“أخرج مع عائلتي في نزهة وأقتل فلسطينياً”.. هكذا باتت الضفة الغربية مرتعاً للمستوطنين

> «الأيام» القدس العربي:

>  في الوقت الذي يتركز فيه اهتمام الجمهور على القتال في القطاع وعلى التوتر المتزايد على الحدود مع لبنان، تتغير الحقائق في الضفة الغربية أيضاً: مصادر في جهاز الأمن تقول إن المستوطنين يفعلون كل ما يخطر ببالهم، وأحياناً بشكل غير قانوني. هذه النشاطات تحظى بدعم علني من أعضاء في الائتلاف، في حين أن قوات الأمن تغض النظر وترعى هذه النشاطات.

 منذ 7 تشرين الأول قتل أكثر من 170 فلسطينياً في مواجهات مع الإسرائيليين في أرجاء الضفة، وهذا عدد يشمل المتهمين بالتورط في عمليات إرهابية. يعرف “الشاباك” أربع حالات أطلق فيها المستوطنون النار. لكن التقدير أن حجم المس بالفلسطينيين أكبر بكثير. من المعطيات التي ينشرها “الشاباك”، يتبين أنه منذ اندلاع الحرب تم تسجيل 120 جريمة كراهية ليهود في الضفة. ولم يتم تقديم أي لائحة اتهام ضد أحد منهم حتى الآن.

 في الوقت نفسه، يعمل المستوطنون على تثبيت حقائق على الأرض، ويقومون بشق الطرق خلافاً لقرارات المحاكم من خلال الاعتداء على أراض فلسطينية خاصة. حتى الآن، تم شق طرق بطول بضعة كيلومترات مستهدفة -حسب أقوال المستوطنين- الحفاظ على أمنهم. فقد تم شق طريق من “عيلي زهاف” [مستوطنة] نحو تلة يخطط لإقامة بؤرة استيطانية عليها، بتكلفة مئات آلاف الشواقل. ومن أجل شق هذه الطريق، تم نقل معدات هندسية كانت تعمل في أعمال البنى التحتية لصالح المجلس. وثمة طريق أخرى تم شقها في “عمانويل” [مستوطنة]، والآن يريد المستوطنون شق طريق بطول 20 كم بين مستوطنة “كرني شومرون” و”كريات نتفيم”. ورغم أنها أعمال لم يتم تنسيقها مع الجيش، فإنها حظيت بحماية من الجنود، وامتنعت الإدارة المدنية عن العمل في هذا الشأن.

 الروح الحية وراء نشاطات المستوطنين هذه هو رئيس المجلس الإقليمي “شومرون”، يوسي دغان. وحسب أقوال مصادر مطلعة على ما يحدث في الضفة الغربية، قام دغان ورؤساء مجالس أخرى بـ “تخويف” قوات الأمن، وهم يعملون بدون إزعاج. “لا يوجد في يهودا والسامرة قانون أو قاض، هي منطقة تسودها الفوضى من خلال تجاهل الدولة”، قال للصحيفة مصدر رفيع في الحكومة. “منذ اندلاع الحرب، بات السيد في المنطقة هم رؤساء السلطات الذين يتحكمون بالجيش أيضاً، وليس هناك من يوقفهم”.

مثال ذلك، كما يشير مصدر أمني، الحادثة التي قتل فيها بلال صلاح في قرية الساوية، حين أطلق النار عليه جندي هو في إجازة ويعيش في مستوطنة “رحليم”، والذي كان في نزهة مع عائلته في أحد حقول الزيتون الخاصة بفلسطينيين. زعم المشتبه به أن الفلسطينيين هاجموا عائلته فأطلق النار في الهواء خوفاً على حياتهم. رئيس المجلس دغان، سارع في الوصول إلى المكان. “أنا موجود هنا مع ضابط أمن المجلس الإقليمي شومرون”، قال في الفيلم الذي نشره السبت بمصادقة الحاخامات.

وأضاف دغان: “قمت بالتحقيق هنا أنا وبعض الضباط في الجيش الإسرائيلي مع جميع الأطراف، بما في ذلك أشخاص كانوا في المكان. هذه حادثة بسيطة. الحديث يدور عن عائلة معيارية، جيدة، تعيش في المستوطنة، الأب أكاديمي، والابن مقاتل في الجيش الإسرائيلي، كان في إجازة السبت، خرجوا نحو حقلهم القريب من المستوطنة، هاجمهم عشرات من المشاغبين الحمساويين بواسطة الحجارة والصخور في المنطقة القريبة من حقلهم”.

 أحد الأشخاص الذي كان موجوداً في المكان قال إن دغان سبق ممثلي الجهات التي يمكن أن تحقق في الحادثة، وتحدث أمامهم مع المتورطين فيها: “وصل مع الحراس قبل الشرطة والشاباك. وإلى أن وصل هؤلاء، كان قد دخل إلى بيت المتورطين في الحادثة وتحدث معهم. وعندما خرج من البيت، مر قرب رجل الشاباك ورمى جملة “تم علاج الحادثة، أغلقوا الموضوع”. أصابت رجل “الشاباك” صدمة، وقال له: “لا يوجد حادثة أغلقت”. ولكن يبدو أن دغان كان على حق؛ فقد تم إغلاق الملف”. تم إطلاق سراح المشتبه فيه من الاعتقال مؤخراً.

يظهر ضعف قادة الجيش في المنطقة أمام قوة دغان. ضباط في الجيش الإسرائيلي يوجهون انتقادهم إلى اثنين منهم – قائد فرقة “يهودا” العميد آفي بلوت، وقائد منطقة “السامرة” العميد يشاي روزوليو، المسؤول عن منطقة الخليل وجنوب جبل الخليل.

قال روزوليو إن الفلسطينيين الذين يعيشون في الخليل يمكنهم الدخول إلى الحي الاستيطاني اليهودي في المدينة من أجل التسوق أو الوصول إلى مؤسسات تعليمية فقط ساعتين في اليوم. خارج هذا الوقت، على الفلسطينيين البقاء في بيوتهم. “شيء ما مجنون يجري في لواء “يهودا”، خاصة في الخليل”، قالت مصادر مطلعة على ما يحدث في المدينة. “المستوطنون هناك يفعلون ما يريدون، يدخلون إلى بيوت الفلسطينيين، يدمرون ويحطمون ويحرقون ما يريدون. جهاز الأمن كله يقف جانباً ولا يحرك شيئاً، بل إن بعض الجنود يحمون المستوطنين كي لا يهاجمهم الفلسطينيون”.

كما نشرت “هآرتس” قبل ثلاثة أسابيع، فإن الفلسطينيين الذين يعيشون قرب المستوطنة اليهودية في الخليل اضطروا إلى ترك بيوتهم في فترة الحرب، وانتقلوا إلى منطقة تخضع للسيطرة الفلسطينية. “لا توجد شرطة هنا؛ لأنه لا توجد لها قوات. وإلى أن تأتي، تكون الحادثة قد انتهت”، قال مصدر أمني. “الشاباك ينشغل في القتال وإحباط العمليات، والفلسطينيون يعرفون أنه لا عنوان هناك يتوجهون إليه، فيفضلون الابتعاد عن الحي الاستيطاني”.

من المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي، جاء: “منذ بداية الحرب، تم تنفيذ عدد من التغييرات الهندسية في المنطقة للمساعدة في الدفاع عن المدنيين في المنطقة. بعض النشاطات تمت خلافاً للإجراءات وبدون ترتيب مسبق، وهي الآن قيد الفحص. أي بناء يتم من قبل المدنيين بشكل خاص، ولم يتم تنسيقه أو المصادقة عليه من الجيش الإسرائيلي أو الإدارة المدنية، تتم معالجته طبقاً لسلم أولويات إنفاذ القانون كما هو سائد. وحسب تقديرات آنية للوضع ومن أجل إعطاء الأمن لمعظم سكان المنطقة، فقد تم إغلاق جزء من مداخل القرى الفلسطينية، لكن الحديث يدور عن إغلاق لا يمنع الدخول والخروج من القرى والمدن الفلسطينية. بخصوص تكثيف منظومة الدفاع عن المستوطنات، فإنه حتى الآن تمت زيادة منظومة الدفاع عن المستوطنات التي توجد في قيادة المنطقة الوسطى بنحو 8 آلاف قطعة سلاح، كما في أرجاء دولة إسرائيل. هذا السلاح أعطي لجنود الاحتياط في كتائب الحماية القطرية وفرق الطوارئ. الجهات المهنية تقوم بأعمال تدريب مهنية ومراقبة جارية على تطبيق التعليمات في هذا الشأن. وإذا تم العثور على أي خلل في التصرف فسيتم علاج ذلك كما يقتضي الأمر. ستستمر قوات الأمن في العمل في منطقة “يهودا والسامرة” لتوفير الأمن لسكان المنطقة”.

امتنع الجيش عن التطرق لانتقاد القادة الكبار في الضفة الغربية، وانتقاد العجز الذي يظهره الجيش أمام المستوطنين في الخليل بخصوص ضمان قطف الزيتون في الحقول.

 من المجلس الإقليمي “شومرون” جاء: “المجلس ورئيسه يعملون حسب القانون وبتنسيق كامل مع قوات الأمن. وأي أقوال أخرى هي بمثابة تشهير. وأثناء الحرب، حيث 80 في المئة من الرجال في “يهودا والسامرة” تم تجنيدهم للدفاع عن الدولة، تنشغل صحيفة “هآرتس” في محاولة تشويه الاستيطان الطلائعي في “يهودا والسامرة”، الحزام الواقي لـ “غوش دان”. السكان في “السامرة” سيواصلون بناء أرض إسرائيل والدفاع عن دولة إسرائيل في كل مكان، في “يهودا والسامرة”، جنوباً وشمالاً. لم يتم قول أي شيء لـ “الشباك” من هذا القبيل.

 ينيف كوفوفيتش
 هآرتس

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى