​أثر الثقة بما ينشر في منصات التواصل الاجتماعي وطرق التعامل معها

>
​تتعايش المجتمعات وتتأقلم مع محيطها الخارجي، وثقافاتها بالتواصل المباشر أو غير المباشر للأفراد فيها، وتحدد درجات الاختلاف في تقبل الأخبار والمعلومات بحسب الأحداث التي تحدث للفرد في مجتمعه، فمن هذه الأحداث ما هو مباشر ويتعايش معه الفرد ومنها ما هو غير مباشر، من خلال تلقيه عبر منصات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة.

خلال العقدين الماضيين حصل تحول ملحوظ في حياة الفرد بمجتمعه وفي كيفية التعايش مع الأحداث بعالمه، بسبب ظهور الانترنت (الشبكة العنكبوتية) التي تمتاز بتقريب البعيد وجعل سكان المجتمعات أو العالم كله كقرية صغيرة مجتمعين فيها، ولا يخلو أي منزل أو قرية منها، وبالتالي فقد أضيف إلى الواقع المعاش عالم افتراضي يتنقل فيه الفرد ويمارس نشاطه مع بني جنسه وكأنه في عالمه الواقعي.

وبسبب تسارع الأحداث وتناقل المعلومات بشكل سريع، أنشئت عدة برامج للتواصل السريع بين سكان الكرة الأرضية، بغض النظر عن البعد الحاصل بينهم، منها مواقع ومنصات التواصل الاجتماعي( الفيسبوك - الواتساب - إنستجرام - اليوتيوب - والماسنجر...) بجميع أنواعها واستخدامات التواصل فيها بين بني البشر.

فما لا شك فيه أن منصات التواصل الاجتماعي قد غزت، وعبر الأجهزة الإلكترونية المنتشرة كالهواتف والحواسيب والأجهزة اللوحية جميع منازلنا، وهناك محتويات ومعلومات يتم تداولها ونشرها عبر تلكم المنصات، فمنها ما هو صادق يتم الوثوق به، ومنها ما هو إشاعة أوغير موثوق به يجب الحذر منه، حيث يعد بناء قدراتنا على الصمود أمام المعلومات أو الأخبار المضللة، ضرورة لابد منها للدفاع عن مجتمعاتنا وقيمنا وقراراتنا، لذلك قبل مشاركة أي أخبار أو معلومات مع الآخرين، يجب اتباع الخطوات الآتية: أولها التشكيك في مصدر المعلومات المنشورة، وتلقي المعلومات أو الأخبار من مصادر متعددة وموثوقة، وعدم السماح لعواطفنا أن تتحكم أو تقودنا، وكذا ضرورة المقصد أو النية أو الغرض من نشر الخبر في منصات التواصل الاجتماعي.

وهناك ثمة قصص واقعية حدثت تحكي تأثير نشر الأخبار غير المؤكدة والشائعات الزائفة على مواقع التواصل الاجتماعي بشتى أنواعها، والتي لا تستند على دليل تأثر في المجتمع بشكل عام، وشائعات وأخبار أخرى أثرت على المرأة بشكل خاص، نذكر أمثلة واقعية وحية لانتشار الشائعات والمعلومات الزائفة التي أثرت على المجتمع، منها ما نشر مؤخرًا حول توقف خدمة الإنترنت على مستوى العالم بسبب العاصفة الشمسية التي ستضرب الكرة الأرضية، في بدايات شهر أكتوبر من هذا العام، وستؤدي إلى أضرار صحية ومادية متعددة، منها توقف خدمة الإنترنت، وقد تم تحذير أفراد المجتمعات عبر منصات التواصل الاجتماعي بعدم استخدام الهواتف والأجهزة الإلكترونية خلال فترة العاصفة الشمسية، فدب الذعر بين أوساط المجتمع بانتشار هذا الخبر عبر عدة طرق، منها على شكل خبر مقروء، ومنها رسائل صوتية مسموعة، تحذر من خطورة هذا الحادثة الكونية -بحسب تعبيرهم-  وبعد مرور التاريخ المحدد لهذا الحدث اتضح أنها معلومات وشائعات تم تداولها عبر وسائل ومنصات التواصل الاجتماعي، حيث أكد خبراء بالوكالة الفضائية الدولية (ناسا) زيف هذه الأخبار  والشائعات ولا وجود لعاصفة شمسية ستضرب سطح الكرة الأرضية، منوهين بعدم الانجرار إلى مثل هذه الأخبار والشائعات الزائفة، وأخذ الأخبار والمعلومات من مصادرها الموثوقة والرسمية.

وهناك قصص واقعية أخرى لشائعات وأخبار نشرت على منصات التواصل الاجتماعي، أثرت ومست بشكل مباشر المرأة في المجتمع، حيث نشر مؤخرًا خبر فيه تحذير وتشهير لإحدى الفتيات بمدينة عدن، وبأنها تتبع فريق يقوم بالترويج وبيع المخدرات بين أوساط الشباب والشابات في المدينة، وقد تم ذكر اسم الفتاة ونشر صورتها الشخصية عبر منصات التواصل الاجتماعي، عن طريق صفحة امرأة عبر الفيسبوك، تعيش خارج البلاد في إحدى الدول العربية، ما أثار صدمة نفسية لتلك الفتاة التي عمدت هي الأخرى إلى استخدام الأسلوب نفسه، للدفاع عن نفسها وتبرير وتكذيب ما نسب إليها من إشاعات من قبل تلكم المرأة، فاستخدمت إحدى الصفحات المشهورة لأحد الصحفيين والكتاب على الفيسبوك، والذي تمتاز صفحاتهم بمتابعات كثيرة، كما تعد صفحته إحدى الصفحات الموثوقة في نشر الأخبار، وظهرت ببث مباشر تفند وتدحض جميع الافتراءات والشائعات، التي نشرت من قبل المرأة التي تتهمها كذبًا وبهتانًا لغرض تشويه سمعة الفتاة، حيث طالبت الفتاة تلكم المرأة وأمام الجميع بعرض أي دليل يثبت تورطها في جميع ما نشرته، وأنها مستعدة للمثول أمام القضاء في حال ثبتت تلكم الشائعات، التي وصفتها بأنها تمس سمعتها في أوساط المجتمع، وقد طالبت الفتاة عبر صفحة الكاتب والصحفي المشهور الجهات باتخاذ الإجراءات القانونية ضد تلك المرأة، كون الذي نشر ضدها جعلها تعيش في حالة نفسية مزرية، إضافة إلى نظرة المجتمع لها بعد نشر هذه الأخبار الزائفة، كما طالبت الجهات المتخصصة والمعنية بمحاسبة كل شخص رجل كان أو امرأة، يقوم باستخدام منصات التواصل الاجتماعي بكافة أنواعها لغرض التشهير وتشويه سمعة أي شخص في المجتمع، وخصوصًا الفتيات لغرض ابتزازهن وتشويه سمعتهن في المجتمع اليمني، الذي يعد من المجتمعات المحافظة على العادات والتقاليد وعلى الأخلاق والقيم الإنسانية.

كما أثيرت شائعات وأخبار زائفة عبر منصات التواصل الاجتماعي (الفيسبوك - الواتساب )أضرت بالمجتمع وأقلقت السكينة العامة وضربت العملية التعليمية في مقتل بمدينة عدن، حيث تم نشر أخبار وشائعات تفيد بوجود فريق طبي يدخل إلى  المدارس لتطعيم الطلاب بلقاحات وبالقوة، وقد أثار ذلك حفيظة الأهالي وأولياء الأمور وتخوفهم من هذا التطعيم، ما دفعهم لمنع أطفالهم من الذهاب إلى المدارس، خوفًا من تلكم الفرق الطبية، وتوقفت العملية التعليمية في المحافظة خلال انتشار تلكم الأخبار، واتضح بعدها بأنها أخبار كاذبة وشائعات كان الغرض منها إقلاق السكينة العامة واضطراب العملية التعليمية في المدينة، وقد أكد المسؤولون في وزارة الصحة العامة والسكان ومكتب الصحة بمحافظة عدن، وكذا المسؤولون في وزارة التربية والتعليم عبر مكتبها بمحافظة عدن، من عدم وجود مثل تلك الفرق التي تقوم بالتطعيم ، مؤكدين في بيانات وتعميمات نشرت تفيد بأنه لا يوجد أي أنشطة تقام في مباني التربية والمدارس إلا بإذن خطي من قبل مكاتب الصحة والتربية في المحافظة والمديرية، وعلى جميع أفراد المجتمع التبليغ في حال وقوع أو مشاهدة مثل هذه الحوادث، حتى يتم التعامل معها واتخاذ الإجراءات القانونية ومحاسبة كل من يتورط فيها.

من هنا نستخلص أن منصات التواصل الاجتماعي بكافة أشكالها وأنواعها هي سلاح ذو حدين، فيجب التعامل معها بحذر شديد، واستخدامها لخدمة المجتمع والمكان الذي نعيش فيه، بحيث نعرف من أين نستقي معلوماتنا وأخبارنا بشكل صحيح، واتباع الطرق التي تم ذكرها أعلاه، للحيلولة دون الوقوع في مثل هذه الشائعات، وكيفية كشف الأخبار المضللة والزائفة، وعدم نشرها والترويج لها لينعم مجتمعنا بأمن وسكينة وسلام تام.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى