العرب: فعاليات سياسية وشعبية تطلق حملة واسعة لمناهضة حصار الحوثيين لتعز

> «الأيام» العرب:

> أصبحت قضية رفع حصار الحوثيين عن مدينة تعز بمنزلة اختبار صعب للأمم المتحدة ومبعوثها إلى اليمن هانس غروندبرغ، لاسيما أن مطالب رفع الحصار عن مدينة يقطنها أكثر من ثلاثة ملايين نسمة طُرِحت كأحد بنود الهدنة التي دعت لها الأمم المتحدة في اليمن، وأحد أهم بنود مفاوضات السلام الجارية بين الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا والجماعة المتمردة.

ويرفض الحوثيون رفع الحصار عن تعز وفتح الطرق الرئيسية ويقترحون بدل ذلك فتح طرق فرعية وجبلية للتنفيس عن المدينة المنكوبة اقتصاديا واجتماعيا وهو ما ترفضه الحكومة الشرعية والمواطنون.

ولا تزال جماعة الحوثي متمسكة بالحصار رغم قبولها الدخول في مفاوضات مع الحكومة الشرعية برعاية أممية، فيما يقول مراقبون إن الجماعة تسعى من خلال حصار تعز لتحصيل مكاسب سياسية لا يتاح لها الحصول عليها عسكريا.

وانطلقت مساء الخميس حملة إلكترونية واسعة لمناهضة الحصار الذي تفرضه جماعة أنصارالله الحوثية منذ ثلاثة آلاف يوم، على مدينة تعز(جنوب غربي اليمن).

وقال نبيل شمسان محافظ تعز (موال للحكومة الشرعية) في مؤتمر صحفي “إن حصار ميليشيا الحوثي للمدينة، يعد أبشع جريمة وعقاب جماعي يشهدها التاريخ الحديث”.

وأوضح أن الحصار “تسبب بتدمير البنية التحتية والخدمية وتدمير المنشآت، وإغلاق الطرق، ونزيف الأرواح بالقصف اليومي والقنص والألغام، وصعوبة الحصول على الخدمات المعيشية والسفر وانتقال المرضى”.

وأشار شمسان إلى أن “الحصار تسبب بأزمة مياه تصل إلى 75 في المئة من احتياجات السكان، وتدمير 50 في المئة من شبكة الطرق وارتفاع تكلفة السفر طول المسافة 1000 كيلومتر ونقل البضائع، فضلاً عن الحوادث المرورية التي بلغت 481 حادثا نتجت عنها 374 حالة وفاة، وإصابة 966 حالة وخسائر قدرت بـ 475 مليون دولار”.

واستعرض شمسان بعض آثار الحصار على التعليم، وقال إنه تسبب “بتضرر180 مدرسة، وإغلاق 31 وتضرر 32 ألف طالب وطالبة، فيما بلغ عدد الطلاب المتضررين من عدم القدرة على الوصول إلى الجامعات 8 آلاف طالب وطالبة”.

وتابع ”توقفت الشركات والمؤسسات التجارية وانعدمت المشتقات النفطية في حين بلغت الخسائر المالية في الإيرادات 228 مليون دولار في العام الواحد، وتضرر 9 آلاف عامل”.

وفي وقت سابق الخميس قال أحمد عوض بن مبارك وزير الخارجية في الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً إن فك الحصار عن مدينة تعز وفتح المعابر والطرقات هي الاختبار الرئيسي أمام السلام ومجمل العملية السياسية في اليمن.

وشهدت منصات التواصل الاجتماعي تفاعلاً كبيرا مع الملف الإنساني لتعز، وتداعيات الحصار الكارثية، تنديداً بالحصار، وبما وصفوه بـ”الموقف الأممي والدولي المتخاذل” من تعنت جماعة الحوثيين وإصرارها على الاستمرار في إغلاق الطرق وتقييد حريات المدنيين ومنع تنقلاتهم وإجبارهم على السفر عبر طرق بديلة طويلة وخطرة ووعرة وكبيرة الجهد والتكلفة.

ويفرض الحوثيون حصاراً مطبقا على مدينة تعز منذ 13 يوليو 2015، عقب سيطرتهم على العاصمة صنعاء ومحافظات عدة بقوة السلاح، الأمر الذي فاقم من معاناة السكان.

وكان ملف الحصار هذا أحد الملفات التي بحثها اتفاق ستوكهولم بين الحكومة والحوثيين في السويد برعاية أممية نهاية عام 2018، ونص الاتفاق على إلزام الحكومة والحوثيين بـ”التفاهم لفك الحصار عن مدينة تعز”، عبر تشكيل لجنتين حكومية وحوثية لمناقشة آلية لمعالجة الأوضاع وإعادتها إلى ما كانت عليه قبل الحصار.

وغاب هذا البند، كغيره من البنود، عن التنفيذ، بعد أن حقق المجتمع الدولي هدفه من إطلاق الاتفاق، وهو إبقاء موانئ الحديدة الحيوية للأعمال الإنسانية والاقتصاد الوطني بعيدة عن الصراع، وظلت تعز تحت رحمة الحصار الحوثي المفروض على كل طرقاتها الرئيسية والمعروفة

في الشمال، والشرق والغرب، ولم يبقَ لها سوى منفذ في الجنوب عبر تضاريس وعرة باتجاه محافظة لحج المجاورة. ومنتصف العام الماضي، انطلقت مشاورات بين لجنتين من الجانبين الحكومي والحوثي بشأن فتح طرقات تعز، وفشلت المفاوضات بعد تمسك الحوثيين بمقترحهم الذي تضمن فتح “معابر فرعية” بديلة لكنها “لا تلبي احتياجات السكان للتنقل الحر ونقل البضائع والمواد التموينية والمياه”، وفقاً لبيان لرئيس الوفد الحكومي في حينه.

وأواخر يونيو الماضي، أعلنت لجنة التفاوض الحكومية لفتح طرق مدينة تعز مبادرة جديدة لفك الحصار عن المدينة، واقترحت فتح خمس طرق، مشددة على المجتمع الدولي والمبعوث الأممي باستمرار أن “حصار تعز ملف إنساني بحت”.

وشددت اللجنة على ضرورة “ممارسة أقصى الضغوط”، على الحوثيين الذين قالت إنهم يستخدمون حصار تعز “ورقة سياسية لتحقيق مكاسب في ملفات أخرى”.

وتعد محافظة تعز، الواقعة جنوب العاصمة صنعاء، وتبعد عنها حوالي 256 كيلومترا، أكبر محافظات اليمن سكاناً (يوجد فيها 12.2 في المئة من سكان البلاد)، وتبلغ مساحتها 10321 كيلومترا مربعاً، وعدد مديرياتها 23 مديرية.

وشكلت تعز في مراحل تاريخية هامة مفتاح التغيير السياسي والعسكري في اليمن. ودفعت تعز الثمن الأكبر في حرب الحوثيين الذين فرضوا الحصار الشامل عليها، ومنعوا دخول المواد الغذائية والمساعدات الإنسانية، قبل أن يتمكن التحالف العربي والجيش اليمني في أغسطس 2016 من فك الحصار جزئيا. وتنقسم محافظة تعز بين مناطق تسيطر عليها قوات الحوثيين وأخرى تخضع للقوات الحكومية المعترف بها دولياً والفصائل الموالية لها.

ومن شأن السيطرة على محافظة تعز التسريع في عملية الحسم العسكري، عبر اتخاذ المحافظة بوابة انطلاق وقاعدة عسكرية للقوات الشرعية لدحر المتمردين على الشرعية إلى محافظات الشمال وصولا إلى صنعاء، باتجاه صعدة معقل الحوثيين. فتحرير محافظة تعز يسهّل من عملية السيطرة العسكرية للقوات الموالية للشرعية على كامل الساحل اليمني والمنافذ البحرية المطلة على البحر الأحمر وعلى كل المنافذ الأخرى على خليج عدن وبحر العرب.

ومنذ شهور يشهد اليمن تهدئة من حرب بدأت قبل نحو تسع سنوات بين القوات الموالية للحكومة الشرعية، مدعومة بتحالف عربي تقوده الجارة السعودية، وقوات الحوثيين، المدعومين من إيران، والمسيطرين على محافظات ومدن منها العاصمة صنعاء منذ سبتمبر 2014.

وتتكثف منذ شهور مساعٍ إقليمية ودولية لتحقيق حل سياسي شامل للأزمة في اليمن، شملت زيارات لوفود سعودية وعمانية إلى صنعاء، إضافة إلى تحركات أممية ودولية متعددة للدفع بعملية السلام.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى