الذكرى الواحدة والسبعون لثورة الملايين

>
يصادف اليوم الذكرى الواحدة والسبعين لثورة 23 يوليو 1952م، وبقيام الثورة المصرية تم جلاء القاعدة البريطانية من قناة السويس وتأميم القناة وبعد ذلك الانتصار على العدوان الثلاثي عام 1956م وبناء السد العالي ومصانع الحديد والصلب في حلوان وقيام الوحدة المصرية السورية، انطلقت الأمة العربية من المحيط إلى الخليج ضد الاستعمار وأحلافه وقواعده في الجزائر وعدن وفي كافة أنحاء الوطن العربي، وأصبح عبد الناصر زعيما ليس في مصر وحدها بل في الأمة العربية وأصبح اسمه وصوته وصوره في كل مكان، وكانت الشعوب تنتظر خطاباته أكثر من خطابات حكامهم، وأصبح اسمه في كل بيت تيمنا بهذا القائد العظيم منذ قيام الثورة المصرية وحتى اليوم، ففي بعض الأسر اليمنية اسم جمال منتشر أكثر من أسماء الآباء والأجداد وهذا دلالة على حب الأمة العربية لهذا الزعيم القائد والخالد.


وفي عهده تحررت معظم الشعوب العربية والأفريقية من الاستعمار وقواعده وارتفع صوت القضية الفلسطينية في كل أنحاء الوطن العربي وأصبحت محور الصراع في المنطقة وتشكلت منظمة التحرير وجيش التحرير وأصبح لفلسطين قائدها وقادتها وصوتها العالي في المحافل العربية والدولية، عاش وناضل من أجل فلسطين وقاتل من أجلها عام 1948م في حصار الفالوجيا المشهورة وهو الذي قال حينها إن معركتنا في قلب القاهرة وليست على حدود فلسطين عندما اكتشف السلاح الفاسد للجيش المصري وخيانة القادة العرب لفلسطين ومن أجلها ومن أجل مصر والأمة العربية قامت ثورة 23 يوليو 1952م.

ولم تتوقف حدود الثورة في مصر والوطن العربي بل تعداها إلى أفريقيا السمراء فأصبح عبد الناصر زعيما أفريقيا وقف إلى جانب حركات التحرر الأفريقية حتى تحررت معظم الدول الأفريقية وأصبح لها مكانتها ومنظمتها في أديس أبابا باسم منظمة الوحدة الأفريقية ومن أجل آسيا الكبرى أقام عبد الناصر وحلفائه نهرو وسوكارنو وتيتو ونكروما وشوان لأي حركة عدم الانحياز التي وقفت إلى جانب الشعوب الآسيوية والأفريقية وأميركا اللاتينية واتخذت هذه الحركة موقفا مميزا وغير منحاز من الصراع الدولي في ذروة الحرب الباردة، وساهمت بشكل كبير في تأسيس منظمة تضامن الشعوب الأفريقية الآسيوية في القاهرة، وأصبح عبد الناصر بعد ذلك زعيما أمميا يحظى بحب الشعوب في كل القارات وبسبب هذه المعارك الكبرى التي خاضها على مدى سنوات وعلى كل الجبهات دفاعا عن حرية الشعوب وتطلعاتها في الحرية والاستقلال فقد تآمرت القوى العظمى وعملائها على مصر عبد الناصر سياسيا وعسكريا واقتصاديا ومعنويا لإخراجه من ساحة المعارك الكبرى وقد اعترف أمام العالم بأنه يتحمل مسؤولية خسارة هذه الحرب عام 1967 وقدم استقالته ولكن الجماهير في مصر والوطن العربي وقفت الى جانبه معتبرة أن خسارته للحرب وليست للقضية التي ناضل من أجلها وعاد إلى رئاسة الدولة وقيادة الأمة العربية ولكن هذه المعركة تركت جرحا في قلبه وجسده .

وقد تعرفت اليه لأول مرة في يونيو عام 1970 كنت أمثل بلادي بصفتي وزيرا للدفاع في احتفالات ليبيا بعيد جلاء القوات الاميركية والبريطانية عنها.

 وفي صباح اليوم التالي عند الساعة العاشرة التقيته في مقر إقامته بالقصر الذي كان يملكه ويسكنه ولي عهد المملكة الليبية الأمير الحسن الرضا السنوسي قبل قيام ثورة الفاتح، حيث استقبلني استقبالا وديا.

حضر المقابلة سفير اليمن في القاهرة محمد عبد القادر بافقيه والكاتب والصحفي المصري الكبير محمد حسنين هيكل.

بعد كلمات الترحيب شكرته على الاستقبال وعلى مواقفه الوطنية والقومية تجاه القضايا العربية وفي المقدمة القضية الفلسطينية وأشدت بدور مصر بمساندة ثورة 26 سبتمر و 14 أكتوبر في اليمن وهو الذي قال إن على الاستعمار البريطاني أن يحمل عصاه ويرحل من عدن، وقد تحقق ذلك في 30 نوفمبر 1967 بعد 129 عام من الاحتلال البريطاني.

تحدث بعدها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر عن الصعوبات التي كانت تمر بها مصر جراء إغلاق قناة السويس وتهجير مواطني منطقة القناة وإغلاق المصانع فيها وخسارة مناجم سيناء وبترول أبو رديس، وما ترتب عن ذلك من مضاعفة ميزانية الجيش وازدياد أعباء الحرب وكلفتها.

وكشف لي أن الأميركان عرضوا عليه في عام 1968 إجلاء اسرائيل عن كل أراضي مصر التي تحتلها مقابل شرط واحد وهو عدم ربطها بمشكلة بقية الأراضي العربية المحتلة وفي مقدمتها القضية الفلسطينة وأنه رفض ذلك.

ثم قال لي: لقد ساعدنا نضالكم في الجنوب ضد الاحتلال البريطاني وساعدنا أخوانكم في صنعاء من أجل الحفاظ على النظام الجمهوري وساعدنا ثورة الجزائر وحركات التحرر العربية والأفريقية وحتى ليبيا قدمنا إليهم المدرسين والمهندسين والأطباء والضباط لمساعدتهم ولم نطلب منهم دولارا واحدا واعترف لك بأن الذي ساعدنا بعد حرب حزيران هو الشيخ زايد بن سلطان حاكم إمارة أبو ظبي وأنا لم أعرفه حتى اليوم وبلده لا يزال تحت الاحتلال البريطاني.

وفي أكتوبر عام 1983 أقمنا احتفالا جماهيرا كبيرا في الاستاد الرياضي الحبيشي في كريتر عدن بالذكرى العشرين لقيام ثورة أكتوبر الذي شارك فيه الآف المواطنين في هذه المناسبة التاريخية وحضر هذا الحفل عدد كبير من الوفود وفي مقدمتها عضو مجلس قيادة الثورة المناضل خالد محي الدين الذي سلمناه نيابة عن أسرة الزعيم  جمال عبد الناصر أعلى وسام في اليمن الديمقراطية وسام ثورة 14 أكتوبر تقديرا لدور القائد الخالد في دعم ثورة أكتوبر.

وفي اللحظة التي أعلن فيها عن تكريم اسم الزعيم الخالد بدأت الجماهير تزحف نحو المنصة وتهتف باسمه وكان ذلك شاهدا ودليلا عمليا أنه مازال حيا في قلوب الملايين من الناس الذين أحبوه وأحبهم وكان التصفيق حارا يتردد صداه دون توقف في مدينة عدن وجبالها الشاهقة والأبية والعصية على الغزاة.

غادر عبد الناصر يوم 28 سبتمبر 1970م ساحة معاركه الكبرى إلى الأبد، وهو يقاتل من أجل فلسطين، وذلك بعد القمة العربية التي انعقدت لأجلها في القاهرة التي حضرها الزعماء العرب والقائد الفلسطيني ياسر عرفات، لتخسر الأمة العربية وشعوب العالم زعيما عربيا وأفريقيا وآسيويا بل زعيما أمميا، فترك فراغا كبيرا في المنطقة كلها حتى اليوم..

وبمناسبة ثورة 23 يوليو نهنئ مصر شعبا وحكومة وقيادةً برئاسة فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، كما نهنئ جماهير الأمة العربية قاطبةً، بهذه المناسبة
المجد والخلود لقادة وشهداء ثورة 23 يوليو..

المجد والخلود لك أيها القائد الخالد ...

ما أحوج  الأمة العربية اليوم إلى قائد عظيم مثلك.. أبا خالد

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى