العملة الوطنية.. إلى أين؟

> بقدر ما نرحب ونحيي لقاء الرئيس رشاد العليمي بقيادة البنك المركزي، ذلك الذي تم إثر دعوة الأخ الرئيس لقيادة المصرف واللقاء الذي تم بمقر رئاسة المجلس الرئاسي، نراها دعوة موفقة نأمل لها التوفيق والنجاح، إذ نراها تعكس قلقا وتطلعا لمعرفة خبايا ما يحيط بالوضع المالي والنقدي للدولة وجهازها المالي والمصرفي، وما يحيط بهما من خلل وعجز واضطراب وعدم استقرار، تتابعت فصوله مع سلبية قرار نقل البنك المركزي إلى عدن مع ما رافق سلبا تلك الرحلة من وجود بنكين مركزيين للبلد في أوضاع تزداد اضطرابا وعدم استقرار، انعكست سلبا على مكانة وقوة وقيمة سعر العملة الوطنية الريال بأسواق التداول، وهي أساسا أسواق مشوهة لم يلحظ خلالها الاقتصاد الكلي للبلاد قيام الدولة بأي إصلاحات بنيوية وفق مخططات مدروسة تعيد توليد عنصر الثقة كعنصر أهم للاستقرار الاقتصادي، وبالتالي استقرار الأسواق ومنها أسواق سعر الصرف.

لم تكن السياسات النقدية برفع أسعار الفائدة أساسا، أو السياسات المالية لوزارة المالية وغياب ميزانياتها، ومستويات العجز السنوية إلى إجمالي الناتج المحلي الإجمالي مع ما رافق الكثير من بنود الصرف من غموض وما رافق أيضا السياسات الضرييبة من غموض وتضارب ومفاجآت، لذا نرى أن لقاءً كهذا يعد موشرًا على يقينية أن الأمر بات ما هو أكثر من الثناء وتبادل بعض كلمات الملاطفة إلى مرحلة تتسم بالجدية وطرح التساؤلات والبدائل التي بات أمرها ضرورة لا بد منها، خاصة مع وجود وتغول الدور السلبي.


لثلاث من العوامل التي أجهزت ولا تزال تجهز و تخنق أي بادرة لإمكان تحسن سعر العملة الوطنية الريال، والاقتصاد الوطني برمته وهذه العوامل هي:

العامل الأول: تعيش البلد واقتصادها حالة حرب طالت وأجهزت على الموارد وتخصيصها ومعلوم أن لاقتصاد الحرب معاييره وسياساته بدونها يدخل اقتصاد أي بلد مستقر حالات اضطراب ما بالك بوضع كوضع بلادنا يعيش حالة من التشظي والانقسام.

العامل الثاني: تعيش البلد حالة من الدولرة التي تحيل العملة الوطنية كمعيار تدوال للتنازل قصرا عن هذا الدور.

العامل الثالث: وجود عجز هيكلي بكافة موازين الاقتصاد الوطني ميزان المدفوعات الميزان التجاري ميزان المعاملات الجارية، تلك العوامل الثلات لعبت وما تزال تلعب دورا سلبيا في تآكل رصيد الثقة، ليس فقط بقوة وقيمة العملة الوطنية ولكن بقدرة الآليات المنظمة للمسارات الاقتصادية إنماءً واستثمارًا على اكتساب أسواق رأس المال، تولد استثمارًا جديدًا وحيدًا بعيدًا عن فهلوة المضاربات بقطاعات مشوهة وأسواقات أكثر تشوها، لا تتوالد من خلاله إلا ظاهرة اقتناص وتحين للفرص لتقفز المخالب والمكامع للمضاربين ونشاطاتهم ليشكلوا العنوان الأساس لمجربات السوق استيرادًا وتسويقًا واستثمارًا في قطاعات خارج قطاع الإنتاج الحقيقي، إنما الهم والهدف السعي والبحث عن ما يسمى البحث عن اقتناص الفرص السانحة، واقتناص اللحظة للقفز لقطف الثمرة في منافسة غير شريفة وكل ذلك يتم خارج معايير الاقتصاد الكلي الوطني السليم، إذ يتحول معها السوق وأنشطته إلى سوق مضاربات واقتناص فرص متطاحنة تثري القلة ويتشوه السوق غلاءً وفسادًا ودمارًا.

لم يعد لدينا ما يرفد السوق بحاجاته من النقد الأجنبي "دولار... ريال سعودي" بات لدينا بالسوق عنوانا بارزا "الدولرة والسعودة" لتحل محل العملة الوطنية ظاهرة تجابهك بالسوق أينما وليت وجهك صوب المسجد الحلال، وهنا ندخل حالة من دراما القتل والإنهاك لأمرين:

المواطن صاحب الدخل المحدود، وتآكل سعر الريال، بل نبذه وطرده من التداول بالسوق الوطني، ذاك يتطلب ما هو أكثر من الملاطفة إلى ساحة المواجهة بأسلحة لا أعتقد أن قيادة المصرف لا تدركها.

كلنا على دراية كاملة بأن صادراتنا سلعا وخدمات تأثرت تأثرا بالغا بلعبة الحرب المستمرة، مما أثر سلبا على موقف الميزان التجاري، وميزان المدفوعات مما ولد وضعا جدا جدا حرج بل خطير، البنك المركزي وما يعيشه من ظروف قاهرة جعلت نشاطه الأبرز مرتبطا بالودائع تحت أي قيمة تكون، أو أي وصفة تأتي بها، ونراه وهو يسعى للسيطرة على ظاهرتي التضخم وسيل العرض النقدي المختل، يتدخل دوما شاريا للعملة الوطنية الريال كي يرفد ويغطي احتياجاته واحتياجات ميزانية الدولة من مصروفات، هذا خلل خطير نكاد نقول الأخطر، قد يذهب إلى ما هو أسوأ من مواجهة جملة سياسات


أكثر رشدا وتأثيرا بدلا من الانكفاء لساسية القيام بأسبوعية المزادات.

فقط تلك لم تحدث أثرا بعد بل أبقت سعر تبادل الريال كما يحدده المضاربون الذين يدركون بعيون فرسان السوق السوداء والصفراء والبيضاء متى يحركون أسعار الصرف بيعا وشراء حيث هم على بينة من أن الصورة قاتمة حيث:

- لا صادرات ترفد السوق بالمزيد من النقد الأجنبي.

- لا صادرات.. بترول وغاز فقد ضربتهما رياح الحرب بمقتل.

- لا دخل مطلقا مما يسمى سياحة، عائداتها صفرية بل بات لدينا سياحة معاكسة تسحب من الرصيد المتهالك للنقد الأجنبي المتاح بالسوق المتهالك وكما يحدد اتجاهات سعره المضاربون.

يبقى لدينا المتاح تحويلات المغتربين وهذه تذهب أيضا أدراج الرياح، أما لسوق تديرها شبكات سوق سوداء، مركزها صنعاء، أو مضاربون وليس صيارفة يتحينون الفرص عبر لعبة سيرك سوق تلتهم وتظل تتحين الفرص خلال مواسم أعياد، سواء تحويلات واردة لأغراض الأعياد يشترونها بأسعار يحددونها خارج رقابة المصرف ويحجمون عن البيع وقتما يرغبون، وهذه الأيام هناك شحة في التحويلات الآتية من الخارج مع وجود طلب ضاغط بسبب موسم الحج إذن هناك مسعى جهنمي للبعض، يسعون جنونا يكسبون الملايين ويخسر البلد وناسه جراء ذلك ملايين الملايين عبر التلاعب بأسعار العملة طالما هناك تزايد في الطلب يعكس حالة هلع على للقيام بتأدية مناسك الحج المبارك بأي ثمن يحدده المضاربون.

زيارة الأخ الرئيس العليمي تضع عربة القطار في الاتجاه الصحيح، خطوة صحيحة، لكنها مجرد خطوة تتطلب معها المزيد من الخطوات المدروسة لاستكمال متطلبات الحل السياسي الشامل للأشكال الاقتصادية الأكثر تعقيدا وصعوبة، طبعا ذاك بالضرورة يحتاج لوقت، ولكن ما يمكننا قوله للأخوة أعضاء المجلس الرئاسي إن الوقت والضرورة يتطلبان خطوات هامة وضرورية نذكر أهمها:

أولا : توافق حقيقي حول ملفات الأمن والأولويات.

ثانيا: توافق على خدمة الاقتصاد عبر تعزيز عناصر الثقة بينكم، لا اقتصاد مخنوق بتناقضات السياسات المتباينة التي تحكم وتدير أموركم.

ثالثا: حشد الموارد المالية أيا كانت وتدفقها لوزارة المالية والبنك المركزي يعتبر مدخلا بل يعتبر أحد الأسس التي تحمي الناس وتحمي عملتهم الوطنية من التذبذب والانهيار.

رابعا: أوقفوا -لو سمحتم وتكرمتم- لصالح الناس والبلاد واقتصادها وأمنها، أوقفوا فورا أي تضارب للإصلاحيات، أوقفوا فورا فرض أي جبايات تحت أي مسمى يكون ،في أي بقعة تكون خارج النظام والقانون.

تلك عناوين تساعد السياستين المالية والنقدية الغائبتين بشكل أو بآخر، احرصوا على وحدة السوق فلا اقتصاد وطني حقيقي في سوق منقسم.

نأمل أن نرى نتائج مثمرة لهذا اللقاء مع قيادة البنك المركزي، تلك رسالتنا هي أكثر من تطلع وأمنية نكاد نقول إنها مسؤولية تشاركية مع جهودكم كي تخرج بلادنا واقتصادها العليل وعملتها المنهارة من النفق المظلم، الذي بات ثقيلا علينا البيات فيه دونما بصمة أمل ذلك ما نأمله ونرجوه.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى