التحرش بمصر عسكريّا محاولةٌ لتحويل الحرب إلى صراع إقليمي

> القاهرة "الأيام" العرب:

> ​حذر خبراء كثيرون من أن استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة يمكن أن يحولها إلى صراع إقليمي، يفضي إلى المزيد من التدهور في المنطقة، وهناك من يريدون للمنطقة التدحرج إلى هذا السيناريو من خلال افتعال أزمات مع بعض دولها أو التحرش بها عسكريا، أو جر جبهات تابعة لإيران إلى المشاركة في النزاع.

وتعرضت مصر لأنواع عديدة من المماحكات العسكرية والسياسية في الأيام الماضية، جميعها تشير إلى أنها قد تكون قريبة من التدخل في الصراع، خاصة إذا تعرضت مصالحها الإستراتيجية في سيناء وقناة السويس والبحر الأحمر لمخاطر واضحة.

ويقول مراقبون إن حركة حماس تتمنى توسيع المواجهة، فلم يعد لها سوى هذا الخيار كي يتم التحرك لتثبيت هدنة طويلة أو وقف لإطلاق النار. ومؤخرا طلب زعيم حركة الجهاد ونائب رئيس حماس من رئيس حزب الله اللبناني حسن نصرالله المشاركة في الحرب، وطلبا أيضا ذلك من إيران وجماعة الحوثي في اليمن والحشد الشعبي في العراق.

ودلل المراقبون على احتمال خروج الحرب عن السيطرة برفع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خطابا توراتيا توسعيا قبل أيام، وتعزيز الولايات المتحدة قواتها في المنطقة بعناصر ومعدات عسكرية إضافية، فضلا عن وجود حاملتي طائرات في شرق البحر المتوسط، وإخلاء المواطنين الأميركيين من المنطقة.

وأعلن المتحدث باسم الجيش المصري العقيد غريب عبدالحافظ سقوط طائرة مسيّرة مجهولة الهوية صباح الجمعة بجانب مستشفى طابا، القريبة من الحدود مع إسرائيل، وأسفر الحادث عن إصابة ستة أفراد إصابات طفيفة، وقد غادروا المستشفى بعد تلقي الإسعافات اللازمة، والواقعة قيد التحقيق بواسطة لجنة مختصة من الجهات المعنية.

وأوضح مصدران ومسؤولون في مصر أن مقذوفين سقطا الجمعة في مدينتين مصريتين (طابا ونويبع شرق سيناء) على البحر الأحمر، ما يسلط الضوء على خطر اتساع نطاق الصراع بين إسرائيل والفلسطينيين في المنطقة.

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاجاري صباح الجمعة “رصدنا في الساعات القليلة الماضية تهديدا جويا في منطقة البحر الأحمر، وأرسلنا طائرات هليكوبتر قتالية للتعامل مع التهديد، ويجري الآن التحقيق في الأمر”.

وذكر أن إسرائيل ستعمل مع مصر والولايات المتحدة على تعزيز الدفاعات الإقليمية في مواجهة التهديدات القادمة من منطقة البحر الأحمر.

وقال مستشار أكاديمية ناصر للعلوم العسكرية التابعة للجيش المصري اللواء حمدي بخيت إن مسيّرة طابا وصاروخ نويبع جاءا ضمن محاولات البعض لجر مصر إلى الانخراط في الصراع، لكن القاهرة لديها “قيم ومبادئ وثوابت راسخة بعدم الانجرار إلى أي صراع إلا بتهديد مباشر لأمنها القومي”.

وأضاف لـ “العرب” أن “الحادثين محل تحقيق لمعرفة جهة الأسلحة ومن أين تم إطلاقها ونوعيتها وهويتها، وهي خطوات ضرورية قبل أي تحرك من مصر للرد بالطريقة التي تناسبها والتوقيت الذي تختاره”.

وحذّر الخبير العسكري المصري من القفز على الاستنتاجات، لأن ما يحدث “قد يكون محاولة للفت الانتباه إلى ما يحدث في غزة، والحادثان قد يكونان قادمين من صحراء النقب أو من الخليج العربي أو من البحر الأحمر، ومن المؤكد أنه بعد التحقيق سيكون هناك رد مصري حاسم”.

وشدد في تصريحه لـ”العرب” على أن إسرائيل تعمل بشتى السبل “على أن تكون مصر تحديدا بعيدة عن الصراع ولا تتدخل فيه، وهذا لا يعني أنها بعيدة عما حدث، لكن التحقيقات وحدها ستكشف كل شيء”.

وأكد اللواء بخيت أن الأحداث الراهنة واحتدام الأزمة يقتضيان المزيد من ضبط النفس والتعامل بعقلانية رصينة، “لأن المنطقة مُقْدِمة على صراع إقليمي خطير، ومصر لديها القدرة الفائقة على التعامل مع أي تحول في الموقف ولا أحد يختبر صبرها، ومن المهم ألا نسهل مهمة أي طرف يرغب في أن يجرنا إلى صراع”.

ونقلت قناة “القاهرة الإخبارية” عن مصدر مصري وصفته بـ”السيادي” قوله إنه بمجرد تحديد جهة إطلاق الصاروخ الذي أطلق على نويبع أو معرفة الجهة التي أرسلت الطائرة المسيرة إلى طابا، ستكون “كل الخيارات متاحة للتعامل معها (الجهة)، وإن مصر تحتفظ لنفسها بحق الرد”.

وأصبح البحر الأحمر أكثر تهديدا بعد تلويح جماعة الحوثي، التابعة لإيران، في اليمن بإمكانية المشاركة في الحرب ضد إسرائيل خدمة لأهداف طهران، وانطلاقا من خطاب عقائدي إسلامي يصب في صالح حركة حماس الفلسطينية.

وأكد الجيش الأميركي قبل أيام أن سفينة حربية تابعة للبحرية في شمال البحر الأحمر اعترضت مقذوفات كانت قد أطلقتها على الأرجح جماعة الحوثي باتجاه إسرائيل.

وأظهرت الإدارة الأميركية حالة تأهب قصوى تحسبا لأنشطة جماعات مدعومة من إيران، في كل من اليمن ولبنان وسوريا والعراق، وذلك بالتزامن مع تصاعد التوترات الإقليمية. وتعرضت قواعد عسكرية تابعة لها في كل من العراق وسوريا للاستهداف العسكري.

وتبدو مصر التي لها حدود مع إسرائيل وغزة معرضة أكثر لخطر اتساع دائرة الحرب التي تشنها الأولى على القطاع الذي تتمركز فيه حركة حماس وقوتها المسلحة.

وأصيب عدد من أفراد حرس الحدود المصري بالقرب من معبر كرم أبوسالم الأحد الماضي بشظايا قذيفة أطلقتها دبابة إسرائيلية خطأً، واعتذرت تل أبيب عن هذا الحادث، لكن مصر أرسلت بعد ذلك طائرات حربية اخترقت الحدود بينها وبين إسرائيل، ردا على القذيفة الإسرائيلية (غير المقصودة).

وتعاملت القاهرة مع القذيفة على أنها تحمل رسالة سياسية وليست خطأ عسكريا، وفسرت مصادر أمنية لـ”العرب” حادثة إطلاق القذيفة بأن إسرائيل أرادت إظهار امتعاضها من إصرار مصر على إدخال مساعدات دون التنسيق معها، ومن بين المساعدات عربات وقود.

وتلعب مصر دورا نشطا في التفاوض على وصول المساعدات إلى الفلسطينيين ومحاولة إطلاق سراح الأسرى والرهائن الذين تحتجزهم حماس، وتدعو إلى وقف إطلاق النار.

وذكرت حماس الأربعاء أنها استهدفت بصاروخ (مداه 240 كيلومترا) إيلات الإسرائيلي، على الجهة المقابلة لطابا، وهو الهجوم الأطول مدى على إسرائيل.

وقامت طائرات مصرية عسكرية بجولات استطلاعية فوق نويبع وطابا لساعات طويلة الجمعة، وهو ما يمثل مؤشرا على عدم تهاون القاهرة تجاه المصادر التي تهدد أمن مصر القومي.

تأتي هذه التطورات في وقت تتعرض فيه غزة منذ ثلاثة أسابيع لغارات جوية إسرائيلية دمرت أحياء بكاملها، وأسقطت الآلاف من القتلى والجرحى، بالتزامن مع تحذير حماس من أن “المنطقة كلها ستخرج عن السيطرة إنْ لم يتوقف العدوان الإسرائيلي”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى