حرب اليمن.. كيف تصارع النساء في كل يوم من أجل البقاء؟

> «الأيام» بي بي سي:

>
تقدر الأمم المتحدة أن نساء مثل أم عادل هن المعيلات الرئيسيات في كل واحدة من بين ثلاث أسر نزحت بفعل القتال.

تحكم أم عادل قبضتها على قطعة الحجارة الخشنة التي بيدها وتتأهب للدفاع عن نفسها، فهناك كلاب ضالة تتضور جوعا والكثير منها مصاب بداء السعار في الشارع المظلم الذي تمشي فيه.

تقول أم عادل: "قلبي يرتجف مع كل خطوة أخطوها لأنني أخاف أن تهاجمني الكلاب، لا توجد مصابيح، وكافة المنازل مغلقة، لذا لن يساعدني أحد، أحاول أن أمشي الهوينا لكي لا تسمعني الكلاب".

تعيش أم عادل في العاصمة اليمنية صنعاء، وتواجه الأسر التي تعولها نساء - مثل أم عادل - أعلى مستويات من حالة انعدام الأمن الغذائي، حيث تعمل نسبة ضئيلة للغاية من النساء اليمنيات خارج منازلهن.

نزحت أم عادل من مدينة تعز في شمال غرب البلاد التي يحاصرها الحوثيون وفي منزلها الصغير، توجد أغراض أم عادل مكومة على الأرض المغطاة بالتراب، وقد حزمت تلك الأغراض في حقائب تحسبا لأن تضطر وأبناؤها الأربعة إلى أن يرحلوا مرة أخرى.

ليس هناك أثاث، لذا ينام أفراد الأسرة على فُرُش موضوعة على الأرض، وليست هناك أية صور على الجدران الصفراء المتقشرة، أو أي من وسائل الراحة المنزلية، إنه ببساطة مجرد ملجأ تحتمي به الأسرة للبقاء على قيد الحياة.

كما أن هناك نقصا في سلال الغذاء التي توزعها المنظمات الخيرية، تقول أم عادل إنها حصلت على سلة واحدة فقط حتى الآن، رغم أنها حاولت مرات عديدة تسجيل اسمها للحصول على مساعدات.

تقول: "اضطر إلى البحث عن الحطب لكي أوقد نارا أطبخ عليها الأرز، غالبية الطعام الذي نأكله غير كامل النضج، وهذا كل ما أستطيع إليه سبيلا، كما أن ابني مريض بالتشنجات، وليس بإمكاني تحمل نفقات شراء دواء له".

ورغم أن الحياة صعبة للغاية في صنعاء، فإن أم عادل تشعر بالأمان هنا مقارنة بمدينة تعز، موطنها الأصلي، فالقوات الحوثية تحاصر المدينة الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية منذ بدء الحرب، ما أدى إلى عزلها عن باقي أنحاء البلاد.

تقول أم عادل: "الأوضاع هناك خطرة، وقد أصبح الناس همجيين يكرهون بعضهم بعضا، حاولت البقاء هناك لكي يكون أطفالي قريبين من العائلة، لكنني لم أستطع الاستمرار لأن أحدا لم يكن يساعدني".

ووفقا لإحدى المنظمات غير الحكومية الناشطة في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان والمرأة في اليمن، فإن أكثر من 10 ملايين سيدة وفتاة كنّ بحاجة إلى تلقي المساعدات في عام 2021.

تقول معين سلطان العبيدي المحامية والناشطة في مجال حقوق الإنسان من مدينة تعز، إنها ليس لديها أدنى شك في أن النساء يتحملن العبء الأكبر من تبعات الصراع.

وتضيف: "الكثير منهن شُردن وفقدن معيلي أسرهن، ويضطر الأهل إلى تزويج بناتهم في سن صغيرة بسبب الموقف المالي الصعب، وقد فقدت الكثير من النساء أبناءهن وأزواجهن أولادهن وإخوانهن، وبالنسبة لهؤلاء اللاتي يعانين في المخيمات، ليس هناك من تعليم أو رعاية صحية كافية"، كما أنها قلقة على سلامة النساء في حياتهن اليومية.

تقول: "في بداية الحرب، قُطعت إمدادات المياه، لذا اضطرت النساء إلى الذهاب إلى آبار بعيدة عن منازلهن لجلب المياه منها وحملها لأميال على رؤوسهن".
"وقطعت إمدادات الغاز، لذا اضطرت النساء إلى السير لمسافات طويلة لجمع الحطب، وفي المناطق الملغمة، فقد العديد من النساء أرجلهن أو أذرعهن في انفجارات، بينما كن يجمعن العصي والحطب كي يوقدن نارا ليطعمن أطفالهن، إنها حرب أتت على كل شيء".

وقد قتل أو جرح ما لا يقل عن 109 امرأة في مناطق الرعي والمزارع منذ بداية الصراع في أواخر عام 2014، وفق بيانات جمعتها اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان، وهي جماعة مراقبة شكلتها الحكومة بدعم دولي.

يقول أصحاب محلات البقالة في صنعاء إن ارتفاع أسعار الغذاء أثر على الناس بشكل كبير في كل يوم، يستطيع مجاهد كمال الذي يمتلك محل بقالة صغير في صنعاء، أن يرى كيف أصبح الموقف صعبا للغاية بالنسبة لزبائنه.

يقول مجاهد: "الناس هنا فقراء للغاية، ويعانون من الجوع والاكتئاب، نفقات النقل والنفط والضرائب تجعل كل شيء باهظ الثمن إلى درجة يصعب تحملها".

العثور على ما يكفي من الطعام يعتبر أحد أكبر المشكلات التي يواجهها اليمنيون، وخطر المجاعة حقيقي للغاية.

يقول مجاهد إن الناس في اليمن يشترون السلع بشكل مختلف الآن: "عادة ما يكون لديهم ما يكفي من المال لشراء طعام يوم واحد فقط، والاحتياجات الأساسية هي فقط ما يستطيعون تحمل ثمنه، سلع مثل القمح والدقيق والزيت والسمن".
وتعرف أم سعيد هذا الصراع اليومي جيدا.

أم سعيد هي المعيل الرئيسي لبناتها وأحفادها، حيث ذهب أولادها للقتال في صفوف المتمردين الحوثيين.

تعيش أم سعيد مع أسرتها في صنعاء منذ بدء الحرب، وهي في الأصل من مديرية رازح، وهي منطقة في محافظة صعدة الشمالية بالقرب من الحدود مع السعودية، وتتذكر اللحظة التي اضطرت فيها إلى مغادرتها هي وأولادها الأربعة وبناتها الثلاث.
تقول: "تعرض بيتنا للقصف في غارة جوية ودُمر تماما، كل ما تبقى منه هو الرماد والتراب".

"إننا نعيش بالفعل في رعب كل يوم لأن الكثير من الأماكن في منطقتنا تم استهدافها، لقد فقدنا بيتنا ودكان البقالة الصغير الذي كان يمتلكه زوجي، واضطررنا لبعض الوقت قبل أن نأتي إلى صنعاء إلى العيش في كهوف لجأنا إليها في الجبال.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى