"شمة الحوت".. القاتل المختبئ في أفواه الشباب والأطفال والفتيات

> عمرو صابر عبد القوي

> تزايدت على نطاق واسع بيع (شمة الحوت) في العاصمة عدن حيث يتم بيعها في العديد من الأكشاك الصغيرة على الطرقات وكذا في أسواق القات فأصبح الكثير من الشباب والأطفال والنساء مدمنون عليها.

وتعد ظاهرة تعاطي الشمة من إحدى الظواهر السيئة المتفشية بين أوساط المجتمع الأسري عامة والشباب خاصة فنتج عنها بروز مخاطر صحية، بسبب ما تحتويه من مواد بودرة الـ (تنباك) والمخلوطة بمواد شبه قلوية وسامّة.


ويرجح زيادة أعداد متعاطيها، بسبب توفرها وسهولة شرائها والسعر المنخفض، تزامنًا مع غياب الدور الرقابي الجاد من السلطات المحلية، لمنعها في الأسواق مع حظر دخولها إلى العاصمة عدن وإلغاء استيرادها من الخارج.

"الأيام" بدورها التقت أطباء ومواطنين ونقلت آراءهم حول هذه الظاهرة الخطيرة.

الطبيبة ليلى كمال اختصاصية جراحة فم وأسنان في مستشفى خاص بمديرية المنصورة، أشارت إلى أن الشمة هي عادة سيئة انتشرت بشكل كبير مؤخرًا بين أوساط الشباب إذ أن العادة السيئة لها مضار كثيرة، قد لا يدركها البعض، ومن إحدى هذه المضار التي نواجهها في بيئة عملنا نلاحظ هناك تغييرًا في البيئة الفموية والوسط الفموي في اللثة والأنسجة وأغشية الخد.
ليلى كمال
ليلى كمال


ولفتت أخصائية جراحة الفم والأسنان إلى أن الشمة هي عبارة عن مواد كيميائية مضرة، تعمل على تغيير الخلايا في الأنسجة الفموية، وكما نعرف أن الأنسجة الفموية هي عبارة عن أنسجة حساسة جدًا وقد تتغير بالاحتكاك المباشر، بالممارسات والعادات الخاطئة مثل تعاطي شمة الحوت وغيرها من المواد التي يتناولها الشخص، حيث أن المتعاطي يأخذها بشكل مستمر وبشكل متتالي ولفترات طويلة تعمل على الاحتكاك مع أغشية الفم، وبالتالي تعمل على تغير الخلايا على المدى الطويل.


وأضافت أن شمة الحوت تصبغ خلايا اللثة ثم تعمل على تآكلها وتغييرها، ما يؤدي إلى ظهور اختلالات فموية من ضمنها أمراض سرطانية، والأمراض السرطانية الفموية هي من أخطر السرطانات والأكثر انتشارًا والأسرع تهتكًا.

من جانبه لفت الطبيب مصطفى سالم الثلجة -من دولة سوريا الشقيقة- استشاري أمراض القلب والقسطرة في مستشفى خاص بالعاصمة عدن، إلى أن شمة الحوت خطيرة وأخطر ما يكون فيها هو تأثيرها على شرايين وضربات القلب.
مصطفى سالم
مصطفى سالم


وأشار الطبيب إلى تأثير مباشر وغير مباشر على متعاطي هذه الآفة الخطيرة، ألا وهي امتصاص الجسم لشمة الحوت فيؤثر على القلب بشكل مباشر وغير مباشر، وبالنسبة للتأثير المباشر على القلب يتمثَّـل بزيادة ضربات القلب، وحصول تشنجات في الشرايين عند مرضى ضيق في شريان القلب، وسرعة ضربات القلب تؤدي إلى ضعف وتلف في عضلة القلب بشكل مستمر.

بينما يكمن التأثير غير المباشر وهو الأشد خطرًا بالمواد الكيميائية الموجودة في شمة الحوت، والتي تساعد على زيادة نسبة الكولسترول وزيادة نسبة تضيقات الشرايين بشكل كبير، والأخطر زيادة نسبة الكالسيوم وضيق الشرايين، فمتعاطي الشمة تختلف شرايينهم عن الآخرين من الناس.

وأوضح بأن أحد العوامل في ضيق شريان القلب هو تعاطي الشمة الحوت، مؤكدًا أن تعاطيها يقود صاحبه نحو ضيق شريان القلب أو ما يسمى بـ (الذبحة الصدرية غير المستقرة) وهو المرض الأول على مستوى العالم المسبب للوفيات، ناصحًا الشباب بإيقاف تعاطي شمة الحوت بشكل نهائي. في غضون ذلك قال المواطن جهاد محمد سالم من مديرية صيرة "إن تعاطي شمة الحوت هي سلوك سيء يقلل من مكانة الشخص اجتماعيًا، فيجب علينا أن ننصح الشباب وجميع شرائح المجتمع التي تقبلت هذا السلوك المقرف بجميع الوسائل كل في منبره".

في أربعة نقاط لخَّـص أسباب تعاطيها بما يلي:

  • أولًا: سهولة تداولها بين أوساط الشباب.
  • ثانيًا: احتواء شمة الحوت للمخدرات التي فيها.
  • ثالثًا: الانحراف الأخلاقي عند الشباب.
  • رابعًا: هزيمة أهواء النفس.
وطالب بتوعية الشباب، وإقامة ندوات تعريفية بمخاطر استخدام شمة الحوت، لأن هذا لا يمت لهم بصلة لا إلى ماضيهم ولا إلى حاضرهم، مضيفًا بأن هناك العديد من الفتيات اللاتي يتعاطين هذه العلة، وهذا يعود إلى غياب دور الأهل، لعدم متابعتهم لأولادهم وكشف المشكلة مسبقًا حتى يتم علاجها في وقت مبكر، مردفًا بأن العامل الأهم هو ضعف الجانب الأخلاقي لدى الباعة، وعدم وجود الرقابة للمحاسبة. ووصف المواطن أيمن محمد عبدالرب من مديرية الشيخ عثمان تعاطي شمة الحوت بأنها من العادات المخفية التي غزت مدينة عدن المتحضرة، ناعتًا إياها بالظاهرة المنافية للأخلاق، وقد تؤدي بحياة ممارسها إلى الوفاة المبكرة.

وعزا تعاطيها إلى قلة الوعي وفراغ الوقت، كاشفًا أن الأطفال بدأوا بتقليد من هم أكبر منهم في ممارسة هذا الخطب المشين.


مطالبًا بعودة دور الرقابة من الدولة، والتي لا بد أن تحظر استيرادها، ووضع عقوبة صارمة لمن يبيعها ويروج لها، وزجر من يتعاطاها.

بدورها التقت "الأيام" أحد بائعي شمة الحوت ويرمز له بـ (ص. ح) والذي قال "إن ظاهرة تعاطي شمة الحوت انتشرت في المجتمع بشكل كبير، ليس من جانب الشباب فقط بل حتى لدى الكثير من الفتيات، وذلك بسبب غياب رقابة الأسرة على الأبناء والبنات".

واعترف البائع أن مادة شمة الحوت تسبب الموت المبكر، وفيها مواد خطيرة على الدماغ وتسبب مضاعفات خطرة لصدر الإنسان.

وتابع حديثه أنه وبسبب سوء الأوضاع المعيشية اتجه أكثر التجار والبائعين في البقالات والأكشاك إلى بيع الشمة، بسبب الطلب الكبير عليها والأرباح المتزايدة والإقبال الواسع.

أما الطالب الجامعي طاهر حسين الكاف ويقطن في منطقة اللحوم بمديرية دار سعد، فأعاد مشكلة انتشار شمة الحوت إلى المتاجرة بها في الأكشاك الصغيرة المنتشرة في عدن، بغية الربح السريع دون الاهتمام بالأضرار الناتجة عنها.

ويرى طاهر الكاف أن الحل من وجهة نظره يكمن بمنع استيرادها إلى اليمن، ومكافحة تهريبها، ووضع عقوبات صارمة على المخالفين للوائح القانونية.

وفي موازاة ذلك اعتبر محمد عرفات ردمان من أبناء مديرية دار سعد أن تعاطي شمة الحوت ظاهرة سيئة دخلت على العادات والتقاليد ويجب القضاء عليها، وتوعية من ابتلاهم الله بها بخطورتها، فالأمر بات منتشرًا بين أوساط النساء وليس فقط متعلقًا بالأطفال أوالشباب.

وألمح إلى أن تعاطي الشمة قد تكون عادة مدسوسة في مجتمعنا، والسبب عدم إدخالها ضمن المواد المخدرة حيث يتم إعطاء التاجر الضوء الأخضر بمزاولة بيعها وشرائها في الأسواق العامة، داعيًا إلى وجوب سن القوانين بوقف بيعها، ومحاسبة كل من البائعين والمتعاطين.


وفي واقع الأمر أكدت المواطنة إنتصار ياسين من أهالي مديرية خور مكسر أن ظاهرة تعاطي المواد المخدرة كـ (شمة الحوت)

تؤدي إلى الإصابة بالأمراض الخطيرة كـ (سرطان الفم) و (أمراض الكلى) و (الأصبع الزائدة) وغيرها من الأمراض.

ونسبت انتشارها في الأسواق إلى ضعف الرقابة على المنتجات المستوردة، ما ينتج عنه وصولها لأيدي أبناء العاصمة عدن وانتشارها المتسارع بين أوساط الشباب والأطفال.

وأرجعت ياسين إلى أن تزايد إقبال الشباب ومنهم المراهقون على تعاطي شمة الحوت، إلى ضعف التحصيل العلمي، مناشدةً بحتمية أن يتسلَّـح أبناء عدن بالعلم والمعرفة، وفي الجانب الأمني فرض التشديد والمراقبة على المطارات والميناء لضبط الممنوعات والسلع غير القانونية.

المواطنة ذاتها سلطت الضوء على وسائل الإعلام في إيصال الرسائل التوعوية، مناشدة بتكثيف التوعية المستمرة للشباب عن طريق وسائل الإعلام أوعن طريق المبادرات التطوعية من خلال نزولها إلى الشوارع، لاستهداف أكبر شريحة من الشباب والأطفال.

مستطردةً أنه في الأول والأخير يجب أن يكون الشاب لديه القناعة بالإقلاع عن تعاطي شمة الحوت.

ولا مناص من القول أن شمة الحوت باتت كارثة إنسانية كما وصفتها المواطنة نجلاء محمد من مدينة كريتر لأنها -كما ذكرت- بمجرد التعاطي يدخل الشاب في متاهات لا رجعة عنها، مشيرةً إلى أن إحدى أهم أسباب استفحالها لدى الشباب والأطفال هي الصحبة السيئة والتي غالبًا ما تبدأ بتجربة وتنتهي بإدمان، وكما يُـقال في اللهجة العدنية (الصاحب ساحب)، ناهيك عن المخاطر الصحية مثل الأمراض النفسية والأمراض العضوية مثل سرطان الفم ومشكلات البطن وغيرها، إضافةً إلى تشويهها للشوارع وحوائط المباني.

ومن الأمور اللافتة في انتشارها أن بعض الباعة يهدفون في استيراد وبيع شمة الحوت إلى الكسب والثراء، وبعض المروجين يلجأون إلى المتاجرة بها، بسبب ظروف معيشية صعبة يمرون بها، خصوصًا وأنها رخيصة الثمن.

وطالبت بأهمية وجود رقابة ومتابعة على المواد المخدرة التي تدخل الأسواق، لإخراجها من السوق وإتلافها أمام وسائل الإعلام.

خاص "الأيام".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى