حرب إسرائيل في غزة تختبر النفوذ السياسي لمجموعة السبع

> طوكيو "الأيام" العرب:

> ​تغامر مجموعة السبع التي تضم الديمقراطيات الغنية بتقويض أهميتها كقوة لمعالجة الأزمات الجيوسياسية الكبرى بسبب انقسام فيما يبدو بين الدول الأعضاء حول الاتفاق على نهج راسخ وموحد تجاه حرب إسرائيل في غزة.

ويجتمع وزراء خارجية بريطانيا وكندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في طوكيو هذا الأسبوع لبحث الصراع الذي حذرت قوى عالمية من احتمالات انتشاره ليشمل الشرق الأوسط كله.

ويقول محللون إن الوزراء إذا أصدروا بيانا بعد الاجتماع فمن المرجح أن يتناول الصراع بعبارات عامة مما يعكس تباين المخاوف والولاءات السياسية والاقتصادية داخل المجموعة.

وقال توماس جومار، مدير المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، “الأوروبيون منقسمون وهذا الانقسام واضح أيضا داخل مجموعة السبع”.

ويقول مسؤولون ومحللون إن مما يزيد الأمور تعقيدا اتباع اليابان، الرئيس الحالي للمجموعة، نهجا حذرا تجاه الأزمة ومقاومتها الضغوط لاتباع موقف الولايات المتحدة المؤيد لإسرائيل، حليفتها الأقرب.

وقال مسؤولون من فرنسا وكندا، اشترطوا عدم الكشف عن هوياتهم، إن الدعم الأميركي القوي لإسرائيل والمخاوف من رد فعل عنيف من المكونات العربية أو اليهودية من سكان دول مجموعة السبع، جعلا من الصعب التوصل إلى مواقف مشتركة.

ومنذ بداية الصراع، سعت اليابان إلى التوصل إلى رد “متوازن”، ويرجع ذلك جزئيا إلى مصالحها الدبلوماسية المتنوعة في المنطقة واعتمادها على الشرق الأوسط في الحصول على النفط.

وقال مصدران إن دبلوماسيين إسرائيليين مارسوا، رغم ذلك، ضغوطا شديدة على اليابان في اتصالات هاتفية ورسائل بالبريد الإلكتروني وزيارات للمسؤولين اليابانيين.

ويقول محللون إن تزايد عدد القتلى في غزة عزز النهج الحذر الذي تتبعه اليابان. ويقول مسؤولو الصحة في القطاع الفلسطيني إن نحو عشرة آلاف فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال، لقوا حتفهم منذ بدء القصف الإسرائيلي ردا على هجوم السابع من أكتوبر الذي شنته حركة حماس.

وقال كويشيرو تاناكا، الأستاذ في جامعة كيو بطوكيو والمتخصص في العلاقات الدولية في الشرق الأوسط، “لا أتصور أبدا في التاريخ الماضي لرئاسة اليابان لمجموعة السبع أن الأمور وصلت إلى هذا النوع من التحدي الحاسم”.

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية اليابانية إن من المتوقع أن تكون للدول مواقف مختلفة، لكنه نفى أن تكون هناك صعوبة في توصل أعضاء مجموعة السبع إلى أرضية مشتركة.

ورفض المتحدث تأكيد احتمال صدور بيان. وأصدر وزراء تجارة مجموعة السبع بيانا في اجتماعهم في أوساكا أواخر الشهر الماضي لكنه لم يتطرق إلى الحرب.

ودعت مجموعة السبع في بيانها، الإسرائيليين والفلسطينيين إلى “اتخاذ خطوات لبناء الثقة نحو تحقيق حل الدولتين”.

وقال البيان إننا “ندعو الإسرائيليين والفلسطينيين إلى اتخاذ خطوات نحو تحقيق حل الدولتين. وتحقيقا لهذه الغاية، يجب على جميع الأطراف الامتناع عن الإجراءات أحادية الجانب، بما في ذلك الأنشطة الاستيطانية والتحريض على العنف”.

كما جدد قادة مجموعة السبع دعمهم للوضع التاريخي الراهن في مدينة القدس الشرقية.

وجاء في البيان “نرحب بالاجتماعات الأخيرة بين مصر وإسرائيل والأردن والسلطة الفلسطينية والولايات المتحدة، ونأمل أن يتم الوفاء بالتزامات جميع الأطراف بحسن نية”.

وتأسست مجموعة السبع قبل نصف قرن لمناقشة المشكلات الاقتصادية العالمية في بداية الأمر لكن نطاقها اتسع منذئذ لتمثل صوتا جماعيا للدول الصناعية الكبرى في القضايا السياسية والأمنية.

وأظهرت المجموعة في السنوات القليلة الماضية وحدتها في فرض عقوبات على روسيا بسبب حربها في أوكرانيا وانتقادها لما يطلق عليه “الإكراه الاقتصادي” الذي تمارسه الصين، لكن خطواتها لم تتسق جماعيا نحو الحرب بين إسرائيل وغزة.

ومنذ اندلاع الحرب، لم تصدر مجموعة السبع إلا بيانا مشتركا واحدا عن الصراع ضم جملا قليلة. وأصدر أعضاء آخرون في المجموعة بيانات مشتركة.

وتجلت انقسامات مجموعة السبع أيضا في الأمم المتحدة، فصوتت فرنسا لصالح قرار يدعو إلى هدنة إنسانية في الصراع في السادس والعشرين من أكتوبر، وعارضت القرار الولايات المتحدة وامتنع أعضاء المجموعة الآخرون عن التصويت.

وقال مسؤولون إنه سيكون من الصعب الاتفاق على صيغة محددة عن حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها والقتلى المدنيين في غزة والدعوات إلى وقف مؤقت للقتال.

وقال هيدياكي شينودا، الأستاذ في جامعة طوكيو للدراسات الأجنبية، إنه بخلاف خطاب المجموعة، يتعين على مجموعة السبع طرح مقترحات محددة لكيفية توصيل المساعدات الإنسانية إلى غزة التي تعاني من شح في الوقود والغذاء والمياه والإمدادات الطبية، لكن قد يتضح أن هذه مهمة عسيرة على الأرجح.

وقال مسؤول من مجموعة السبع إن الأعضاء يحرصون على إخفاء خلافاتهم حتى لا “يصب ذلك في مصلحة روسيا”.

وتستغل الصين وروسيا الصراع كفرصة في تلميع صورتهما كمدافعين عن العالم النامي ومعارضين للولايات المتحدة.

ويقول محللون إن أي بادرة انقسام أو إخفاق في وقف الصراع لن تؤدي إلا إلى تعزيز جرأة منتقدي مجموعة السبع.

وقال كونيهيكو مياكي، مدير الأبحاث في معهد كانون للدراسات العالمية البحثي في طوكيو، “إنها مسألة تتعلق أيضا بكيفية تفسير الصين وروسيا لهذه التطورات والطريقة التي ستحاولان بها اختبارنا”.

وتعهدت إسرائيل بالقضاء على حماس بعد أن هاجمت الحركة المدعومة من إيران جنوب إسرائيل وقتلت 1400 شخص وأخذت أكثر من 240 رهينة.

ورفض رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو دعوات عالمية إلى وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية قائلا إن أي تهدئة ستصب في مصلحة حماس، بينما اقترحت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي هدنا مؤقتة لأغراض معينة.

واقترح وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الاثنين خطة يمكن بموجبها لإسرائيل تعليق عمليتها العسكرية في غزة مقابل وصول الصليب الأحمر إلى الرهائن الذين تحتجزهم حماس.

وقال بوريل لدبلوماسيين من الاتحاد الأوروبي في بروكسل “أعتقد أن هدنة إنسانية يوازيها الوصول إلى الرهائن مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر كخطوة أولى نحو إطلاق سراحهم هي مبادرة يمكننا العمل عليها”.

وقال بوريل “سموها هدنة، أو نافذة أو أي شيء، لكننا بحاجة إلى تراجع العنف واحترام القانون الإنساني الدولي”.

وبحسب بوريل فإن “رد الفعل المبالغ به من قبل الإسرائيليين سيجعلهم في النهاية يفقدون دعم المجتمع الدولي”.

وأكد “لا يوجد حل عسكري للصراع… حتى لو تم اقتلاع حماس من غزة، فإن هذا لن يحل مشكلة غزة”.

ووصف بوريل الهجوم الذي نفذته حماس بأنه “نقطة انعطاف في التاريخ” ستحدد مستقبل الشرق الأوسط لعقود من الزمن.

وأشار إلى أن “المأساة التي تتكشف في الشرق الأوسط نتيجة فشل سياسي وأخلاقي جماعي يدفع الشعبان الإسرائيلي والفلسطيني ثمنا باهظا له”.

وبحسب بوريل فإن “هذا الفشل الأخلاقي والسياسي يرجع إلى افتقارنا الحقيقي إلى الرغبة في حل المشكلة الإسرائيلية – الفلسطينية”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى