انقسام صنعاء حول دور السعودية في اليمن: وسيط أم طرف في الحرب

> عدن "الأيام" العرب:

> ​قالت مصادر قريبة من الحراك الإقليمي الذي يجري في صنعاء لإبرام تسوية سياسية في اليمن بحضور وفدين سعودي وعماني، إن أجواء الحوار شهدت بروز العديد من التعقيدات نتيجةً لتراجع الحوثيين عن عدد من القضايا التي سبق أن أبدوا موافقتهم عليها فيما يتعلق بتفاصيل الاتفاق المزمع توقيعه بين الحوثيين والحكومة الشرعية اليمنية.

وأعلنت قيادات حوثية بارزة رفضها التعامل مع الرياض كوسيط في الأزمة اليمنية، مشددة على ضرورة أن تكون السعودية طرفا رئيسيا في أي اتفاق يتم التوقيع عليه مع الحوثيين، في الوقت الذي جددت فيه قيادات حوثية تهديداتها باستئناف الحرب ومهاجمة المصالح الاقتصادية السعودية، في محاولة للابتزاز ورفع سقف المطالب في الساعات الأخيرة من زمن المباحثات.

ويتزامن هذا مع بيان للمجلس الانتقالي الجنوبي يذكّر فيه المجتمعين في صنعاء بأنه طرف رئيسي في أي مسار نحو الحل السياسي الشامل، وأن لا خيار سوى حل الدولتين، في رد واضح على الاهتمام الإعلامي الذي أوحى وكأن الحل في صنعاء دون سواها.

ووفقا لمصادر “العرب” اضطر وفد الوساطة العماني إلى إجراء مباحثات إضافية مع عدد من قادة الجماعة الحوثية الذين أبدوا موقفا مناهضا لبعض تفاصيل الاتفاق مثل محمد علي الحوثي ورئيس هيئة الاستخبارات العسكرية أبوعلي الحاكم.

وأشارت المصادر إلى أن حالة الانقسام التي تسربت إلى وسائل الإعلام وكشفت عنها تصريحات بعض القيادات الحوثية، تسببت في عرقلة جهود وضع اللمسات الأخيرة على الاتفاق بين رئيس الوفد السعودي وسفير الرياض لدى اليمن محمد آل جابر ورئيس ما يسمى المجلس السياسي الأعلى للحوثيين، مهدي المشاط.

 وفي أول تصريح له منذ وصوله إلى صنعاء، كشف السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر عن طبيعة الزيارة التي يقوم بها، مشيرا إلى أنها تأتي “استمرارًا لجهود المملكة لإنهاء الأزمة اليمنية ودعمًا للمبادرة التي قدمتها المملكة في 2021”.

وأضاف في تغريدة على تويتر” أزور صنعاء وبحضور وفد من سلطنة عمان الشقيقة بهدف تثبيت الهدنة ووقف إطلاق النار ودعم عملية تبادل الأسرى وبحث سبل الحوار بين المكونات اليمنية للوصول إلى حل سياسي شامل ومستدام في اليمن”.

ونشر القيادي في الجماعة، محمد علي الحوثي، سلسلة من التغريدات التي تعبر عن رفض الجماعة التعاطي مع الجهود السعودية كوساطة لإنهاء الحرب، في موقف اعتبره مراقبون محاولة لتقاسم الأدوار داخل الجماعة لرفع سقف المطالب في اللحظات الأخيرة.

وقال الحوثي، وهو عضو المجلس السياسي الأعلى للجماعة، “عند كل جولة مباحثات يعمد العدو إلى ضخ التسريبات والإشاعات بغية هز الجبهة الداخلية وشيطنة المدافعين عن الوطن”، مضيفا “الحوار مع السعودية باعتبارها من تقود العدوان بعد أميركا، وهو قائم على هذا الأساس، ونتائجه ستعلن للشعب اليمني عبر القنوات الرسمية”.

ولفت الحوثي إلى أن “الحوار لم يبرح الملف الإنساني، وفي مقدمته الرواتب التي ظل قطعها أحد أسلحة التحالف لتدمير الدولة اليمنية ومعاقبة الشعب اليمني”، وتابع “حاضرون لكل الخيارات، إن أرادوا السلام فنحن أهل السلام وإن أرادوا الحرب فقد جربونا 8 سنوات”.

وتعليقا على تصريحات القيادات الحوثية المتضاربة، أشار الباحث السياسي اليمني يعقوب السفياني إلى قيام الحوثيين بتصدير شخصية محمد علي الحوثي إلى أنصارهم كشخصية ثورية تعكس الوجه الصدامي للجماعة، حيث حرص الرجل طيلة السنوات الماضية على إصدار التصريحات عبر حسابه في منصة تويتر لامتصاص غضب وسخط الأنصار والموالين للحوثيين في المناطق التي يحكمون عليها سيطرتهم.

واعتبر السفياني في تصريح لـ”العرب” أن “تصريحات محمد علي الحوثي وغيره من قادة الحوثيين مثل محمد البخيتي تأتي لمحاولة التأكيد على مواقف الجماعة من جهة وللابتزاز السياسي من جهة أخرى؛ فهذه التصريحات تتزامن مع محادثات مكثفة في صنعاء يقودها الوفد العماني الوسيط بين الحوثيين والسعودية التي تحاول هي الأخرى تثبيت نفسها كوسيط لا كطرف في الأزمة، وهو دور حرصت المملكة على تأكيده منذ 2015 حتى مع قيامها بعملية عاصفة الحزم العسكرية”.

وفي محاولة للتناغم مع المواقف الحوثية المتباينة إزاء اتفاق تمديد الهدنة الأممية، ورفض التعامل مع الدور السعودي كوسيط بل كطرف في الحرب، لوح القيادي في الجماعة الحوثية محمد البخيتي بعودة الحرب في حال انهارت المفاوضات دون تلبية الشروط الحوثية.

وقال البخيتي في تغريدة على تويتر “إذا لم تنجح المفاوضات الجارية في صنعاء بوساطة عمانية فإن هذا يعني عودة الحرب بين طرفي الصراع بشكل أكثر ضراوة؛ حيث سيعاود الطيران السعودي قصف اليمن وستعاود القوات الجوية والصاروخية اليمنية قصف السعودية، فهل من المقبول عقلا تسمية السعودية وسيطا؟”.

وفي السياق ذاته نشر رئيس مجلس إدارة وكالة الأنباء اليمنية سبأ في نسختها الحوثية ونائب رئيس الهيئة الإعلامية للحوثيين، نصرالدين عامر، تغريدة على تويتر تتضمن تهديدا باستئناف الحوثيين الهجمات على منشآت شركة أرامكو السعودية.

وكتب “من سيرعى الصلح بين البركان اليمني وأرامكو السعودية”.

ولا تقف الصعوبات التي تعترض مسار التسوية عند مناقشة مسألة ما إذا كانت السعودية وسيطا أم طرفا، فقد شدد المجلس الانتقالي الجنوبي في بيان له على أنه لن يتنازل عن مطالبته باعتماد خيار “حل الدولتين”، وأنه شريك في أي حل، في رسالة واضحة إلى المجتمعين في صنعاء بأن مسار التهدئة السعودي – الحوثي لا يمكن أن يكون على حسابه.

وأعلن المجلس الثلاثاء أنه “لا يسعى للانفصال بل لاستعادة دولته كاملة السيادة”، معتبرا أن ذلك “هدف إستراتيجي لن يتراجع عنه تحت أي ظرف”.

جاء ذلك في بيان بختام اجتماع عقدته هيئة رئاسة المجلس الانتقالي في العاصمة المؤقتة عدن (جنوب)، تزامنا مع جهود دولية وإقليمية لإنهاء الأزمة اليمنية.

وقالت الهيئة في البيان إن ” (خيار) حل الدولتين (جنوبية وشمالية) هو الطريق الوحيد للحل الشامل وتحقيق السلام والأمن والاستقرار الدائم في المنطقة”.

وتخضع محافظات جنوبية، هي عدن وشبوة وسقطرى ومعظم أبين، لسيطرة قوات المجلس الانتقالي الذي يطالب بانفصال جنوب اليمن عن شماله ويتهم الحكومات المتعاقبة بتهميش وإقصاء المناطق الجنوبية سياسيا واقتصاديا.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى