​أزمة الهوية عند الشباب اجتماعية أم نفسية؟

>
أزمة الهوية عند شبابنا اليوم تعبير عن إخفاق الشباب والموازنة بين تطلعاتهم الشخصية ومتطلبات الحياة الاجتماعية، خصوصًا في مجتمعات أقل ما يقال عنها مضطربة اقتصاديًا وتمر بتحولات متسارعة ثقافية واجتماعية تؤدي بالضرورة لتغيير مواقع الأشخاص ودوائر علاقاتهم، والتقاليد والأعراف التي تنظم هذه العلاقات.

ولعل أهم تحولات الهوية الفردية في مجتمعنا نتج عن انفتاحه على مصادر تأثير ثقافي وربما أنماط حياة جديدة أو مختلفة عما تعود عليه المجتمع وبيئته الاجتماعية داخل الأسرة، أو في محيط علاقاتها الأسرية، وكثيرًا ما تعارض ما توارثناه عن أسلافنا.

وهناك اعتقاد كبير جدًا بأن بداية التحول العميق يرجع إلى العقدين الأخيرين من القرن العشرين، حيث ظهرت وبشكل ساهمت كثيرًا في تغيير الهوية من خلال تحديث أنماط الحياة الاقتصادية وتأثيراتها، وتغيير سياسات التعليم وأنظمة وبرامج الدراسات وتنوعاتها، وتأثير طفرة الاتصالات وتقنية المعلومات ووصول الإنترنت السريع إلى كل قرية وبلد، حيث أعطى الإنترنت فرصة للشباب للانفتاح المباشر على عوالم جديدة، حيث لم يعد للعائلة أو المدرسة أو حتى الشارع وأنماط الحياة فيهم إي تأثير، على الهوية الاجتماعية عند الشباب، الذي أصبح عرضة بالكثير والقليل على ذهنيته الفردية، حيث أصبح الفرد يختار بوعي ومن دون وعي من موائد لا أول لها ولا آخر، موائد وملتقيات بعيدة تمامًا عن التجربة الإنسانية والاجتماعية لمجتمعاتنا.

كل هذه التغيرات للأسف تواجه الذهنية التقليدية بتحدٍّ جديد، يدعمه أنماط حياتية أكثر يسرًا وجاذبية. الأمر الذي يضع الفرد في المحك، إما أن يتخلى عن بيئته ونمط حياة الأسرة وعاداتها، وإما الحرمان من  ثمرات الحياة الجديدة، وفقًا لرؤية إريكسون (فإن التحول المشار إليه يؤدي ربما لعسر في التفاهم بين جيل الشباب وآبائهم ليس لانهما يرفضان التفاهم بل لأن الاختلاف من الآباء والأبناء ينطلق من مشارب ثقافية يجعل لكل منهما خلفية مختلفة .. بل عالم مفهومي ومعنوي متباين عن الآخر).

لذا فإن الحاجة للحفاظ على العلاقة بين الآباء والأبناء تؤدي بالضرورة إلى قدر من التكلف والعناء، الذي ينعكس على شكل أزمة نفسية أو ربما اجتماعية توثر بفوارقها الثقافية على ما نسميها (أزمة الهوية).

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى