​حكايتنا مع المجلس الانتقالي الجنوبي

> تداولَتْ بعض المواقع والمجموعات في برامج التواصل الاجتماعي قبل يومين منشورًا مذيلًا باسم( السقلدي)، لا أعرف من الذي كتبه بالضبط أو ما إذا كان هناك شخص فعلًا يحمل هذا الاسم المجرد، ولكن المؤكد أنه لست أنا، فكل ما أكتبه أضعه في صفحتَيّ: بالفيس بوك وتويتر (X)، فهذا المنشور المثخن بالأخطاء اللغوية وباللغة الاستعلائية العنصرية على المواطن الشمالي،  لا يمكن لنا قبولها مطلقًا، فخلاف الجنوب ليس مع الشمالي المغلوب على أمره بل مع قوى نهبوية تقليدية، نعرفها حق المعرفة
والذي تطرق -أي المنشور- إلى الأوضاع الحالية بالجنوب بنظرة تشاؤمية، ومحمِلًا المجلس الانتقالي الجنوبي المسؤولية الكاملة، ما آلت إليه الأوضاع التي لا نختلف عن قتامتها وغموضها السياسي.. وبرغم ما حمل هذا المنشور من حقائق ومن قلق مشروع عن مصير الجنوب إلّا أن تحميل الانتقالي منفردًا كل التبعات وكل بشاعة الماضي والحاضر، فيه تحامل كبير ليس فقط على الانتقالي، بل على الحقائق والتاريخ وتبرئة للجناة عبر المراحل وضوء أخضر ليواصلوا فعلتهم.

فالوضع البائس الذي نمُرُّ به اليوم هو نتيجة منطقية ومتوقعة لتراكمات وأخطاء وإفرازات لصراعات طويلة مرَّ بها بالجنوب والشمال، يستعصي استعراضها بهذه العجالة، الكل مسؤول عنها.
فالمجلس الانتقالي الجنوبي الذي لا نتورع  بتوجيه أشد الانتقادات له، حين نعتقد أنه يستحقها لا يمكن أن نجعل منه شماعة لفشل الآخرين، وجسر عبور لتمرير نواياها الخبيثة تجاه الجنوب، أونسمح أن تجرنا المناكفات والضغائن لنجعله ونجعل من أخطائه ذريعة للإجهاز على القضية الجنوبية مِن قبل تلك القوى، وأعني هنا القوى والأحزاب التي كانت سببًا في مأساة الجنوب منذ حرب 94م وما قبلها وما بعدها، ومعها بعض القوى الدولية المدججة بالأطماع.

 مع إقرارنا بالوقت عينه بأن الانتقالي ارتكب كثيرًا من الأخطاء والقرارات، ويتحمل جزءًا من المسؤولية عما يجري، سواء بصفته شريكًا سياسيًا مع هذه القوى، أو باعتباره صامتًا لإملاءات الشركاء، ولكن انتقاداتنا له لا يمكن أن تتجاوز غرض التقييم والحرص على تصويب مساره ومسار القضية الجنوبية، ومحاولة منا لانتشال الأوضاع التي نعاني منها جميعا. فأي محاولة لإفشال الانتقالي وشطبه من الواقع في ظل البديل (صفر)، وفي وقت نرى فيه باقي القوى الجنوبية ممزقة الأوصال، خائرة القوى، يعني هذا بالضرورة تعثر القضية الجنوبية المتعثرة أصلًا، وليس فقط هزيمة وتعثر للانتقالي. فهذا الأخير بكل علاته هو المتاح معنا بالوقت الحالي قياسًا بغيره من القوى، خصوصًا ونحن في مرحلة حادة الانعطاف، ومتغيرات داخلية وإقليمية تجري بصورة دراماتيكية لا نعرف أيّان مرساها، نخشى أن نرمي بالانتقالي خلف الشمس كما يتمنى البعض، والبديل العودة للمربع ما قبل الأول من الضياع، وفي وقت يتم هندسة القادم خلف الحجب بشكل مريب.

 ومع ذلك لا يعني هذا التشظي الجنوبي وكأنه ورقة بياض وشيكًا مفتوحًا بيد المجلس، لاتخاذ قرارات لا تتسق مع الإرادة الشعبية الجنوبية، أوحُجة له للانصياع لأطماع الشركاء والغرباء. فحين نحُثُ على المحافظة على المجلس، فنحن ننطلق من منطلق الحفاظ على بقاء ونجاح الفكرة ذاتها. فالقضية الجنوبية بحاجة لمن يمثلها وينتصر لها من خلال لملمة قواها ولو بالحد الأدنى من التوافق، حتى الخروج من هذه المتاهة، ومَن يحقق هذا التطلع سواء الانتقالي برئاسة الرئيس عيدروس الزبيدي، أوغير الانتقالي برئاسة غير عيدروس، فالاصطفاف(إلى جانبه) هو المطلوب والمنطق الخالي من كولسترول الـ(أنا) و(الأنانية)، أكرر وأقول الوقوف (إلى جانبه) وليس خلفه لئلا يفهم البعض أن مفهوم الاصطفاف يعني الهيمنة واستحواذ طرف على الآخرين، فالتجارب الماضية بقسوتها تركت فينا بشكل مؤسف مخزونًا مريعًا من الحساسية، ومن التوجس تجاه بعضنا البعض، حريًا بالانتقالي تخطيها من خلال مزيد من الانفتاح على الآخر، فالتركة ثقيلة، والتحدي اليوم والقادم أثقل، يستحيل معه الانتقالي مواجهته منفردًا بمعزلٍ عن جهود الآخرين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى