فساد مسؤولي الشرعية يواصل استنزاف الجنوب

> تقرير/ محمد فضل مرشد:

>
  • رغم المنحة السعودية.. الأزمة المعيشية والخدمية بعدن تتفاقم
  • مراقبون: المساعدات الخارجية مهدئات مؤقتة وحلول تخديرية
  • هل تنجح الحلول الترقيعية بمنع انهيار وشيك للدولة بعدن؟!
> خلافًا لتوقعات المواطنين في العاصمة عدن وباقي محافظات الجنوب بتحسن الأوضاع المعيشية والخدماتية مع تسلم البنك المركزي اليمني بعدن "مليار رسال سعودي" كدفعة أولى من المنحة السعودية البالغة مليار ومئتان مليون دولار، واصلت قيمة العملة المحلية تراجعها في مقابل تفاقم الغلاء في أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية بالتزامن مع استمرار التردي في الخدمات الأساسية وفي مقمدتها خدمة الكهرباء التي سجلت يوم أمس 18 ساعة إطفاء بمقابل 6 ساعات تشغيل فقط.
  • استنزاف متواصل
ويؤكد متابعون للأزمات المتفاقمة التي تعصف بعدن، أن الوضع الاقتصادي والمعيشي والخدمي في عدن والمحافظات الجنوبية مهدد بمزيد من الانهيار رغم تقديم المملكة العربية السعودية منحة مالية عاجلة للبنك المركزي اليمني بعدن، وذلك جراء استمرار فساد حكومات ومسؤولي الشرعية في استنزاف ونهب مقدرات وموارد الجنوب والتسبب بمزيد من الانهيار للعملة المحلية ودفع الجنوبيين صوب أزمة كارثية.

وحول ذلك، أفاد الخبير الاقتصادي الجنوبي ماجد الداعري، بأنه "رغم إعلان البنك المركزي في عدن رسميًا دخول الدفعة الأولى من المنحة السعودية إلا أن الريال اليمني لم يحقق أي تعافي بل استمر في سعره الذي وصل اليه أخيرًا بأكثر من 1400 ريال للدولار"، مؤكدًا أن "التوقعات تشير إلى استمرار انهيار العملة المحلية خلال الفترة المقبلة".

وقال الداعري، بإن المواطنين كان يتوقعون تعافي العملة المحلية مع إعلان السعودية عن المنحة المالية الجديدة بنحو مليار ومئتي مليون دولار، ولكن ذلك لم يحدث.

بدورهم، قلل أكاديميون يمنيون من قيمة الوديعة السعودية باعتبارها "ستذهب كمرتبات بالعملات الأجنبية لصالح كبار موظفي السلطة المقيمين في الخارج منذ سنوات ولن يلمس المواطنين أي أثر لها كما حدث في الودائع والمساعدات المالية السابقة التي تلقتها الحكومة وبددتها سريعًا".
  • حقن تخديرية
وبعد أيام قليلة من تقديم المملكة العربية السعودية منحة مالية لحكومة الشرعية بلغت مليار ومائتان مليون دولار، قال تقرير بريطاني إن المنحة المالية الجديدة سيكون مصيرها كسابقاتها من الودائع والمنح والمساعدات المالية الخارجية التي تلقتها الشرعية وتبخرت دون أن يلمس لها المواطنين أي أثر يذكر حيث أنفقتها الشرعية على مسؤوليها المقيمين منذ تسع سنوات خارج البلاد ويتقاضون هم وأبنائهم والمقربين منهم مرتبات شهرية ضخمة بالدولار الأمريكي خلافا للقانون وبدون وجه حق وبفساد ليس له مثيل.

وشدد على أنه ما لم يتم وقف الفساد المهول لحكومة ومسؤولي الشرعية، سيظل المواطنون في عدن والمحافظات المحررة الأخرى تحت رحمة الودائع والمساعدات والمنح المالية الخارجية والتي عادة ما تأتي كـ "حقن تخديرية" عندما تتدهور قيمة العملة الوطنية بشكل كبير ومتسارع وتتفاقم الأزمة المعيشية التي تطحن المواطن ويبدأ الشارع الجنوبي في التحرك للانعتاق من القوى اليمنية العابثة في الجنوب.
  • حلول مؤقتة
وأكد التقرير المنشور منتصف الأسبوع بموقع "ميدل ايست أونلاين" البريطاني، بأنه على الرغم من أن الودائع والمساعدات الخارجية المقدمة إلى البنك المركزي اليمني في عدن تحد بشكل مؤقت من هذا التدهور وتكبح جماح الانهيار الاقتصادي من الوصول لحافة الانهيار التام الذي تنفرط من خلاله عقد ما تبقى من مؤسسات الدولة، إلا أن اعتماد حكومة ومسؤولي الشرعية على مثل هكذا حلول جزئية واتكالية، لن يمنع من معاودة العملة الوطنية الانهيار مجددا، إذ أن ما تحصل عليه الشرعية من مساعدات مالية طارئة، تصرف رواتب أو تغطية المستندات التجارية لتوفير غطاء نقدي لشراء المواد التموينية الغذائية لفترة محدودة.

وبالتالي سرعان ما يعود العجز المالي للشرعية مرة أخرى وتعود العملة المحلية للانخفاض، ما يعني أن الاقتصاد لن يشهد استقرارا ولو بشكل نسبي لأن المخزون النقدي من العملات الصعبة سيتآكل، بل سينفد، فالدورة الاقتصادية النقدية مغلقة ومحدودة في ظل جفاف في مصادر التمويل الرئيسة أبرزها انقطاع تصدير النفط والغاز ووجود فساد واستنزاف للعملة الصعبة كرواتب ونفقات إقامة لمسؤولي الشرعية في الخارج.
  • فساد مهول
وأوضح أن الوضع الاقتصادي في الجنوب سيظل بين الانهيار والتعافي الشكلي ما لم يتم تأمين مصادر تمويل ثابتة كتصدير النفط والغاز، وما لم يتم الحد من فساد مسؤولي الشرعية، واتخاذ إجراءات تقشفية وبمقدمتها إنهاء الزيارات والسفريات الخارجية لمسؤولي الشرعية إلا للضرورة القصوى، وتقليص العاملين في السفارات والبعثات الدبلوماسية، وعودة مسؤولي الشرعية للداخل وصرف رواتبهم بالريال اليمني كباقي موظفي الدولة، والكف عن صرف مبالغ مالية ضخمة لفعاليات ومؤتمرات داخلية وخارجية تستنزف خزينة الدولة دون أن تعود بالفائدة مطلقا على المواطنين في عدن والجنوب بل تعد من طرق الفساد للاستيلاء على المال العام.
  • نذر كارثة
وتشهد العاصمة المؤقتة للبلاد عدن وباقي المحافظات المحررة التي تندرج تحت إدارة حكومة الشرعية اليمنية منذ ثمان سنوات أزمات اقتصادية وخدماتية متواصلة، وبلغت حاليا أوجها مع بلوغ الوضع المعيشي للمواطنين مستوى من الانهيار لم يعد بمقدور المواطن في عدن والجنوب تحمله، وينذر بكارثة، خاصة مع تواصل تراجع قيمة العملة المحلية، وذلك على الرغم من وصول مليار ريال سعودي كدفعة أولى من المنحة المالية السعودية المقدمة للبنك المركزي اليمني بعدن والبالغة في مجملها مليار ومئتان مليون دولار.

ويترافق الانهيار المعيشي مع تفاقم التردي الخدماتي، حيث واصلت خدمة الكهرباء رفع ساعات خروجها عن الخدمة مسجلة تمانية عشرة ساعة من الاطفاء في مقابل ست ساعات فقط من الخدمة الكهربائية على مدار اليوم في عدن، بينما سجلت محافظات لحج وأبين المجاورة انقطاع كلي للتيار الكهربائي لأيام، ما ترتب عليه معاناة مريرة للمواطنين وتعطل أنشطة عديد من المرافق التجارية والصناعية التي وجدت نفسها معطلة عن العمل بسبب انقطاع التيار الكهربائي الحكومي من جانب وفي الجانب الاخر عدم القدرة على الاعتماد على المولدات الكهربائية الخاصة بسبب ارتفاع كلفة الوقود.
  • حكومة إنقاذ
وبحسب مراقبون، بات من الضروري الشروع في إصلاحات اقتصادية وإدارية عاجلة تبدأ من تشكيل حكومة طوارئ مصغرة تدمج فيها الوزرات وتعاد هيكلة الحكومة ووزاراتها وهيئاتها ومؤسساتها، بما يحد من التضخم الوظيفي فيها.

وأوضحوا في تقارير عدة نشرتها تباعا خلال الأسبوع الجاري مواقع صحفية دولية أن الوزارات والمؤسسات الحكومية بسبب فساد مسؤولي الشرعية أصبحت تعج بمئات المسؤولين والمستشارين الذين جرى تعيينهم بطرق مخالفة لأنظمة الوظيفة العامة ودون الحاجة الفعلية إليهم وأصبحوا يرهقون كاهل ميزانية الدولة برواتب ومخصصات مالية ضخمة، وفي مقدمة تلك الوزارات تأتي وزارة الخارجية كنموذج للفساد المالي والإداري حيث تم خلال السنوات الثمان الأخيرة تعيين المئات من أبناء وأقارب مسئولي حكومة الشرعية في وظائف دبلوماسية باتت معها سفارات وقنصليات اليمن في الخارج تعج بجيش من الموظفين وبمرتبات ومخصصات مالية ضخمة بالدولار الأمريكي تصرف لهم شهريا من خزينة البنك المركزي اليمني بعدن، تليها وزارة التعليم العالي التي سبق وأن تصدرت مشهد الفساد في البلاد بمنحها مئات المنح الدراسية في الخارج لأبناء وأقارب المسؤولين ومنحهم مرتبات بألاف الدولارات شهريا.

وبهذا السياق وبالتزامن مع دعوة الجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي الجنوبي قبل أيام إلى وجوب تشكيل حكومة إنقاذ تلبي احتياجات الجنوبيين في ظل تواصل الغياب غير المبرر لمسؤولي الشرعية بمجلس القيادة الرئاسي والحكومة عن العاصمة عدن وتنصلهم عن معالجة الأزمات الطاحنة التي أوصلوا المواطنين في الجنوب إليها.. أكد التقرير البريطاني أن تشكيل حكومة مصغرة في عدن لانتشال المحافظات المحررة من أوضاعها المزرية قد أصبح ضرورة واجبة لمنع كارثة اقتصادية ومعيشية وشيكة ستعصف بآخر مقومات عيش المواطنين.
  • خلاصة..
وتلخيصًا للمشهد العام للأزمة الاقتصادية والخدماتية المتفاقمة في عدن ومحافظات الجنوب، أكد خبراء لـ "ميدل ايست أونلاين" أنه مهما كانت الأموال والمساعدات الخارجية التي تقدم للشرعية فإنها لن تتعدى كونها مهدئات مؤقتة وحلول تخديرية وترقيعية، طالما عجلة الاقتصاد الوطني بموارده السيادية في الجنوب معطلة، وطالما لم يرشد إنفاق مسؤولي الشرعية وتتخذ إصلاحات مالية وإدارية تكبح الفساد غير المسبوق وتحد من التضخم، وهو ما يجعل من عودة انهيار العملة المحلية أمرًا واردًا بشكل كبير، وبالتالي عودة منظومة الشرعية الفاسدة إلى ممارسة الأمر الوحيد الذي تتقنه وهو استجداء المساعدات الخارجية ومن ثم نهبها وترك المواطنين الجنوبيين يكابدون الويلات.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى