بايدن المنشغل بحربين يعيد تذكير نفسه بالتحدي الصيني

> سان فرانسيسكو "الأيام" العرب:

> ​قد يسهل أحيانا أن ننسى أن أولوية السياسة الخارجية الأصلية للرئيس الأمريكي جو بايدن كانت إعادة تأكيد النفوذ الأميركي في آسيا.

وكان ذلك قبل أن تهاجم الدبابات الروسية أوكرانيا، وقبل حرب غزة. وتدفع كل أزمة جديدة آسيا إلى أسفل قائمة المهام الرئاسية.

ووفق تقرير للأسوشيتد برس أتاح هذا الأسبوع فرصة نادرة لبايدن لإثبات العكس، وشمل القمة السنوية لزعماء آسيا في سان فرانسيسكو، حيث يستطيع الرئيس الأميركي أخيرا أن يعيد التركيز على القارة التي يرى فيها مفتاحا للمستقبل.

وقال أمام حشد من رجال الأعمال خلال إحدى حفلات الاستقبال العديدة التي أقيمت في القمة “تبقى الولايات المتحدة حيوية لمستقبل المنطقة الأكثر أهمية من أيّ وقت مضى لنا. كانت هذه وجهة نظر إدارتي منذ اليوم الأول”.

وتشهد ولاية بايدن إعادة تشكيل مستمرة من خلال حربين مختلفتين لم يمكن التنبؤ بهما في أوروبا والشرق الأوسط. ويكافح لتخفيف الشكوك في فرص إعادة انتخابه، حيث يسعى الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترامب إلى العودة إلى البيت الأبيض وهو ما سيقلب السياسة الخارجية الأميركية تماما.

وتلاشت هذه المخاوف لبضعة أيام خلال قمة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ. وحدد بايدن رؤية للمنطقة خلال حفل لكبار الشخصيات الزائرة مساء الأربعاء.

وقال “تمتد الولايات المتحدة من هنا في سان فرانسيسكو إلى جميع أنحاء المحيط الهادئ، وتبني جسورا أقوى من جسر البوابة الذهبية”. وأضاف أن على الجميع “الاستفادة الكاملة من هذه القمة لإقامة علاقات وشراكات جديدة”.

وحضر بايدن الخميس غداء عمل مع القادة الإقليميين والتقط الصور مع نظرائه. وخصص وقتا لالتقاط صورة منفصلة مع الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول ورئيس الوزراء الياباني كيشيدا فوميو، وهو ما يبرز العلاقات الوثيقة بين حليفتي الولايات المتحدة.

وطالما وصف بايدن إعادة ضبط السياسة الخارجية الأميركية تجاه آسيا بأنها الاختبار الحقيقي الذي تواجهه إدارته. وتعتبر المنطقة أهم مفترق طرق للتجارة العالمية، ومصدرا للموارد المهمة لمكافحة تغير المناخ ومركزا للابتكار التكنولوجي.

لكنها نقطة اشتعال صراع محتملة حيث يحاول بايدن مواجهة صعود الصين، التي تظهر كثقل موازن للنظام العالمي الليبرالي.

وكان الاجتماع الأكثر أهمية الذي حضره بايدن هذا الأسبوع ذلك الذي استمر ساعات مع الرئيس الصيني شي جينبينغ الأربعاء، والذي ألقى بظلاله على القمة نفسها. وانتهت المحادثة بالتزامات جديدة لبكين باتخاذ إجراءات صارمة ضد تدفق الفنتانيل وإعادة انخراط جيشي البلدين في الاتصالات.

وقال مسؤول كبير في الإدارة إن بايدن وشي كانا أكثر صراحة مع بعضهما البعض مقارنة بالمرة الأخيرة التي التقيا فيها، وكانت قبل سنة على هامش قمة مجموعة العشرين في بالي بإندونيسيا.

وأكد أن الأمر ساعد في تخفيف المخاوف بشأن فايروس كورونا، ومكّن الرئيسين ومستشاريهما من التقابل والتحاور.

لكن العلاقة الحارة لم تمنع الخلافات. وقال المسؤول، الذي أصر على عدم الكشف عن هويته لوصف المحادثات الخاصة، إن بايدن أعرب عن مخاوفه بشأن القواعد الصينية المتعلقة بالملكية الفكرية، بينما اشتكى شي من كيفية تصوير الحزب الشيوعي الصيني في الولايات المتحدة.

كما ضغط بايدن على الصين لاستخدام نفوذها لإقناع إيران بتجنّب الاستفزازات في الشرق الأوسط، بما قد يتسبّب في توسع الحرب بين إسرائيل وحماس في المنطقة.

ودلّت هذه المناشدة على احترام بايدن للرئيس شي، والاعتراف برغبة الصين في لعب دور أكبر على المسرح العالمي.

وبدت بكين سعيدة برحلة شي إلى سان فرانسيسكو. ووصفت وسائل الإعلام الرسمية الصينية كيف استقبله بايدن في مزرعة خارج المدينة ثم ودّعه شخصيا.

ونشرت وكالة أنباء شينخوا الرسمية الصينية صورة أظهر فيها بايدن صورة لشي وهو يقف أمام جسر البوابة الذهبية عندما زار البلاد في 1985 بصفته مسؤولا في الحزب الشيوعي.

وسأل بايدن شي “هل تعرفت على هذا الشاب؟ أنت لم تتغير”.

وكانت العلاقات بين واشنطن وبكين على شفا الانهيار في وقت سابق من هذا العام عندما طار بالون تجسس صيني فوق الولايات المتحدة، مما أثار ضجة سياسية. لكن الدبلوماسيين عملوا منذ ذلك الحين على تحقيق التقارب الذي بلغ ذروته في اجتماع الأربعاء.

وقالت يون صن، وهي مديرة برنامج الصين في مركز ستيمسون البحثي في واشنطن، إن لشي وبايدن أسبابهما الخاصة لرغبتهما في تخفيف التوترات.

وأضافت في إشارة إلى الحربين في أوكرانيا وغزة “يمكن أن يجادل المرء بأن يسعى شي إلى استقرار العلاقات مع الولايات المتحدة حتى يتمكن من التركيز على التحديات الداخلية، بينما يسعى بايدن إلى تحقيق استقرار جزئي مع الصين لأن اهتمام الولايات المتحدة مشتت في أماكن أخرى”.

ولم يكن بايدن الزعيم العالمي الوحيد الذي يريد تعزيز موقفه من خلال بضع جولات من اللقاءات الدولية السريعة.

واستغل شي القمة كفرصة للاجتماع فرديا بزعماء البحرين وفيجي واليابان والمكسيك وبيرو. وأوضح رؤيته الخاصة للعلاقات مع الولايات المتحدة في خطاب ألقاه أمام المئات من قادة الأعمال بعد لقائه مع بايدن.

وقال شي “كلما زادت الصعوبات، زادت حاجتنا إلى إقامة رابطة أوثق بين شعبينا وفتح قلوبنا لبعضنا البعض. ويحتاج المزيد من الناس إلى التحدث عن هذه العلاقة”.

لكنه أشار إلى أنه لا يريد فرض قيود على طموحات الصين. وأضاف “سنكون سعداء برؤية الولايات المتحدة واثقة ومنفتحة ومتنامية ومزدهرة. وبالمثل، لا نريد لواشنطن أن تتحرك ضد الصين، أو تتدخل في شؤونها الداخلية”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى