القدس : بايدن ورجاله يخدعون الأنظمة العربية بمسرحية «نطالب إسرائيل بوقف إنساني لإطلاق النار»

> «الأيام» القدس العربي:

> بينما المقاومة الفلسطينية محاطة بشعب لا يشبهه شعب آخر في القدرة على الصمود والتحدي، بينما الأنظمة العربية تذعن لجبروت الإدارة الأمريكية وربيبتها إسرائيل، حين تصدق المسرحية الهزلية شبه اليومية التي تصدر عن الرئيس الأمريكي وكبار رجال إدارته وهم يناشدون إسرائيل الكف عن استهداف المدنيين والقبول بهدنة إنسانية، بينما تقيم «واشنطن» جسرا جويا لشحن أحدث الأسلحة لقتل الشعب الفلسطيني، ويتباهى بايدن بأنه أصدر أوامره بمد إسرائيل بما تريد من أسلحة وآخرها ما يطلق عليه بعض المحللين بالقنبلة الغبية التي تزن طنا قنبلة MK84 الأكبر في عائلة MK80 قادرة على إحداث مساحة كبيرة من التدمير، ويصفها المحلل رائد عدوان بأنها قنبلة أمريكية مخضرمة، وقد سرب أحد الصحافيين العسكريين الصهاينة صورة لها، وقال إنها في طريقها إلى غزة، وهي في الأصل قنبلة غبية، لكن تمت إضافة نظام JDAM لها لتصبح موجهة بدقة نحو الهدف، إضافة إلى أن هناك تطويرا صهيونيا يشابه الـJADAM، لذلك عندما يتم قصف حي سكني في جباليا فإنهم يستعينيون بذلك النوع من القنابل.. وقد تعرض أهالي القطاع لنحو 35 ألف طن متفجرات لمساحة 365 كيلومتر، هي مساحة غزة. ورغم ذلك الاعتداء، الذي يتم بدعم عالمي ما زالت صواريخ غزة تدك قواعد أغلى جيوش المنطقة، التي تحظى بأكبر دعم من قبل الولايات المتحدة وحليفاتها.

ومن أبرز الدلائل على تزايد حالة الخوف لدى واشنطن، أفادت وكالة «بلومبرغ» بوصول الغوّاصة الهجومية «يو أس أس فلوريدا» التي تعمل بالطاقة النووية إلى منطقة الخليج، وتستهدف تلك الخطوة تعزيز وجود الولايات المتحدة عسكريا في المنطقة، كما تم إرسالها للتعامل مع التهديدات في منطقة البحر الأبيض المتوسط وما حولها. ويبلغ طول الغواصة «أوهايو» 560 قدما، وتزن 18.750 طن تحت الماء، وهي محملة بـ154 صاروخا من طراز توماهوك، وتستطيع ضرب أهداف على بعد 7000 كم بالإضافة لقدرتها على البقاء والتخفي تحت الماء.

وأكد الوزير سامح شكري على ضرورة بذل المزيد من الجهود المنسقة من الأطراف المختلفة لدخول المساعدات الإنسانية بالنوع والكم الكافي لاحتياجات المواطنين بصورة مستدامة، وإزالة العوائق المتعمدة التي يضعها الجانب الإسرائيلي، مشددا على أن إدخال المساعدات ينبغي أن لا يثني بعض الأطراف الدولية عن دعم الوقف الفوري لإطلاق النار. وأشار إلى أن عدد الضحايا من المدنيين في غزة ناهز العشرة آلاف، بينهم ما يزيد عن 4800 طفل، مشيرا إلى أن الأمر يمثل دليلا صارخا على ازدواجية المعايير التي تتعامل بها بعض الأطراف الدولية مع النزاعات المسلحة في مناطق مختلفة، وأنه يتعين على المجتمع الدولي التدخل الفوري لوقف الاعتداءات الإسرائيلية ضد سكان قطاع غزة، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين، امتثالا لالتزامات الدول في إطار القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.

الرعب يقتلهم

حالة الرعب التي تعيشها إسرائيل بعد سقوط مزيد من القتلى في صفوف جيشهم دفعت الضباط والجنود لطلب الحماية بأي ثمن، وكشف الدكتور محمد عبود، أستاذ الدراسات الإسرائيلية في جامعة عين شمس، الذي نقلت عنه حنان عبد الهادي في «فيتو»، حالة الرعب التي بدا عليها المجتمع الإسرائيلي في الوقت الحالي، مؤكدا أن أفراد المجتمع الإسرائيلي يلجأون الآن إلى السحر والدجل لإخراج جيش الاحتلال والمجتمع الإسرائيلي كله من وضعه المأزوم. وأكد الدكتور عبود أن المجتمع الإسرائيلي يستعين في حربه ضد غزة بـ»شمهورش وخنزب والشيصبان»، في مواجهة الناطق باسم القسام، أبو عبيدة، متسائلا: «هل دخل الجن الخدمة متطوعا في جيش المرتزقة قتلة الأطفال والنساء والشيوخ والمرضي؟». وأضاف أنها حالة من الرعب والفزع الشديدين تنتاب الإسرائيليين منذ بدء العملية البرية في قطاع غزة، وتوالي الأنباء عن سقوط القتلى والجرحى في جيش الاحتلال المأزوم والمهزوم، وأن ظاهرة تجارة الأحجبة والأعمال والتمائم انتشرت بشدة في المجتمع الإسرائيلي في الأسابيع الأخيرة، الأمر الذي يعكس أن الأزمة الناجمة عن عمليات «طوفان الأقصى» هزت المجتمع الإسرائيلي بعنف، وأسفرت عن توجيه الناس إلى العوالم الباطنية والخفية بحثا عن الأمان، وأن عددا كبيرا من الجنود صاروا يترددون على بيوت الحاخامات بحثا عن عمل سحري أو حجاب أو تميمة.

الهروب من الموت

ظهرت تلك التمائم التي يلجأ لها جنود الجيش الإسرائيلي من خلال مقطع فيديو، عرض فيه الدكتور محمد عبود بعض التمائم التي يتداولها المجتمع الإسرائيلي، حاليا، وكُتبت على هذه التمائم طلاسم ورموز ظهرت في عبارة كُتب عليها بالعبرية: «حجاب للجنود» وقال الدكتور عبود عن حالة الخوف التي بدت على المجتمع الإسرائيلي من الداخل: «لا يقتصر الأمر على ذلك، بل إن عددا من أهالي الأسرى يستغيثون بالحاخامات للاتصال بالعالم الآخر لتحديد أماكن أبنائهم المخطوفين في القطاع، لكن بلا جدوى. وإن هناك حالة من الذعر الشديد من أبو عبيدة، المتحدث باسم القسام، ورجال المقاومة الفلسطينية، ما أدى لإنتاج تفكير غيبي وبدائي في إسرائيل، لا يتناسب مع الصورة الذهنية الحداثية والمتطورة الشائعة عنهم في العقل العربي والغربي، وأن هناك صفحات شهيرة على السوشيال ميديا العبرية، تخصصت في نشر بعض مزامير داود، لحماية الجنود من الصواريخ، وطالبت تلك الصفحات من جنود الاحتلال تلاوة هذه الأذكار قبل الدخول في المعارك البرية. وعن العديد من تمائم السحر والطلاسم والأحجبة التي يلجأ إليها أفراد مجتمع الاحتلال حاليا، قال عبود «يُعتقد أن بعض الحاخامات يستغلون الوضع المأساوي في إسرائيل لتحقيق مكاسب مادية، لاسيما وأن مشاعر الخوف هي البضاعة الرائجة في إسرائيل الآن. وكشف الدكتور عبود عن مقطع فيديو للحاخام يجآل كوهين، يقول فيه: «إن دخول غزة هو الجنون بعينه، خاصة أن الجندي الإسرائيلي سوف يصبح مثل «الصرصار في عدسة القناصين التابعين للمقاومة الفلسطينية».

