​حرب غزة والفضاء المفتوح

>
​في هذه الحرب الأكبر في تاريخ ممتد لأكثر من 75 عامًا، لتصفية القضية الفلسطينية، يتدخل الفضاء المفتوح، خارج سلطة القوة. الحقيقة الجديدة التي للغرب فيها قصب السبق. هم رواد تكنولوجيا الاتصال، لكنهم يعجزون عن توجيهه كما كانوا يفعلون مع الإعلام التقليدي، ويقودون المجتمع الغربي بعيون معصوبة خارج أسوار الحقيقة.  الفضاء المفتوح في هذه الحرب على مدنيي غزة يوزع الأضواء على السرديات المختلفة، يزيل العتمة التي أرادت إسرائيل ان تفرضها على الرأي العام الغربي، الكذب في الفضاء المفتوح يعود سريعًا وبالًا على صاحبه.

صور القتلى من الأطفال تخترق البيوت والضمائر والجدران الصماء، أكثر من ألف طفل خلال أقل من أسبوعين قطعتهم أشلاء الآلية الحربية الصماء. لم تستطع القوة الجبارة للسلاح الإسرائيلي أن تفرض سرديتها على تكنولوجيا الاتصال رغم المفاتيح الكثيرة التي بيدها وحتى الأوامر لمقدمي البرامج والأسئلة المبتورة التي يراد تمريرها على المتحدث من الطرف الفلسطيني، لم تستطع ان تخلق التعاطف المعتاد مع الرواية الإسرائيلية. الفضاء المفتوح وضع الفلسطيني الضحية تحت الشمس لينقلب السحر على الساحر.

لذلك فأن الدول الاستعمارية المتجبرة في أمريكا وبريطانيا والمانيا وفرنسا لجأت إلى المنع المفضوح لكل صورة أو رمزية للفلسطيني الضحية، أرادت حتى منع المشاعر الإنسانية المتعاطفة معه، أشهرت عنصريتها وديكتاتوريته المخبأة تحت شعار حقوق الإنسان وحرية التعبير ألغت المبادئ الأساسية التي قام وتربى عليها مجتمع العرب. لكنها لم تقدر على تغطية الفضاء المفتوح بستار زائف.

خرجت الملايين لأول مرة في نيويورك وباريس ولندن تهتف بوقف المذابح، ضد المدنيين في الضفة والقطاع. ثمة جريمتان ترتكبهما إسرائيل وكلاهما جرائم حرب وضد الإنسانية في القانون الدولي. الإبادة الجماعية أو التطهير العرقي والتهجير بالقوة للفلسطينيين من أرضهم. هل سيتسامح المجتمع الغربي هذه المرة مع حكوماته التي تخفي حقائق مواقفها اللاخلاقية مع القضايا العربية العادلة ووقوفها مع دولة الفصل العنصري في إسرائيل الصهيونية؟ إن تراكم الزيف والكذب للحكومات الغربية وجرائمها في المنطقة العربية مثل كذبة امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل التي برروا بها تدمير العراق، والكذب الآن لتجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم هذا التراكم سوف تكون له ما بعده. وحدها تكنولوجيا الاتصال تمتلك القوة الجبارة الأكثر وضوحًا وتأثيرًا من قوة السلاح  قادر على أن يعيد العلاقات الإنسانية في هذا الكون إلى نصابها.

هكذا يتجدد الأمل ويزداد التفاؤل هذه المرة بأن الحق الفلسطيني في تأسيس دولته المستقلة وعاصمتها القدس، ولن يكون الفلسطينيون كالهنود الحمر، يمكن ابادتهم وينساهم التاريخ، ذلك لأن المحيط العربي وإن بدا الآن عاجزًا عن الفعل، لكن التاريخ لن يتوقف، وميزان القوة الدولي في تغيير مستمر.
وإن غدًا لناظره قريب.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى