هل كان الجنوب بحاجة للحرب كي ينتصر؟

> يقال طبيا إن سموم الأفاعي يمكن أن تستخدم في بعض الأوقات كأمصال لعلاج الكثير من الأمراض لدى الإنسان، وهكذا هو الحال مع الأفاعي البشرية حيث يمكن أن تستخدم سمومها لعلاج الأمراض لدى الأوطان والإنسان معا.

هذا ما حدث في الجنوب فعلا بعد عقود من الاحتلال والاستبداد المفروض بقوة حرب 94،وبعد أن تحول ذلك الاحتلال والاستبداد إلى مرض ينهش في جسد الجنوب وفي أجساد شعبه، جاءت حرب مارس 2015،التي شنها تحالف صالح الحوثي لتعيد الحياة من جديد لجسد الجنوب المريض والمنهك، بعد ثلاثة أشهر من المقاومة الباسلة داخل العاصمة عدن ومدن ومناطق الجنوب المجاورة.

هل كان الجنوب بحاجة للحرب كي ينتصر؟ نعم كان بحاجتها تماما. وهل استدرج صالح والحوثي لدخول عدن؟ نعم استدرجوا تماما. من الذي استدرجهم؟ اجزم أن الله هو من استدرجهم إلى تلك المعركة في عدن والجنوب ليضع حدا للاحتلال والظلم الذي عاناه الجنوبيون منذ عقود.
  • كيف حدث ذلك؟
لم تكن هناك من إمكانية لاستعادة الجنوبيون لأرضهم إلا عبر حرب ثانية وجديدة،وهو ما كان في العام 2015، ففيما اعتبر صالح والحوثي أن حربهم تلك هي للانقضاض على الجنوب مرة اخرى، عبر غطاء ملاحقة هادي والإصلاح والدواعش، كانت الحرب في الأساس استدراج لصالح وحليفه من حيث لا يدرون، لانه كانت هناك ما تزال ألوية ومعسكرات صالح في عدن ومناطق الجنوب الأخرى، كما هي منذ الحرب الاولى صيف 94، ولم تكن هناك من إمكانية لا سقاط هذه الترسانة العسكرية وطردها من الجنوب الا بحرب جديدة يتوحد فيها الجنوبيون جميعا، وهو ما حدث في 2015، فعلى الرغم من سقوط صالح عن الحكم إلا أن ترسانته العسكرية وأجهزته الأمنية الاستخباراتية، ظلت موجودة بعدن والجنوب، وكان الإصلاح يتعامل معها باعتبارها تركة ورثها من صالح ووفر لها الحماية من خلال وجوده في السلطة عقب ثورة الشباب فبراير 2011، وكان الاصلاح يريد السيطرة عليها لاستخدامها ضد الحراك والجنوب كما استخدم الأمن المركزي ايام محافظ عدن الأسبق وحيد رشيد.

لقد استدرج صالح فعلا إلى الحرب، والدخول إلى عدن ومناطق الجنوب المجاورة، لتاتي المقاومة الشعبية الجنوبية وبدعم من التحالف العربي، وخلال ثلاثة أشهر من القتال لتنهي كل أحلامه وآماله في البقاء والسيطرة على الجنوب، وتطرد جميع قواته ومعسكراته وأجهزته التي هربت معظمها من ميدان المعركة وبعضها استمر في الحرب داخل عدن حتى أنهكت وهزمت ،وتسبب هزيمة هذه القوات وخروجها من عدن ولحج والعند وأبين وشبوة والضالع إلى إنهاء ايضا احلام كل القوى الشمالية من البقاء والسيطرة على الجنوب بما فيها الحوثي و الاصلاح، وليضع بعدها الجنوبيون أياديهم على أرضهم وبلدهم بعد ثلاثة عقود من النضال والثورة والمقاومة.

نعم، لقد كان الجنوب بحاجة لهذه الحرب ليحرر عدن ومحافظات جنوبية عديدة من القوات الشمالية المحتلة، وليعيد بمساعدة التحالف العربي بناء ألوية عسكرية وأجهزة أمنية جديدة باتت تعرف اليوم بالقوات المسلحة الجنوبية،امنية وعسكرية.

والمحافظات التي ما تزال فيها قوات شمالية كوادي حضرموت والمهرة، هي في طريقها إلى التحرير وخروج هذه القوات بالسلم أو بالقوة، فلايمكن لهذه القوات أن تستمر في ظل الرفض الجنوبي الرسمي والشعبي لها.

إذن الجنوب يهزم جميع خصومه دفعة واحدة، صالح وحزبه، والحوثي والإصلاح، ويمضي في ترتيب بيته الداخلي من كافة النواحي سياسيا وعسكريا وأمنيا، ويحقق نجاحا في إدارة الدولة عبر تجربة المجلس الانتقالي في السلطة، رغم التحديات الكبيرة والمعقدة، فضلا عن التحولات التي حدثت مؤخرا عبر اللقاء التشاوري والميثاق الوطني والقرارات التي أصدرها الرئيس القائد عيدروس الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي، كل هذا يعمل نقلات مهمة على طريق تحقيق تطلعات شعبنا في الخلاص، ناهيك عن ما أقرته الجمعية الوطنية الاثنين من اعتماد الميثاق الوطني كدستور للدولة الجنوبية القادمة، كل هذه التطورات المتلاحقة لها أصداء إيجابية داخلية وخارجية، فارادة الشعوب لا تقهر كما تثبت ذلك جميع التجارب، وأي قوة وفعل سياسي مسنود بإرادة شعبية لابد من أن يحقق هدفه ومبتغاه اليوم أو غدا.

والثابت أنه أصبح الشمال يهددنا بالحرب اليوم بعد كل هذه التحولات في الجنوب، أما الحوثي فإنه يقول الوحدة أو الموت، وهو الذي يعتبر خنجرا مسموما في خصرها.

إن أي مغامرة شمالية تجاه الجنوب ستكون غير محسوبة العواقب، وربما ستكون استدراجا جديدا، سيدفع إخواننا الشماليين المتواجدين في الجنوب ثمنه، فالجنان لن يقابله إلا جنانا أكبر، وربما يعتبر بعض الجنوبيين أن الفرصة حانت للتخلص بصورة كاملة من الاحتلال والاستعمار معا.

رئيس مركز مسارات للاستراتيجيات والإعلام*

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى