> «الأيام» القدس العربي:

 بعد خمسة أيام من اعتقاله، أفرجت محكمة الصلح أمس بشروط عن د. مئير بروخين، وهو معلم تربية وطنية وتاريخ، دون رفع لائحة اتهام ضده. لكن الشرطة طلبت قبل بضعة أيام تمديد اعتقاله بسبب “مظهر قرار بالخيانة”، وهي جريمة يعاقب عليها عشر سنوات سجناً. ما بدأ بصخب كبير، عن “خيانة” و “تبرير أفعال حماس” في “بوستات” على فيسبوك، ذوى في غضون بضعة أيام.

لا مجال للخطأ. فقد شكل بروخين أداة سياسية لإطلاق رسالة سياسية. كان دافع اعتقاله هو الردع؛ أي إسكات كل نقد وتلميح بالاحتجاج ضد سياسة إسرائيل. دفع بروخين ثمناً شخصياً: إقالته من الثانوية التي علم فيها، وخمسة أيام اعتقال، دون أي مبرر.

طلبت الشرطة من النيابة العامة فتح تحقيق ضده للاشتباه بالتحريض، لكنه طلب تم رده، ولهذا فقد توجهت الشرطة إلى مادة مظهر نية للخيانة، مادة متطرفة استخدمت بشكل نادر.

بلدية “بيتح تكفا” التي أقالت بروخين هي نفسها التي رفعت الشكوى ضده. والذريعة: “بوستات” أعرب فيها عن معارضته لأعمال الجيش الإسرائيلي في غزة، وأخرى عنيت بموت مدنيين في القطاع. حقق معه على ما لا يقل عن 15 منشوراً (بوست)، بعضها قبل نشوب الحرب في 7 أكتوبر. وأرفقت بـ “البوستات” صور قتلى، بينهم أطفال صغار أيضاً. “هذا لا يهم اليهود”، درج على الإضافة، باستثناء بعض الأمور، فإنه محق: في أيام السلام أيضاً، كاد الجمهور لا يعنى بالأبرياء الفلسطينيين. أما في زمن الحرب، فالرأي السائد هو أنه لا يوجد أبرياء.

في “بوست” آخر، في 8 أكتوبر، فصل بروخين أسماء وأعمار ستة فلسطينيين قتلوا في “المناطق” [الضفة الغربية]، في أعمار 14 حتى 24. “ولدوا في الاحتلال وعاشوا فيه كل حياتهم، ولم يعرفوا قط يوماً واحداً من الحرية الحقيقية… أعدمهم شبابنا الممتازون”. القاضي اورن فيلبرمان، برر يوم الجمعة تمديد اعتقال بروخين لأربعة أيام بهذه الأقوال، التي تكشف -وفق سيلبرمان- “تثبيت شبهة معقولة”. تأثر القاضي تسيون سهراي بادعاءات الشرطة ولكن بقدر أقل. في قراره الإفراج عن بروخين لا يوجد أيضاً ذكر لادعاء آخر من الشرطة، وبموجبه برر المعلم القديم أفعال الاغتصاب التي ارتكبها مخربو حماس. ادعاء استند إلى مراسلات في مجموعة “واتساب”.

بروخين ليس وحيداً. في الشهر الماضي، اعتقل عشرات المواطنين العرب على مخالفات تحريض مزعومة. في خطوة تتشارك فيها النيابة العامة والشرطة وتقلص حرية التعبير في إسرائيل بشكل كبير. حتى لو لم تكن بعض الأمور مريحة للأذن الإسرائيلية، ينبغي السماح لها ما لم تكن تحريضاً حقيقياً.

في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة لكم الأفواه، حذار على الشرطة والنيابة العامة أن توافقا على تنفيذ مهمة الملاحقة نيابة عنها. على المحاكم أن تمنع هذا، وأن تحمي المواطنين وحريتهم.

أسرة التحرير

 هآرتس