العرب: الرواية الحضرمية مرت بفترات انقطاع منذ مئة عام

> صالح البيضاني

> الروائي سالم بن سليم: الجائزة حمل ثقيل وتسلط مجهر النقد على الكاتب.

سالم بن سليم روائي حضرمي شاب استطاع أن يحجز له مقعدا على طاولة الروائيين اليمنيين والعرب خلال فترة وجيزة من تاريخه الأدبي، بدأها بروايته “النوافذ الصفراء” مرورا بمجموعة قصصية حملت عنوان “استراحة بين الوجوه” وانتهاء بروايته الصادرة حديثا عن دار عناوين بوكس في القاهرة “زيان”.
صالح البيضاني
صالح البيضاني

وفي هذا الحديث مع “العرب” نبدأ من آخر محطات النجاح الإبداعي التي حققها الروائي سالم بن سليم، وفوزه مؤخرا بالمركز الثالث لجائزة محمد عبدالولي للرواية عن روايته الموسومة “كروت وردية”.
مغامرة سردية

رواية "زيان" مغامرة سردية بالنظر إلى التجريب السردي فيها من حيث الشكل والمضمون رواية “زيان” مغامرة سردية بالنظر إلى التجريب السردي فيها من حيث الشكل والمضمون

عن مسيرته الإبداعية وفوز روايته “كروت وردية”، يقول بن سليم “روايتي ‘كروت وردية’ هي الثانية في ترتيب أعمالي بعد ‘النوافذ الصفراء’ كتبتها وقد اكتسبت خبرة لا بأس بها وهضمت واستفدت من كل الآراء النقدية التي وصلتني عن روايتي الأولى ‘النوافذ الصفراء’.

ورواية ‘كروت وردية’ عمل محبوب إلى نفسي، كتبتها بمشاعر مختلفة، أو كما يقال ‘كُتبتْ بحب’. وفازت مؤخرا بالمركز الثالث لجائزة محمد عبدالولي للرواية والتي تنظمها دار عناوين بوكس وهذا الفوز يعني لي الكثير، فهو اعتراف من قبل لجنة تحكيم كبيرة بأن ما أقدمه يعتبر فعلا من الأدب المتميز، وأن أعمالي تعتبر من الأعمال الجادة”.

ويضيف “بعض النقاد من خارج لجنة التحكيم قد أوصلوا إلي هذه الرسالة بعد فوزي: ‘مبارك لك سالم. الآن حجزت لك مقعدا على طاولة الروائيين’، كما قال الأكاديمي والناقد عبدالحكيم باقيس. ومع سعادتي واعتزازي بكل هذه الآراء إلا أنني شعرت بحمل ثقيل وقع على عاتقي الأدبي، فكل ما سأكتبه بعد الآن أظنه سيكون تحت مجهر النقد، سواء من الأشخاص الذين يرون أنني نلت الجائزة بجدارة أو من قبل أصحاب الرأي الآخر”.

رواية “زيان” هي أحدث أعمال الكاتب اليمني بن سليم، وتبدو الرواية مغامرة سردية بالنظر إلى التجريب السردي فيها من حيث الشكل والمضمون، وعن هذه التجربة يردف بن سليم “رواية ‘زيان’ تعتبر مغامرة في المضمون أما من حيث الشكل فهي لا تحتوي شكلا مختلفا كثيرا عن المألوف. جاء الشكل السردي فيها وفقا لأسلوب التسلسل الزمني التصاعدي وبين الحكاية الأصلية يضع الكاتب فصولا من حكايته هو أثناء كتابة الرواية، بمعنى أن الكاتب يستعرض جزءا من تفاصيل حياته في الرواية في الفترة التي كان يكتب فيها الرواية”.

ويشدد على أن هذا بالنسبة إلى الشكل، أما المضمون فهو الذي شكل تحديا بالنسبة إليه فأحداث الرواية كلها تدور في أماكن لم يزرها من قبل ولا يعرف الكثير عن تفاصيلها، سواء في العراق أو في إيران مرورا بسوريا إلى بريطانيا وقد اعتمد على الأسئلة التي وجهتها لبطلة الرواية وأجوبتها، ثم كتب ما أملته عليه مخيلته في ما بعد.

ينتمي بن سليم إلى مجتمع ثقافي في حضرموت، استطاع إنتاج أول عمل روائي في الجزيرة العربية (فتاة قاروت)، غير أن البعض يتساءل لماذا لم نشهد تراكما سرديا في هذه المنطقة الجغرافية الزاخرة ثقافيا، عن ذلك يجيبنا “صحيح أن أول عمل أدبي يمني كما يصنف هو ‘فتاة قاروت’ لأحمد عبدالله السقاف ولكن حتى هذا العمل لم يكتب في حضرموت وإنما كتب في المهجر في إندونيسيا، ثم إن لدينا كاتبنا الكبير علي أحمد باكثير وقد كتب العشرات من الروايات والمسرحيات والقصائد وهو أيضا كتب معظمها في مصر وأثناء حياته في بلدان أخرى، بمعنى أن واقع الرواية لم يكن مشجعا في حضرموت، ولم يكن مناخها العام يساعد على تطور الإبداعات التي تظهر فيها”.

ويضيف “كما أن هناك الكثير من المبدعين في جوهرهم ممن لديهم موهبة أصيلة ولكن المناخ المحيط لا يشجع على الإطلاق. بعضهم يأخذ خطوة أو خطوات في مجاله الإبداعي ثم يذبل والحاضنة المناسبة مهمة جدا للمبدع خصوصا في خطواته الأولى وهي للأسف غير موجودة في مجتمعنا”.
مشهد يقاوم

عن واقع الرواية في اليمن، يقول بن سليم “لا أعتقد أنه في حال ممتاز لكنه في وضع لا بأس به نسبيا، فإضافة إلى ما سبق من الأسباب القديمة أصبحت الحرب وتبعاتها وهذه الحالة اللزجة والمزاج العام المنهك كلها تؤثر في حالة الإبداع وظهور المبدعين واستمرارهم، ولكننا نقول لا بأس على الأقل نحن لم نتوقف وهناك جيل جديد من الكتاب الشباب يكتبون وينشرون ولديهم اهتمام وشغف وسوف نصل بإذن الله بالرواية الحضرمية واليمنية بشكل عام إلى مستويات أفضل مستقبلا”.

في سؤال حول وجود فترة انقطاع لافتة بين الأجيال الروائية في حضرموت، يجيب بن سليم “رواية ‘فتاة قاروت’ نشرت عام 1927. ثم كان هناك رواية نشرت في فصول في مجلة ‘الإخاء’ بعنوان ‘الغنّاء’ في مدينة تريم عام 1938 ثم رواية ‘وا إسلاماه’ لعلي باكثير على سبيل المثال نشرت عام 1945، وبعد ذلك لدينا رواية لحسين سالم باصديق بعنوان ‘طريق الغيوم’ نشرت عام 1976”.

 بالإضافة إلى تلك الأعمال يذكر روايات أخرى قليلة ومنثورة عبر السنوات منها كما ذكر الدكتور مسعود عمشوش في كتابه “الرواية في حضرموت في تسعين عاما” مثل رواية “الحبّانية” للمؤرخ محمد الشاطري في الأربعينات، متابعا “إذا نظرنا إلى تواريخ النشر نجدها متباعدة بالفعل وكم الروايات قليل جدا، وفترات الانقطاع طويلة جدا ولكن حاضرا نجد أن الإصدارات بدأت تزداد وتكاد تكون سنوية ولدينا كتاب لهم إصدارات متعددة (صالح باعامر، عمّار باطويل، خالد لحمدي) ممن كتبوا أكثر من ثلاث روايات على أقل تقدير ونأمل أن يستمر كتّابنا الشباب في مجالهم الإبداعي وأن يطوّروا من أساليبهم وأفكارهم الكتابية. وأنا منهم بطبيعة الحال”.

وعن رؤيته لواقع المشهد الثقافي اليمني عموما وخصوصا السردي، يقول بن سليم “المشهد الثقافي اليمني كان إلى قبل فترة بسيطة قبل عدة سنوات مشهدا حركيا ومعطاءً وله نتاج أدبي وفني جميل، ولكن كما أسلفت فإن حالة عدم الاستقرار التي أنتجتها الثورة الشبابية والحرب في ما بعد قد أثرت كثيرا عليه. في مجال السرد وصلت الكثير من النصوص إلى العالمية ولدينا كتاب وصلت أعمالهم إلى القوائم العربية والعالمية في مجال أكبر الجوائز الروائية. ولدينا أيضا الكثير من الإصدارات السردية في مجال القصة والرواية وهذا شيء مطمئن وجميل فمن بين هذا الكم الكبير سيخرج حتما إلى العربية والعالمية الكثير”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى