صحيفة إسرائيلية.. لنتنياهو “غير المؤهل”: ساعتك الائتلافية لا تنسجم مع الساعة الدولية

> «الأيام» القدس العربي:

> نقترب من نقطة الحسم بعد مرور شهرين على الحرب، للجيش الإسرائيلي إنجازات واضحة في شمال القطاع، لكن حماس بعيدة عن التفكك في الجنوب، وتحافظ على قدرات في الشمال أيضاً. استكمال هدف تدمير القدرة العسكرية والسلطوية لحماس ضروري جداً حتى إزاء المعارضة، إذا رغبنا في هذه الجولة الصعبة. ولكن ذلك يحتاج إلى أشهر طويلة وربما أكثر. الساعة العملية والساعة السياسية غير متزامنتين. الشرعية الدولية للعمل آخذة في النفاد بسرعة، والتوتر أمام الولايات المتحدة يتراكم في الغرف المغلقة وقد يتفجر. رئيس الحكومة، المسؤول عن المزامنة وعن الحصول على الوقت المطلوب، فشل في ذلك، الأمر الذي يوصلنا إلى نقطة حسم.

هناك تأخير وفقدان للزخم ينبعان من صفقة المخطوفين، لكن ذلك مبرر؛ فإطلاق سراح المخطوفين ليس أهم من تدمير حماس، لكنه ملح أكثر ويجب إعطاؤه الأولوية العليا. فشل نتنياهو في قيادة الحرب يكمن في إقصاء الإدراك بأنه لا يمكن تحقيق الانتصار في الحالة التي أمامنا من دون أن يكون هناك موقف واضح حول “اليوم التالي” وخطة عمل للتطبيق. هذا الموقف يمكن من تقدير العوامل الحيوية ويبين كيف يجب العمل أمامها الآن لكي تكون هناك في الوقت المناسب من أجل “اليوم التالي”. الولايات المتحدة ومصر والأردن والشركاء في اتفاقات إبراهيم والسعودية – هذه هي العوامل الحيوية. ومن سيعمل أمامها بنجاح ستكون له احتمالية للوصول إلى شرعية دولية وإقليمية لاستكمال تدمير حماس.

يصعب تقبل اقتراحات نتنياهو؛ وذلك لأن طروحات كثيرة جداً من التي رعاها وتفاخر بها تحطمت في 7 تشرين الأول. 1- “حماس ذخر والسلطة عبء” 2- يمكن “إدارة النزاع” بدون اتخاذ أي قرارات حاسمة وصعبة 3- يمكن عقد السلام مع السعودية والعالم العربي مع تجاهل الفلسطينيين 4- “نتنياهو مستوى آخر”، هل هذا حقيقي، مع بوتين؟ أوباما؟ بايدن؟ السنوار؟ 5- هل نتنياهو هو “السيد أمن، الذي قال “عندما يشم الإرهاب ضعفاً سيرفع رأسه؟”.

هناك شكوك كبيرة في قلوب كل من يعرفونه وينظرون إليه الآن حول أهليته لإدارة معركة مركبة كهذه. ومن الجدير بمؤيديه أن يكرسوا لحظة للتفكير: هل يدور الحديث عن شخص مؤهل لهذه المهمة؟

يتجاهل نتنياهو معايير علاقات الثقة مع البيت الأبيض لتحقيق أهداف إسرائيل. الولايات المتحدة نشرت في المنطقة قوات بحجم غير مسبوق من أجل ردع إيران و”حزب الله” ودعم إسرائيل، كجزء من الوقوف ضد “محور المارقين” – إيران، سوريا، “حزب الله”، حماس وأشباهها – الذي يعمل بدعم من روسيا. الولايات المتحدة ترى “اليوم التالي” بمفاهيم قوة عربية من وسط دول المحور المعتدل التي ذكرت آنفاً، والتي ستأخذ بعد تدمير حماس وضمان ترتيبات أمنية السيطرة من يد إسرائيل لمدة معينة، يجلبون خلالها “سلطة فلسطينية 2″ (معززة) ويساعدونها في بلورة سيطرتها على القطاع. حسب رؤية جو بايدن، تعد هذه خطوة أولى في الطريق لحل الدولتين. لذلك، هو مستعد لدعم إسرائيل، عسكرياً واقتصادياً، بقطار جوي وفي مجلس الأمن و”لاهاي”.

نتنياهو مقيد بحلف غير مقدس مع بن غفير وسموتريتش، مشعلَي النار ويحاولان إشعالها في الضفة الغربية، ويوفران له الحماية من المطالبة بعزله على الفور. ولكنهما يستغلان اعتماده عليهما من أجل فرض رؤية استئناف سيطرة إسرائيل بالكامل وتحمل المسؤولية عن قطاع غزة. هذه العملية تعني وبترجيح كبير غرقاً في مستنقع غزة، ونزاعاً وخسائر لسنوات، وأزمة مع الإدارة الأمريكية، وتعريض العلاقات مع مصر والأردن واتفاقات إبراهيم وفرصة التطبيع مع السعودية للخطر.

يبدو أن الحديث يدور عن أفق بعيد، لكن جوانب “اليوم التالي” تحتاج إلى تنسيق وثقة من الآن، حتى لو كان ذلك من وراء الكواليس مع الولايات المتحدة وجيراننا. لا يمكن إقامة علاقة كهذه مع الحكومة الحالية لأنه، مثلما في أوساط معظم الجمهور الإسرائيلي، لا يوجد في واشنطن وعواصم المنطقة أي شخص يصدق أقوال نتنياهو، ولا التعهدات الباهتة التي ستعطى في الغرف المغلقة حول مواقف إسرائيل المستقبلية، في الوقت الذي يكون فيه مطلوباً من الجيران خطوات مؤلمة وفورية. في ظل غياب هذه العملية، ربما نسير نحو الفشل في المعركة. وربما سنجد أنفسنا أمام الاختيار بين رهان استراتيجي وحشي، يتمركز في جنون العظمة النرجسي لدى نتنياهو وأحلام بن غفير وسموتريتش المسيحانية، أو تراجع كبير تحت الضغط الدولي وحوض استراتيجي هزيل.

كثيرون سيقولون: عم تتحدثون؟ في 7 تشرين الأول عرفنا أخيراً أننا سنعيش إلى الأبد على حد السيف، وأن كل العرب حماس. لا جدوى من الغرق في الأوهام، هذا أمر غير دقيق. الغضب والمطالبة بالانتقام أمور إنسانية ومفهومة، لكنها ليست مرشداً جيداً للسياسة. الجيل الذي أنتمي إليه شهد عشرات السنوات من الحروب المتكررة والصعبة وعدداً لا يحصى من العمليات، مع مصر والأردن. نحن كشباب ما ظننا أننا سنرى سلاماً مع هاتين الدولتين. أما الآن فقد مر على السلام 45 و30 سنة على التوالي، وصمد في اختبارات قاسية، وهو يشمل تعاوناً عميقاً أكثر مما يعرفه الجمهور.

إضافة إلى ذلك، المنطق الفولاذي الظاهري، الذي يجعل الطيبين يفكرون بأن أمننا مقرون بالسيطرة الكاملة والدائمة لإسرائيل على قطاع غزة، سيقودهم للحاجة إلى السيطرة على لبنان، ثم سوريا وربما على كل المنطقة. نستنتج أن الحكومة برئاسة نتنياهو، ستؤدي إلى إضرار كبير بمكانة إسرائيل الاستراتيجية، وإلى حرب لا نهاية لها. هذا ضرر عظيم. على نتنياهو أن ينهي دوره قبل أن تصبح نتائج ضعفه غير قابلة للإصلاح. في الظروف الحالية نحن بحاجة إلى حكومة وحدة وطنية واسعة بدون نتنياهو وبن غفير وسموتريتش. حكومة تعمل بمسؤولية وتصميم وتكون خالية من الاعتبارات الغريبة والمشوهة، يمكنها توجيه إسرائيل نحو إنهاء الحرب بانتصار.

 إيهود براك

هآرتس

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى