خلال ثماني سنوات.. كيف ازداد عدد الأثرياء بطرق غير شرعية في الجنوب؟

> التقاهم: هشام عطيري

>
"الأيام" تلتقي محامين وناشطين أدلوا بأرائهم حول الإثراء غير المشروع..

> ملايين الريالات السعودية والدولارات والسيارات الفاخرة ذات الموديلات الحديثة والشقق السكنية الفخمة يمتلكها أشخاص كانوا قبل حرب 2015م أشخاصًا عاديين، بالكاد تحصل على قوت يومها، ليتحول هؤلاء الأشخاص خلال ثماني سنوات من الحرب إلى أثرياء، وأباطرة، وتُجار كِبار، يمتلكون حسابات مالية ضخمة، واستثمارات كبيرة في الخارج، واستغل بعض هؤلاء مناصبهم القيادية والأمنية في السمسرة، وابتزاز التجار ورجال الأعمال.

كل تلك الأموال تدخل في الإثراء غير المشروع الذي اتسع وزاد من عدد الأثرياء على حساب المواطن البسيط، في المحافظات المحررة، التي تغلي بسبب ارتفاع الأسعار، وهبوط سعر العملة المحلية أمام العملات الصعبة، وإذا استمر الوضع في المحافظات الجنوبية على هذا الحال، دون حدوث أي إصلاحات، سيساعد ذلك على تفشي وزيادة ظاهرة الإثراء غير المشروع.

فماذا يعني الإثراء غير المشروع؟ وللإجابة على هذا السؤال التقت صحيفة "الأيام" عددا من المحامين والناشطين الذين أدلوا بآرائهم، حول هذا الموضوع الهام، الذي أصبح حديث المواطن البسيط.
أكرم الشاطري
أكرم الشاطري

يقول المستشار أكرم الشاطري رئيس هيئة مكافحة الفساد جنوب اليمن لـ "الأيام" : "طيلة فترة الحراك الجنوبي ضد النظام السياسي ما قبل العام 2015م، والقائم على أساس الإقصاء وتغوّل الفساد بجميع جوانبه، وبعدها حرب الحوثي 2015م وتحرير المحافظات الجنوبية من ذلك الغزو، همّ الجميع إلى إعادة تشكيل السلطات بصورة نظام سياسي، لإعادة الاستقرار لكنه كان هشًا يقوم على الصراع والغنائم، أكثر مما كان صراعا على ثوابت سياسية، فتوالت حكومات كانت أكثر فسادًا وإجرامًا بحق الشعب، ورغم كل تضحياته الجسام، لكنه لم يصل إلى تحقيق أهدافه، في تخليص البلد مما هو فيه من سوء، وتدمير، أو محاولة انتزاع سيادته من النفوذ الإقليمي.

وعدد الشاطري أسباب الفشل بقوله: "إن تلك السلطات التي انخرط فيها هم أنفسهم من كانوا قادة في النظام السابق، فخلعوا ثوب الحراك ولبسوا ثوب مكانهم الجديد، وتشاركوا في شرعنة (الفساد)، نحن هنا لا نتحدث عن محافظة بعينها، إنما عن سلطات عليا تتحكم بمقدرات البلد، تحت شعارات الاستقلال والوحدة في آن واحد، فإحداها سلطة هدفها اليمن الواحد، وسلطة هدفها استغلال المنصب، وجميعهما يحكمهم مبدأ (الشرعية) في ممارسة الفساد السياسي والاقتصادي، ولنأخذ مثالًا على ذلك: ممارسة الفساد المالي والإداري من قبل قادة يحملون صفتين (الثورة والدولة) وبتلك الصفتين تحولوا إلى تجار وازدادوا ثراءً، وهم قادة ثورة ومسؤولون في السلطات المحلية، وحول القيادات يعملون باختصاصهم ويشاركون اختصاص غيرهم، في الأراضي والأشغال وصندوق النظافة والمالية والجمارك، وغيرها من الإدارات الحكومية.

وقال المستشار الشاطري "لقد كتبنا كثيرًا عنهم بأسمائهم وصفاتهم، واستعرضنا ملفات عن ممارساتهم، وكيف كانوا جزءًا من عمليات إهدار المال العام، وتقديم تسهيلات لشركات وهمية ومستثمرين وهميين، بآلاف الفدانات، وضياع الملايين من الريالات السعودية، لم تدخل خزينة الدولة، إنما دخلت جيوبهم، هذا هو المشهد باختصار"

* الناشط الجنوبي عمر أبوبكر السقاف يشير في حديثه لـ "الأيام" أن هناك عدة جهات دولية ومحلية، تسعى لإطالة أمد هذه الحرب.

عمر ابوبكر السقاف
عمر ابوبكر السقاف
أما الجهات الدولية فهي المستفيدة، لأن مصانع أسلحة تلك الدول تصنع وتبيع بشكل كبير، تدر عائدات مهولة، وأما الجهات المحلية وهيَ قوى موزّعة على اختلاف أشكالها، طبقية، نفعية، أنانية، أشبه بديدان طفيلية، تتكاثر يومًا بعد يوم، على صديد جروح الجسد "البلد" جنوب اليمن، أو المناطق المحررة المُثخَنة بالجروح، وترى في هذه الحرب مصدرًا للإثراء المادي الدسم، حيث تشكّل الطبقة الطفيلية بكيان السلطة المعترف بها دوليًا، المُسمّاة بالشرعية، أوضح أشكال هذا الإثراء الشرس وتغوّلًا، كقوةٍ تستميت لإبقاء الحرب مستمرة إلى ما لانهاية، وإبقاء وضع اللا دولة لأكثر مدة ممكنة، وتعمل بكل هواميرها، وعبر أذرعتها في الداخل والخارج، على إفشال أي جهد دولي، من شأنه التوصّل إلى تسوية سياسية دائمة، ومن أهم الأشياء المادية والمالية، التي تتغذّى عليها هذه الطبقة: التلاعُب بأسعار الوقود بكل مشتّقاته، والمُضاربة بأسعار العملات وتهريبها، وغسيل الأموال، وشراء الأراضي، والبسط عليها عنوة، واستيراد كميات لا حصر لها من المواد، من دون ضرائب، أو رقيب أو حسيب، ناهيك عن تجارة السلاح، وهذه الأخيرة هي الأكثر ضررًا وازدهارًا، في السوق السوداء، وكذلك فرض الجبايات في النقاط بمبالغ هائلة، علاوة على التغلغل بمفاصل الدولة، وتمرير الكثير من قرارات التعيين في الوزارات والسفارات، والفوز بالمكاسب المختلفة خارج نطاق القانون، والتكسّب على حساب الشعب الجنوبي وقضيته الوطنية.

وتابع "تأتي بعد ذلك الجماعات الدينية المُتطرّفة، بكل تشعّباتها والتي ترى في وقف الحرب من دون بلوغ صنعاء وصعدة مكافأة لمَن تُطلِق عليهم بالروافِض والمجوس، وهذه القوى برغم انضوائها تحت لواء التحالف وبرغم ضبطه لإيقاعها على الأرض، وحاجتها له لتلقَ كل أشكال الدعم، إلا أنها قد تفلت من عِقال هذا التحالف إنْ هي شعرتْ أنه سيُبرم اتفاق تسوية مع "المجوس"، وبالتالي فهي تمارس كل أشكال الضغط والابتزاز على مموّلها الرئيس "السعودية والإمارات"، لمواصلة هذه الحرب حتى النهاية، تحت نزعتها الطائفية التي لا تخلو من النفعية المادية، وللأسف الشديد ليست فقط قوى الشرعية من دخلت في جريمة الإثراء غير المشروع، كثير من القيادات المدنية والعسكرية الجنوبية المحسوبة على المجلس الانتقالي الجنوبي، ما سبب لجماهير المجلس الانتقالي الجنوبي والقاعدة الشعبية الجنوبية غضبا كبيرا مما هو حاصل في المناطق المحررة، فهناك أناس بالأمس كانوا دلالين، أو مدرسين، أو موظفين، أو بنشريين، أو عسكريين بسطاء، لا يجدون قوت يومهم، واليوم يتكلمون بالمليارات، ويمتلكون الفلل، والاستثمارات، والسيارات الفارهة، والفنادق، والمحلات الكبرى، والشركات خارج البلاد وداخلها، ويتكلمون باسم الجنوب ويطالبون بدولة الجنوب و بالمجد التليد ودولة الزمن الجميل، عن أي دولة يتحدث هؤلاء؟

وتساءل السقاف في حديثه، ألا يعلم هؤلاء -أيام دولة الجنوب- بأن الذي يختلس 100 شلن يُعدم، وأن قانون الإثراء غير المشروع موجود منذ خمسينيات القرن الماضي، وتم تعديله في عام 1999، لكنه منذ ذلك الوقت لم يطبق بشكل فعال، فهو يتضمن الكثير من الثغرات التي تعيق تطبيقه، ولا تتوافق مع المعايير الدولية، لهذا السبب تم تعديله من جديد وبشكل شبه كامل، من خلال قانون صدر في شهر سبتمبر 2020، وعنوانه "التصريح عن الذمة المالية والمصالح ومعاقبة الإثراء غير المشروع".

يقول السقاف: ينص القانون الجديد على نظام متكامل للتصريح عن الذمة المالية والمصالح، ويلزم المسؤولين والموظفين بمواقع حساسة أن يصرحوا عن كل أملاكهم ومداخيلهم، وأوضاعهم المالية، ومصالحهم في الداخل والخارج، إضافة إلى ما يعود لأزواجهم وأولادهم القصّر، وإن هذه التصاريح متوجبة، تحت طائلة عقوبات شديدة، عند دخول الوظيفة والخروج منها، وبشكل دوري كل ثلاث سنوات.

يعيد القانون أيضا تعريف جريمة الإثراء غير المشروع، بما يتناسب وأحكام اتفاقية الأمم المتحدة، لمكافحة الفساد، بحيث يعتبر الإثراء غير المشروع جريمة من جرائم الفساد، وفق التعريف الوارد، إن كل مسؤول أو موظف تزداد ثروته بشكل كبير، بالمقارنة مع مداخيله، عليه أن يبرر كيفية الحصول عليها بالوسائل المشروعة، وإن لم يستطع ذلك، فيعتبر مرتكبًا لهذه الجريمة، ويعاقبه القانون ويمكن استرداد الثروة منه. كما يتضمن القانون آليات من شأنها تفعيل الملاحقات والمحاكمات، بما فيه إسقاط التهم بمرور الزمن، والحصانات عن الموظفين الإداريين، وإلغاء صلاحية المجلس الأعلى لمحاكمة الوزراء.

وأوضح عمر السقاف إن تعيين الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد -الذي لم يحصل بعد- من شأنه تعزيز تطبيق هذا القانون، إذ تتمتع الهيئة بصلاحيات مراقبة عملية التصريح عن الثروة، والمصالح بشكل حثيث، والتحقيق في حال الاشتباه بجريمة إثراء غير مشروع، والإحالة للمحاكم المختصة.
عبدالحليم جابر
عبدالحليم جابر

*من جانبه أوضح الناشط الحقوقي المحامي عبدالحليم جابر لـ "الايام": "أن الإثراء هو تملّك شخص ما لرأس مال كبير، والإثراء قد يحصل عليه الإنسان بطرق مشروعة، وأخرى غير مشروعة، إلا أن هذه الظاهرة تجلت وظهرت مؤخرا بشكل كبير لدى شرائح كثيرة من المجتمع، وأن ما يجعل علامة الاستفهام تضع على تلك الفئة، هو أن إثراءهم كان وليد حُقيبة من الزمن وهي بعد تحرير عدن ولحج، ولأن هذه الشريحة، التي أثريت لم تكن ذا مال أو تجارة، ولم يكن تصنيفهم السابق على الحرب لعام 2015 من أصحاب رأس المال، ولم يكتسبوا هذه الأموال على سبيل الإرث، وما جعل إثراءهم ينطبق عليه مقولة "من أين لك هذا؟!" والغريب أكثر أن معظم هؤلاء في سن صغير، مقارنة مع سن رجال الأعمال، ما جعل إثراءهم محل شك، ليكون إثراءً غير مشروع، ولأن هذه الظاهرة تؤثر سلبًا على المجتمع، وعلى عمليات البيع والشراء، ومن ذلك ارتفاع أسعار العقارات والأراضي لأرقام مخيفة، وبالعملة الصعبة، بل إن الملاحظ أن هؤلاء هم من يتصدر أعمال البيع والشراء، وأصبح هذا الأمر محصورا عليهم دون غيرهم، السؤال الذي يفرض نفسه هو من أين لهم كل هذه الأموال وهم من طبقات عوام الناس ولم يكن آباؤهم أثرياء؟

إذن فإنهم لم يرثوا مالًا ليكون سببا في إثرائهم، فهل هم وكلاء لآخرين مستترين، لا يريدون أن يظهروا على السطح في البيع والشراء، ومن أين منبع أموالهم المهولة؟ هل هي تتبع لأيادٍ محلية، أم خارجية، لذا يستوجب على الجهات الأمنية، التحري عن ذلك، نحن لسنا ضد أن يمتلك أي إنسان أموالًا كبيرة، فالله هو الرزاق، ولكن الله جعل لكل رزق سبلًا وأسبابا، والله أحل البيع وحرم الربا.
محسن النقيب
محسن النقيب

* المحامي محسن النقيب يوضح لـ "الايام" أن الإثراء غير المشروع عُرف لدى الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد بأنه: "كل زيادة كبيرة في موجودات الموظف العمومي، أو أولاده القاصرين، أو المتكفل بهم، تطرأ بعد تولي الخدمة، أو قيام الصفة، وكانت لا تتناسب مع موارده، وعجز عن إثبات مصدر مشروع لها". ويمكن إيجاز مفهوم الإثراء غير المشروع في الإجابة عن التساؤل :"من أين لك هذا "؟علما بأن هذا التساؤل غدا اسمًا رسميا لبعض قوانين الدول العربية، الخاصة بأحكام التجريم والعقاب -لما سمي في بلدنا- بقانون إقرار الذمة المالية.

وفند المحامي النقيب "أن الإثراء غير المشروع في القانون اليمني إنما هو في الأصل جريمة، ورد النص المتعلق بأحكام التجريم والعقاب الخاصة بها في المادة(21) من القانون رقم (30) لسنة 2006م بشأن الإقرار بالذمة المالية، والتي نصت صراحة على أنه :"مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد منصوص عليها في أي قانون آخر، يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على خمس سنوات، كل من كسب كسبًا غير مشروع، أو سهل ذلك لغيره مع إلزامه برد ما اكتسبه بسبب ذلك"، وعلى المحكمة المختصة الحكم على الغير الذي استفاد من الإثراء غير المشروع، بالرد من أمواله إلى خزينة الدولة بقدر ما استفاده كما جاء نصا في المادة ( 22 ) من ذات القرار بقانون، وجريمة الإثراء غير المشروع هي في الأصل إحدى جرائم الفساد المنصوص عليها في الفقرة (11) من المادة (30) من قانون مكافحة الفساد وتمويل الارهاب رقم(39) لعام2006، إلا أن هذا القرار بقانون لم يشملها -بنص صريح- ضمن نصوص أحكامه الواردة في التعديلات اللاحقة عليه، وليس هناك سبب واضح يفسّر حكمة المشرع من ذلك، وقد تبدو هذه الجريمة واضحة وفقا للنص المذكور من القرار بقانون، بشأن إقرار الذمة المالية اليمني، إلا أنه وعند التمعن في حقيقة كيفية تحقق جريمة الإثراء غير المشروع، بحسب نص المادة (6) منه، فإنه يتبين جليا بأنها قد تحمل معاني أحكام لعدد من الجرائم، المنصوص عليها في قوانين يمنية عقابية عامة وخاصة، فبالنظر إلى نص المادة (6) من ذات القرار بقانون، يتبين بأنها نصت على أنه: "تتحقق واقعة الثراء غير المشروع على أحد المشمولين بهذا القانون، من شاغلي وظائف السلطة العليا للدولة، إذا تبين قيام أي منهم بممارسة أي من الأعمال المحظور عليهم ممارستها، وفقًا لأحكام المادة ( 126) من الدستور والقوانين النافذة، سواء بطرق مباشرة أو غير مباشرة"،

وبحسب هذا النص فإن المشمولين بقانون الذمة المالية من شاغلي وظائف السلطة العليا، قد ورد ذكرهم صراحة على سبيل الحصر في المادة (4) من القرار بقانون بشان الذمة المالية اليمني، وهم ذاتهم من تسري عليهم أحكام نص المادة (5) منه بالنص الصريح عليهم فيها على أنه: "يعتبر كسبًا غير مشروع، كل مال منقول أو غير منقول، أو حق منفعة في داخل اليمن، أو خارجه، يحصل عليه أي شخص تسري عليه أحكام هذا القانون، سواء لنفسه أو لغيره بسبب استغلال الوظيفة العامة أو الصفة"، وفي هذا النص يتبين بأنها خاصة باستغلال الوظيفة العامة، ما يتضح منه بأن الجاني هو موظف عام ومن في حكمه، أو قائم بخدمة عامة، ويكفي تفصيلا لذلك الإشارة إلى نص المادة (4) من القرار بقانون بشأن الذمة المالية، لتحديد من يسري عليه هذا الحكم العقابي، إلا أنه وبالنظر بتمعن في عبارة: "الإثراء غير المشروع" أو "التكسب غير المشروع "،يتبين بأنه وصف عام يحتويه الغموض والإبهام، إذ يتصور معه أن يتحقق معنى هذه العبارة من خلال ارتكاب الموظف-المشمول بهذا القانون-لأي جريمة من الجرائم المنصوص عليها في الفصل الأول الوارد تحت اسم: "جرائم الموظفين العامين، ومن في حكمهم من الباب الرابع من القرار الجمهوري بالقانون رقم(12) لعام 2013م بشأن الجرائم والعقوبات اليمني، الوارد تحت اسم: "الجرائم الماسة بالوظيفة العامة"، والتي منها جرائم الرشوة والاختلاس والتزوير، والغش في تحصيل الرسوم، وكذا جريمة استغلال النفوذ وغيرها، وذلك لأن الموظف بشكل عام يستطيع أن يتكسب تكسبا غير مشروع، من خلال إتيانه لأي من كل تلك الجرائم وغيرها، والواردة في الفصل المذكور من القانون الجنائي الموضوعي اليمني العام، بل وكذلك من خلال إتيان الجاني لعدد من الجرائم المنصوص عليها في القرار بقانون بشأن غسيل الأموال، وتمويل الإرهاب اليمني المعدل.

وقال المحامي النقيب "فإنه من وجهة نظرنا ينبغي إعادة النظر في صياغة نص جريمة الإثراء غير المشروع، وكذا تسمية القرار بقانون بشأن إقرار الذمة المالية اليمني -متى كان ذلك بالإمكان ولو بعد حين- وذلك بما يتواءم وينحصر نطاق معناه مع أحكام التجريم والعقاب الخاصة بتسمية الوقائع، أو الجرائم التي ينظمها وبما يجعل النص العقابي في هذا القانون الخاص، أو ذاك أكثر وضوحا ومرونة ومواكبة للواقع المشهود، ونأمل النأي عن خلط أحكام التجريم والعقاب الخاصة بهذه الجريمة، عن الجرائم الأخرى المتضمنة سلفا لأحكام التجريم والعقاب الخاصة بها، في القوانين العقابية الأخرى في اليمن، كما نأمل ظهور اللائحة التنفيذية لهذا القرار بقانون -بشان إقرار الذمة المالية- والتي لم تجد طريقها إلى النور منذ صدوره، وعلى الرغم من النص الصريح فيه على وجوب إصدارها، والسبب في ذلك لايزال مجهولا.

ومن جهة أخرى فإنه وبالنظر إلى نص المادة ( 11) من ذات القرار في قانون بشأن الذمة المالية، يتبين بأنه تتخذ بشأن القضية المرفوعة، بصدد جريمة الإثراء غير المشروع إجراءات المحاكمة المستعجلة، المنصوص عليه في المواد (296، 297، 298 ،299 ,300) من قانون الإجراءات الجزائية، حيث نصت المادة (11) منه على أنه: "إذا تبين للهيئة من خلال فحص إقرارات الذمة المالية وتدقيقها وجود أدلة واضحة على كسب وإثراء غير مشروع، فيجب عليها إحالة الموضوع إلى القضاء للنظر فيه بصفة الاستعجال". ولعل ذلك راجع لما تشكله هذه الجريمة من خطورة اقتصادية على المال العام، والثقة العامة برأينا.

خاص لـ "الأيام"

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى