غلاء فاحش ومستويات قياسية من الفقر وصلت إليها معظم البيوت في عدن

> د. أحمد عقيل باراس:

>
  • غياب شبه كلي للكهرباء ونقص إمدادات المياه في معظم أحياء ومناطق المدينة
  • تدني التعليم والخدمات الصحية والجهل والمرض يخيم على حياة العدنيين
  • فشل إداري يعصف بكافة مرافق عدن وضرورة ملحة لمعالجات عاجلة
> لا ندري من هي الجهة الخفية التي تشق على الناس في عدن وتنغص عليهم حياتهم وتحيلها إلى جحيم، فلا يكاد الناس فيها يحاولون يخلقون لهم مساحة من فرح في ركام الحزن الذي يلف ويغطي كل حياتهم، ويعملون على إسعاد أنفسهم بأنفسهم، حتى تجد من يأتي ليخنق ويقتل عليهم كل محاولة فرحة في قلوبهم... غلاء فاحش لا تستوعبه مرتباتهم الشهرية الهزيلة... مستويات قياسية من الفقر وصلت إليها معظم البيوت في عدن... أسر كريمة كثيرة أتعبها تعففها، تصحو وتبيت جائعة لا يجدون ما يسدون به رمقهم ولا رمق أبنائهم... مظالم يندى لها الجبين لا يستثنى منها أحدًا، وباحثين عن الحد الأدنى من العدالة لا يجدون حتى من ينظر إلى مشكلاتهم ناهيك عن إنصافهم ... أكوام بشرية الأغلبيه منها ينامون فوق بعضهم بعضًا في منازل ضيقة وصغيرة جدًا (مخزن ودارة)، تحصلوا عليها في أزمنة غابرة، إما هم أو آباؤهم، أو آباء آبائهم في عهد الاستعمار البريطاني، أو في عهد دولة الحزب الاشتراكي، والمحظوظين منهم وهم قلة يسكنون في مساكن لا يملكونها (إيجار) لمن استطاع منهم إليها سبيلًا، برغم المساحة الكبيرة من الأراضي التي تتشكل منها مدينتهم والتي وزعت على كثيرين باستثنائهم.. غياب شبه كلي للكهرباء، ونقص تام في إمدادات المياه في معظم أحياء ومناطق المدينة، إلى جانب تدني مستوى التعليم والخدمات الصحية، ليصبح الجهل والمرض مخيمًا على حياة الناس في عدن.

لا وصف أدق وأشمل للتعبير عما وصلنا إليه من حال في عدن، من كلمة الفشل بمعنييها اصطلاحًا ولغة لكل الحكومات والسلطات المحلية، التي تعاقبت على حكمها منذ العام 2015م وحتى يومنا الحاضر، والعنوان الأبرز لهذه المرحلة التي نحياها ونعيشها حاليًا، فطوال أكثر من ثماني سنوات فشلنا تقريبًا في كل شيء باستثناء الجانب العسكري، الذي لم ننتصر ونحقق النجاح إلا فيه، فشلنا في الحفاظ على استقرار توفير وقود الكهرباء، فشلنا في تأمين وصول إمدادات المياه لمواطنينا، فشلنا في إقامه ولو مشروع استراتيجي واحد، يحل مشكلة ازدحام طريق في جولة واحدة فقط، فشلنا في نظافة شوارع عدن برغم المليارات التي تجبى وتورد باسم نظافتها، فشلنا في سفلتة ولو نصف الخط البحري الجديد، لوقف سفك الدماء التي تراق باستمرار، بسبب عدم قدرة الخط البحري القديم على استيعاب كمية السيارات المارة عبره، فشلنا في تغطية نقص المعلمين لمدارسنا، فشلنا في تشغيل ولو مستشفى واحد من المستشفيات الحكومية تشغيلًا حقيقيًا، يوفر الحد الأدنى من التطبيب والعلاجات لنزلائه، فشلنا في استعادة ولو شبر واحد من متنفذ، وفشلنا حتى في تنفيذ أحكام القضاء عندما يتعلق الأمر بمتنفذين، فشلنا في الاستفادة من الدعم المقدم لنا من دول التحالف، وفي استيعاب المساعدات الإنسانية الأخرى التي قدمتها لنا المنظمات الدولية، وفشلنا في غيرها من المجالات والمناحي لا يتسع المجال هنا لذكرها، غير أن الأسوأ من كل ذلك أن وجه هذا الفشل رسائل خاطئة أصابت الناس بالإحباط، وشوشت على الكثيرين من المخلصين للجنوب، حيث أظهرت بعض القيادات الإدارية الجنوبية عاجزة، وجعلتها تبدو في قطيعة وتناقض بين ما ترفعه من شعارات، وبين ما تقوم به من أعمال، ونظر الناس إلى الاستمرار في مواصلة الفساد والهدر والبعثرة للأموال التي تحصلت عليها عدن في الفترة الماضية، والتي تقدر بملايين الدولارات بعثرتها وهدرها بوتيرة وبدرجات أعلى من الهدر والفساد، الذي كان يتم في الماضي في ظل النظام السابق، وذلك بإصرار السلطات المحلية على تسليم معظم المشاريع في عدن، إما لشركات فاشلة أو لمقاولين أفشل، وتغاضيها عن الأخطاء التي كانت تتم أثناء إنجاز هذه الأعمال، والتلاعب في المواصفات.

نظر الناس إلى هذه الأعمال بشيء من الريبة والشك، فبدا اليهم وكأن أمر عدن لا يعني ولا يهم من يتولى إدارتها، وأن ما يحصل فيها من أخطاء ليس ناتجًا عن غياب المهنية والاحترافية، أو قلة الخبرة، وإنما كان أسلوب عمل ممنهج. وهذا ما يجعلنا نقولها وبمرارة إن معظم العقليات التي تعاقبت على إدارة شؤون عدن لا تشعر بروح الانتماء لهذه المدينة، ولا يجمعها حتى حب الجنوب ككل، وأن ما يهمها ويثير اهتمامها هو نفسه الذي كان يهم ويثير اهتمامات القيادات السابقة، التي كانت تعمل مع النظام السابق، حينها وتنظر لعدن للأسف بنفس النظرة التي كانوا يرون وينظرون إليها باعتبارها أرضًا ليس لها أبناء وبلا صاحب.

بات واضحًا لا شيء مكتمل في عدن، ولا شيء سيكتمل فيها، بل سيستمر إهدار الطاقات والتفريط بالمقدرات، طالما ولا يشعر أحد بالمسؤولية تجاهها، واستمررنا في إدارة شؤون المدينة بنفس هذه العقلية التي ندير الأمور بها الآن، فحتى ما نراه منجزًا يصبح بلا جدوى. فهذه محطة بترومسيلة تعمل بأقل من نصف طاقتها منذ إنشائها وحتى اليوم، وها نحن نخسر في أقل من سنة أكثر من عشرة ملايين دولار على مشروعين فاشلين، أعطيناها لشركة طرق لتوفير مياه لمنطقتين فقط في عدن، هي البساتين وكريتر، وكانت النتيجة أنها لم تتم الاستفادة من هذين المشروعين، لرداءة وسوء تنفيذ الشركة المنفذة غير المتخصصة.

واليوم وبحسب ما يثار فإن هناك أخطاء كبيرة ترتكب في تنفيذ مشروع الطاقة الشمسية لعدن، من قبل الشركة المنفذة، دون أن يحرك أحد ساكنًا، وما زلنا نرى جبال وشواطئ عدن تسلم لبيوت تجارية فاسدة، تعبث فيها وتغير معالمها وتاريخها، متجاهلين تحذيرات المتخصصين في الجيولوجيا والبيئة والتاريخ، وأثرها المدمر على الأرض وعلى الإنسان.

وبعد هذا كله والصورة السوداوية كلها ومن وسط ركام الفشل الإداري المستوطن فينا، تبقى ثقتنا في حكمة الأخ الرئيس القائد عيدروس قاسم الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي نائب رئيس مجلس القيادة، هو الأمل بعد الله سبحانه وتعالى، فهو القادر وحده بأن ينتصر لعدن، وينهي معاناة الناس فيها، ويأخذ بأيديهم ويطيب خواطرهم، وهو القادر وحده أن يضع حدًا لهذا الفشل الإداري الذي وصل إلى مستويات قياسية، وتحريرها من سطوة المتنفذين، ووقف عبث بيت هائل بالجبال، وتدميره لبيئة وتاريخ المدينة، وتحرير المشاريع في عدن من هيمنة وسيطرة أولاد الصغير، وشركة إرم ستار الوادعي، أملنا بعد الله في قائدنا وهو القادر بإذن الله أن ينهض بعدن والجنوب، ويرتقي بحياة هذا الشعب الصابر، ويجعلنا في مصاف الشعوب المتقدمة، والانتصار لكل الدماء وللتضحيات التي قدمها شعب الجنوب.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى