القاهرة والحكومة اليمنية تتجاوزان "خلافات" سد النهضة الإثيوبي

> ​القاهرة "الأيام" العرب:

> أوقفت زيارة وزير الخارجية اليمني وشؤون المغتربين أحمد عوض بن مبارك الخميس تداعيات قاتمة خلفتها تصريحاته الداعمة لموقف إثيوبيا من سد النهضة، والتي أغضبت السلطات المصرية. لكنها لم تفلح في معالجة أزمة تنظيم دخول اليمنيين إلى الأراضي المصرية لأن الإجراءات التي اتخذت مؤخرا في هذا المجال بيد الجهات الأمنية.

وأعرب الوزير اليمني خلال لقاء جمعه في القاهرة مع وزير الخارجية المصري سامح شكري عن دعم بلاده “الكامل لمصر وأمنها القومي في مواجهة أية تحديات، وفي مقدمتها أمن مصر المائي باعتباره جزءًا لا يتجزأ من الأمن القومي العربي”.

وشددت مصادر يمنية لـ”العرب” على أهمية الفصل بين تصريحات بن مبارك التي فهمت على أنها بمثابة دعم سياسي لموقف إثيوبيا، وبين أزمة دخول اليمنيين إلى مصر، وأن الدوائر التي ربطت بينهما غرضها تحميل الحكومة اليمنية المسؤولية وزيادة حدة الغضب عليها أو حثها على التدخل لدى القاهرة للعودة إلى ما كانت عليه سابقا.

وأوضحت المصادر ذاتها أن تصريحات أحمد بن مبارك لم يكن الهدف منها التحامل على مصر لصالح إثيوبيا، بل إقناع حكومة أديس أبابا بضرورة تعيين سفير يمني فيها، حيث لا يوجد سفير حتى الآن، وأراد الوزير اليمني مجاملة إثيوبيا بصورة غير لائقة دبلوماسيا، ناهيك عن توقيت الزيارة المثير وهو يعلم أنها غير مرحب بها من القاهرة.
وطالبت المصادر اليمنية السلطات المصرية بالبحث عن معالجة خلّاقة لتصرفات فردية سلبية يلقاها يمنيون أثناء رحلات الترانزيت، حيث تنقل صورة خاطئة عن مصر التي يكن لها اليمنيون كل التقدير، وذلك بعد بث فيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي تشير إلى تعنت بعض الموظفين في مطار القاهرة على يمنيين.

والخميس أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري على دعم بلاده للحكومة اليمنية الشرعية ومساعي تمديد الهدنة الأممية وتشجيعها لكافة الجهود الرامية إلى إيجاد حل سياسي شامل ومستدام، يكون محل توافق من قبل مختلف الأطياف اليمنية ويحافظ على وحدة البلاد وتماسك مؤسساتها الشرعية ويبقي اليمن في محيطه العربي.

وسلم وزير الخارجية اليمني الوزير المصري رسالة خطية من رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي إلى الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي حول العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل مواصلة تعزيزها على شتى المستويات.

واستعرض بن مبارك مستجدات المشهد اليمني والجهود الجارية من أجل التوصل إلى حل سياسي للأزمة اليمنية، مؤكدا تقدير بلاده للموقف المصري الثابت الداعم للشرعية في اليمن وجهود التوصل إلى تسوية سياسية تعيد الأمن والاستقرار إلى البلاد.

وأعرب الوزير اليمني عن تطلعه إلى انعقاد اللجنة المشتركة بين البلدين وآلية التشاور السياسي على مستوى وزارتي الخارجية لضمان الارتقاء بمستوى العلاقات الثنائية ومتابعة تطورها، وهو ما كان محل ترحيب من الوزير شكري.

ونفى سامح شكري في وقت سابق أن تكون الإجراءات التي اتخذتها القاهرة مرتبطة بزيارة وزير الخارجية اليمني إلى إثيوبيا أو لها علاقة بموقف سياسي معين، وهي “إجراءات تنظيمية بسبب استغلال البعض للإقامة الدائمة وما ينجم عنها من تبعات سلبية على مصر”.

وأعلنت السفارة اليمنية في القاهرة أيضا أن السلطات المصرية أجرت تحديثات بشأن نظام الدخول والإقامة للوافدين من جميع الجنسيات بمن فيهم اليمنيون، تضمنت شروط الحصول على تأشيرة دخول مسبقة أو موافقة أمنية للقادمين ضمن الفئة العمرية 16 - 50 عاماً أو حمل تقارير طبية من مستشفى مصري حكومي للوافدين من أجل العلاج.

ومُنع عشرات المسافرين اليمنيين من دخول الأراضي المصرية قبل أيام بعد وصولهم على متن رحلة طيران اليمنية رقم 601، تطبيقاً للإجراءات الجديدة التي تشترط تقارير طبية صادرة عن مستشفيات حكومية في مصر.

وكشفت شركة الخطوط الجوية اليمنية أن التعميم الصادر عن السلطات المصرية وصل إليها بعد أن أقلعت الرحلة 601 من مطار عدن إلى القاهرة، لكن صور اليمنيين في المطار انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي وجرى تحميلها مضامين سياسية.

وحاول بن مبارك احتواء الأزمة سريعا، لافتا إلى وجود حملة إعلامية منظمة تستهدفه للإساءة إلى العلاقات التاريخية مع مصر من خلال “فبركات لا أساس لها من الصحة”.

وفي الوقت الذي قوبلت فيه تصريحات وزير الخارجية اليمني بانتقادات من قبل مواطنين يمنيين، نشر الإعلامي والبرلماني المصري مصطفى بكري تغريدة على صفحته في تويتر، اعتبر فيها الإجراءات المصرية رداً على تصريحات بن مبارك في أديس أبابا.
وطالب بكري الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بـ”فتح أبواب مصر لكل الأشقاء دون تفرقة، ومنحهم العديد من التسهيلات”، مؤكداً أن بلاده أكبر من أي تصرف يقوم به مسؤول أدانه اليمنيون أنفسهم.

وأعلنت الحكومة اليمنية مبكرا أنها تتواصل مع السلطات المصرية لتسهيل دخول وإقامة اليمنيين على أراضيها بعد أيام قليلة من الإجراءات التي اتخذتها بحق الوافدين.

وناقش مجلس الوزراء اليمني في اجتماع برئاسة معين عبدالملك في عدن مؤخرا الإجراءات المصرية لتنظيم الدخول والإقامة وإمكانية تسهيلها، لاسيما أن مصر هي الوجهة الأولى لليمنيين واستقبلتهم بكل ترحاب، مشيدا بعلاقات التعاون والأخوة المتميزة التي تربط بين البلدين والشعبين، والمواقف التاريخية لمصر تجاه اليمن.

ويقول متابعون إنه قد يكون جرى احتواء أزمة تصريحات وزير الخارجية اليمني حيال إثيوبيا بتصريحات جديدة مؤيدة لموقف مصر المائي، غير أنها كشفت عن الحساسية التي يمثلها هذا الملف للقاهرة، والذي يمكن أن تستغله إثيوبيا لاحقا.

ويشير هؤلاء المتابعون إلى أن أزمة إجراءات دخول الأراضي المصرية يصعب حلها لأنها نابعة من تقديرات أمنية، ولا تستهدف اليمنيين في حد ذاتهم، فهناك مئات الآلاف من الأشخاص الذين يعيشون في مصر ويدخلون ويخرجون منها بلا أضرار مادية أو معنوية.

وتخشى دوائر سياسية اتساع نطاق حملة رواد يمنيين لمواقع التواصل الاجتماعي وما تمثله من ضغط على القاهرة إذا تضامنت معها جاليات عربية تضررت أيضا من الإجراءات المصرية، في تجاهل لما يتمتع به أبناء الجاليات المختلفة من أمن واستقرار في مصر.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى