شاحنات المساعدات لم تحل الأزمة وطوابير الغاز تمتد لمئات الأمتار

> «الأيام» القدس العربي:

> تزداد الأوضاع الإنسانية في كافة مناطق قطاع غزة صعوبة، بسبب استمرار سلطات الاحتلال في إغلاق معابر قطاع غزة، واقتصارها على السماح فقط بإدخال كميات قليلة من المساعدات من خلال معبر رفح الفاصل عن الأراضي المصرية، حيث بات السكان يعتمدون على تلك المساعدات القليلة لتدبير أمور حياتهم، بعد نفاد شبه كامل للمواد الغذائية من المحال التجارية.

شاحنات الهدنة

ورغم زيادة عدد شاحنات المساعدات الإنسانية، التي مرت بموجب اتفاق “الهدنة الإنسانية”، إلا أن ذلك لم يحل الأزمة الخطيرة في نقص مستلزمات السكان، الذين يعايشون ظروفا سيئة للغاية، تشابه تلك التي حلت بهم في العام 1948 حين قامت العصابات الصهيونية بطردهم قسرا من أراضيهم.

ولم تحل مثلا أزمة الكثير من المواد الغذائية والسلع الأخرى، ويقول أصحاب مراكز تجارية كبيرة في قطاع غزة، إن حل الأزمة لا يكون فقط بإدخال المساعدات، وإنهم يحتاجون إلى استيراد وإدخال كميات كبيرة من المواد الغذائية والمستلزمات الأساسية، كي يتمكنوا من فتح مراكزهم التجارية وبيعها للسكان.

ويؤكد هؤلاء أيضا، أن هناك الكثير من المخازن التي كانت تحتوي على كميات من البضائع، إما دمرت خلال هجمات جيش الاحتلال، أو نفدت بالكامل خلال الأيام الماضية، بسبب الطلب الكبير عليها.

وفي مناطق كثيرة في وسط وجنوب القطاع، أغلقت مراكز ومحال تجارية أبوابها، فيما اقتصر بيع أخرى على بعض مواد التنظيف وكميات قليلة من الشاي وعلب صلصة الطماطم، وكميات قليلة من الزيوت.

وخلت أرفف تلك المحال التي لا تزال تعمل من مواد غذائية كثيرة كالمعلبات والبقوليات والدقيق والأرز والمعكرونة، حيث باتت هذه المواد تباع بكميات قليلة على “بسطات” وبأسعار مرتفعة.

وحتى اللحظة ورغم مرور شاحنات مساعدات إضافية، لم تعد المخابز لعملها، بعد أن توقفت قبل أكثر من أسبوعين، ما جعل السكان يواجهون صعوبة كبيرة في خبز الدقيق، بسبب شح كميات غاز الطهي، وندرة الدقيق حتى اللحظة في القطاع.

ولم تستلم حتى اللحظة جميع أسر القطاع كميات الدقيق التي أقرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين “الأونروا” تسليمها للسكان، حيث بدأت العملية بتسليم العوائل ذات العدد الكبير، وتتواصل يوميا حتى الوصول إلى العوائل قليلة العدد، بعد أن حددت كمية تناسب كل منها.

واضطر السكان في قطاع غزة، لتحضير الخبز على مواقد النار البدائية، بإمكانيات بسيطة جدا، خاصة في ظل ندرة الحصول على الحطب اللازم لإشعال النار.

ولوحظ أن ثمن الخشب شهد ارتفاعا كبيرا، ويقول شاب امتهن بيعه في ظل الأزمة الحالية، إنه يقوم ورفقاء له بجمعه من مناطق نائية، وإن الأمر يحتاج منهم جهدا كبيرا، ما اضطره لبيعه بثمن يساوي أكثر من نصف دولار أمريكي للكيلو الواحد، غير أن السكان يرون أن ارتفاع ثمنه يعود لاستغلال حاجتهم، في ظل عدم توفر غاز الطهي.

طوابير الغاز

هذا وقد سمح بموجب اتفاق “الهدنة الإنسانية” بدخول كميات قليلة من غاز الطهي، غير أن هذه الكميات لم يصل أي منها إلى المخابز لتعاود العمل من جديد، وتخفف من حجم الأزمة الكبيرة التي يعيشها السكان، في الحصول على رغيف الخبز.

كما أن الحصول على كمية قليلة منها للمنازل يحتاج إلى جهد كبير، بسبب قلة الكميات وكثرة الطلب عليها، ما دفع بأصحاب محطات التعبئة إلى القيام بملء نصف أسطوانة غاز الطهي لكل أسرة تتمكن من الوصول إلى تلك المحطات.

ولاحظت “القدس العربي” أن المحطات التي استلمت كميات قليلة من الغاز، يصطف أمامها طوابير كبيرة تمتد إلى مئات الأمتار.

وقال يوسف العصار، وهو رب أسرة خرج مع بعض جيرانه إلى محطة تبعد أكثر من 15 كيلومترا عن منطقة سكنه، وتقع في بدايات مدينة خانيونس، إنه اصطف في طابور طويل لأكثر من خمس ساعات، دون أن يتمكن في النهاية ومن معه من تعبئة أي أسطوانة.

وأشار إلى وجود ضغط كبير كان أمام تلك المحطة كغيرها من المحطات التي شاهدوها في طريق الذهاب والعودة، وهو ما فجر مشكلة بين المتواجدين، دفعت بالقائمين على تلك المحطة لوقف عملية التعبئة.

ويؤكد هذا الشاب الذي يعيل أسرة لـ “القدس العربي”، أنه كان يأمل في الحصول على أي كمية من الغاز، للاستغناء عن موقد النار في تحضير الطعام.

والجدير ذكره أن غاز الطهي بدأ يدخل منذ اليوم الأول لـ “الهدنة الإنسانية” إلى قطاع غزة، بعد توقف منذ اليوم الأول لبدء الحرب الإسرائيلية على غزة، بإشراف من الأمم المتحدة.

وتدخل بعض الشاحنات المحملة بالغاز من معبر رفح، ويجري توزيعها على بعض محطات التعبئة يوميا.

ووفق المعلومات المتوفرة فإن تلك الكمية تقدر بـ 48 طنا فقط، وتعد هذه الكمية أقل كثيرا من حاجة السكان في القطاع.

ورغم أن المساعدات والوقود لا تمر من المعابر التي تفصل بين قطاع غزة ودولة الاحتلال، إلا أن الأخيرة هي من تتحكم في كمية دخولها، بعد أن هددت باستهداف الشاحنات عند دخولها القطاع من مصر، والتي لا تمر إلا بإذن منها.

وقد أعلن مدير الإمداد بالهلال الأحمر الفلسطيني، عن صدور موافقة على فتح ممر إنساني جديد لدخول الشاحنات عبر معبر رفح، وقال “المساعدات التي تدخل إلى غزة تمثل نقطة في بحر مقارنة باحتياجات السكان في القطاع”.

وفي حال فتح هذا الممر الجديد، فإنه سيعمل على زيادة عدد الشاحنات التي تمر لسكان غزة الذين يعايشون نكبة جديدة، خاصة سكان مناطق غزة والشمال، والتي لم يدخل لها سوى في اليوم الثالث لـ “الهدنة الإنسانية” 100 شاحنة مساعدات فقط.

معبر رفح لا يكفي

لكن وفي هذا السياق، أكد عدنان أبو حسنة المستشار الإعلامي لـ “الأونروا”، أن معبر رفح لا يكفي، لإدخال مستلزمات سكان غزة، مطالبا بوجوب فتح معبر كرم أبو سالم الفاصل عن إسرائيل، لإيصال الوقود ومواد الإغاثة.

وأشار إلى أن آلية إدخال الشاحنات في معبر رفح معقدة، حيث إن سعته القصوى 130 شاحنة يومياً، فيما المطلوب دخول 200 شاحنة مساعدات إغاثة يوميا لمدة شهرين متواصلين.

وأكد كذلك على الحاجة لـ 120 طنا من الوقود يوميا لبدء تشغيل المرافق الأساسية.

وجاء ذلك في ظل خشية المؤسسات الدولية من تفش أوسع وأكبر للأمراض بين السكان، بسبب نقص الوقود.

ويؤكد أبو حسنة أن إدخال الوقود بكميات كبيرة “هو الأساس لتوفير مياه نظيفة للمواطنين في غزة”، لافتا إلى أن مياه الصرف الصحي التي غمرت شوارع القطاع “ستؤدي لتلوث الشواطئ ونشر الأمراض”، مشيرا أيضا إلى وجود مخاوف من تسرب مياه الصرف الصحي للمياه الجوفية، وقال إن هذا الأمر سيكون “غير قابل للإصلاح”.

والجدير ذكره أن محطات معالجة مياه الصرف الصحي تحتاج إلى كميات كبيرة من الوقود هي ومحطات تحلية المياه المخصصة للشرب، وكذلك محطات المياه العادية.

ولذلك دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إلى هدنة إنسانية كاملة بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة، بدلاً من الوقف المؤقت لإطلاق النار، مشيراً إلى أن “الكارثة الإنسانية في غزة تتفاقم يوماً بعد يوم”.

وقال ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، في بيان صحافي “يجب أن يستمر الحوار الذي أدى إلى الاتفاق، وأن يؤدي إلى هدنة إنسانية كاملة من أجل سكان غزة وإسرائيل والمنطقة الأوسع”.

وأشار إلى أن الأمم المتحدة ستواصل دعم هذه الجهود بكل السبل الممكنة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى