وزير خارجية بريطاني سابق قلق من محاولات الإمارات الاستحواذ على صحف المملكة

> «الأيام» القدس العربي:

> دعا وزير الخارجية البريطاني الأسبق، لورد وليام هيغ، إلى عدم السماح للإمارات العربية المتحدة بامتلاك أصول إعلامية في بريطانيا، فهي “وإن كانت بلدا مثيرا للإعجاب إلا أنه لا يصح تسليم وبيع الأصول الإعلامية البريطانية لدولة أجنبية”.

جاء ذلك في مقال نشره لورد هيغ في صحيفة “التايمز” في ضوء العطاء الذي تقدمت به مجموعة يدعمها مالك نادي مانشستر سيتي الشيخ منصور بن زايد للاستحواذ على مجموعة “ديلي تليغراف” المفلسة والتي تمتلك أيضا مجلة يمينية هي “سبكتاتور”.

وقال لورد هيغ إنه تلقى في صباح أحد الأيام عندما كان وزيرا للخارجية، مكالمة أُخبر أنها عاجلة من شخصية بارزة في دولة الإمارات العربية المتحدة، وأنه لكونه على علاقة ودية مع العديد من قادة ذلك البلد، قام بالرد على الهاتف على الفور. لكنها لم تكن أسهل المكالمات، إذ اتضح أن المتصل أراد تقديم شكوى بصوت عال ضد هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، التي كانت تنشر أخبارا تنعكس بشكل سيء للغاية على بعض الإماراتيين المتنفذين.

ويقول هيغ إن المكالمة كانت طويلة، وأوضح فيها للمتصل أنه حتى بين البلدين اللذين يتمتعان بعلاقات جيدة، يمكن أن يكون هناك اختلافات ثقافية يصعب التغلب عليها. لكن المتصل لم يفهم أن الحكومة البريطانية لا يمكن أن يكون لديها معرفة أو سيطرة على القرارات التحريرية لبي بي سي، إذ قال له: “إنهم يحرجون حكومة دولة صديقة، وهذا بالتأكيد ليس ما تريده، يا وزير الخارجية؟”.

وأضاف هيغ أنه أوضح للمتصل قائلا: “كل ما أريده ليس له أي تأثير على بي بي سي. فلتنس ما يقولونه عن الدول الصديقة، يجب أن ترى ما يقولونه عنا. إنهم يزعجون حكومتهم كل يوم. إن مهمتهم في الواقع هي القيام بذلك”. ووصف استغراب المتصل الذي سأل الوزير: “هل أنت جاد؟ لكن من المؤكد أنهم مدعومون من الدولة؟”. وقال إنه أجابه: “نعم، لكنهم مستقلون. في هذا البلد، يمكن لوسائل الإعلام أن تنشر ما تريد، بشرط أن يكون لديها أدلة”. وقال إن “المتصل اقتنع في نهاية المطاف أنني أقول الحقيقة، لكن من الواضح أنه كان يعتقد أنها طريقة غريبة جدا لإدارة بلد ومزعجة للغاية”.
وبناء على ما سمعه من المتصل الإماراتي قبل وقت طويل، يقول هيغ إن احتمال وقوع مؤسسات إعلامية بريطانية مهمة، مثل تليغراف وسبكتاتور، في ملكية الشيخ منصور الإماراتي، “أمر مقلق ويجب منعه”.

ويؤكد هيغ أنه يقول ذلك كمتحمس صريح للإمارات وإنجازاتها ودورها في العالم. وأنه كوزير للخارجية، قام بتعزيز الروابط التجارية الوثيقة وأقنع العديد من الدول بتقديم دعم حاسم لمعرض إكسبو العالمي 2020 الذي عقد في دبي، والذي تم تنظيمه بشكل رائع بالفعل.

وقال إن كل أنظار العالم ستتجه إليهم هذا الأسبوع وهم يقومون بمحاولة شجاعة للتوصل إلى اتفاقيات عالمية في مؤتمر المناخ كوب 28، على الرغم من أنه من المستحسن عدم استغلال هذه المناسبة لعقد صفقات النفط والغاز، كما ذكرت بي بي سي.

وأكد هيغ على خطأ اللورد جونسون في تعليقاته، عندما خلص إلى أنه لا ينبغي أن “ننفعل عاطفيا تجاه بعض أصولنا الثمينة” – أي صحفنا. ويقول له إنه يمكنك الإعجاب ببلد ما والترويج للأعمال والاستثمارات المزدهرة منه، حتى في محطات الطاقة النووية، كما ورد أيضا في الأيام الأخيرة، دون إغفال الاختلافات المهمة معه. و”يمكنك أن تكون صادقا مع صديقك في أن بعض الأشياء محظورة عليه. فإذا قلنا لأي شخص في الإمارات إن بي بي سي تعتزم الاستثمار في تلفزيونها الحكومي، أو إن مجموعة من الصحف البريطانية تقترح شراء صحيفة ذا ناشيونال، وهي صحيفة يومية موثوقة مؤيدة للحكومة، فلن يتوقفوا عن الضحك. ومن الواضح أن اختلافاتنا الثقافية، فيما يتعلق بحرية التعبير، أكبر من أن يحدث ذلك. وينبغي أن نكون صادقين، كما سيكون أصدقاؤنا الإماراتيون معنا، أن امتلاك الصحف الكبرى هو تجاوز للمعقول”.

وتدرس وزيرة الثقافة، لوسي فريزر، ما إذا كانت الصفقة المعقدة التي ستؤدي إلى أن يصبح الشيخ منصور هو المالك النهائي لمجموعة تليغراف الإعلامية، تستدعي التدخل لأسباب تتعلق بالمصلحة العامة. ويقول هيغ إن عليها تأخذ في الاعتبار الضمانات التي تم تقديمها بشأن الحفاظ على استقلال التحرير من ناحية، والتهديد المحتمل لحرية التعبير مما قد يكون في الواقع ملكية دولة أجنبية من ناحية أخرى. ويرى أنه لو كان مكانها، لتدخل بالتأكيد، مدركا أن العاطفة لا علاقة لها بالأمر.

ويؤكد هيغ أن إحدى المزايا العظيمة التي تتمتع بها بريطانيا هي وسائل إعلام لا تحترم أحدا وباحثة وتنافسية، إذ لا يزال محتوى الصحف الحقيقية يتمتع بنفوذ كبير.

ورحب هيغ بما أظهره الوزراء البريطانيون في الأشهر الأخيرة من تصميم على مقاومة التعديات على حرية الإعلام. ومن شأن قانون الجرائم الاقتصادية الجديد أن يجعل من الصعب على الأفراد الأثرياء إسكات المنتقدين في قضايا تشهير زائفة.

وأنهى مقاله بالقول: “سوف تكون خطوة كبيرة في الاتجاه المعاكس أن نسمح لدولة أجنبية، مهما كانت ودية، بامتلاك عناوين الصحف الكبرى. سيكون من الصعب جدا فهم القصص العدائية في تلك الصحف. إن علاقاتنا مع الإمارات، وكذلك مع وسائل الإعلام لدينا، ستكون أكثر صحة بدون ذلك”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى