نجل آخر سلاطين المهرة وسقطرى: دمجنا في إقليم حضرموت قرار خاطئ

> "الأيام" جمال شنيتر:

> كانت سلطنة المهرة وسقطرى إحدى سلطنات جنوب شبه الجزيرة العربية الذي احتلته بريطانيا عام 1839 حتى استقلاله من عام 1967، حين استولت الجبهة القومية ذات التوجهات القومية واليسارية على الحكم، وأنهت السلطنات والإمارات في جنوب اليمن، ومن ضمنها سلطنة المهرة وسقطرى التي شملت تاريخياً منطقة المهرة، التي تقع في أقصى شرق اليمن، وأرخبيل سقطرى في المحيط الهندي، وكانت تحكمها سلالة بن عفرار لقرون عدة، وشكلت المهرة وسقطرى إدارياً في عهد الوحدة اليمنية محافظتين مستقلتين.


المجلس العام

بعد اندلاع الحركة الشعبية الاحتجاجية ضد نظام الرئيس اليمني الأسبق علي عبدالله صالح في عام 2011، تنامت المطالب المحلية لدى أهالي المهرة وسقطرى بإعطاء المحافظتين حكماً ذاتياً في إقليم فيدرالي واحد، ورفض الانضمام إلى إقليم حضرموت أحد الأقاليم اليمنية الستة التي أقرها مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي تمخض عن المشاورات السياسية بين الأطراف اليمنية المتنازعة.

تزعم تلك الحركة الاحتجاجية عبدالله عيسى بن عفرار نجل آخر سلاطين المهرة وسقطرى، وأسس الملتقى العام لأبناء المهرة وسقطرى عام 2012، والتفت حوله أعداد كبيرة من أبناء المحافظتين، ونظم المجلس عدداً من التظاهرات والوقفات الشعبية المطالبة بالحكم الذاتي، وتزامنت هذه الحركة الشعبية مع المطالب الانفصالية في جنوب اليمن المطالبة بالاستقلال عن دولة الوحدة اليمنية.

مطالب ودعاوى

يقول الشيخ بن عفرار في حديث خاص لـ"اندبندنت عربية"، "إن المجلس العام يعمل لوحدة الصف والكلمة بين أبناء المهرة وسقطرى وإحياء الترابط التاريخي بينهم والمطالبة بكيان مستقل في أي تسوية سياسية مقبلة في اليمن".

ويعزو بن عفرار هذه المطالب إلى "المظالم التي عانى منها أبناء المحافظتين وما تعرضوا له من الإقصاء والتهميش والحرمان منذ استقلال الجنوب عام 1967، مروراً بفترة الوحدة اليمنية، إضافة إلى وجود عدد من الروابط السكانية والطبيعية والهوية التاريخية والثقافية التي تجمعهم، فالتاريخ المشترك واللغة المشتركة والتجانس الاجتماعي وخصوصية ثقافة مجتمع سقطرى والمهرة كلها عوامل تعود إلى ما قبل سبعة عقود، ونحن درسنا وضع المهرة وسقطرى خلال الفترات السابقة منذ عام 1967 حتى الآن، وأيقنا أن هذه الفترة لم تنصفهم، لذلك وقفنا على إعداد الرؤية السياسية للإقليم، وعزمنا على أن يكون لنا إقليم خاص".

رفض الدمج مع حضرموت

أسفرت نتائج مؤتمر الحوار الوطني اليمني الشامل عام 2014 عن إقرار تقسيم اليمن إلى ستة أقاليم، كان أكبرها الإقليم الشرقي الذي يشمل محافظات حضرموت وشبوة والمهرة وسقطرى، إلا أن ذلك أثار رفضاً واسعاً بين المهريين والسقطريين الذين تمسكوا بمطلبهم بإقليم مستقل.

وبخصوص هذا الرفض يشرح بن عفرار ذلك بالقول "قرار دمجنا في إقليم حضرموت قرار خاطئ ومرفوض شكلاً ومضموناً، بل نراه تحدياً صارخاً لإرادتنا وعدم احترام لخيارنا المجمع عليه وطمساً لهويتنا الوطنية والتاريخية، بل واجهنا مشروع إقليم حضرموت بالرفض ليس بالكلام والإعلام فقط، بل حتى من خلال إقامة المهرجانات والوقفات الاحتجاجية واللقاءات الشعبية الموسعة، وسنواصل مواجهته في الفترة المقبلة، ولن يفرضه علينا أحد، هناك وعي لدى أبناء المهرة وسقطرى، وبتلاحم كل الخيرين من أبناء المحافظتين سنحقق النصر باستقلالية مشروعنا".

وحدة إدارية واحدة

ويضيف "المهرة وسقطرى بقيتا قروناً عدة وحدة إدارية وكياناً واحداً، ولم تكن العوامل الجغرافية عامل تفرقة، لدينا اليوم كوادر شبابية لديها طاقات هائلة معظمهم من خريجي الجامعات، وهم من القادرين على قيادة بلدهم وقيادة الإقليم، إضافة إلى ذلك هناك ثروات نفطية هائلة يختزنها باطن المحافظتين، وما زالت بكر ولم تستثمر بعد، وهناك أيضاً ثروات متعددة سمكية وزراعية وسياحية حباها الله لسقطرى والمهرة، لكنها لم تستثمر أيضًاً".

خيارات الرفض

يؤكد بن عفرار "أن أبناء المحافظتين أجمعوا على المجلس العام كمكون جامع له رؤيته السياسية الشاملة التي تتضمن المطالبة بإقليم المهرة وسقطرى في أي تسوية مقبلة، وما لم يحترم ذلك الخيار المجمع عليه، فإن لأبناء المهرة وسقطرى الحق في إقامة الإقليم المستقل، وإذا فرض علينا إقليم حضرموت سنرفضه وسندعو للقاء عام للإعلان عن الخيارات الملائمة، وسندافع عنها مهما كلفنا ذلك، ونحن أعلنا موقفنا مراراً وتكراراً".

استقطاب محلي وإقليمي

وتعد المهرة بوابة اليمن الشرقية وثاني أكبر محافظات اليمن مساحة حيث تجاورها سلطنة عمان شرقاً، وتتصل المحافظة بصحراء الربع الخالي من الشمال، ومحافظة حضرموت من الغرب، والبحر العربي من الجنوب، وتمتلك ثروات متعددة أهمها النفط والغاز والمحميات الطبيعية والثروة السمكية، فيما تشكل سقطرى أرخبيلاً واسعاً يتكون من عدد من الجزر في المحيط الهندي أكبرها جزيرة حديبو، ومما زاد أهميتها موقعها على طريق التجارة الدولية. وكل هذه المميزات للمهرة وسقطرى أسهمت في جعلها محل اهتمام واستقطاب قوى محلية وإقليمية ودولية مستفيدة من الصراع المحلي السياسي والقبلي، ويلفت بن عفرار حول ذلك بالقول "أبناء المهرة وسقطرى كانوا مضرب المثل بالتوحد بامتداد المهرة وسقطرى على كيان وخيار ومرجعية واحدة بحكم الروابط التاريخية المشتركة ووحدة الهوية واللغة والنسيج الاجتماعي، ولكن التجاذبات السياسية جعلت منها تتصدر المشهد، وخلقت لنا ذلك الانقسام في إطار القبيلة والمجتمع، ولكن نقولها وبكل ثقة بأننا لن نصل إلى مرحلة الاقتتال في ما بيننا، أو الإضرار بأهلنا وبلدنا والمصالح العليا، ولا يزال هناك عقلاء وأعراف نحتكم إليها".

في إطار الشراكة

في مايو (أيار) الماضي عين المجلس الانتقالي الجنوبي، الشيخ عبدالله بن عفرار عضواً في الهيئة الرئاسية للمجلس، ولا يرى وريث السلالة الحاكمة في انضمامه للمجلس الانتقالي المطالب بعودة دولة جنوب اليمن السابقة مشكلة، على رغم أن دولة الجنوب السابقة ذات الأيديولوجية اليسارية هي من أنهت حكم السلطنة المهرية وبقية سلطنات وإمارات الجنوب، معتبراً أن المجلس الانتقالي شريك اليوم في حكومة المناصفة اليمنية ومجلس القيادة الرئاسي بين الشمال والجنوب، كما لا يرى أي تعارض بين المطالب المحلية لمشروع إقليم المهرة الفيدرالي، والمطالب الانفصالية للمجلس الانتقالي الجنوبي، لافتاً إلى أن هناك مطلباً محلياً في إقليم فيدرالي ومطلباً عاماً في إعادة دولة الجنوب السابقة.

اندبندنت عربية

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى