال، 30 عامًا، على راتب زوجها الشهري لسنوات، ولم يكن تأمين الأشياء الأساسية للعيش صعبًا. بعد أن نشبت الحرب في 2015، وانقطعت رواتب مئات الآلاف من الموظفين الحكوميين في 2016، تغيرت حياة أروى، وبدأت تجد صعوبة في توفير متطلبات العيش لها ولأطفالها الثمانية.

في عام 2017، اتخذت أروى مع زوجها قرارًا لبدء العمل في المجال الزراعي في الأرض التي ورثها الزوج عن أبيه في قرية مسعود بمديرية سنحان في صنعاء.
تقول أروى لـ ”المشاهد": "قررت أنا وزوجي أن نزرع الفراولة. لم يكن القرار سهلًا، بخاصة أن توفير المياه كان صعبًا".

لم تكن أروى آنذاك مزارعة محترفة، ولم تكن تعرف أساسيات العمل الزراعي بالرغم من أنها ولدت وترعرعت في الريف. لكنها بدأت التعلم من قريناتها في قريتها، وانطلقت مع زوجها في مهمة جديدة.
تسببت الحرب في اليمن بخسارة مصدر الدخل للعديد من الأسر، ما دفع الكثير من النساء في الريف اليمني إلى القيام بأنشطة زراعية مكثّفة، والاعتماد على بيع المحاصيل الزراعية لمواجهة الظروف الاقتصادية الصعبة.

بعد أشهر من العمل والزراعة، حصدت أروى وزوجها 20 سلة من محصول الفراولة، وباعته في الأسواق المحلية بـ180 ألف ريال، تلك البداية المثمرة كانت حافزًا قويًا لبذل المزيد من الجهد والاعتناء بالأرض.

منذ 2017، استطاعت أروى مع زوجها بيع كميات كبيرة من فاكهة الفراولة لمحلات بيع عصير الفراولة في العاصمة صنعاء، وتمكّن زوجها من شراء سيارة من الأموال التي ربحوها، تأمل أروى شراء حافلة كبيرة من أجل نقل  محصولها من مزرعتها إلى أسواق متعددة في مختلف المناطق اليمنية.
لا تُعد أروى حالة نادرة في المجتمع اليمني، بل هي مثال واحد للعديد من النساء الريفيات اللواتي لجأن للزراعة لكسب لقمة العيش ومواجهة الظروف الاقتصادية التي فرضتها الحرب خلال السنوات الماضية.
  • سميرة.. مزارعة البطاطس لـ 15 عامًا
سميرة، مزارعة في منطقة معبر في محافظة ذمار، تعمل في زراعة الأرض لمدة 15 عامًا. بدأت العمل في هذا المجال بعد أن أُصيب زوجها في حادث مروري، ولم يعد قادرًا على القيام بمهامه في المزرعة.
اليوم، تعمل سميرة في مزرعة بطاطا في منطقة معبر بمحافظة ذمار، ويعمل تحت إدارتها سبعة من العمال. تعترف بأنها واجهت صعوبات كثيرة في بداية رحلتها العملية في المزرعة، لعدم معرفتها الجيدة بأساليب الزراعة.

قبل أن يُصاب زوجها، كان يقتصر عملها على جلب المياه، وقلع الأشجار الضارة، وتجهيز طعامي الإفطار والغداء لزوجها، وللمزارعين العاملين معه.
تضيف سميرة لـ ”المشاهد": "بعد أن توليت إدارة المزرعة التابعة لزوجي، أصبح الحمل عليّ ثقيلًا. فإلى جانب تربية أولادي الثلاثة، كان عليّ أن أشارك في كل تفاصيل زراعة البطاطس، بدءًا من زراعة البذور، وانتهاءً بالحصاد، ومن ثم بيعه في الأسواق".

نجحت سميرة في مضاعفة إنتاج مزرعة زوجها، وجنت أرباحًا مالية كبيرة حققتها بعد بيع أطنان من محصول البطاطا خلال الأعوام الماضية، كما نجحت في الحصول على قروض من منظمات محلية أسهمت في دعم أعمالها الزراعية.
تقول سميرة إنها تطمح إلى توسيع الأرض الزراعية التي يمتلكها زوجها من خلال شراء أراضٍ أخرى، كما تطمح إلى زيادة أعداد المزارعين العاملين في مزرعة زوجها.

النجاح الذي حققته سميرة دفع الكثير من النساء في منطقة معبر إلى العمل في المجال الزراعي، بعد أن كان البعض منهن يعزفن عن العمل في مجال الزراعة. اتجهت بعض خريجات الثانوية أيضًا للدراسة في كلية الزراعة بجامعة ذمار.
أماني محمد، طالبة في كلية الزراعة بجامعة ذمار، تقول لـ ”المشاهد" إن سميرة أصبحت مثالًا للمرأة القوية التي استطاعت التغلب على منغصات الحياة في زمن الحرب.
  • الحاجة للتدريب
تشير دراسات صادرة عن البنك الدولي إلى أن 95 في المائة من النساء في الريف اليمني، يعملن بشكل دؤوب في الحقول الزراعية، الأمر الذي يتطلب زيادة التوسع في نشر الوعي أوساطهن.
نبيهة محضور، مديرة مكتب الزراعة بمحافظة ذمار، ترى أنه من الضروري أن يتم تدريب النساء المزارعات، وتزويدهن بمعارف استخدام التقنيات الحديثة في الزراعة بهدف تحسين الأداء ورفع الإنتاجية، وبهذه الطريقة سيتم الإسهام في زيادة الدور الريادي للنساء المزارعات  بشكل فعّال ومُنظّم.

وتقول محضور لـ ”المشاهد": "يجب إشراك النساء في البرامج الإرشادية والتدريبية، وتقديم القروض الميسرة لدعمهن من أجل إسهامهن في تحسين المستوى المعيشي لعائلاتهن، والتخفيف من حدة الفقر والتخفيف من الأعباء الكبيرة التي يتحملها الرجل".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى