الشاعر والصحفي المثقف علي عبدالله جعفر أمان من مواليد مدينة عدن في 26 أبريل 1937 وهو أكبر من أخويه طه ووديع عبدالله أمان اللذين كانا أيضاً شاعرين، وكأنما الشعر كان - ولا يزال - سمة امتاز بها عدد من أفراد الأسرة الأمانية، وربما أخذها ثلاثتهم عن والدهم عبدالله جعفر أمان الشقيق الأكبر للشاعر والأديب والفنان الشامل لطفي جعفر أمان، فقد كان عبدالله قارئاً ومثقفاً وصاحب مكتبة شخصية زاخرة بالكتب والمراجع، ولعل من هنا بدأ علي أمان أولى خطواته التي قادته إلى الكتاب والقراءة، فقد كان قارئاً نهماً ومطلعاً بشكل دائم على مستجدات الحياة، وموسوعة معرفية متنقلة كوَّنها مستفيداً من قراءاته اليومية، فكان حاضر البديهة سريع الاستحضار للاستشهاد من مخزونه الثقافي حينما يتطلب الأمر، وامتلك رصيداً فكرياً ومعرفياً أهَّله في فترة لاحقة من حياته للعب دور مهم في الحياة الثقافية والفنية في عدن منذ منتصف الخمسينيات من القرن الماضي، بما كان يتمتع به من موهبة شعرية وما جُبل عليه من استعداد فطري لقول الشعر، فقد بدأ كتابة الأغنية باللهجة العدنية سنة 1954 وهو بعدُ طالب في الكلية الفنية في مدينة المعلا بعدن والتي حصل منها على الدبلوم الفني سنة 1955.
ولعلَّ ترؤسه لجمعية مؤلفي الأغاني عام 1956 كان المنبر الذي سُمع عبره صوته الشعري الغنائي، فإذا بأبرز الفنانين في تلك الفترة يتلقفون كلماته بإعجاب وفرح فيضعون لها الألحان وقد تسلسلت منه عفويةً وببساطة لا يقدر عليها غيره، ترنم بها شفاهة في دقائق معدودة قبل أن يسطرها على الورق لتتحول فيما بعد إلى أعمال ساطعة في سماء المشهد الغنائي في عدن القلب النابض بالفن الأصيل وتبقى على مر السنين علامة على إبداع قلَّ نظيره وكأنها شمس تأبى الأفول.
لم يكن علي عبدالله أمان شاعراً غنائياً رائداً وموهوباً فحسب، بل امتلكأيضاً قلماً رشيقاً أنيقاً وحباً جارفاً وشغفاً لعالم الصحافة ودنيا الإعلام، فكان الشعر والصحافة طريقاً واحداً سار فيه بثبات ورسوخ بأفكار حاضرة في رأسه وكلمات نابضة على لسانه، وقلم لم يفارق يده وجيبه منذ أول كلمة خطها وحتى الأيام الأخيرة من حياته المليئة بالعطاء والإنجازات، وبالانكسارات والصعاب أحياناً التي وقفت في طريق عمله الصحفي فكان يتغلب عليها بحنكته المعروفة عنه وذكائه المتوقد وأخلاقه الرفيعة التي تمتع بها طوال حياته.
كان ديوان ( أنغام - أغاني عدنية ) أول ديوان لعلي أمان أصدره سنة 1955 ثم أعاد طباعته للمرة الثانية سنة 1958 وضم مجموعة أغانيه الأولى التي كتب كلماتها، وقد استقبل الوسط الفني الديوان يومئذٍ بإعجاب كبير وحفاوة بالغة، وكتب عدد من الشعراء والأدباء والصحفيين كلمات مديح وتقريض في الديوان وصاحبه الذي كان يومها في الثامنة عشرة من عمره والذي امتازت كلماته الغنائية ببساطة اللغة وجمال أسلوبه السهل الممتنع، فكان كما وصفه عمه الشاعر والأديب الشهير لطفي أمان " أجرأ شاب عدني يغزو ميدان التأليف ويظفر بانتصارات شعبية كبيرة بعد فترة ركود تاريخية لا يُعرف لها مدى".
في 19 يناير 1959 أصدر علي أمان أول عدد من مجلة ( أنغام ) لتكون بذلك أول مجلة فنية تصدر في عدن واليمن، وكان هو صاحب الامتياز ورئيس تحريرها، وأسس لها مطبعة خاصة، وكان جمهور القراء ينتظرها شهرياً بفارغ الصبر وتتلقفها الأيدي قبل أن تنفد نسخ العدد الصادر بسرعة فائقة، وكان علي أمان نفسه يغادر باستمرار إلى بعض العواصم العربية كالقاهرة وبيروت ودمشق لإجراء اللقاءات مع الفنانين والمطربين وكل من له علاقة بالفن وأهله، وكذلك لمتابعة الفعاليات وجمع الأخبار وتسجيل الحوارات التي يرصع بها صفحات ( أنغام ) فكانت المجلة بحق تحفة فنية يتسابق القراء على اقتنائها والاحتفاظ بنسخها.