وجها لوجه

رأيت الموت وجها لوجه، شاهرا وجهه القبيح على شاشة التلفزيون وصفحات فيسبوك وعلى وجوه الناس وفي الشوارع والمقاهي، رأيت أطفالا مذعورين يهرولون هربا من ساحة الحرب، تاركين إخوتهم الرضع وأمهاتهم وآباءهم وآخرين ضاعت صرخاتهم تحت الركام. تابعت عزة كامل في «المصري اليوم»، رأيت براميل متفجرة تدمر الأخضر واليابس شوارع وبيوتا ومدارس ومستشفيات، أحدق إلى الشاشة، فتتناثر أمامي حياة الشهداء، وأشياؤهم الصغيرة، دفاترهم وكتبهم وبطاقات هوياتهم، والطائرات الملونة ودمى القماش، وأصص الزرع الملونة، جدائل البصل والثوم والفلفل المعلقة على جدران الشرفات، حقائب المدارس، الثياب، مفاتيح بيوتهم العتيقة التي تنتظر العودة، علب المساحيق والثوب القديم المطرز، الكوفية والشال الحريري، الصفصافة العالية وشجرة الزيتون. حياة كاملة دُمرت، والريح تحمل أشلاء الموتى، حصار من البر والبحر والجو، وغارات متواصلة، جثامين مسجاة، بل أكوام دُفنت بلا أكفان ودون جنازات، والقتلة يضحكون في المؤتمرات الصحافية، واجتماعات مجالس الحرب، وهم يتفرجون على المذابح، يبتهجون ويفقدون وعيهم من النشوة، نشوة جنون القتل، كل القتلة متشابهون، كل القتلة وحوش، لا قلب لهم ولا ضمير، كاذبون وجبناء. لا أعرف ما إذا كنت في غفوة أم في صحوة، في هذا الليل الأسود الدامس الذي نأت وابتعدت وغابت عنه النجوم، في هذا الليل الدامي الذي لا يترك لنا أي مجال للتأمل في جدوى هذه الحياة، لكن الشيء المؤكد أننا لا شيء أمام كل هذا الخذلان والصمت المتآمر، والغطرسة والدونية من المتحالفين مع العدو، والغياب التام أمام حضور كل هذه الأشلاء والقبور الجماعية والغيوم السوداء والأطلال، وأخشى أن نكون قد اعتدنا مناظر ومشاهد ذلك القتل والإبادة الوحشية والأشلاء المتناثرة وسحب الدخان الأسود والنيران المستعرة من فرط ما تكررت وأصبحت مُمِلّة، فلا نكترث، ونفضل ألا نتابع ما يحدث وكأننا نتفرج على فيلم كئيب ومحبط، غير مبالين بأن هناك بشرا في غزة المعزولة، المُحاصَرة، المسجونة، المُتآمَر عليها حتى تموت من العطش والجوع، فلا ماء ولا وقود ولا خبز ولا دواء.. غزة المعزولة قيد الهوية وقيد التهجير وقيد الإبادة الجماعية، غزة التي جرَت دماؤها شلالات هادرة في البحار والأنهار وعلى ضمائرنا، وأن أهالي غزة يحتاجون إلينا، وأن قضيتهم هي قضيتنا، وأن عدونا واحد، مهما اختلفنا، وإذا انكسرت غزة فسننكسر جميعا، وسيفترسنا الذئب.

أقرب لكابوس

قبل يوم7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 كان حلم كل إسرائيلي في العالم هو الحياة داخل «كيبوتس» أو مستوطنة حول غزة وهي المنطقة المعروفة بغلاف غزة. وكان القدوم إلى المستوطنة أو الكيبوتس، كما أخبرنا هشام الهلوتي في «الوفد» يتم بمنتهى السهولة، لأن حكومة الكيان الصهيوني المحتل كانت تدعم الفكرة بقوة وتوفر لأي يهودي قادم من أي مكان في العالم الجنسية وجواز السفر وبيت وعمل، خلال يوم واحد فقط، بعد إجراء فحص dna للتأكد من أنه يهودى فعلا وكان أغلب القادمين إلى هذه المستوطنات من العاطلين، أو المتعثرين وأصحاب السوابق في بلادهم وبمجرد وصولهم يتم تدريبهم على أحدث الأسلحة للدفاع عن أنفسهم ضد أصحاب الأرض من الفلسطينيين، لكن مع استقرار الأوضاع ووجود أجيال جديدة من المستوطنين المرفهين بدأت المطالبات بتوفير حماية لهم من الجيش الإسرائيلي، وهو ما حدث بالفعل في ما بعد. ويُعد الكيبوتس من أهم المؤسسات التي تستند إليها الحركة الصهيونية في فلسطين (قبل 1948) أو إسرائيل (بعد تأسيسها). والكيبوتس هو كيان مستقل إداريا عن السلطات المحلية، ويوفر خدمات تعليمية وصحية وحرفية، ويتلقى دعما من الدولة العبرية. وتعتمد فكرة الكيبوتس أو المستوطنة على الاكتفاء الذاتي من الناحية الاقتصادية، أما من الناحية السياسية فالهدف الأساسي هو محاصرة المدن الفلسطينية والتوسع تدريجيا لابتلاع بيوت وأراضي الفلسطينيين تحت تهديد السلاح، وتعتبر منطقة غلاف غزة من أجمل بقاع العالم، وأكثرها جذبا للمستوطنين اليهود، خاصة أن حكومة الاحتلال خصصت لها فرقة غزة أقوى فرقة عسكرية في الجيش الإسرائيلي، مجهزة بأحدث التقنيات والأسلحة وأوهمتم بأن الكيبوتس أو المستوطنات في غلاف غزة أأمن مكان في العالم، ولهذا كانت الصدمة عنيفة جدا عندما قامت حماس خلال ثلاث ساعات فقط بتدمير هذه الفرقة وأسر قادتها والقضاء على حلم كيبوتس الذي كانت تتاجر به إسرائيل لجذب المستوطنين من أمريكا وأوروبا وشتى بقاع العالم، تحت زعم توفير الرفاهية والأمان متجاهلة حق الشعب الفلسطيني في أرضه.

بلا قلب

رغم أن بلينكن كان حاسما خلال لقائه بعدد من وزراء الخارجية العرب في رفض وقف القتال وإنهاء تلك الحرب الوحشية التي شنها الإسرائيليون ضد أهل غزة، إلا أن واشنطن وفق ما يرى عبد القادر شهيب في «فيتو» لا يمكن لها أن تتحمل استمرار تلك الحرب بلا توقف لفترة طويلة، لأن ذلك سيعرضها لضغوط متزايدة يوما بعد آخر. ولذلك طرحت فكرة الهدنة الإنسانية ووافقت على زيادة عدد شاحنات المساعدات الإغاثية التي تمر عبر معبر رفح يوميا. ويمكن استنتاج أن أمريكا منحت إسرائيل مهلة زمنية للانتهاء من كل أعمالها العسكرية، برية وجوية، وثمة أنباء أن هذه المهلة عدة أسابيع وليست شهورا تكون القوات الإسرائيلية قد تمكنت من عزل شمال قطاع غزة عن جنوبه.. وهذا يفسر اهتمام بلينكن في لقاء عمان مع وزراء الخارجية العرب بحث مستقبل غزة السياسي، الذي تريده أمريكا مثل إسرائيل بلا حماس، لكن الوزراء العرب طالبوا أولا بوقف عاجل للقتال. وفي ضوء تطورات الوضع العسكري علي الأرض والصعوبات البالغة التي تواجه الغزو البري المتدحرج والخسائر المؤلمة التي تتكبدها القوات الإسرائيلية يمكننا استنتاج أن هذه المهلة الأمريكية قد لا تكفي إسرائيل وإنها قد تحتاج لتمديدها.. والأغلب أن هذا ما سمعه بلينكن فيها عندما زارها هذا الأسبوع، ولذلك رفض بحسم الطلب العربي الخاص بوقف إطلاق النار فورا، بدعوى أنه يمنح حماس فرصة لتكرار ما فعلته يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول مرة أخرى، أي أن مهلة أمريكا لإسرائيل هي مهلة مطاطة، أو قابلة للمط والتمديد، حتى لو استمرت في تدمير ما تبقى من مباني غزة، وقتل أعداد متزايدة من أهلها وقضت على مقومات الحياة فيها، لمن نجوا من القتل والإصابة. أمر واحد فقط يمكن أن يغير ذلك هو أن يجعل العرب أمريكا في عجلة من أمرها لوقف تلك الحرب الوحشية ضد أهل غزة، وهذا سيتحقق إذا تعرضت المصالح الأمريكية عربيا للخطر بالفعل، بأفعال رسمية وشعبية.. رسمية تتجاوز البيانات، وشعبية تجاوز مظاهرات التأييد للفلسطينيين.

نووي يا عرب

إلقاء قنبلة نووية على قطاع غزة أحد الخيارات المطروحة»، هذا هو نص تعبير الإرهابى الذي استمع له عبد المحسن سلامة في «الأهرام» عميحاي إلياهو وزير التراث في الحكومة النازية الإسرائيلية. الوزير الإرهابي أشار إلى أنه لا يعترف بالمدنيين في غزة قائلا «لا يوجد شيء اسمه مدنيون غير متورطين في غزة»، أي أنه يريد محو غزة بمن فيها، والحل، من وجهة نظره، إلقاء قنبلة نووية على الفلسطينيين في غزة. من الواضح أن الرئيس الأمريكي جو بايدن دخل في نوبة نوم عميقة منتظرا إلقاء القنبلة النووية على الفلسطينيين حتى يتم إيقاظه وإخباره بهذا الجنون، لكي ينتبه إلى ما يحدث في غزة من نازية، وإرهاب، وجنون، وأفعال غير مسبوقة في التاريخ البشري. تصريحات الوزير الإرهابي تعبر بوضوح عن نية العدو الإسرائيلي، وكل وزراء الحكومة الإسرائيلية بلا استثناء، بدءا من بنيامين نتنياهو، رئيس الحكومة، ومرورا بوزراء التطرف، والإرهاب، وانتهاء بغانتس الذي كان معارضا للحكومة وانضم إليها بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول، فكلهم نازيون ‫جدد يتلذذون بمص دماء الفلسطينيين برعاية أمريكية، ودعم الرئيس الأمريكي الذي كان يصدعنا بحقوق الإنسان، والحريات، لكن اتضح أنه كلام في الهواء، وأنه المحرض الأول على قتل المدنيين، والأبرياء، وأنه الشريك الرئيسي بالمال، والسلاح، وتسهيل إفلات المجرم من العقاب. الصادم كان رد فعل بيني غانتس، على تلك التصريحات المجنونة، حينما علق عليها قائلا «إنها زادت من آلام عائلات الأسرى»، أي أن غانتس لا يعنيه قتل الفلسطينيين، واستخدام الأسلحة النووية، وكل خوفه ينصب فقط على الأسرى المحتجزين، بعد أن أهدر وزير التراث الإرهابي دمهم قائلا «في الحرب تدفعون الثمن»، أي أن الأسرى يمكن أن يكونوا جزءا من تكلفة ارتكاب الجريمة. الوجه القبيح للعدو الإسرائيلي ليس جديدا، فهو موجود منذ 75 عاما، أي منذ نشأة ذلك الكيان السرطاني اللعين الذي لا يشبع من الدماء، ويزداد عدوانية يوما بعد يوم، ولا يعرف لغة السلام والعدل، وسط حماية غربية مثيرة للاشمئزاز، تدوس بالأقدام على كل المواثيق، والأخلاق، والأعراف الدولية.‬

حتى متى؟

كانت واشنطن تخطو خطوات إضافية في طريق «المشاركة» مع إسرائيل في حربها الجنونية. كان الرئيس بايدن يؤكد مرة أخرى وفق رأي جلال عارف في «الأخبار» رفض وقف إطلاق النار الكامل ويكرر اسطوانة «الدفاع عن النفس» على قتل إسرائيل لآلاف الأطفال الفلسطينيين. وكان الكونغرس يمرر صفقه الـ14 مليار دولار لدعم إسرائيل وهي تقتل وتدمر. وكان المسؤولون عن الدفاع والخارجية يؤكدون «مشاركة» أمريكا في الحرب إلى جانب إسرائيل، وأن طائراتها المسيرة لا تترك سماء غزة على مدار الساعة للرصد ومحاولة جمع المعلومات «بدعوى البحث عن الرهائن» وأن طائراتها تنقل شحنات السلاح لإسرائيل يوميا، وأن خبراءها يشاركون في إدارة العمليات العسكرية «بدعوى العمل على تقليل الضحايا المدنيين من الفلسطينيين.. وهو أمر واضح جدا». ويبدو أن بلينكن كان يأمل في إحراز تقدم في ما تقدم به من مطالب صغيرة لا تزيد على هدنة إنسانية قصيرة لإدخال المساعدات وترحيل الأجانب والمرضى، وزيادة حجم المساعدات التي تدخل من معبر رفح لتلبية الاحتياجات الضرورية لسكان غزة.. كان بلينكن يأمل في تحقيق تقدم ما ليواجه الغضب الذي يسود الرأي العام حتى في بلاده، وليتفادى تدهورا أكبر في وضع أمريكا في المنطقة، لكن الرد الإسرائيلي جاء ضاربا عرض الحائط بأي خطوة على طريق التهدئة، ومؤكدا أن النازية الصهيونية لا تسعى وراء حماس. لكنها تريد «الإبادة الجماعية» للشعب الفلسطيني، أو لكل من يتمسك منه بأرضه ويرفض النزوح منها. قبل مغادرة بلينكن لإسرائيل كان نتنياهو يعلن رفض أي هدنة إنسانية إلا بعد الإفراج عن الرهائن، ويؤكد أنه لا وقود سيدخل غزة حتى لو توقفت الحياة فيها. وكانت النازية الصهيونية تقدم أوضح صورة لوجهها القبيح وطائراتها تطارد سيارات الإسعاف وتوجه صواريخها المدمرة إلى المستشفيات التي تؤوي – إلى جانب المرضى والمصابين – عشرات الألوف من النازحين. وكانت مدارس «الأونروا» تتعرض أيضا للقصف. وكان المئات يسقطون شهداء أو مصابين ومعظمهم من الأطفال. ماذا ستفعل أمريكا وقد أصبحت شريكة في كل ذلك.. وبعد أن يسمع بلينكن الموقف العربي الذي يتوحد حول الوقف العاجل لإطلاق النار، وإنهاء الحصار الإسرائيلي وفتح الباب لدخول كل المساعدات إلى غزة فورا، مع البدء دون تأخر في إجراءات فرض حل الدولتين وفقا لقرارات الشرعية الدولية؟ الإجابة ستحدد مستقبل الحرب، وستحدد أيضا وضع أمريكا في المنطقة.. وربما في العالم كله.

علامات جنونه

كلما توسع نطاق القصف الذي يستهدف البشر والحجر، وكل ما في قطاع غزة دون تمييز، كان هذا مؤشرا من وجهة نظر الدكتور وحيد عبد المجيد في «الأهرام» إلى جنونٍ يزدادُ لدى واضعي خطة المعركة البرية التي لم تُحقق تقدما يُعتدُ به بعدما يقرب من أسبوعين. تفيد المعطيات أن محاولات السيطرة على مدينة غزة في شمال القطاع ما زالت متعثرة، منذ أن تمكنت القواتُ المعتدية من تطويقها مساء الخميس الماضي. لم تستطع فرقتا مدرعات ومشاة يزيد عددهما على 20 ألف جندي، وتضمان بعض أهم وحدات النخبة الأكثر خبرة وتدريبا، إقامة محاور ارتكازٍ ثابتة وتأمين خطوط إمدادها وحماية ظهر كل منها، لتكون قواعد للانطلاق والتوغل داخل المدينة، سعيا للسيطرة عليها وتحقيق الهدف الأول، وربما الأكبر، في الخطة الصهيونية، التي يبدو أن واضعيها ما برحوا يتخيلون أن سحق حركة «حماس» هدفُ واقعي وقابل للإنجاز، رغم أن قدرة مقاتلي جناحها العسكري على الدفاع عن المدينة تُفاجئهم كل يوم. يتركز القتال وقت كتابة هذه السطور في أطراف شمال غرب مدينة غزة قرب شارع الرشيد المُحاذي لشاطئ البحر ومسجد الخالدي وأبراج المقوسي، وأطراف جنوبها الغربي من ناحية تل الهوى وحي الزيتون، حيث يوجد موقعان قديمان للتدريب العسكري، ربما يستخدمُ المقاومون أحدهما (موقع قريش) من وقتٍ إلى آخر، ولهذا تشتدُ هجمات المعتدين عليه. ويمتد القتال أيضا إلى جنوب المدينة الشرقي من منطقة جُحر الديك إلى نتساريم. وإذا استمر التعثرُ في محاولات السيطرة على مدينة غزة، فهذا يعني فشلا في إنجاز المهمة المُحددة في المحور الرئيسي للخطة الصهيونية، التي كشف نتنياهو جانبا صغيرا منها، عندما تم تطويق المدينة، إذ قال إن قواته تتقدم، ولن يكون أمام العدو داخلها سوى الاستسلام أو القتل. فالهدفُ الأساسي هو القضاء على المقاومين في المدينة، وكشف مواقع الأنفاق تحتها، والتعامل معها بالوسيلة التي يرونها، سواء عن طريق ردم مخارجها غالبا، أم ضخ غازات أعصابٍ أو غازاتٍ سامة في داخلها قبل الردم. لكن ماذا بعد ذلك وفق ما يبدو لنا من ملامح هذه الخطة؟

إيمانهم يكفيهم

مرصد الحرب هو مرصد إعلامي تستعين به الدكتورة عزة أحمد هيكل في «الوفد» لتسجل من خلاله حالة الحرب الحالية وهذا الطوفان الإنساني للدفاع عن الأرض والعرض وتلك البسالة الفلسطينية لأهل غزة وهم يواجهون بمفردهم في معزل عن الحياة والعالم، أعتى الجيوش الدموية إسرائيل وأعوانها من أمريكا وأوروبا وقد حشدوا الأموال والأسلحة والمدرعات والطائرات وحاملات الطائرات والسفن لضرب العُزل والأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ والمدنيين، الذين لا حول لهم ولا قوة بلا أي سند أو معين أو ظهير عسكري أو سياسي من سلطة فلسطينية مرتعشة وجماعة مقاومة تختبئ في الأنفاق، بينما هؤلاء البواسل المدنيين تمطرهم قوات وعصابات بني صهيون بالقنابل الفسفورية والأسلحة البيولوجية، فتسقط الأبنية ويحترق الجسد وتقطع الأوصال. نجح الفضاء الإلكتروني وشبكات التواصل الاجتماعي والمنصات الجديدة من فيسبوك وتويتر وأنستغرام وتيك توك حتى الموبايل نجح في تصوير ونقل ما يجري من حرب الإبادة الهمجية ومعاناة ودمار الشعب الفلسطيني في غزة وجبروت وتوحش الغرب الذي سقط عنه قناع الإنسانية وحقوق الإنسان والقانون الدولي وغاب المجتمع الدولي تحت وطأة وجبروت وسطوة القوى العظمى. ما نحتاجه هو المرصد الإعلامي العربي الذي يرصد ويسجل تلك المرحلة وهذا الإعلام الشعبي الذي يشارك فيه الشباب الواعي المثقف، وقد خاطب الغرب بلغته في الصورة والكلمة واختيار اللقطة والمشهد المؤثر المحرك للمشاعر والإنسانية، ومن هنا فإننا أمام مرحلة جديدة من توثيق ذاكرة عادلة وإعادة قراءة متأنية وصائبة للقضية الفلسطينية والواقع العربي وكتابة سردية جديدة للماضي والحاضر من خلال إطار علمى موثق يتشارك في تكوينه المثقفون العرب والمؤرخون والإعلاميون ومتخصصون في الإعلام الرقمي والفضاء الإلكتروني فهناك قضايا عدة علينا تصويبها.

ليقتلوا في هدوء

حيث لا ماء ولا غذاء ولا كهرباء، لا اتصالات لا وقود لا إغاثة طبية، مخازنهم مليئة ولا توزع الطعام، تجويع الفلسطيني وكسره هو مبتغى حرب الحصار والقمع والتجويع والإبادة التي تشنها إسرائيل، أي أزمة أخلاقية حضارية تعيشها الإنسانية اليوم؟ اجابت منى عباس فضل في «الشروق»: في ليلة وحشية ظلماء للحملة الإسرائيلية المسعورة، حجب الإنترنت وأقيمت حفلة الدم والقتل بشراسة، صرخات وأشلاء أطفال وجثث تتراكم بعضها فوق بعض، دماء وخراب؛ أكثر من «9400» شهيد ـ حتى كتابة هذه السطور ـ أغلبهم أطفال ونساء، مسنين وشباب. غزة عزتنا ومدرستنا التي تدك أبنيتها ومخازنها ومستشفياتها ومساجدها وكنائسها ومراكز اتصالاتها؛ كلها برمتها بنازحيها بما لها وعليها في مرمى أهداف طائرات العدو الإسرائيلي اليومية؛ تقصف فيهم بهمجية، بلا عقل ولا ضمير، والهدف يتمحور على تسوية غزة بالأرض ودفن سكانها أحياء وقتل كل مظاهر الحياة فيها، طائراتهم وقنابلهم الفوسفورية تدك المنازل فوق رؤوس السكان المدنيين وتحرقهم في مواجهة لا توازن فيها، تحول أحياء غزة وطرقاتها إلى دمار. حرائق ودخان، قتل جماعي، موت وخراب. غزة مدرستنا التي تمارس فيها آلة الإعلام الصهيوأمريكية والغربية وبعض منها العربية؛ تمارس فيها الأكاذيب وتضليل الرأي العام العربي والدولي، لم لا وملحمة «طوفان الأقصى» ما زالت حاضرة وصادمة للصهاينة في لحظة تاريخية حطمت وهم الجيش الذي لا يقهر، وزعزعت الأمان فتمدد عليهم الخطر الوجودي، فإما هم ودونهم لا وجود.

غزة عزتنا وكفى

واصلت منى عباس فضل، غزة مدرستنا التي أسقطت فيها المقاومة الفلسطينية الباسلة «هيبة كيان متوحش»، مرغته في الوحل وهي مستمرة وتوجع أربابهم وحلفاءهم، غزة التي كشفت عن حرب إعلامية تضليلية عالمية تشنها إسرائيل لحجب الحقائق المروعة وتشويه حق المقاومة؛ حرب شعواء خطورتها لا تقل عن خطورة الدور المنافق الذي تمارسه المؤسسات الدولية في ازدواجية تطبيقها لمعايير القانون الدولي والإنساني؛ حيث اختلطت هذه المعايير وتشوهت معها مفاهيم ثورات التحرر من الاحتلال، وصار حق المقاومة لاسترجاع فلسطين المحتلة والعودة إليها في قاموسهم إرهابا، وانقلب الجانى إلى ضحية. كارثة غزة، فظائع محرقتها تفضح فشل النظام العربي والدولي في وقف حرب «الإبادة الجماعية» المستعرة والتطهير العنصري والعرقي ضد المدنيين الفلسطينيين وأطفالهم، حياة الفلسطيني أقل قيمة من حياة الإسرائيلي، أليس هذا ما يفصح به عن يقين مفكروهم وينظر إليه فلاسفتهم؟، هكذا يرون أنفسهم في المرآة بتعالٍ عنصري مرضي. مع «طوفان الأقصى» والمناضلين المقاومين الشجعان تزعزعت صورة الوهم، تقوضت وتحطمت أساطير الردع الإسرائيلية التي يسوغ لها منذ سنين، اهتزت إثرها مشاريع التطبيع المذلة والسلام والديانة الإبراهيمية، التي يبشر لها المطبعون، ويروج لها الفكر المتصهين الرخيص، غزة مدرستنا وعزتنا التي تلحفت فيها أجساد أطفال فلسطين بالأكفان واصطف بعضها إلى بعض تودع حياة الكذب والتآمر والنفاق والقسوة والذل، لكن عيونهم ظلت شاخصة في عيوننا بابتسامة لا تفارق الحياة، لا تفارقنا في الصحوة والمنام، تدق علينا اسم فلسطين الممهور بالدم، المعمد بلهيب لا ينطفئ بحلم سيتحقق وحرية نتنفسها حين نتحرر جميعا من الاحتلال والاستعمار والخوف والاستبداد. عاشت فلسطين، المجد للشهداء، والعزة للمقاومة.

فتنة بيومي وسلام

ينتظر طارق الشناوي في «المصري اليوم» أن يتدخل نقيب الممثلين أشرف زكي، اليوم وليس الغد، ويصدر بيانا لإطفاء النيران المشتعلة في الوسط الفني بكل تنويعاته، وانتقلت بضراوة إلى (السوشيال ميديا)، تابع الكاتب: قرأنا تجاوزات شارك فيها العديد من الأطراف، ردود أفعال تحمل تطرفا في المشاعر، وتؤجج نفوسا تفيض بالغضب، لا أراها أبدا تصب لصالحنا، وسندفع جميعا الثمن. المفروض أن نسمع صوت أشرف زكي، فهو يقف على مسافة واحدة بين الجميع، البعض يسعى لكي يحيل السؤال إلى استجواب وإدانة من خلال تقديم إجابة قاطعة، عنوانها من أخطأ: محمد سلام أم بيومي فؤاد؟ أرى أن هذا تسطيح للقضية، السؤال الأهم وهو الذي فجّر بضراوة كل التداعيات السابقة التي تجاوزت الخطوط الحمر وكأنها قنبلة عنقودية: هل تقديم أعمال فنية كوميدية أو غنائية لا يجوز في ظل وطأة ما نكابده الآن جميعا كعرب؟ وإذا ألغينا كل الأنشطة الثقافية والفنية، فهل تتوقف إسرائيل عن اغتيال أهالينا في غزة، أم أن هناك وسائل أخرى من الممكن أن تلعب دورها في توجيه الدعم للفلسطينيين؟ إعلان الاحتجاج بالتوقف عن الغناء مثلا، هل نعتبره عين الصواب؟ أم توجيه الدعم المادي بإيراد الحفل الغنائي هو الأجدى؟ هل أقلع مثلا الممثلون عن تصوير الأعمال الكوميدية التي من المنتظر أن تعرض قريبا سواء في شهر رمضان أو في العيد، أم أن الأمر كما هو وبالإيقاع نفسه لم يتغير؟ إجابتي هي: التصوير يجري بشكل متواصل، والكل يلاحق الأيام قبل الشهور، ورمضان يقف على الأبواب.

لا يليق بدماء الفلسطينيين

يتساءل طارق الشناوي: هل تعتقد أن تقديم دور كوميدي على المسرح يختلف عن تصوير دور كوميدي ليعرض بعد ذلك في السينما أو التلفزيون؟ في الحالتين، لدينا ممثل يقدم شخصية درامية، هل توقفت دور العرض في العالم العربي مثلا عن عرض الأفلام الكوميدية، وهل صدرت تعليمات لكل المحطات العربية الإذاعية والتلفزيونية بالكف عن تقديم الأعمال المبهجة؟ أكيد لم يحدث ذلك، كما أننا تاريخيا لم نلجأ لهذا الحل، إلا فقط لمدة أيام معدودة، وبعدها يواصل المسؤول تقديم وعرض الأفلام والمسرحيات الكوميدية والأغنيات المبهجة. هل الأجدى أن تتوقف الأنشطة الفنية، وهنا لا أتحدث عن المستوى، لكن النشاط الفني بوجه عام؟ نحن نعرض حاليا أفلاما يتباين مستواها، هل نمنع الرديء منها بحجة أنه لا يجوز أن تقدمه، أم أن هذا هو حال الفن في كل العالم؟ وهل فقط تقدم أعمال عن فلسطين.. بالمناسبة، استمعت مؤخرا لأكثر من أغنية تناولت غزة وفلسطين، حملت قدرا لا ينكر من السذاجة الفكرية والفنية، رغم أنها تتغنى وتهتف باسم المقاومة، وقدم بعضَها مطرب كبير بحجم هاني شاكر، ومطرب حقق نجاحا طاغيا في السنوات الأخيرة، أحمد سعد، وغيرهما.. وفشلوا جميعا في التعبير عن عمق القضية.. هل دورنا هو الإشادة بالعمل الفني لمجرد أنه يهتف باسم غزة وفلسطين والمقاومة؟ الصورة بكل ظلالها تدعو للرثاء، ليس من الحكمة أن نتحول إلى جلادين، ويطعن كل منا الآخر، عندما يلمح أنه يعلن موقفا مغايرا له.. محاولة تصدير المعادلة: أنت مع بيومي أم سلام؟ تقفز على عمق المأساة التي نعيشها، وتصب البنزين على النيران. أنتظر بيانا من النقيب أشرف زكي لإيقاف هذا النزيف الذي يُسيل دماء الوطن في ساحة (السوشيال ميديا).

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى