اليمن.. سيناريوهين لمآلات مفاوضات السلام مع استمرار الهجمات الحدودية

> "الأيام" القدس العربي:

>
​«مثل هجوم الحوثيون على موقعًا لقوات بحرينية على الحدود الجنوبية للسعودية، الاثنين، ما تسبب بمقتل اثنين ووفاة ثالث لاحقًا وإصابة آخرين، هزة عنيفة للتهدئة، التي يعيشها اليمن منذ أكثر من عام، كما يمثل اختبارا لها، خاصة في ظل ما حققته الجولة الأخيرة من المفاوضات بين الحوثيين والسعودية من نتائج اعتبرها الطرفان إيجابية، وتراجعت بناء عليها حدة الخطاب الإعلامي للطرفين. ما يدفع للسؤال عن مآلات مفاوضات السلام مع استمرار الهجمات الحدودية؛ باعتبار أن هذه الهجمات تمثل تهديدًا لما يمكن أن يذهب إليه السلام في هذا البلد، الذي يعيش حربًا دموية على السلطة منذ تسع سنوات.

لا يمكن بأي حال من الأحوال تجاهل تأثير هذه الهجمات على التهدئة التي ينظر لها المجتمع الدولي باهتمام، باعتبارها خطوة في طريق طي صفحة الحرب في هذا البلد، كما تمثل في ذات الوقت، من وجهة نظر متابعين، اختبارًا (وإن طال مداه) لنوايا كل الأطراف، ومدى قربها أو بعدها من السلام الحقيقي.

عودا على بدء نسأل: ماذا بعد هذه الهجمة التي يقول الحوثيون انه سبقتها هجمات على جنود يمنيين على الحدود؟ هل يمكن القول إنها ستنسف جهود التهدئة أو أنها ستضع حدا لهذه الهجمات، وصولًا إلى تهدئة حقيقية على طريق السلام في بلد ما زال يغلي على صفيح ساخن منذ إعلان التوقيع على اتفاق الهدنة في الثاني من ابريل 2022م؛ وكأن اختبار السلام يتجاوز في تعقيداته اختبار الحرب؛ وهو كذلك؛ فالسلام يحتاج إلى إرادات تنحاز للمستقبل، فيما يتعلق بالتسليم بإرادة الشعوب وحقها في قول الكلمة الفصل، وبالتالي فإن توقف الهجمات الحدودية من جميع الأطراف يتطلب إيمانًا حقيقيا بالسلام.
  • أوهام انتصار القوة
يذهب نقيب الصحافيين اليمنيين الأسبق، المفكر عبدالباري طاهر، إلى القول إن ثمة اتجاها لتعطيل التفاوض، وقال لـ«القدس العربي»: «بغض النظر عن توقع مسار الحوار بين العربية السعودية، و«أنصار الله» (الحوثيين)؛ فإن الأكيد هو وجود اتجاه لتعطيل التفاوض، أو الإعاقة على الأقل للوصول إلى حل، والإصرار على إطالة أمد الصراع، أو على الأقل إبقاء حالة اللاحرب واللاسلم».

وتابع: «الشعب اليمني المحاصر والمجوع، والمستلبة حقوقه المدنية والسياسية، بل المستلبة مواطنته، وأمنه، وسلامه، والمنكل به بأبشع معاني وصور التنكيل- هذا الشعب المذل المهان، والذي تخاض الحرب ضدًا على إرادته وحريته، كان يتطلع ولا يزال إلى وقف دائم وشامل للحرب، ويتطلع لحل سياسي يعم ويتشارك في صنعه كل ألوان الطيف المجمعي والفكري والسياسي والحزبي. صناع وتجار الحروب، والمستفيدون منها، والمتسيدون بها، لا يريدون الحياة الآمنة والمستقرة للشعب اليمني».

ويعتقد طاهر أن «تصريح محمد عبد السلام فليتة ذو معنى ودلالة؛ فهو كرئيس للفريق المفاوض باسم «أنصار الله» (الحوثيين) يدرك خطورة العودة إلى المربع الأول، وإشعال فتيل الحرب من جديد».

وقال إن «صمود الشعب اليمني لتسعة أعوام، وصبره على الحصار الداخلي والخارجي، والتجويع الشامل، وقطع المرتبات- مرده في جانب مهم إلى رفض العدوان، والتطاول على الكرامة الوطنية، ولكن الشعب- كل الشعب اليمني- مع خيار السلام، ونهج التفاوض والحوار، والوصول إلى حل سياسي».

واستطرد: «أوهمت القوة دول التحالف اكتساح اليمن في أشهر، وربما أسابيع، وبعد فوات الأوان، وكوارث تبدأ ولا تنتهي، أدركت السعودية استحالة قهر اليمن أو استبعادها؛ فهل أغرى العرض العسكري والميليشيات في صنعاء بضرورة مواصلة الحرب؟».

ويرى طاهر أن: «تسارع خطوات التطبيع بين السعودية وإسرائيل لا يُرد عليه بالتصعيد والحرب؛ فالتطبيع بينهما انتقل من الاحتمال إلى الفعل، ومن السر إلى العلن؛ فعلى مدى أكثر من نصف قرن كان الطرفان يتشاركان في حرب أمريكا وأوروبا ضد الثورات العربية، وحركات التحرر الوطني في العالم، والتضحية بالسلام في اليمن لن يوقف التطبيع، بل سيدفع إلى ما هو أسوأ».

كما يرى عبدالباري طاهر أن «الاحتمالات مفتوحة كأبواب جهنم، ووهم انتصار القوة عواقبه وخيمة على اليمن، والأمن والسلام في المنطقة».
  • سيناريوهان محتملان
فيما يرى الباحث السياسي، عادل دشيلة، متحدثًا لـ «القدس العربي» أن ثمة سيناريوهين مفترضين لمآلات مفاوضات السلام في ظل مستجدات الهجمات الحدودية.

وقال: جماعة الحوثيين تريد من خلال استئناف الهجمات إرسال عدة رسائل؛ أولا: أن الجماعة مستعدة للعودة للتصعيد في حال لم تحصل على ما تريد من الاعتراف بحكمها للمناطق الشمالية، ثانيًا: أن الجماعة مستعدة للدخول في معمعة مفاوضات طويلة الأمد مع القوى الداخلية، وفي نفس الوقت تريد أن تحسم الموقف مع السعودية؛ وإذا حسمت الموقف، وتم الاتفاق مع السعودية، سيتم استبعاد القوى الداخلية بالقوة العسكرية.

وتابع: وفي المقابل هناك رسائل أخرى من الطرف الاخر، حيث شاهدنا في العرض العسكري في مأرب صواريخ وطائرات مسيرة، وهذا معناه أن السعودية سمحت لحلفائها في الداخل باستخدام بعض الأسلحة التي بالإمكان أن تكون قادرة على مواجهة جماعة الحوثي؛ وهذا الخيار مستبعد؛ لأن السعودية لا ترغب في التصعيد العسكري، وتفضل استمرار التهدئة.

واستطرد: في تصوري الشخصي هناك سيناريوهان محتملان لمآلات المفاوضات في ظل مستجدات الهجمات الحدودية: الأول؛ أن تصعد جماعة الحوثي عسكريًا، وهنا قد تدعم السعودية حلفائها في الداخل في مواجهة الحوثيين وهذا مستبعد مع اتجاه السعودية نحو التهدئة، والسيناريو الثاني؛ أن تمتص السعودية هذه الهجمة مع الاستمرار في المفاوضات برعاية عُمانية، وهذا مرجح. لكن هناك من يسأل إلى متى سيستمر هذا الحوار مع حاجة الحوثيين لقطف الثمار بينما السعودية تريد عملية تشاركية، والمجتمع الدولي، وعلى وجه التحديد أمريكا، يريد تهدئة الوضع، والانتقالي يريد تحقيق هدفه في أقرب وقت ممكن، والحكومة غير قادرة على أن تعارض السعودية، ولهذا في اعتقادي يبدو الموقف ضبابياً».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى