4 دول عربية معنية بتداعيات الانقلاب العسكري في النيجر

> نيامي (النيجر) "الأيام" العرب:

> ​شكلت محاولة الانقلاب العسكري في النيجر صدمة للدول الأفريقية وبالأخص العربية منها ذات الجوار القريب، لما لهذه الخطوة من تداعيات خطيرة على استقرار المنطقة.

فالانقلاب العسكري الذي قاده الحرس الرئاسي على الرئيس محمد بازوم، وحظي بدعم قيادة الجيش في اليوم التالي، من شأنه أن يعقد الوضع الاقتصادي والاجتماعي للبلاد ويزيدها عزلة، بسبب رفض المجتمع الدولي لهذا الانقلاب.

ومن شأن دخول النيجر في فوضى سياسية وأمنية أن تكون له تداعيات عصيبة على الدول العربية المجاورة لها على غرار الجزائر وليبيا، وأيضا موريتانيا والسودان، بحكم وقوعهما في منطقة الساحل، سواء من حيث تدفق المهاجرين والمجموعات المسلحة والمرتزقة والإرهابيين، أو ضياع المصالح الاقتصادية والإستراتيجية.

  • الجزائر

للنيجر أهمية إستراتيجية بالنسبة للجزائر، خاصة في ما يتعلق بالتنسيق في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة والهجرة غير النظامية، فالبلدان عضوان في مجموعة الميدان التي تضم أيضا كلا من موريتانيا ومالي.

إذ يتدفق عبر النيجر الآلاف من المهاجرين غير النظاميين من أفريقيا جنوب الصحراء إلى الجزائر عبر الحدود المشتركة. ووقع البلدان في 2021 على اتفاق التعاون الأمني، لتنسيق عمليات محاربة الإرهاب والجريمة العابرة للحدود والمنظمة.

كما أن النيجر تمثل ممرا مهما للجزائر نحو قلب أفريقيا، ضمن إستراتيجيتها لتعزيز صادراتها إلى القارة السمراء، وبالأخص مشاريع الطريق العابر للصحراء والذي يربط الجزائر بنيجيريا عبر النيجر، بالموازاة مع خط للألياف البصرية، وأنبوب لنقل غاز نيجيريا إلى أوروبا مرورا بالبلدين.

كما أن مجمع سوناطراك الجزائري وقع في فبراير 2022 مع وزارة الطاقة في النيجر على اتفاق لتقاسم الإنتاج في حقل “كفرا” النفطي شمالي البلاد، الذي اكتشفته في 2018، والذي تقدر احتياطاته بنحو 400 مليون برميل.

فكل هذه الاتفاقيات والمصالح الإستراتيجية أصبحت مهددة بعد الانقلاب على الرئيس بازوم، الذي من شأنه إدخال البلاد في مرحلة من الفوضى وعدم الاستقرار على غرار ما يجري في ليبيا ومالي. ورغم أن الجزائر سبق لها وأن تعايشت مع أربعة انقلابات عسكرية ناجحة في النيجر، إلا أن انتشار الانقلابات في جوارها الجنوبي يهددها.

  • ليبيا

تعد ليبيا أكثر الدول العربية تأثرا بالانقلاب في النيجر، فالرئيس محمد بازوم يتحدر من قبيلة أولاد سليمان الليبية، التي يمتد انتشارها من بلدة هراوة على البحر المتوسط (قريبة من مدينة سرت الليبية) إلى غاية النيجر وتشاد جنوبا.

ولم يخف رئيس حكومة الوحدة الليبية المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة قلقه مما يجري في جارة بلاده الجنوبية، ودعا، عبر حسابه على تويتر، إلى “وضع حد فوري لهذه التحركات العسكرية التي تقوض أمن المنطقة واستقرارها، وتشكل مصدر قلق لجميع البلدان المجاورة، والمجتمع الدولي ككل”.

فليبيا سبق لها وأن جربت عدم الاستقرار في النيجر خلال السنوات الأخيرة، إذ عانت من مشاركة مجموعات مسلحة من النيجر في القتال لصالح هذا الطرف أو ذاك.

فبسبب الوضع الاقتصادي في النيجر، يسهل على أطراف الصراع في ليبيا تجنيد مرتزقة للقتال في صفوفهم، أو على الأقل حماية حقول النفط والمراكز الحيوية في المناطق النائية خاصة بالجنوب.

وانتعشت الهجرة غير النظامية وتجارة البشر، في ليبيا بعد سقوط نظام معمر القذافي في 2011، وشكلت عبئا اجتماعيا ومسؤولية إنسانية على البلاد، خاصة بعد صدور تقارير عن غرق مهاجرين في عرض البحر بينهم من النيجر، ناهيك عن وضعهم في مراكز إيواء غير مناسبة أحدها تعرض لقصف دموي سقط خلاله العشرات من القتلى.

وإذا دخلت النيجر في حالة عدم استقرار أو انجرفت نحو الفوضى، فإن ذلك سيدفع أعدادا كبيرة من سكان النيجر إلى الفرار إلى ليبيا، التي لا تملك الإمكانيات الكافية لحماية حدودها.

ناهيك عن انتشار تجار البشر على طول سواحلها الغربية القريبة من شواطئ مالطا وإيطاليا، على غرار زوارة وصبراتة والقره بوللي والخمس، وتهريب الأسلحة والوقود، المنتشر على الحدود.

لكن الأخطر من ذلك عودة أفراد تنظيم داعش للنشاط في ليبيا، بعدما تم القضاء على إمارتهم في سرت نهاية 2016، وفرارهم إلى دول الساحل وحوض بحيرة تشاد وخاصة نيجيريا.

إذ إن تدهور الوضع في النيجر سيسمح للتنظيمات الإرهابية بالنشاط على محور نيجيريا – النيجر – ليبيا وصولا إلى العراق وسوريا. فالنيجر تمثل نقطة عبور رئيسية للعناصر المتطرفة بين معاقلها الرئيسية في العراق وسوريا وبين معاقلها الجديدة في نيجيريا وحوض بحيرة تشاد.

  • موريتانيا

على الرغم من أن موريتانيا ليست لها حدود مباشرة مع النيجر، وتفصل بينهما مالي، إلا أنها معنية بشكل مباشر بالانقلاب الواقع على الرئيس بازوم، بحكم أن البلدين عضوان في مجموعة دول الساحل الخمس، التي شكلتها فرنسا لتنسيق عمليات مكافحة الإرهاب في المنطقة.

فمن بين دول الساحل الخمس، لم تبق سوى موريتانيا التي تتبع نظاما ديمقراطيا دستوريا، ولا يقودها نظام عسكري أو انقلابي. وعندما يكون محيطها مشكلا من أنظمة انقلابية فهذا يمكنه أن يشجع بعض المغامرين من ضباطها لقيادة انقلاب على النظام الدستوري أسوة بمالي والنيجر وبوركينا فاسو وتشاد وغينيا. فالأنظمة المنتخبة في دول الساحل تتساقط الواحد تلو الآخر كأحجار الدومينو، وهذا ما يثير قلق موريتانيا وأيضا الجزائر وليبيا.

فموريتانيا شهدت عدة انقلابات عسكرية منذ استقلالها في 1960، آخرها الانقلاب الذي قاده رئيس أركان الحرس الرئاسي الجنرال محمد ولد عبدالعزيز في 2008، على الرئيس المنتخب سيدي محمد ولد الشيخ عبدالله. والمصادفة أن قائد الحرس الرئاسي في النيجر هو من قاد الانقلاب على الرئيس بازوم.

لذلك كان من الطبيعي أن تدين الخارجية الموريتانية، في بيان، المحاولة الانقلابية وقالت إنها “تراقب بقلق كبير تطورات الأوضاع في النجير وترفض التغييرات غير الدستورية للحكومات”، داعية إلى “تضافر الجهود من أجل المحافظة على أمن واستقرار جمهورية النجير ومؤسساتها الدستورية”.

لكن هذا الوضع قد يخدم نواكشوط، لأنه سيجعلها في نظر المجتمع الدولي واحة للديمقراطية بين دول الساحل المنقلبة على أنظمتها الدستورية، ما يجعلها أكثر استقطابا للدعم العسكري والتنموي.

  • السودان

على غرار موريتانيا لا تربط السودان أي حدود مع النيجر، لكن بينهما بحر مفتوح من الرمال وقبائل مترابطة عرقيا، أو مذهبيا (الطريقة التيجانية). وفي الوقت الذي يشتعل فيه قتال عنيف في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع فإن أي انهيار للاستقرار في النيجر سيغذي الحرب في السودان، والعكس صحيح.

والنيجر بالذات تعج بالمرتزقة والباحثين عن الذهب والمجد، وشاركوا بشكل بارز في الحرب بليبيا، إلى جانب مجموعات مسلحة محسوبة على قوات الدعم السريع السودانية. وقبيلة المحاميد التي يتحدر منها الكثير من المقاتلين التابعين لقوات الدعم السريع لها امتداد في جنوب النيجر وبالضبط في ولاية ديفا، التي هاجروا إليها في بداية الثمانينات.

وفي ولاية أغاديز شمالي النيجر، ينتشر المنقبون السودانيون عن الذهب، وينشط المهربون على محور دارفور - النيجر. وهذا التداخل القبلي والمذهبي والأمني يجعل من إمكانية تجنيد المرتزقة من النيجر مسألة غير مستبعدة، خاصة إذا انفلتت الأوضاع الأمنية في الأخيرة أكثر.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى